أخر الاخبار

"قبة زيفاكو" بالدار البيضاء.. معلمة تاريخية تتحول إلى بؤرة سوداء

 

 

"قبة زيفاكو" بالدار البيضاء.. معلمة تاريخية تتحول إلى بؤرة سوداء

 

معلمة عمرانية عابقة بالتاريخ شيّدها المهندس الفرنسي فرانسوا زيفاكو في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت شاهِدة على “أيام الزمن الجميل” بالدار البيضاء، لكن هذه الأيام ولّت دون رجعة، وبقيت أصداء الحنين لمدينة “كازابْلانكا الفاضِلة” تُراود أذهان السكّان.

مجسّم تاريخي جسّد “القلب النابض” للعاصمة الاقتصادية لكنه بات يدق آخر نبضاته، حيث ظل يُقاوم النسيان حتى استسلم قسْرا لسبات عمّر طويلا بعدما افتقد الرعاية الأثرية اللازمة، في وقت صُنفت فيه هذه المعلمة من أشدّ الأماكن جذبا للأسر الراغبة في تجزية الوقت.

صحيح أن مجسم “الكرة الأرضية” بوسط المدينة لم يعد معلمة جذابة تستقطب الأسر والسياح على حد السواء، بقدر ما أصبح “منفّرا” للسكان والزوّار بعدما أصابه صدأ النسيان وأقبره التهميش، فأصبح بذلك عرضة للزوال من على أرض الواقع والاندثار من المخيّلة الجماعية لأبناء المدينة.

وتقترن “قبة زيفاكو” بمعالم عمرانية أخرى تندرج ضمن الذاكرة التاريخية الجمعية لساكنة “كازابلانكا”، حيث يوجد أمامها “برج الساعة” الذي تعود نشأته إلى فترة ما قبل الحماية الفرنسية. كما تختزن هذه المعلمة تاريخاً منقوشاً في ذاكرة “البيضاويين” يرتبط بماضي ساحة الأمم المتحدة المسمّاة سابقا بـ “ساحة فرنسا”.

وقد كانت “بْلاسْ دُو فْرونْس”، إبان ثلاثينيات القرن العشرين، محطة مخصصة للحافلات التي تُقلّ المواطنين إلى مختلف أماكن الدار البيضاء، ما جعلها المنطقة الراقية التي تنبض بالحياة حينذاك، لتُحافظ على رونقها التاريخي إلى حدود عقود مضت، حيث فقدت عبق التاريخ بسبب بروز عقليات مدمرة.

“قبة زيفاكو” تشكّلت من ممرات تحت أرضية ضمّت مقاهٍ ومحلات تجارية راقية، وكانت وجهة للزوار والسيّاح الذين تجذبهم الطبيعة العمرانية الفريدة من نوعها بالدار البيضاء، إلا أنها تحولت إلى مرتع للمتسولين والمتشردين في المدينة، وأصبحت مأوى لمن لا مأوى له.

الممرات تحت أرضية التي كانت مخصصة للأنشطة التجارية غدت “مراحيض عمومية” تزعج بفعل الرائحة الكريهة التي تزكم الأنوف؛ إذ تحولت هذه المعلمة إلى بؤرة سوداء تجذب الباحثين عن مرحاض الهواء الطلق في ظل أزمة المراحيض بالقطب المالي.

السلطات المسؤولة أطلقت عملية إعادة تهيئة القبة الشهيرة منذ سنوات، لكن أشغالها تعرف تعثرا واضحا إلى حدود الساعة، فما إن ينطلق الورش حتى تبتهج الساكنة، لكنها سرعان ما تتجرع مرارة الخيبات كل حين بسبب توقف الأشغال على الدوام.


وقد حُدّد لمشروع إعادة تهيئة “الكرة الأرضية”، وفق الاتفاقية الموقعة مع شركة “الأجيال” الكويتية القابضة منذ 2016، نحو 11 مليون درهم، بهدف “تجديد الكرة الأرضية ومحيطها بطريقة تتناسب مع غنى مركز مدينة الدار البيضاء الذي يزخر بعراقة تاريخه ومعماره، لخلق جاذبية للسياح ومواكبة التنمية الحضرية للمدينة”، وفق الاتفاقية.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -