أخر الاخبار

"زلزال 8 شتنبر" يستوجب إعادة النظر في استراتيجية السياحة بإقليم الحوز

 


تعد السياحة العمود الفقري لاقتصاد السكان في إقليم الحوز، الذي أنشئ عام 1991 ويمتد على مساحة تقدر بحوالي 6200 كيلومتر مربع، ويضم نحو أربعين قرية ومدينة، لما يتمتع به من طبيعة خلابة جعلته وجهة مفضلة لهواة السياحة الإيكولوجية، ومن بينها مناطق سياحية معروفة، مثل محطة أوكايمدن التي تشتهر بنشاط التزلج على الثلوج، ومنطقة أوريكا المعروفة بمناظرها الطبيعية وينابيعها المائية.


وتشتهر بهذا الإقليم الذي يقوم عيش سكانه على الزراعة والنشاط السياحي، منطقة “إمليل” بدائرة أسني، التي تضم أعلى قمة جبلية بالمغرب وثاني أعلى قمة في إفريقيا، وهي قمة توبقال (4160 م)، لكن زلزال شتنبر الماضي ضرب هذا المنتجع السياحي الذي يمثل قطب السياحة الجبلية بالمغرب، ما أدى إلى توقف العجلة السياحية به بشكل كامل من حينها، إذ مست الكارثة الطبيعية ما يقرب من 90% من الفنادق والمآوي السياحية المتواجدة به.


ويضم الإقليم أيضا دائرتي آيت أورير وتوامة اللتين تزخران بمآثر ومناظر طبيعية خلابة، وتتميزان بصناعة الفخار والسجاد والمنسوجات، وبالنحت على الحجر، كما تشتهر بعض مناطق الإقليم بصناعة الملابس التقليدية مثل الجلباب والزرابي، وقد سلمت هذه المناطق من تهديد الزلزال.


ولأن مساحة إقليم الحوز بجبال الأطلس الكبير شاسعة، فهل ستكون هذه المحنة دافعا لإعادة النظر في الرؤية السياحية لتشمل كل المناطق ذات الجاذبية؟ وإلى أي حد يمكن الاعتماد بعد هذه الكارثة الطبيعية على جزء وإقصاء منطقة شاسعة تعج بالمناظر الطبيعية والمآثر الأركيولوجية والتاريخية؟ وكيف يمكن الاستفادة من زلزال شتنبر الماضي لبناء استراتيجية سياحية تقوم على العدالة المجالية؟


العدالة المجالية

سعيد بوجروف، أستاذ الجغرافيا وإعداد التراب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، أوضح أن زلزال الأطلس ليوم 8 شتنبر المنصرم، “أعاد موضوع العدالة المجالية والإنصاف الترابي إلى الواجهة في مناطق جبلية يعتمد سكانها في حياتهم اليومية على اقتصاد معاشي يطعم تارة بتشجير تسويقي يهم بعض المدرجات الفلاحية وتارة أخرى بسياحة جبلية بيئية واستكشافية وثقافية وتضامنية، ويدعم المهاجرون هاته المنظومة وهذا الاقتصاد بموارد إضافية، وأُعدت برامج وتدخلات عمومية متنوعة للنهوض بهذه المناطق الجبلية على الرغم من أن الحاجيات كبيرة ومتنوعة”.


وأضاف بوجروف، في حديث لهسبريس، أنه “إذا كانت السياحة الجبلية رهانا كبيرا للتنمية في هذه المناطق، وخصوصا في كتلة طوبقال، فإن الزلزال أثر عليها وعلى تجهيزاتها وعلى نفسية الزوار والسكان والمهنيين بشكل واضح، وهو ما يستدعي في إطار العناية المولوية السامية الاهتمام الاستعجالي والاستراتيجي بإعادة تطوير دورة الحياة لهذا القطاع، على أساس تنمية عناصر التمكين لفاعلي القطاع ورد الاعتبار لتجهيزاته وبنياته الإيوائية وخدماته ومسالكه والبنية الرقمية له، وإعادة تلميع صورته التسويقية بمقاربة ترابية تعتمد تعبئة الموارد التراثية وجودة المنتوجات”.


“لقد أصبح ملحا، وبأسرع ما يكون، القيام بترميم وصيانة التراث الذي تأثر من الزلزال، سواء كان طبيعيا أو بشريا”، يقول أستاذ الجغرافيا الذي أكد أن الوضع “يستوجب العمل على تحديد علمي دقيق لأماكن المخاطر، وإعداد خرائط لذلك، بل وإعداد مخططات للوقاية من المخاطر بالجماعات أو الأودية الجبلية”، مشددا على أن “خطوات من هذا القبيل يمكن أن تؤمن إلى حد كبير حياة السكان والسياح، بل والبنيات والمسالك السياحية عند التخطيط لها وإنجازها”.


وأشار الجامعي الباحث إلى إن “قرار خلق وكالة لإعادة تأهيل وتنمية هذه المناطق، مطلب ملح واستجابة لمتطلبات المرحلة والوضعية، بل ويعتبر لبنة مهمة من أجل اعتماد سياسة خاصة بالمناطق الجبلية، تراعي خصوصياتها المجالية والبشرية والثقافية، ومن أجل الإنصاف ورد الاعتبار لها. لذلك، فخلق الوكالة يمكن أن يكون أداة لتوجيه التمويلات اللازمة وبفعالية من أجل تنشيط الاقتصاد المحلي، ومن خلاله القطاع السياحي وجعله قادرا على الصمود والتأقلم، بل وضمان بقاء السكان في محيطهم البيئي المحلي وجعله ترابا جذابا”.


الإقصاء والجاذبية

أمين المسيوي، رئيس الجماعة الترابية القروية زرقطن بدائرة توامة التي تشكل نقطة عبور نحو الجنوب الشرقي، عاب على القائمين على تدبير القطاع السياحي “تغييب هذه الدائرة ومنطقة آيت أورير في البرامج السياحية، رغم ما تزخرا به من إمكانية ازدهار السياحة، من قبيل رأسمال مادي ولا مادي، منه مواقع إيكولوجية عبارة عن بحيرات مائية، كإفراون وياكور، وجبل أوركوس بدوار آيت وكسان الذي يتغير لونه حسب فصول السنة وتنتشر به زراعة المدرجات، إضافة إلى وحدات صناعية لإنتاج الفخار، بدوار تلتاست”.


فموقع “ياكور” الأثري يمتد على مساحة 4000 هكتار، بين جماعات عدة بإقليم الحوز، من هضبة أوريكا التي تضم جماعة ستي فاضمة، وأوكايمدن، ومشيخة الزات بجماعة تغدوين (2000 نقش)، التي كانت فضاء لتنقل سكان هذه المناطق في فترة ما قبل التاريخ، وهي الآن طريق محبي السياحة الجبلية.


أما على مستوى جماعة زرقطن، فـ”يمكن استثمار الحدود بين إقليمي الحوز وأزيلال، إضافة إلى استثمار طريق اسوال بهذه الجماعة الترابية القروية التي تتوفر على مخيم توفلحت، كأقرب نقطة لقصبة آيت بن حدو بإقليم ورزازات”، وفق تصريح المسيوي لهسبريس، الذي ذكّر بالقيمة المضافة لسد آيت زياد بدائرة آيت اورير، الذي انطلقت أشغاله، ويمكن اعتماده كنقطة جلب للسياح، ما يفرض الإسراع بالعناية بهاتين الدائرتين اللتين تستفيدان من السائح الذي يقصد الجنوب الشرقي في الفترة النهارية فقط لغياب برنامج سياحي.


وأكد رئيس الجماعة الترابية القروية زرقطن أن “مركز تزلدا ودارت بجماعة زرقطن، اللذين يعيشان على اقتصاد السياحية، ستزداد وضعيتهما سوءا بفتح نفق طريق أوريكة ورززات”، على حد قوله.


تأهيل العرض السياحي بالحوز

ولأن السياحة تعد إحدى ركائز الاقتصاد المحلي في هذا الإقليم، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 700 ألف نسمة، بحسب آخر تعداد سكاني عام 2014، ويضم مناظر طبيعية خلابة ومناطق سياحية معروفة مثل محطة أوكايمدن التي تشتهر بالتزلج على الثلوج، ومنطقة أوريكا المعروفة بمناظرها الطبيعية وينابيعها المائية، فإن البرلماني عبد الرحمان وافا وجه سؤالا كتابيا حول إعادة تأهيل العرض السياحي بإقليم الحوز بعد الزلزال المدمر إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامن، للتدخل العاجل والاشتغال مع كل الفرقاء من أجل عودة السياحة إلى سابق عهدها أو أفضل، سعيا في الأثر الإيجابي على سكان الإقليم وعلى المستثمرين وعلى اليد العاملة المشتغلة في القطاع.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -