أخر الاخبار

ذكرى "هجوم أطلس أسني" .. الخلافات بين المغرب والجزائر تمتد إلى مكافحة الإرهاب

 

ذكرى "هجوم أسني" .. الخلافات بين المغرب والجزائر تمتد إلى مكافحة الإرهاب


حلّت اليوم الخميس ذكرى أول هجمة إرهابية عرفها المغرب بشكل هزّ مدينة مراكش والبلد كاملاً سنة 1994. هذه الهجمة جعلت المغاربة يسمعون لأول مرة في محيطهم مصطلحات جديدة كـ”التفخيخ” والتطرف والإرهاب والتخطيط والخلية والنسف والعمليات الانتحارية، إلخ، لتصير حقلاً يوميّا يحضر في نقاشاتهم وفي إعلامهم بعد أن استنفر بلداً بأكمله لكي يكافح “عدوا جديداً” متمثلاً في الإرهاب.


ومازالت أصابع الاتهام “تشير بنوع من اليقين إلى ضلوع الاستخبارات الجزائرية تمويلاً وتخطيطاً ودعماً في هذا الحادث، الذي أسفر عن مقتل عدد من السياح الأجانب”. حينها، لحق الهجوم فرض التأشيرة على الجزائريين من طرف المغرب؛ ومن ثمّ إغلاق الحدود البرية بين البلدين حتى اليوم، بعد رفض حكام الجزائر المتعاقبين مراجعته باستمرار. لكنّ المغرب استلم الضربة وأخذ طريقا جديدا لمكافحة الإرهاب بكل جدية.


“دبلوماسية أمنية”

محمد أكضيض، خبير في الشأن الأمني، قال إنّ “ضربة أسني الإرهابية كانت بمثابة توطئة حكاية الإرهاب بالمغرب، لكونها أول هجمة متطرّفة”، موضحا أنها “كانت بمثابة اليقظة الأولية لخلايا الدّولة المغربيّة في استشعار خطورة المكوّن الإرهابي وأثره على سيادة الدّولة وأجهزتها”، وزاد: “الصحوة الأمنية المغربية بدأت حينها وتكرست مع أحداث 16 ماي سنة 2003، التي كانت أول هجمة في العهد الجديد”.


وأضاف أكضيض، في دردشة مع هسبريس، أنّ “المغرب بعد الضربتين قام بتحديث بنيوي للحقل الأمني، ووضع إستراتيجية استخباراتية لأجل محاصرة العمليات التي تستهدف الأمن العام ومؤسّسات الدّولة أو المواطنين”، مشددا على أنّه “استثمر في التكنولوجيات الحديثة والمتطوّرة التي تخوّل تتبع ورصد التّنسيقات المتطرّفة وتطويقها بشكل محكم أدّى إلى تفكيك عشرات الخلايا الإرهابيّة خلال السنوات الثلاثين الماضيّة”.


وتابع المتحدّث ذاته بأنّ “المغرب وضع مشكلة الإرهاب كأولوية بالنسبة للأجهزة الأمنية، وهو ما خوّل تنسيقاً على أعلى مستوى بين جميع الأجهزة، بما فيها المديريّة العامة للأمن الوطني”، موضحا أنّ “الإصلاحات توالت حتى تمكن البلد من إحقاق دبلوماسية أمنية، إذ شارك في منتديات ومؤتمرات ولقاءات دولية للتعريف بإستراتيجيته الوطنيّة، وهو ما خوّل له التنسيق مع الدّول الأوروبيّة والأمريكيّة وغيرها”.


“ضربة خارجية”

قال الباحث في الفكر الدّيني إدريس الكنبوري إن “هجوم أطلس أسني سنة 1994 كان ضربة خارجية اتهم المغرب الاستخبارات الجزائرية بالضلوع فيها، إذ كانت الجزائر تعرف حينها ما عرفت بـ’العشرية الدموية السوداء'”، مبرزاً أنّ “المغرب بدأ حينها تقليدا أمنيا استخباراتيا ساهم إلى جانب الجهود الإستراتيجيّة في تجفيف منابع الإرهاب من النّاحية الفكريّة والسياسيّة؛ لكن مع ذلك تبقى أحداث أسني نبتة خارجية”.


وضمن إفادات قدّمها الكنبوري لجريدة هسبريس فإنّ “المغرب يتعامل بإستراتيجية شمولية فيها الأمني والفكري لمكافحة الإرهاب والتطرف، لكن الظاهرة الإرهابية مع ذلك تبقى لزجة ومتحركة يصعب التّحكم فيها فكريا وتطويقها سياسيا مهما كانت قوة ونجاعة أي إستراتيجية ناعمة”، مردفا: “المغرب حاصر الإرهاب عبر نقده في خطاباته الرّسمية ووضع إستراتيجيّة واسعة في مجال الوعظ والإرشاد، والتشجيع على الفكر النقدي. وكانت هذه خطوات مهمة على المستوى الداخلي”.


وأكد الباحث في الفكر الديني أنّ “المغرب خفّف من وطأة الإرهاب، ويحاول أن يحاصر ظاهرة مازالت عوامل اشتغالها حيّة حتى اليوم، كالتوسع الأمريكي والاستعمار القديم”، معتبرا أن “معظم العمليات في القارة الإفريقية كانت ردة فعل على الاحتلال الفرنسي، ومن ثمّ فهمت الأنظمة أن جزءا من الدواء ضد الإرهاب هو فكّ الارتباط مع أحد منابعه، وهو التحالف مع المستعمر: فرنسا، التي توسّلت ورقة الإرهاب لاستغلال الدّول والشعوب”.


يشار إلى أن الكاتب والصحافي محمد البريني كان قد عبّر سابقاً عن أن “أربعة متورطين في أحداث أسني أحيلوا على المحكمة، ثلاثة منهم جزائريون يحملون الجنسية الفرنسية، والمدبّران الرئيسيان تدرّبا على استعمال السلاح في تندوف بالاشتراك مع عناصر من ‘البوليساريو’، والشخص الذي أعطى الأوامر كان لاجئا سياسيا بالجزائر، وعمل في صفوف ‘البوليساريو’ بمباركة المخابرات الجزائرية”.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -