أخر الاخبار

تطور العمارة المغربية و تأثيرها في الأندلس Moroccan architecture

 

لطالما اشتهرت الهندسة المعمارية في المغرب بمزيجها الفريد من التأثيرات الثقافية والتاريخ الغني. من تصميم الأنماط الهندسية المعقدة إلى استخدام الألوان النابضة بالحياة والمواد التقليدية، تعد الهندسة المعمارية المغربية شهادة على تراث البلاد المتنوع. على مر القرون، تطورت العمارة المغربية، مستوحاة من مختلف الحضارات التي مرت بالمنطقة، بما في ذلك الرومان والعرب والبربر.
 
 
كان من أهم التأثيرات على العمارة المغربية الوجود المغاربي في شبه الجزيرة الأيبيرية، وخاصة في الأندلس (الأندلس). جلب المغاربة، الذين حكموا إسبانيا لما يقرب من 800 عام، معهم أسلوبهم المعماري المميز، والذي سيستمر في التأثير على تطور العمارة الإسبانية والمغربية. ومن خلال تبادل الأفكار والمواد والتقنيات، بدأت الأنماط المعمارية لكلا المنطقتين تتشابك، مما أدى إلى خلق مزيج فريد من عناصر التصميم الأندلسية والمغربية. لم يشكل هذا التبادل بين الثقافات المشهد المعماري للمغرب فحسب، بل ترك أيضًا تأثيرًا دائمًا على تطور العمارة الأندلسية.

 
 

المعمار المغربي التقليدي

العمارة المغربية التقليدية تمثل واحدة من الفنون المعمارية الأكثر تميزا في العالم الإسلامي، حيث تعكس تاريخا غنيا وتقاليد عمرانية عميقة. إن العمارة في المغرب تجسد ثقافة الشعب المغربي وتعبر عن هويتهم الوطنية والدينية. تتميز العمارة المغربية التقليدية بتنوعها وتعدد أنماطها، حيث يمكن ملاحظة تأثيرات مختلفة من بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى التأثير الإسباني نظرا للتاريخ الطويل للعلاقات بين المغرب والأندلس. إحدى أهم سمات العمارة المغربية التقليدية هي استخدام الفسيفساء والزخارف الهندسية المعقدة في تزيين الجدران والبوابات. وتعتبر قوس الباب الزينيثي من أبرز العناصر المعمارية التقليدية في المغرب، حيث يتم تزيينه بالكتابة العربية والنقوش الزخرفية بألوان براقة. تعكس بيوت المدينة القديمة في المدن المغربية مثل فاس ومراكش الهندسة العضوية التي تعتمد على استخدام الفناء المركزي لتوفير الإضاءة والتهوية الطبيعية. ويتميز العمارة التقليدية في المدينة القديمة بقوامها الطيني والخشبي. بالإضافة إلى ذلك، تتميز القصور والأماكن الدينية في المغرب بالبنية الهندسية المعقدة والمزخرفة التي تعبر عن قوة وثراء المالك. ويتم استخدام الجلبابات والزجاج الملون لتزيين النوافذ وال

كانت بداية هذه المعمار تنطلق من الفن الأمازيغي المغربي ذو النقوش و الزخارف البسيطة لتتطور مع مرور الزمن و تزداد جمالا مع كل حقبة تتعاقب فيها السلالات في حكم المغرب و هذا ما جعل هذا المغربي يصبح أكثر إنتشارا في الأندلس حتى أبدع فيه الحرفيين المغاربة الذين شيدو القصور و القلاع، و يسمى هذا النوع من المعمار بإسم "إغرم أو تغرمت" و يأتي هنا وصف شكل هذا المعمار "وتمثل "القْصُور" ما تبقى للمغرب من تراث هذه العمارة القديمة وبخاصة في الجنوب هي بحق قلاع مشيدة ب(الآجُر الطيني) وكانت محاطة بجدران عالية ترتفع في تخوم الصحراء مكونة من تجمعات ضخمة فريدة للغاية بمساكنها المنبسطة السقوف المزينة بالعقود والجدران ذات التخاريم تحف بها أبراج مربعة، تحوط قممها الشرفات فهناك من جهة بعض المنشئات المحصنة المشيدة من الأحجار دون استخدام الملاط. ومن جهة أخرى نجد في كل مكان في تخوم الصحراء ومقابل الأطلس وسوس والأطلس الأعلى وحتى الأطلس المتوسط أبنية مصممة بطريقة أفضل تشبه القلاع القوية وتستغل بذكاء التضاريس وتحلى أجزائها العليا زخارف ملونة وأشكال هندسية ناشئة وتسمى هذه الأبنية "إغرم أو تغرمت""[1].
 
و نعود لعصر دولة الأدارسة حيث عرف تطورا نوعيا حيث "يبدأ النموذج المغربي المبكر مع ظهور الإسلام بالمغرب ذلك أن الفن الأمازيغي القديم يعتبر حلقة من حلقات فنون العالم القديم، بينما يعتبر الطراز المغربي منذ فجر التاريخ الاسلامي أحد فنون العالم الوسيط. ومع ذلك فإن كلا من الفنين يقترب من الآخر ويمتزج به. ومن الجدير بالملاحظة أن الفن المغربي في عصور ازدهار الحضارة العربية الاسلامية لم يتخل مطلقا عن مميزات عديدة وكبيرة للعمارة المغربية الأمازيغية كشبكة المعينات المتجاوزة التي لم يكتب لها الرواج والخلود على المستوى الوطني والعالمي إلا بعد انتصار الاسلام بالمغرب والأندلس."[2]

 
"حاضرة المغرب التي وضع نواتها الأولى إدريس الأكبر منذ 172ه بتأسيس مدينة بالعدوة الشرقية أسست على الطراز الأمازيغي وطورها إدريس الثاني وأدار حولها الأسوار وبنى بها جامع الأشياخ من ست بلاطات كما شرع في بناء العدوة الغربية على الطراز الشرقي عام 193ه فأدار حولها الأسوار وبنى مسجد الشرفاء من ثلاث بلاطات."[3]
 
 
 
 

التأثيرات الإسلامية في العمارة المغربية

تعتبر العمارة المغربية واحدة من أهم المظاهر الثقافية التي تميزت بها المملكة المغربية على مر العصور. وقد كانت هذه العمارة تحمل بصمة إسلامية قوية، حيث تأثرت بالعديد من العناصر الإسلامية التي ساهمت في تطويرها وتنويعها. من أبرز التأثيرات الإسلامية في العمارة المغربية هو استخدام الزخارف الإسلامية المميزة، التي تتضمن الأشكال الهندسية المعقدة والزخارف النباتية والكتابية. هذه الزخارف لها دور هام في تزيين المباني وإضافة جمالية فريدة لها، وهي عنصر مميز في العمارة الإسلامية التقليدية. كما تتميز العمارة المغربية بمساجدها الجميلة التي تعكس تراث العمارة الإسلامية. تصميم هذه المساجد يتسم بالانسجام والتوازن، حيث تتميز بقبابها الشاهقة وأعمدتها الزخرفية الجميلة، وهي تعتبر مركزاً هاماً للحياة الدينية والاجتماعية في المجتمع المغربي. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر العمارة المغربية بالرياض التقليدية، التي تعتبر ملتقى للعوائل والأصدقاء. تتميز الرياض بتصميمها الداخلي الهادئ والمريح، وتعكس ذوقاً رفيعاً في الديكور والتجهيزات. تعتبر الرياض مكاناً هاماً لاستقبال الضيوف وتبادل الزيارات الاجتماعية في المجتمع المغربي. وتعكس القصور المغربية العريقة العظمة والفخ

 
لا حديث عن المعمار بدون الحديث عن إتقان الحرفيين المغاربة و تطوير مهاراتهم في هذا الفن المغربي الذي يعتمد على الأقواس و الأعمدة المزرخة دون وصفهم بحسن الوصف "أما الزخرفة الخطية فقد أبدع فيها الفنان المغربي أيما إبداع فالخط الكوفي كان أكثر استعمالا من سواه على مختلف الجهات وكثيرا ما يملأ الفضاء بين الحروف بأشكال تحاكي أوراق النخل، وهكذا تزيد هذه النباتات في المنظر الرائع لتلك اللوحات، دون أن تؤثر في أشكال الحروف الأمر الذي بلغ بالخط الكوفي قمته في التوازن والتناسق"[4].
 
"أما بخصوص الزخرفة المرابطية فتنبعث منها نماذج تعكس أصولها المشتركة بين فنون العدوتين المغرب والأندلس وهكذا نرى المراوح النخلية المُعرقة والمختمة الشبيهة بأوراق الأكانتيس التي تذكر بزخارف قصر الجعفرية بسرقسطة"[5] هذا الإندماج دائما يولد نوعا جديدا من الهندسة المعمارية التي تبقى مدة و بعدها تدخل عليها تقنيات و زخرفات جديدة مع مرور الوقت.
 
يقول الأستاذ محمد بن شريفة: «إن الصّلات بين المغرب الأقصى والأندلس قديمة ترقى إلى التاريخ القديم، و هي صلات فرضتها طبيعة الجوار وأملتها المعطيات الجغرافية… فمن المعروف أن الأندلس بعد فترة الطوائف قد اندمجت في الإمبراطورية المرابطيّة والموحديّة، أي خلال أكثر من ثلاثة قرون، كما أن دولة بني نصْر في مملكة غرناطة لم يكن لها أن تكون لولا بنو مَرينقد كان لهذا الاندماج آثار لا تُحْصى ولا تُعدّ في الأندلس والمغرب، وتم تفاعل كبير بين البلديْن والشعبيْن في مختلف المجالات، وكثُرَ التزاور والتنقل بين العدوتيْن، ووقعت هجرات متعدّدة مع تغيّر في ناموس الهجرة، إذ أن اتجاه الهجرة أصبح من الأندلس إلى المغرب بعد أن كانت الهجرة في القرون الأولى تتّجه من المغرب إلى الأندلس. ويمكن تكوين فكرة عن هذه الهجرات من تتبّع الأعداد الهائلة من العلماء الأندلسيين الذين انتقلوا إلى مراكش وفاس وغيرهما، وذلك من خلال كتب التّراجم، وظلّت وتيرة الهجرة من الأندلس إلى المغرب في تزايد إلى أن بلغت نهايتها القصوى بعد جلاء المسلمين من الفردوس المفقود» و يكمل قائلا «وقد ظهر أثر ذلك كلّه في النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية سواء في الأندلس أو في المغرب، وما زلنا في المغرب إلى يومنا هذا نلحظ مظاهر ذلك التّواصل الذي كان بين المغرب والأندلس رغم مرور قرون على نهاية الأندلس. وما تزال آثار ماديّة ومعنويّة مغربيّة في إسبانيا إلى اليوم شاهدة على الوجود المغربي الذي كان هناك… وما يزال كذلك تراث الأندلس محفوظاً ومستمراً في المغرب، تمثّله الأسَر الأندلسيّة الأصل في عددٍ من الحواضر والقرى، ونراه في العمارة والموسيقى والطبخ وغيرهما من رقائق الحضارة، وقد امتزج هذا التراث الأندلسي بالتراث المغربي فأصبحا تراثاً مركباً تركيباً مزجياً. وأما تفاعل المغرب والأندلس في مجال العلوم والآداب فحدّثْ عن البحر ولا حرج»[6].

 
بلدة بني الرزين شرق الأندلس في مقاطعة تيروال، إسمها منتسب إلى سلالة بني رزين المغربية الأمازيغية التي حكمت المنطقة أثناء عهد الطوائف
 

الروابط التاريخية بين المغرب والأندلس

تمتلك المملكة المغربية والأندلس علاقات تاريخية عميقة ومتشابكة تعود إلى عصور مختلفة. يعود تاريخ هذه العلاقات إلى الفترة الإسلامية، حيث تأثرت العمارة المغربية بالعمارة الأندلسية وتبادلت الثقافتين المعمارية بشكل كبير. في القرون الوسطى، كانت المملكتان تشكلان جزءاً من الدولة الإسلامية وكانتا تتشاركان في الحضارة الإسلامية الأندلسية-المغربية. وبالتالي، كانت العمارة المغربية تعكس العديد من العناصر المعمارية الأندلسية، مما يظهر تأثيراً واضحاً لها على التطور المعماري في المملكة المغربية. ومع تاريخ الأندلس الإسلامية ونجاحاتها الثقافية والعلمية، تعتبر المغرب والأندلس منطقتين تمتازان بالتفوق في العمارة الإسلامية. وقد تأثرت العمارة المغربية بشكل كبير بالعمارة الأندلسية من خلال اعتماد بعض التصاميم والزخارف الأندلسية في المباني والأماكن العامة في المملكة المغربية. علاوة على ذلك، كانت هناك علاقات ثقافية واقتصادية واجتماعية قوية بين المملكتين على مر العصور. وهذه العلاقات ساهمت في تبادل الخبرات والمعرفة في مجالات العمارة والتصميم والبناء، مما أدى إلى تطوير العمارة في كلا البلدين. ومن الجوانب الثقافية المشتركة بين المملكة المغربية والأندلس، العمارة الإسلامية التي تجسدت في

تأثير العمارة المغربية في الهندسة المعمارية الأندلسية

تأثرت الهندسة المعمارية الأندلسية بشكل كبير بالعمارة المغربية خلال الفترة التاريخية التي شهدت انتقال المعرفة والتقنيات البنائية من المغرب إلى الأندلس. وقد تميزت العمارة المغربية بتنوع وتناغم الأساليب المعمارية التي اتخذتها على مر العصور، مما جعلها مرجعاً هاماً في عالم العمارة الإسلامية. تعكس العمارة المغربية العديد من العناصر الثقافية والتقاليد الأصيلة للشعب المغربي، حيث يتميز البناء بالاستخدام الواسع للفسيفساء الملونة والزخارف الزجاجية الجميلة والمنحوتات الحجرية الدقيقة. كما تتميز العمارة المغربية بالاهتمام الكبير بالديكورات والأشكال الهندسية الدقيقة التي تعكس روح الفن الإسلامي الفريدة. تمثل العمارة المغربية مزيجاً فريداً من العناصر العربية والأمازيغية والأندلسية التي جعلتها تتميز بتنوع وثراء في التصاميم والأفكار المعمارية. وقد عكس هذا التنوع والثراء في العمارة المغربية على الهندسة المعمارية الأندلسية، حيث بدأت الأندلس تستوحي الكثير من الأفكار والتقنيات البنائية من المغرب. تأتي أهمية العمارة المغربية في تأثيرها على الهندسة المعمارية الأندلسية من خلال تبادل الخبرات والتجارب بين البلدين، ومن خلال دور المغرب كمركز ثقافي وفني مهم في المنطقة. وقد شكلت ال


الابتكارات الفنية في العمارة المغربية

العمارة المغربية تعتبر واحدة من أبرز التحف الفنية التي تميزت بها المنطقة على مر العصور، حيث تعكس تاريخاً عريقاً من الابتكار والإبداع في تصميم المباني والهندسة المعمارية. يعود تاريخ العمارة المغربية إلى قرون من الزمان، وقد شهدت تطوراً وتحولاً يعكس ثراء الحضارة وتعدد الثقافات التي أثرت على هذا المجال. تعتبر الفنون التقليدية والحرف اليدوية جزءاً أساسياً من العمارة المغربية، حيث يتم تصميم الديكورات والزخارف المعمارية بعناية فائقة، مما يمنح المبنى جمالية وأصالة تاريخية. وتتميز العمارة المغربية بتنوع مواد البناء المستخدمة، من الطوب العتيق إلى القبب الملونة والفسيفساء الزاهية، مما يخلق تناغماً بين العناصر المعمارية ويضفي جمالاً فريداً على المباني. لا يقتصر الابتكار في العمارة المغربية على الديكورات والزخارف، بل يمتد إلى التصميم الهندسي الذي يجمع بين الحداثة والتقاليد القديمة. فتتميز بعض المباني بأشكال هندسية مميزة، مثل القبب الزجاجية التي تسمح بدخول الضوء الطبيعي إلى المبنى، والأقواس المعقدة التي تعكس مهارة الحرفيين في تشكيل الحجر والطين. ومن الابتكارات الفنية التي تميز العمارة المغربية أيضاً، استخدام الألوان والزخارف الهندسية في تصميم الجدران والأسق

وفي الختام، فإن تطور العمارة المغربية كان له بالغ الأثر على الطراز المعماري الأندلسي. ومن خلال مزيج فريد من التأثيرات البربرية والعربية والأوروبية، تركت التقنيات والعناصر المعمارية المغربية علامة لا تمحى على جماليات ومبادئ تصميم الهياكل الأندلسية. لم يقم هذا التبادل الثقافي بإثراء المشهد المعماري في كلا المنطقتين فحسب، بل كان أيضًا بمثابة شهادة على الإرث الدائم للتبادل الفني والثقافي بين شعوب شمال إفريقيا والأندلس.

المصادر و المراجع:
 
[1] - اندريه بكار، المغرب والحرف التقليدية الاسلامية في العمارة، ترجمة جرجس سامي، المجلد 2 باريس 1981، ص 31 .
[2] - اسماعيل عثمان عثمان، تاريخ العمارة الاسلامية والفنون التطبيقية بالمغرب الأقصى، ج1، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 1993 ص 246.
[3] - علي بن عبد الله ابن ابي زرع الفاسي، الانيس المطرب روض القرطاس في اخبار ملوك المغرب و تاريخ مدينه فاس، صور  للطباعة والوراقة. الرباط 1972 ص 75.
[4] - Terrasse, op,.cit . p. 104
[5] - Terrasse , L’art décoratif … op.,cit. p 113

[6] - محمد بن شريفة، “العناية بتراث الأندلس في المغرب و إسبانيا“، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، دورة “التراث الحضاري المشترك بين إسبانيا والمغرب“، غرناطة، 21-23 أبريل 1992. ص. 25-27؛ معلمة المغرب، م 3، ص. 820-821.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -