المنتخب الوطني.. قامات إنسانية وسفراء لصورة المغرب الجديد
عبد الله بوصوف
تأهل المنتخب المغربي لكرة القدم إلى مونديال قطر 2022، باصما على المشاركة السادسة في تاريخه، بعد مباريات قـوية تابعها الشعب المغربي بكل جوارحه، أملا في المشاركة في أكبر عـرس كروي في العالم إلى جانب منتخبات قوية ولاعبين أصبحوا علامات تجارية و”أيقونات” بُلدانهم. كما أن الحضور في قطر 2022 يعني رفع العلم الوطني وعزف النشيد الوطني في زمن أصبحت الرياضة إحدى واجهات صورة الدول بالخارج وكذا إحدى فروع دبلوماسيتها الناعمة.
يجب ألّا نستصغر هــذا الإنجاز الرياضي الكبير للمغرب أمام ما نعاينه من تـشويش إعلامي من “جهات خارجية” مصابة بـ”المغربفوبيا”، خاصة وأن تأهيل “الأسود” جاء في سياقات سياسية صَعًـبَت هضمه من طرف تلك “الجهات الخارجية”.
لكن فخرنا بالذهاب إلى قطر 2022 سيتعاظم إذا نظرنا إلى “بورتريهات” صانعي ذلك التأهيل، ونخص هنا اللاعبين من مغاربة العالم، حيث فضلوا حمل القميص الوطني رغم إغراءات بلدان الاستقبال ورغم الضغط الإعلامي والجماهيري. كل اللاعبين يحملون وراءهم تراكمات اجتماعية وقصص ألــم يعجز حتى أكبر كتاب السيناريوهات عن نسجها؛ شباب من أصول مغربية يسكنون ضواحي المدن الكبرى بدول الاستقبال في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا وألمانيا… فضلوا الرياضة، وخاصة كرة الــقدم، على طريق الجريمة والمخدرات… وحرصوا على حضور العلم الوطني في كل منصات التتويج العالمي.
فلا يمكننا نحن مغاربة العالم أن نـراقب اللاعب أشرف حكيمي دون استحضار قصة كفاح والـديْـه ومهارات الطفل أشرف في فريق “كولونيا اوفيجيفي” ثم التحاقه بأكاديمية ريال مدريد وألقـابه مع النادي الملكي، وبألمانيا وإيطاليا وفرنسا…
ولا يمكننا تجاهل بعض جوانب حياة حكيم زياش ومأساته الاجتماعية بفقدانه لوالده في العاشرة من عمره؛ حيث ستنقـذه موهبته الكروية من متاهات الجريمة والمخدرات والكحول… ليصبح أهم لاعب في فرقته بهولندا ثم يتألق في البطولة الإنجليزية بقميص تشلسي.
كما لا يمكننا تجاهل قصة الألم والنجاح للاعب آدام ماسينا؛ ذلك الطفل الذي فَـقَـدَ والــدته بعد أربعين يوما فقط من ولادته، وإدمان والده للكحول، لتتكفل به أسرة إيطالية بضواحي مدينة بولوينا حيث ستتفجر موهبته الكروية مع فريق المدينة، ثم الاحتراف بالدوري الإنجليزي.
الشيء نفسه نقوله عن الأخوين لمرابط وفيصل فجر من هولندا، ومنير الحدادي من إسبانيا وقصته مع فريق برشلونة، وسفيان بوفال وأمين حارث من فرنسا، واللائحة طويلة من الرياضيين المغاربة الذين رددوا بعد استدعائهم للدفاع عن القميص الوطني “هَـبً فَـتاك، لبى نِـداك”.
لقد أصبح لاعبو مغاربة العالم مبعث فخر لكل مغاربة العالم ومصدر إلهام للأجيال الصاعدة بعد إنجازاتهم الرياضية العظيمة، وبعد الارتقاء الاجتماعي القوي في بلدان الاستقبال وحرصهم على الظهور في وسائط التواصل الاجتماعي بين أحضان أمهاتهم وأسرهم، وافتخارهم باللباس المغربي وبالتقاليد المغربية و”ديما ديما المغرب”…
وبهذا فـقـد أصبحوا سـفراء للمغرب ليس داخل المستطيل الأخضر فقط، بل حتى خارجه، يدافعون عن صورة المغرب وعن مقدساته الوطنية، ويمثلون قُــدوة ومثالا إيجابيا وُلِـد من رحم المعاناة، وهم نماذج تحتاجها الأجيال الجديدة، خاصة القاطنة بضواحي المدن الأوروبية.
لقد احتل هــؤلاء الـفِـتية قلـوب المغاربة بمثابرتهم اليومية للحصول على أحسن النتائج داخل فِـرَقهــم وداخل المنتخب الوطني المغربي، وبحرصهم على ترديد النشيد الوطني وأيـديهم على قلوبهم. إننا نـرى فيهم أبناءنـا جميعا، يلعبون باسمنا وينتصرون باسمنا ويتعثـرون باسمنا أيضا.
لـذلك، سنساند الفريق الوطني بقطر 2022 في جميع المباريات، وسنردد معهم وأيـدينا على قلوبنا: “نُـشهد الدنيا، أنـا هُـنا نحْيـا بشعار الله، الوطن، الملك”.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.