أخر الاخبار

الزخرفة المغربية و تطوراتها منذ عهد الدولة الموحدية


الزخرفة المغربية و تطوراتها منذ عهد الدولة الموحدية

التراث المغربي غني ومتنوع، ويتميز بالعديد من العناصر الفريدة التي تجعله مميزًا على الصعيد العالمي. ومن بين أبرز ملامح هذا التراث، يبرز المعمار المغربي، الذي شهد تطورًا ملحوظًا عبر مختلف الحقب التاريخية، وخاصة خلال حكم الدول المغربية المتعاقبة. تُعَد الزخرفة المغربية جزءًا هامًا من هذا المعمار، حيث تعتبر رمزًا للجمال والإبداع الذي يتجلى في القصور والرياضات المغربية.

تعود أصول الزخرفة المغربية إلى عهد الدولة الموحدية، التي كانت تتبنى فلسفة العمارة البسيطة والبُعْد عن مظاهر الترف والإسراف. وقد كان هذا التوجه نابعًا من سياسات الدولة التي فضلت البساطة في العمارة. أما في عهد الدولة المرينية، فقد شهد المعمار المغربي تطورًا كبيرًا، خصوصًا في فترة حكم السلطان الحسن المريني في القرن الثالث عشر. خلال هذه الفترة، أصبح المغرب رائدًا في مجال العمارة والتزيين، واستطاع أن يبرز كقوة معمارية وثقافية في المنطقة.

يتميز المعمار المغربي، خاصة خلال فترة المرينيين، بأنه يعكس الحياة اليومية والثقافية للمغاربة في تلك الحقبة. وقد أدخل المرينيون تحسينات على النمط المعماري الموحدي، حيث مزجوا بين البساطة والتزيين. استخدموا الأشكال الهندسية والزخارف المستوحاة من الطبيعة، بالإضافة إلى الزليج المزخرف لتزيين الجدران الداخلية للمباني. كما كان الجبس والخشب من المواد الأساسية في تزيين المساجد والمحاكم، مما جعل هذه الأساليب سمة بارزة للمعمار المغربي. ولا يزال تأثير هذا التراث واضحًا حتى اليوم في العديد من المباني في الأندلس، التي تأثرت بالمعمار المغربي.

من بين السمات الفريدة للمعمار المغربي، نذكر الدقة في النسب والتناسق بين حجم المبنى والمساحات المحيطة به، مما يعكس براعة الفنانين المغاربة في هذا المجال. كما أن القباب في العمارة المغربية تشهد على تفوقهم الهندسي، ويظهر ذلك جليًا في المنشآت التي أقاموها في عهد الدولة المرينية.

يُلاحَظ أن الدولة المرينية كانت تولي اهتمامًا خاصًا بالمنشآت المعمارية داخل المغرب، وقد تميزت بوجود مهندسين معماريين بارعين. ويؤكد المؤرخ الناصري على مكانة السلطان الحسن المريني ودوره في تعزيز العمارة المغربية، إذ وصفه بأنه "أضخمهم ملكًا وأبعدهم صيتًا وأعظمهم أبهة وأكثرهم آثارًا في المغرب والأندلس".

على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن المعمار المغربي قد تأثر بالعمارة الأندلسية، إلا أن الحقيقة التاريخية توضح أن المعمار المغربي كان موجودًا قبل انتقاله إلى الأندلس. حيث يظهر المعمار المغربي في العديد من المدن المغربية، بينما وجوده في الأندلس يقتصر على بعض القصور والمساجد. وهذا يدحض فكرة أن المعمار المغربي أُدخل إلى المغرب من الأندلس. بل على العكس، بدأ هذا الطراز المعماري في المغرب منذ عهد الموحدين، وازدهر بشكل كبير في عهد المرينيين على أيدي معماريين مغاربة، الذين نقلوا هذه الأساليب إلى الأندلس.

يظل المعمار المغربي أحد أعظم إنجازات التراث المغربي، شاهداً على عبقرية وإبداع الأجيال الماضية، ومصدر فخر للمغاربة حتى اليوم.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -