أخر الاخبار

الحرب الإسبانية المغربية، حرب تطوان 1859ـ1860

الحرب الإسبانية المغربية، حرب تطوان 1859 ـ1860

كتب أحمد بن خالد الناصري (ت. 1897) عن الحرب الإسبانية المغربية التي وقعت ما بين1859ـ1860 قائلا: "ووقعة تطوان هذه هي التي أزالت حجاب الهيبة عن بلاد المغرب واستطال النصارى بها وانكسر المسلمون انكسارا لم يعهد لهم مثله وكثرت الحمايات ونشأ عن ذلك ضرر كبير".

انضافت "حرب تطوان"، التي أضفى عليها الأسبان بسرعة طابع الحرب القارية La guerra de Africa ، للفجوة المفتوحة في المغرب سنة 1844 ـ 1845 إضافة إلى الالتزامات المفروضة على المغرب سنة 1856، لتشكل المنعطف الأكثر تأثيرا في تاريخ المغرب خلال القرن التاسع عشر.

الحرب الإسبانية المغربية
جزء من العلاقات الإسبانية المغربية  تعديل قيمة خاصية (P361) في ويكي بيانات
MARIANO FORTUNY - La Batalla de Tetuán (Museo Nacional de Arte de Cataluña, 1862-64. Óleo sobre lienzo, 300 x 972 cm).jpg
رسم ماريانو فورتوني بالزيت على القماش لمعركة تطوان في المتحف الوطني للفنون في كتالونيا (MNAC).
معلومات عامة
التاريخ22 أكتوبر 1859 - 26 أبريل 1860
سبب مباشرهجوم المغرب على سبتة ومليلية.
الموقعشمالي المغرب
النتيجةانتصار إسبانيا
معاهدة واد راس:
  • اعتراف المغرب بالسيادة الإسبانية على سبتة ومليلية
  • تسليم سيدي إفني إلى إسبانيا
  • دفع 100 مليون بيزيتا تعويضات الحرب.
المتحاربون
إسبانيا مملكة إسبانياالمغرب السلطنة الشريفة
القادة
إسبانيا إيزابيل الثانية
إسبانيا أنتونيو روسدي أولانو
إسبانيا ليوبولدو أودونيل
إسبانيا خوان دي زافالا
إسبانيا خوان بريم
المغرب محمد الرابع
القوة
في البداية:
إسبانيا 44,740 جنديًا 
إسبانيا 3,000 حصان
إسبانيا 78 مدفعية
إسبانيا 24 سفينة حربية
التعزيزات في الأسبوع السادس:
إسبانيا 5,600 جندي
إسبانيا3,450 مليشيا
المغرب 35,000–50,000 فارس على الأقل 
الخسائر
إسبانيا 4,040 قتيل  (1,152 في المعارك و2,888 من الأمراض)

إسبانيا 4,994 جريح 

المغرب 6,000 قتيل 

أهداف أسبانيا من الحرب

كانت إسبانيا تعتقد بأن لها "حقوقا جغرافية تاريخية" وضعية خاصة بالمغرب بحكم ماضي وجودها بالأراضي الأفريقية. ففي سنة 1848، عمدت إلى احتلال الجزر الجعفرية الواقعة على مصب نهر ملوية بدون أن تستعمل القوة. وقد شجعتها على القيام بذلك الانتصارات التي حققتها فرنسا بالمنطقة وتزايد التأثير البريطاني، مما جعل طموحاتها قريبة من التحقيق فأخذت تتحين الفرصة السانحة للعب دور سياسي على الرقعة المغربية.

ولم تتأخر الفرصة المنتظرة من الظهور، إذ كانت الغارة التي شنتها قبائل أنجرة الريفية ضد الأسبان إثر قيامهم بإنشاء مترس جديد على الجهة الخارجية لسور مدينة سبتة في صيف 1859 كافية لاستغلالها كمبرر من أجل إعلان الحرب على المغرب. وقد مثلت هذه الحرب بالنسبة لرئيس المجلس الحربي، الجنرال أودونيل امتيازا آخر لمواصلة احتلال مزيد من الأراضي حتى يتم شغل الرأي العام الأسباني بقضية "حرب إفريقيا" وتحويل أنظاره عن المشاكل الاقتصادية العميقة التي كانت تتخبط فيها أسبانيا من قبيل المضاربات المالية وفضائح القصر التي كانت تهدد استقرار العرش.

شكلت وفاة السلطان مولاي عبد الرحمان بمكناس يوم 28 غشت 1859 ظروفا ملائمة إضافية لتمكين إسبانيا من مرادها. فبالاستناد على مبررات ودسائس معتادة، صعدت أسبانيا من وعيدها للمغرب. فقد ألحت على تسليم ثلة من أعيان قبيلة أنجرة، التي حملتها مسؤولية الهجوم الذي قامت به القبائل الريفية المحاذية لسبتة ضدا على إحداث المترس. وحرصا منه على تفادي أي صدام محتمل غير محمود العواقب، حاول السلطان الجديد سيدي محمد بن عبد الرحمان (1859 ـ 1873) وبمساعدة من إنجلترا اقتراح تقديم تعويضات مادية لأسبانيا وصلت إلى حد الاستعداد إلى إعادة رسم الحدود مع مدينة سبتة، والتي كانت إسبانيا تصر منذ مدة بعيدة أن تلحق إليها الأراضي الواقعة بأعالي منطقة بليونيش. غير أن حكومة مدريد رفضت ملتمس السلطان وأعلنت الحرب على المغرب يوم 24 أكتوبر 1859، وقامت بإنزال حوالي 50.000 جندي بمدينة سبتة، وبدأت بقنبلة المراسي المغربية.


الحرب الإسبانية المغربية، حرب تطوان 1859 ـ1860

مراحل الحرب الرئيسة

كانت القوات المغربية تتكون من 5.600 مقاتل نظامي تحت رئاسة مولاي العباس أخ السلطان، وبجانبها انضم بعض المتطوعين الذين تم استنفارهم من قبائل معددة باسم الجهاد لمواجهة الضغط العسكري الذي كثفت إسبانيا من حدته على المستويين البحري والقاري.

ففي بداية اللقاء بين الطرفين المتقاتلين، دارت الحرب على المغاربة بشكل دفع بالجنرال الإسباني إلى نهج أقسى الطرق القتالية من أجل تحقيق ما كان يعتبره قصاصا في حق منازليه. ومن جهة المغاربة، فقد راعهم هول النزال من جراء الكثرة العددية لعدوهم المتسلح بعتاد حربي لا قبل لهم به فتشتت شملهم وبشكل سريع. وأمام العجز الصارخ عن توحيد الصفوف واستجماع قوتهم، لم تتمكن الجيوش المغربية من استغلال فرصة الإجهاد الذي نال من عدوهم ومن انتهاز العثرات اللوجيستيكية التي واجهتهم، ومن معاناتهم من المطر الذي عاق سيرهم، ومن انتشار مرض الكوليرا في صفوفهم. لقد تمكن جنود أودونيل من التقدم داخل التراب المغربي والزحف على مدينة تطوان وأجبروا مولاي العباس على التراجع واللجوء إلى المنطقة الجبلية الواقعة بين تطوان وطنجة.

أمام الهلع والاضطراب العام الذي أعقب تشتت جيش الخليفة والجلاء السريع عن تطوان، عاش سكان هذه المدينة ليلة مرعبة (5 فبراير)، اتسمت بانتشار أعمال النهب بأحياء المدينة وملاحها. واستسلمت المدينة أمام تهديد الجنرال أودونيل يوم 6 فبراير1860، فدخلتها جيوشه. ولم يكن احتلالها إيذانا بنهاية الحرب، فقد فتح مولاي العباس قنوات للتفاوض ابتدأت أولاها يوم 11 فبراير 1860 وتوجت بلقاء مع أودونيل يوم 23 فبراير. غير أن شروط الصلح القاسية التي كان هذا الأخير يسعى إلى إملائها على الطرف المغربي، قد أجبرت الخليفة على مواصلة القتال لحمل العدو على تليين مواقفه وقطع طريق طنجة أمامه. واندلعت مناوشات ضارية بين الطرفين يوم 23 مارس بـ Oued Ras، تمكن فيها الأسبان من التفوق نتيجة استعانتهم بالمدفعية. وتنازل الإسبانيون خلال المفاوضات الجديدة التي أعقبت هذه المعارك عن شرط تسليم تطوان، وذلك نتيجة الخسائر التي تكبدوها.


نتائج الهزيمة على المستوى الترابي والمالي

دفعت الإجراءات الأولية لاتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة يوم 25 مارس 1860 ومعاهدة الصلح التي أعقبتها يوم 26 أبريل 1860 المغرب إلى قبول أداء غرامة 100 مليون بسيطة لأسبانيا، وسمحت لهذه الأخيرة بتوسيع حدود نفوذها بسبتة ومنحها حق الصيد بالجنوب المغربي (سيدي إفني)، إضافة إلى التمتع بنفس الامتيازات التي منحت لبريطانيا سنة 1856. وقد اعترضت السلطان صعوبات حادة أثناء أداء الشطر الأول من الغرامة البالغ قدره 25 مليون بسيطة. ولأداء الشطر الثاني، كان عليه إحداث جبايات جديدة بجانب اللجوء إلى اقتراض مبلغ 10 مليون بسيطة من إنجلترا. قبل الأسبان الجلاء عن تطوان بموجب الاتفاق المعقود في أكتوبر سنة 1861، سمح لهم بتثبيت موظفين في بعض المواني المغربية لاقتطاع نسب معينة من العائدات الجمركية لفائدة حكومتهم.

حسب لغة الأرقام، وصل المبلغ المالي الذي التزم المغرب بأدائه إلى 119 مليون بسيطة. وقد تم أداؤه بالعملة المعدنية الخالصة من قطع الذهب والفضة. وأحدثت هذه الغرامة " استنزافا قويا لم يخلف فقط خرابا للدولة، وإنما أحدث نزيفا دائما أضر بالاقتصاد المغربي، الذي كان يومها اقتصاداً ما قبل رأسماليا سمته ضعف الناتج القومي"

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -