مقال "الزراعة المغربية خلال مرحلة الحماية الفرنسية" للأستاذ الطيب بياض - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF
معلومات عن المقالة :
العنوان : الزراعة المغربية خلال مرحلة الحماية.
المؤلف : د. طيب البياض.
المصدر : أعمال ندوة وطنية: الفلاحة في تاريخ المغرب.
الناشر : كلية الآدب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز- الجمعية المغربية للبحث التاريخي.
عدد الصفحات : 21 ص.
صيغة المقالة : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من المقالة :
"لعل أول ما يواجه الباحث المهتم بالتاريخ الاقتصادي للمغرب المعاصر والراهن هو الندرة في المادة المصدرية، فكتابات الاخباريين أغفلت الحديث عن الجوانب الاقتصادية، وفي الوقت الذي أسهبت في القضايا السياسية والعسكرية، لذلك كان حظ الباحث عن أخبار الفلاحة المغربية خلال مغرب ما قبل الاستعمار عاثرا معها، وكان عليه أن يستقصي معلوماته من مضان أخرى. قد تجود بإشارات مفيدة تهم عمله مما هو الشأن بالنسبة لنصوص الرحالة الأوروبين الذين زاروا المغرب خلال هذه الفترة ودونوا انطباعاتهم عن حالة البادية المغربية، رغم ما يشوب هذه النصوص من تعميم وإسقاط وتشويه الحقائق التاريخية.
غير أن الباحث يمكن أيضا أن يجد شذرات من مادته التي تهم الموضوع في نصوص الرحالة المغاربة الذين زاروا أوروبا وتحدثوا عن الزراعة المغربية عند وصفهم للزراعة الأوربية من باب الشيئ بالشيء يذكر، كما أن بعض الأعمال المونوغرافية تجود بمعلومات مهمة تهم الزراعة المغربية خلال مرحلة ما قبل الاستعمار، بيد أنها ظلت مقتصرة على معطيات تهم التاريخ المحلي، يصعب تعميمها. ليبقى على الباحث المهتم بتاريخ الفلاحة المغربية خلال القرن التاسع عشر أن يعتمد على دراسات عميقة إما لباحثين مغاربة خارج حقل التاريخ، وتحديدا باحثين في الاقتصاد،أو لباحثين أجانب.
غير أن التقارير القنصلية يمكن أيضا أن تكون مفيدة من هذا الباب إن استطاع الباحث التوصل إليها، فبمقتضى مرسوم 26 مارس 1866 قررت فرنسا إجراء بحث زراعي واسع حول الإنتاج الفلاحي بفرنسا ومستعمراتها والدول الأخرى للتمكن من معرفة عمق الاقتصاد القروي الفرنسي ، بشكل مقارن مع الاقتصاديات الأخرى. والإنجاز هذه المهمة ثم إعداد استمارة محكمة ومفصلة تحتوي على ما لا يقل عن 150 سؤال موزعة على 26 عنوان تهم نظام الملكية والقرض واليد العاملة والمنتجات الزراعية... وتكلفت القنصليات الفرنسية بإنجاز هذا التحقيق وملء الاستمارات لدى مختلف دول العالم.
هكذا كان البارون أميي داكان وزير فرنسا المفوض بطنجة أن يوجه الموظفين القنصليين المشتغلين تحث إمرته لتجميع كل المعطيات المتعلقة بالفلاحة المغربية منذ نهاية 1866م.
تم تجميع المعطيات في ربيع 1867 وتكثيفها من طرف داكان في تقرير جامع صدر سنة 1868، يمكن من خلاله رسم صورة تقريبية للزراعة المغربية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فأهم المنتجات الزراعية حسب التقرير هي الحبوب بمساحة تقدر بما بين 700000 و 800000 هكتار ثم القطاني ب 200000 هكتار. كما ذكر التقرير أيضا زراعة الأرز دون تحديد مساحتها، ومن الجدير التنبيه، حسب جون لوي مييج أنه ما بين 1840-1842 حملت السفن الفرنسية إلى ميناء مرسيليا حوالي 200 قنطار من الأرز المغربي، وهو مؤشر عن مدى تأثير التجار الأوربيين المتزايد في اختيار المنتجات المزروعة خاصة في المناطق الساحلية القريبة من الموانئ. وفي هذا الصدد سجل التقرير تنامي المساحة المزروعة من الحمص والذرة المطلوبين أوربيا، وتزايد المساحة المخصصة لزراعة الخضروات بسبب تمدد للاستطان الزراعي.
أما ضواحي المدن المشهورة بالصناعة التقليدية مثل فاس ومراكش وتطوان، فعرفت انتشارا لزراعة القنب والكتان لتزويد الصناعة المحلية بالمواد الأولية. غير أن التقرير سكت عن زراعة القطن الذي صار الطلب عليه متزايدا في الأسواق العالمية خلال هذه المرحلة. وقد تراجعت زراعة هذا الأخير بالمغرب لتنحصر ابتداء من سنة 1865 بجوار مدينتي الجديدة وسلا كما تم إهمال البرتقال الذي تطور إنتاجه بشمال البلاد، حيث غذى حركة الصادرات في اتجاه إسبانيا وجبل طارق.
يبقى أن التقرير سجل بوضوح تحول ضواحي المدن الساحلية، وخاصة المدن الموانئ بالتدريج إلى إنتاج زراعي تحت الطلب الأوروبي، خاصة مع تزايد البؤر الاستيطانية أما باقي الداخل المغربي فقد ظل بعيدا عن توجيهات أو طموحات التجار الأوروبيين قابعا في أشكاله التقليدية في الإنتاج زاهدا في البحث عن تغذية الساكنة فقط ضمن اقتصاد قلة وكفاف منذور للمعاش وليس للكسب المفضي إلى التراكم والرواج والحصيلة أننا أمام زراعة افتقدت إلى فئة مزارعين رائدة وذات مشاريع تحديثية لغياب فئة اجتماعية طموحة تطور الضيعات بجوار المدن كما حصل في أوروبا، أو تستثمر في مشاريع أكثر إنتاجية في أعماق البوادي، لهيمنة ثقافة الاكتناز وغياب روح الاستثمار نتيجة سيادة منطق "التتريك" والمصادرة الذي نهجه المخزن في علاقته مع أعيان وكبراء القبائل وقوادها فدفع الخوف من المصادرة ذوي الجاه والثروة إلى دفن أموالهم تحت الأرض عوض استثمارها في مشاريع زراعية وغيرها.
عانت الفلاحة المغربية من توالي سنوات الجفاف التي كانت تدوم أحيانا لفترات طويلة، كان آخرها تلك التي امتدت خمس سنوات بشمال المغرب بين 1878 و1883 وإلى سبع سنوات في الجنوب أي إلى غاية سنة 1885 كما عانت من الاجتياح الكثيف لجحافل الجراد، إذ يذكر نيكولا ميشال Nicolas Michel) أنه بين 1800 و1912 اجتاح الجراد 32 مرة جهات مختلفة من البلاد في ظل انعدام إمكانية محاربته". ينضاف إلى جانب هذه المشاكل عائق البنية العقارية المعقدة وغير المحفزة، والتي لم تمنح السلاسة والمرونة الكافية للاستثمار الزراعي، ذلك أن الملكية الخاصة للأرض لم تكن منتشرة في المغرب قبل الحماية، وكانت محدودة جدا ومحصورة في أراضي بعض العائلات الكبيرة."
رابط التحميل
ه
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.