أخر الاخبار

ترامب يعيد تشكيل التجارة العالمية..المغرب في موقع استراتيجي للرِّبح


ترامب يعيد تشكيل التجارة العالمية..المغرب في موقع استراتيجي للرِّبح




في خطوة وُصفت بالزلزال التجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية غير مسبوقة على مجموعة من الدول الصناعية الكبرى، مما يهدد بإعادة رسم ملامح التجارة العالمية وخلق بيئة اقتصادية جديدة تمامًا. القرار يشمل تعريفات تصل إلى 37% على صادرات دول مثل الصين (34%)، الاتحاد الأوروبي (20%)، اليابان (24%)، كندا (25%)، المكسيك (25%)، جنوب إفريقيا (30%)، وبنغلاديش (37%)، في تصعيد حاد يهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي وتحفيز الصناعة المحلية.

هذا التغيير المفاجئ في السياسات التجارية الأمريكية لا يُعدّ مجرد عقوبة اقتصادية، بل يفتح الباب واسعًا أمام تحولات جذرية في مواقع الإنتاج والاستثمار. وفي خضم هذه التحولات، يظهر المغرب كأحد المرشحين البارزين للاستفادة من هذه الأزمة العالمية وتحويلها إلى فرصة استراتيجية.

المغرب يتمتع باتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة، ما يمنحه امتياز تصدير منتجاته إلى السوق الأمريكية دون أي رسوم جمركية، في وقت باتت فيه هذه الرسوم كابوسًا يهدد أرباح الشركات العالمية. هذا الامتياز، مقرونًا بتكلفة إنتاج منخفضة مقارنة بأوروبا وآسيا، يمنح المغرب أفضلية واضحة للشركات الباحثة عن مواقع إنتاج بديلة قادرة على تلبية الطلب الأمريكي دون أن تقع في فخ الرسوم المرتفعة.

كما أن المغرب يمتلك قاعدة صناعية حديثة ومتطورة، خاصة في مجالات السيارات والطيران والتكنولوجيا، وهي قطاعات تستهدفها الشركات متعددة الجنسيات عند البحث عن بيئة إنتاج مستقرة وفعّالة. إضافة إلى ذلك، فإن موقع المغرب الجغرافي، بين أوروبا وإفريقيا وعلى ضفاف المحيط الأطلسي، يعزّز من جاذبيته كمحور لوجستي واستثماري متكامل.

شركات عملاقة مثل تويوتا ونيسان، التي تواجه رسومًا أمريكية مرتفعة على صادراتها من اليابان أو المكسيك أو كندا، قد تجد في المغرب بديلاً آمنًا وذكيًا. الأمر ذاته ينطبق على شركات أوروبية وبنغالية وجنوب إفريقية، التي باتت صادراتها مهددة برسوم باهظة قد تقوّض قدرتها التنافسية في السوق الأمريكية.

وبينما تنشغل الدول الكبرى بإعادة حساباتها التجارية، يمكن للمغرب أن يتحول إلى نقطة ارتكاز جديدة في خريطة الاقتصاد العالمي، إذا ما أحسن استغلال هذه اللحظة التاريخية عبر تسريع وتيرة الإصلاحات، وتقديم حوافز إضافية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير البنية التحتية الداعمة للقطاعات الصناعية.

ربما لا تكون القرارات الأمريكية الأخيرة مجرد تهديد للاقتصاد العالمي، بل بداية لمرحلة جديدة يعاد فيها توزيع مراكز القوة الصناعية. وفي هذه اللعبة الجديدة، يبدو أن المغرب يمتلك أوراقًا رابحة تؤهله ليكون من أبرز المستفيدين، إن لم يكن الرابح الأكبر.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -