الأزمة المغربية الأولى (أزمة طنجة)
تُشير الأزمة المغربية الأولى، والمعروفة أيضًا باسم "أزمة طنجة"، إلى توترٍ دولي حاد نشأ بين القوى الأوروبية حول الوضع الاستعماري للمغرب في الفترة ما بين مارس 1905 ومايو 1906. تركز الصراع بين ألمانيا، التي عارضت توسع النفوذ الفرنسي في المغرب، وفرنسا التي كانت تتمتع بدعم بريطانيا، مما جعل الأزمة إحدى أهم حلقات التنافس الإمبريالي الذي قاد في النهاية إلى الحرب العالمية الأولى.
خلفية الأزمة
في عام 1904، وقعت فرنسا اتفاقيات مع إنجلترا (في 8 أبريل) ومع إسبانيا (في 7 أكتوبر) تمنحها الحق في السيطرة على المغرب كمنطقة نفوذٍ وحماية. أثارت هذه الاتفاقيات القلق لدى ألمانيا، التي خشيت من توسيع النفوذ الفرنسي وامتداد سيطرته إلى المغرب. اتخذت ألمانيا عدة خطوات دبلوماسية لمواجهة هذا الاتفاق، كان أبرزها زيارة القيصر الألماني فيلهلم الثاني لطنجة في 31 مارس 1905، حيث ألقى خطابًا شهيرًا أكد فيه على استقلال المغرب، ما عُدّ تحديًا واضحًا للنفوذ الفرنسي.
مساعي ألمانيا لعقد مؤتمر دولي
سعت ألمانيا إلى عقد مؤتمر دولي بمشاركة القوى الأوروبية لتسوية الأزمة والحد من النفوذ الفرنسي في المغرب. في البداية، أبدت فرنسا استعدادها للتفاوض، إلا أن الرأي العام الفرنسي الرافض للتدخل الألماني ودعم بريطانيا القوي للموقف الفرنسي جعلا من الصعب الوصول إلى حل وسط. وفي تصاعد متسارع للأحداث، قررت فرنسا حشد قواتها على الحدود الألمانية في يونيو 1905، وردت ألمانيا بتهديدها بعقد اتفاقية دفاع مشترك مع السلطان المغربي.
مؤتمر الجزيرة الخضراء
استجابةً للتصعيد، تم عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء في إسبانيا من 16 يناير إلى 7 أبريل 1906. شارك في المؤتمر ثلاثة عشر بلدًا، لكن ألمانيا وجدت نفسها وحيدة تقريبًا باستثناء دعم النمسا-المجر لموقفها، في حين نالت فرنسا دعمًا قويًا من بريطانيا، وروسيا، وإيطاليا، وإسبانيا، والولايات المتحدة. في نهاية المطاف، قررت ألمانيا قبول اتفاقية تسوية تحفظ ماء وجهها، وتم التوقيع عليها في 31 مارس 1906. وأقر الاتفاق ببقاء المغرب مستقلاً من الناحية النظرية، لكن فرنسا احتفظت بالسيطرة السياسية والمالية على المغرب من خلال ترتيبات خاصة تتعلق بالشرطة المغربية.
نتائج الأزمة
ورغم أن الأزمة قد حُلّت مؤقتًا، إلا أنها فاقمت التوترات بين التحالف الثلاثي (ألمانيا، النمسا-المجر، وإيطاليا) وبين الوفاق الثلاثي (فرنسا، بريطانيا، وروسيا). عكست الأزمة المغربية الأولى مدى تماسك الوفاق الودي بين فرنسا وبريطانيا، حيث أظهرت بريطانيا استعدادها لدعم فرنسا عسكريًا ودبلوماسيًا. كما كانت الأزمة سببًا في توقيع الوفاق الأنجلو-روسي في العام التالي وتعزيز التعاون بين الدول الأوروبية في مواجهة النفوذ الألماني.
من ناحية ألمانيا، أدت الخسارة الدبلوماسية خلال الأزمة إلى استياء القيصر فيلهلم الثاني الذي شعر بالإهانة من نتيجة المؤتمر. هذا الشعور قاد ألمانيا لاحقًا إلى اتخاذ موقفٍ أكثر حدة في الأزمة المغربية الثانية (1911)، وساهم بشكلٍ مباشر في تصاعد التوترات التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى.
التسلسل الزمني للأحداث المؤدية للحرب العالمية الأولى:
- الحرب الفرنسية البروسية (1870–1871)
- اجتماع برلين (1878)
- التحالف المزدوج (1879)
- الحلف الثلاثي (1882)
- الاتفاق الودي (1904)
- الأزمة المغربية الأولى (1905–1906)
- الأزمة البوسنية (1908–1909)
- أزمة أغادير (1911)
- أزمة يوليو (1914)
المراجع:
- Grey of Fallodon, Viscount (1925). Twenty-Five Years, Vol. 1. New York: Frederick A. Stokes.
- Massie, Robert K. (1992). Dreadnought: Britain, Germany, and the Coming of the Great War. London: Cape.
- Soroka, Marina (2011). Britain, Russia, and the Road to the First World War. Farnham: Ashgate.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.