أخر الاخبار

ثلاثة دروس من مشاركة المغرب المونديالية mondial morocco

 أ. د. فيصل الملا

أسدل الستار على بطولة كأس العالم 2022 بفوز المنتخب الأرجنتيني على نظيره الفرنسي بضربات الترجيح، في مباراة تعد أحد أفضل النهائيات على الإطلاق، شهدت تألق نجم راقصي التانجو، ليونيل ميسي، ونجم المنتخب الفرنسي، كيليان مبابي. كما شهدت البطولة تألق المنتخب المغربي الشقيق، حيث خطَّ منتخب أسود الأطلس اسم المغرب بحروف من ذهب في صفوف الكبار، بعد أن خاضوا مونديالاً ستبقى نتائجه المحققة طويلاً في سجل كرة القدم العربية. فقد نجح المنتخب المغربي، في تشريف الكرة العربية والأفريقية خلال هذا المونديال، وذلك باحتلاله المركز الرابع، في إنجاز يسجل للمرة الأولى في تاريخ المشاركات العربية في المونديال.

المغرب المونديالي


لم تأتِ انتصارات المنتخب المغربي في بطولة كأس العالم كحادثٍ عابرٍ بل هي أمر يحمل دروسًا كثيرة للأمة العربية، وهي دروس لمسناها جميعًا، وأثرت في جوانب شتى تهم الوعي العربي الجمعي والشعور المشترك في دوائر الانتماء المتعددة في المنطقة، وبعد القيم الأخلاقية التي تعبر عن روح الشرق وخلفيته الدينية والثقافية.


الدرس الأول: إن الشعوب العربية يمكن أن تتحد على أي أمر مثلما تتحد حول الأزمات السياسية، فقد نجح المنتخب المغربي في أن يظهر للعالم كله وحدة العرب حوله من المحيط إلى الخليج بعد أن ظن كثيرون أن مؤامرة تفتيت وتمزيق وتقسيم الأمة العربية إلى كيانات قد نجحت وإذ بهذه المؤامرة تتبدد في أيام، حيث تجاوز إنجاز المنتخب المغربي ما هو كروي ورياضي، إذ أثار مشاعر الوحدة العربية والتضامن العربي الإسلامي لتنجح الكرة في لم شمل ما فرقته السياسة. إن نجاح المغرب في بطولة كأس العالم أعاد الشعور بالهوية العربية، ولو بدا كأنها خبت في ما مضى، لكنها برزت بقوة في بطولة كأس العالم هذه.


الدرس الثاني: نجح المنتخب المغربي، من خلال سلوك لاعبيه ومشجعيه أن يقدم نموذجًا حضاريًا وأخلاقيًا وإنسانيًا، في علاقة اللاعبين مع أسرهم وعائلاتهم، نموذجًا معاكسًا لتلك القيم غير السوية التي حاولت بعض الأوساط والمنتخبات الغربية أن تستخدم المونديال كفضاء للترويج لها. فالصورة الثقافية التي حملتها صور تقبيل لاعبي المغرب لرؤوس الآباء والأمهات لم تكن محكومة ببعد إشهاري أو تجاري، إنما كانت تعبيرًا عفويًا يدل على طبيعة القيم التي توجه الإنسان العربي المسلم في علاقاته الأسرية والعائلية، مما هو قائم في صميم الفطرة الإنسانية، حيث النزوع الأصيل والفطري للأمومة والتجمع العائلي والأسري.

الدرس الثالث: أكد المنتخب المغربي الذي لعب الأدوار الحاسمة باسم العرب جميعًا، أن اللعب مع الكبار والفوز عليهم ومنافسة حامل اللقب على بطاقة النهائي أمر ليس بالمستحيل، خاصة إذا كانت الثقة بالنفس موجودة عند اللاعبين الذين قدموا كل مجهوداتهم لكسر القاعدة التي تتوقع نتائج مباريات العرب ضد خصوم اللعبة الكبار قبل بدايتها، وخروجهم من الدور الأول أو الثمن النهائي كأقصى نتيجة يمكن تحقيقها. فقد فتح منتخب المغرب الباب واسعًا لطموح المنتخبات العربية الأخرى التي إن شاركت في مونديال 2026 فإن مشاركتها ستكون مفعمة بروح الإنجاز المغربي الذي تحقق في هذا المونديال. سيكون العرب أكثر إصرارًا على النجاح وأكثر إيمانًا بالنفس في الاستحقاقات الكروية القادمة.


خاتمة الرؤى، كانت تلك بعض الدروس البارزة التي يستدعي النظر فيها للمشاركة المغربية المونديالية، لذلك من حقنا أن نقول إن منتخب المغرب قد لم ينجح في الحصول على إحدى ميداليات المونديال لكنه ربح ميداليات عديدة على كافة المستويات. نسجل كل الاحترام وكل التقدير لأسود الأطلس، الذين جمعوا العرب من المحيط إلى الخليج أمام شاشة التلفاز لدعم منتخب رفع رأس العرب عاليًا، وعزز من ثقافتنا العربية الإسلامية من خلال صور اللاعبين وهم يستشعرن الدفء في حضن الأم، لتعبر عما يتوافق مع الفطرة الإنسانية، وتعبر عن القيم التراحمية التي تشكل نسق وروح المجتمعات العربية.

حياة تستمر.. ورؤى لا تغيب.


نقلا عن صحيفة الايام البحرينية

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -