تعد الصحافة والإعلام والاتصال، من إحدى الأسس التي يناضل الناس من اجل تحقيقها، بميدان المعارك الديمقراطية بالبلد، لأنها ضرورية ومن مهامها البحث عن المعلومات وإيصالها للمواطنين/ات، وعبرها يتم النقاش، والجدل الفكري والسياسي، أما حريتها وتوسيع مجال اشتغالها، فهو أمر لا نقاش بالدفاع عنه إلى أقصى الحدود.
ومن واجب المسؤولين والسلطات، وكل العاملين بالشأن العام، أن يساعدوا الصحفيين/ات، بالوصول لذلك، ومن واجب الدولة حمايتهم، وفتح كل الأبواب لهم/ن.
لكن ببلدنا يحدث عكس ذلك تماما، فالصحفيين/ات الشباب بالمغرب يواجهون المعاناة الكثيرة، منذ التفكير بالالتحاق بمؤسسات ومعاهد التكوين، والتخرج، حتى الحصول على الشهادات، وبعد ذلك يجدون أمامهم المشكلات، والعراقيل أثناء البحث عن الشغل، والاهم هو الحصار، والتضييق على مجالات الاشتغال وحرية التعبير والرأي والنشر والتوزيع..الخ، ثم المتابعات والمنع والاعتقال.
درب المتاعب طويل
فقد شيدت الدولة مجموعة من المؤسسات والمعاهد بهدف تكوين متخصصين/ات، بمجال الإعلام والاتصال، وهذا حسب سياستها المصرح بها، وبأن قصدها، هو تأهيلهم للعمل الإعلامي بالإدارات العمومية والجماعات المحلية، وبالقطاع الخاص كذلك، الذي تركت له جل القطاعات الأساسية والحيوية، وفتحت له كل الأبواب من اجل المزيد من الأرباح.
ويتم صرف المال العمومي على التكوين والدراسة بأقسام اللغتين العربية والفرنسية، باعتماد التدريس على الإجازة وشهادة الماستر، والدكتورة بمجال الصحافة والإعلام والاتصال.
وأهداف التكوين حسب سياسة الدولة دائما هي : اغناء الثقافة العامة، وإتقان اللغات (العربية والفرنسية والانجليزية والاسبانية …الخ)، وضمان تكوين يشمل وسائل الإعلام والاتصال للمنظمات، ومنح الطلبة شهادات تسمح لهم/ن، بممارسة مهن الصحافة المكتوبة، وبالسمعي البصري (التلفزيون) وبالإذاعة(الراديو) وصحافة الوكالات، والتصوير الصحفي، والتواصل بالمقاولات، والوسائط المتعددة…الخ.
وبذلك يقوم المعهد بتسليم شهادات وطنية للمتخرجين/ات، فيها: شهادة السلك العادي بالإعلام والاتصال، والإجازة في الدراسات الأساسية، والإجازة المهنية، وشهادة االماستر، والماستر المتخصص، والدكتورة.
هذا الدرب يتم عبر الترشح بمواصفات حددتها الدولة والمسؤولين، في: الحصول على شهادة البكالوريا، بجميع الشعب أو ما يعادلها، محصورة سنويا (موسم دراسي جديد)، وكذلك العمر ألا يقل عن 17 سنة، وألا يفوق 25 سنة، بمتم يوم 31 دجنبر من سنة الترشح ، ثم شرط حصول المرشحين/ات، على نقطة 14 على 20 بالمعدل العام، وفي اللغتين العربية والفرنسية واللغة الثالثة(اللغة الأجنبية الثانية)(1)
إن زمن هذا الصنف من التكوين الصحفي والإعلامي بالمغرب الحديث قصير جداً، فالمعهد العالي للإعلام والاتصال تأسس عام 1969، ويعد المؤسسة العمومية الوحيدة للتكوين في مجال الصحافة.
ففي البداية كان تحت اسم”مركز تكوين الصحفيين” وقت تأسيسه، حيث كان ذلك بمبادرة من المنظمة الألمانية ” فريدريش ناومان”، التابعة للحزب الديمقراطي الحر، الليبرالي المدافع على. اقتصاد السوق. وسيعرف المعهد سنة 1989، أول عملية إصلاح تعليمي وتدريسي وتربوي (بيداغوجي) وسيقبل تسجيل الحاصلين على شهادة الإجازة، بدل النظام السابق الذي كان محصورا في شهادة البكالوريا، وفي سنة 1996 ستعود الهيئة المشرفة على المؤسسة للعمل بنظام السلك العادي مع إحداث تخصص ثالث، وهو”الاتصال المؤسساتي” تلبية لمصالح المؤسسات العمومية والمقاولات الرأسمالية الخاصة، وكذا حاجة الدولة للأطر المتخصصة في حقل الإعلام والاتصال بأنواعه المختلفة.
وبهذا انتقل المعهد لمرحلة جديدة تشريعية بظهير مصادق عليه في مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 28 نونبر 1996، حيث تم تغيير اسمه فأصبح” المعهد العالي للإعلام والاتصال” وستتركز برامجه ومضامينها منذ عام 2000 حسب مخطط الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الميثاق الذي أجهز على مكتسبات التعليم العمومي.
ومع كل هذه التحولات فإن عدد خريجيه ضعيف جدا مقارنة مع نسبة الشباب من الجنسين بالبلد، وتعداد سكانه المتزايد، فقد بلغ عدد الخريجين (ما بين 2011 و2015) نحو 225 صحفي وصحفية، وهذا العدد يوضح بشكل جلي مستوى الضعف، فقد ظل التكوين الإعلامي بالمغرب حتى أواخر القرن العشرين تعليم عمومي، ولم يهتم به الرأسماليين الخواص لأسباب متعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، والاهم بالنسبة لهم تجارية وربحية..الخ.
وبمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس المعهد العالي للإعلام والاتصال، اجتمع خريجوه وخريجاته، من الأفواج الأولى والأخيرة ما بين سنتي (1974 و2019)، العاملين /ات بقطاع الإعلام والاتصال، وحسب احد خريجي فوج (1970 – 1974) عز الدين بنشكاشو حيث قال : “.. إن هذا الفوج ضم 60 طالبا من بين ألفي (2000) مرشح لولوج المعهد، وقد تخرج من بينهم16 صحفيا، وان الفوج خضع للدراسة لمدة سنتين بألمانيا(2)
حرية الصحافة والإعلام، واستقلال القضاء
إن احد الشروط الأساسية لقطاع الصحافة والإعلام لكي يقوم بالواجب المطلوب منه لخدمة المجتمع، هو وجود الديمقراطية الحقيقية، المتمثلة في سيادة الشعب على ثرواته الوطنية، وقراراته السياسية المصيرية، وهذا يستوجب الصمود والنضال المستمر من اجل تحقيقها. ولا يمكن لهذا القطاع ولغيره الاشتغال بحرية كما يجب، إلا إذا تحققت كافة الشروط الديمقراطية، التي توفر مناخ العمل، منها : استقلال القضاء بشكل فعلي وتام ماديا ومعنويا، واشتغاله في ظروف محترمة، وممتازة، تتوفر على جميع مقومات تطبيق العدل النزيه والقوي، حيث يكون بإمكانه فتح جميع الملفات المتعلقة بنهب، واختلاس المال العام، وانتهاكات حقوق الإنسان، وممارسة سلطته الفعلية كما يجب..الخ، وكذا فتح الملفات التي تحقق فيها وتنجزها الصحافة بجميع تخصصاتها، وتنشرها للعموم، وضمان العدالة والحقوق لكافة المغاربة، وتطبيق القانون على الجميع، مهما كانت وضعيتهم ورتبهم بالمجتمع.
ولهذا فغياب شروط العمل الصحفي والإعلامي والتواصلي، في ظروف انعدام الديمقراطية الحقيقية، سيظل العاملين والناشطين/ات بالقطاع دائما مهددين ومعرضين للقمع، والمنع، والغرامات الثقيلة، والاعتقال…الخ.
وبذلك سيستمر الظلم الاجتماعي الذي لم يعد يطاق، مافتئت الطبقة الرأسمالية الحاكمة مسيطرة على كل الثروات الوطنية والسلطة السياسية، بينما أغلبية ساحقة من المغاربة غارقة في الفقر المدقع، والحرمان والبطالة، وعلة وجود الصحافة والإعلام ، وواجبهما، هو معارضة ذلك وكشفه، وفضحه للعموم مهما كلف من ثمن،
ماذا قدمت الدولة للطلبة الصحفيين والإعلاميين/ات؟
إذا قارنا بلدنا ببلدان شقيقة بمجال تكوين الإعلاميين بالمؤسسات الجامعية العمومية (كليات الإعلام أو الآداب والفنون…) مثل السودان، والعراق، ومصر، وسوريا، التي توجد بها كليات أو أقسام داخل الجامعات خاصة بالإعلام، سيتضح لنا الفرق الشاسع، لأن بلدنا المغرب لم يتم فيه ذلك إلا مع بداية القرن الواحد والعشرين، حيث تشير الإحصاءات لسنتي 2015 و 2016، حسب الطيب بوتبقالت أستاذ التاريخ المعاصر وعلوم الإعلام بمدرسة فهد العليا للترجمة بطنجة : ” يوجد نحو 35 مؤسسة للتعليم العالي تهتم بالتكوين الإعلامي، منها نحو 18 مؤسسة بالقطاع العام، ونحو17 مؤسسة بالقطاع الخاص..”
وحسب معطيات وزارة الاتصال فإنها تؤكد وجود نحو 17 معهدا ومركزا للتكوين في مهن الإعلام والصحافة، موزعة بين مدارس ومعاهد عليا، وبعض المؤسسات مدرجة في إطار التكوين المهني، محصورة جغرافيا بوسط البلد بين مدينتي الرباط العاصمة والدار البيضاء اكبر المدن الاقتصادية، ويعد المعهد العالي للصحافة والإعلام أقدم المؤسسات الخاصة حيث تأسست عام 1994 بالدار البيضاء.(3)
وأكد وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج بأن المعهد كون منذ إحداثه نحو ألفي (2000) خريج، وفي كلمة له بمناسبة الذكرى الخمسين على خلق المعهد وتسليم الشهادات الإجازة المهنية والماستر، برسم موسم 2018 -2019، “.. بأن المعهد ساهم منذ تأسيسه في تكوين أزيد من ألفي خريج في مجال الإعلام والاتصال، تميزوا بمختلف المنابر الإعلامية وطنيا ودوليا..” والعمل على “..تطوير برامج التكوين والإسهام في مواكبة التحولات التي يعرفها عالم الإعلام..”. (4)
في هذا السياق صرح مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال عبد اللطيف بن صفية للصحافة بمناسبة الذكرى نفسها: “.. إن هذه المرحلة جد حساسة يعرف فيها الحقل الإعلامي تحولات عميقة وإستراتيجية من حيث تحول الإعلام وإنتاج المحتوى أساسا من الإعلام التقليدي المتعارف عليه إلى العالم الرقمي، مع ما يطرح ذلك من تحديات كبرى وعميقة، ليس فقط على مستوى إدارة هذا المشهد وتقنياته ، وإنما على مستوى برامج التكوين المعتمدة، والاستجابة لهذا التحول ضمن المنظومة التكوينية للمعهد..”(5)
عهد جديد، وطي صفحة ماضي الانتهاكات؟
مع بداية الألفية الثالثة فتح نقاشا واسعا حول التغيير بالمغرب، على أساس التزام الدولة بالحسم مع عهد سابق عرف فيه البلد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، واعتقالات تعسفية، والاختفاء القسري، والاغتيالات السياسية، بحق المعارضين/ات للسياسات المتبعة ونظام الحكم الاستبدادي، ومسالة قمع الحريات العامة، وجبر الضرر الفردي والجماعي، وكشف المعتقلات السرية، وطي صفحة ذلك الماضي الفظيع من تاريخ المغرب، والانتقال لعهد جديد، عهد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وقد استمر هذا الخطاب لمدة طويلة، وتشكلت لجان ومجالس ومعاهد وطنية رسمية لذلك، وبعد مرور نحو اثنا عشر سنة على هذا النقاش والخطاب الرسمي، انطلقت حركة 20 فبراير 2011 وما حملته من مطالب من اجل الديمقراطية، هزت شيئا ما البلد، وتوسع النقاش أكثر، حول الدستور الجديد “والإصلاحات الكبرى” مما جعل المغاربة وبالأخص الشباب يصدقون بأنهم فعلا في بلد متقدم عن باقي البلدان المغاربية والعربية، وبدءوا يعبرون عن أفكارهم، وآراءهم عبر كل ما هو متوفر من وسائل الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي بحرية.
وفتح نقاشا عموميا وطنيا حول النهب، واختلاس الأموال العمومية من مؤسسات وشركات وطنية، تحت شعار” الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد” و بعد أكثر من عقد على بداية التصريحات والاعترافات والإقرار بجرائم التعذيب الفظيع، والسرقة والاغتناء الفاحش..الخ، زاد تطور النقاش حول القضايا الكبرى بالبلد.
كان كل ذلك عبر الصحف والمجلات والكتب والكراسات المنحازة لصوت أغلبية الشعب، وحتى الإعلام الرسمي نظم جلسات عمومية تتحدث عن ذلك، وانطلقت الصحافة بالعمل على انجاز التحقيقات والاستطلاعات وإجراء الحوارات مع بعض المسؤؤلين، والبحث عن القضايا المخفية عن الأغلبية الساحقة من الشعب ونشرها للعموم باللغتين العربية والفرنسية.
هذا الأمر أزعج، وأخاف الطبقة الحاكمة والدولة، وأرادت أن تحد منه بكل الوسائل، بما فيها توظيف فصول وبنود “الدساتير الجديدة” التي صفق لها بعض الناس مصدقين بأنهم في دولة الحق والقانون، وان عهدهم/ن جديد، يسمح فيه بالاشتغال والتعبير عن الأفكار والآراء بكل حرية، كما هي متعارف عليها دوليا، وان بلدهم مصادق على معاهدات واتفاقيات حول الموضوع..الخ، وقد عملت الدولة فعلا على تنظيم حملات ضد الصحفيين والإعلاميين/ات، وبالأخص ضد أولئك المنحازين لصوت الأغلبية المقهورة.
فضاء التواصل الاجتماعي واسع جداً
فالعقد الثاني من القرن الواحد والعشرين يعرف تطورات بمجال الصحافة الإعلام، والاتصال والتواصل تسير بسرعة كبيرة جداً، مما جعل المعلومات والأخبار المكتوبة، وبالصوت والصورة، تنتشر في العالم، ويتم تبادلها بين الناس في وقت قصير جداً، وأصبح بإمكان كل مواطن/ة يملك وسائل هذه التطورات التقنية من هاتف محمول متعدد الاستعمالات والخدمات وحاسوب محمول أو غيره ، وارتباط بشبكة (الانترنت) نقل ما يريد ونشره للعموم محليا ووطنيا وعالميا.
الصحافة والإعلام يستحيل حصر وظيفتهما
للصحافة والإعلام دور أساسي بالمجتمع في توعيته، وتثقيفه واطلاعه على كل ما يحدث بالبلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وثقافيا، ورياضيا، وفنيا ..الخ، وهذا العمل تخشاه الأقلية الرأسمالية الحاكمة، لأنها تمارس التضليل وتنشر أفكار وأيديولوجية الليبرالية الجديدة التي تهدف لجعل المغاربة أشخاص مستهلكين لبضائع ومنتجات الشركات الرأسمالية، وأنانيين وحتى يمينيين وعنصريين، كما اتضح بعدة بلدان بالعالم (رهاب الأجنبي) ، بدل أن يكونوا اجتماعيين ومتضامنين ومواطنين/ات.
النضال من اجل الديمقراطية الحقيقية يستوجب التضامن مع كل صحفي وقاضي تعرض ويتعرض للقمع، لان وظيفتهما مهمة وأساسية للأغلبية الفقيرة والمحرومة من ضروريات الحياة الكريمة.
ففي يوليو 2019 نظم المعهد العالي للإعلام والاتصال حفل توزيع شواهد على المشاركين/ات بالدورات التكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة بشراكة مع رئاسة هذه الأخيرة بالفترة مابين 17 يونيو و4 يوليو 2019.
لماذا تسهر الدولة على مثل هذه الشراكة ؟ لأنها تعرف وظيفتهما بالمجتمع، ولذلك ظل النضال من اجل فصل السلط، عن بعضها دائما مطروحا منذ الاستقلال الشكلي، وتأسيس الدولة الحديثة بالمغرب.
وقد شملت تلك الاتفاقية مجالات التكوين الأساسي، والتكوين المستمر، والبحث والدراسة، والاستشارات المتخصصة والتنظيم المشترك لتظاهرات علمية وأكاديمية، وقعها كل من : محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة وعبد اللطيف بن صفية مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال.
فالدولة التي تنفذ برامج ومخططات المؤسسات المالية الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وتعقد اتفاقيات التبادل الحر مع الدول الصناعية الرأسمالية الكبرى، وتطبق سياسات الخصخصة واسعة النطاق لصالح الرأسماليين المحليين والأجانب، وترك القطاعات الحيوية للشركات متعددة الجنسيات..الخ، تريد التحكم بقطاعي القضاء والصحافة والإعلام، وكل ما يتعلق بهما، وذلك ما تحرص عليه العولمة الرأسمالية، والدول الصناعية الكبرى، والليبرالية الجديدة، والمؤسسات المالية الدولية، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، الاستعمار الاقتصادي الجديد.
شمل التكوين كذلك التواصل والقوانين المتعلقة بمجال النيابة العامة لدى الصحفيين، والصحفيين المهنيين/ات، أزيد من 50 قاضي وقاضية، من قضاة النيابة العامة من مختلف محاكم المغرب، بينما تساهم رئاسة النيابة العامة بتكوين الصحفيين والإعلاميين في المجالات المتعلقة بمهام النيابة العامة، والمساهمة بنشر الثقافة القانونية لفائدة الطلبة الصحفيين والصحفيين/ات المهنيين. إن الصحافيين والإعلاميين والقضاة الذين يريدون بناء مغرب الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، وحق المواطنين/ات، يستوجب عليهم النضال من اجل الاطلاع ومعرفة كل ما يتعلق ببلدهم وحقهم بالحصول على كل المعلومات المتعلقة بذلك، وأن يكونوا حاضرين ومطلعين بكل ما تقوم به الدولة المغربية من معاهدات واتفاقيات مع الأجانب والدول الصناعية الرأسمالية الكبرى والمؤسسات المالية الدولية والشركات متعددة الجنسيات، فالتكوين الحقيقي يجب ان يشمل كل ما تقوم به الدولة والحكومات، بكل القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية ..الخ. (6)
جاء بالنقطة التاسعة لتصدير دستور 2011، ما يلي : جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة. يشكل هذا التصدير جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور.) إن ديباجة الدستور الذي يتضمن هذا السمو على التشريعات الوطنية، هو الذي تعمل من اجله المؤسسات المالية الدولية ومنظمة التجارة العالمية، وتسهر على تنفيذه الدولة المغربية.
وجاء في فقرات من الفصل 28 من الباب الثاني بالدستور، المتعلق الحريات والحقوق الأساسية ما يلي: حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. للجميع الحق في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة. تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.)(6)
جاء بهذه الفقرات، بأن حرية الصحافة مضمونة، ولكن لماذا يمنع الصحفيين من ممارسة مهنتهم بالمغرب؟ ولماذا يعتقلون؟. لقد رفضت حركة 20 فبراير دستور 2011، لأنه لم ينبثق عن هيئة منتخبة من الشعب، بشكل شعبي وديمقراطي.
جمعيتنا اطاك المغرب التي ناضلت بحركة 20 فبراير، وفتحت لها مقراتها حيث حصلت بعض مجموعاتها على الوجود القانوني هناك ، لازالت تعاني من الحصار والتضييق، ويتعرض أعضاءها وعضواتها للقمع والاعتقال، ففي يوم الخميس21 نونبر2019 تم منع جمعية اطاك المغرب من تنظيم نشاط بقاعة مؤسسة الأعمال الاجتماعية بمدينة اسفي حول الدفاع عن السيادة الغذائية وتقديم خلاصات بحثها الميداني المتعلق بالموضع للعموم.
وفي يوم 9 يوليو2018 استدعي مناضل جمعية اطاك فريد بعلي من طرف الشرطة القضائية بمدينة زاكورة للتحقيق معه، وفي بداية سنة 2019 تمت متابعته من طرف وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بزاكورة على اثر تدوينات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وفي يوم 2 يناير2020 حكمت المحكمة الابتدائية ببراءته.
وفي يو26 دجنبر2019 استدعت الشرطة القضائية بالدار البيضاء المناضل والصحفي عمر الراضي عضو اطاك المغرب، الذي تحمل مسؤولية بالسكرتارية الوطنية بها بفترة (2008- 2010) حيث تم اعتقاله وتقديمه للمحكمة، وسبق ان تعرض للاستنطاق من قبل الشرطة نفسها يوم 18 ابريل2019، لمدة أربع ساعات حول تدوينات بشبكة التواصل الاجتماعي، وقد قررت المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بالدار البيضاء يوم الثلاثاء 31 دجنبر 2019 متابعته في حالة سراح.
هل تريد الدولة منع التعبير عن الأفكار والآراء بكل حرية ؟ ما أهدافها من وراء هذه المتابعة والمنع والاعتقال؟ إن تاريخ مقاومة الشعب المغربي للظلم، وصموده ونضاله ضد الاستغلال والاستبداد كفيلة بالإجابة.
وستظل جمعيتنا اطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من اجل إلغاء الديون غير الشرعية، تناهض الظلم الاجتماعي وتناضل ضد العولمة الرأسمالية والسياسات النيوليبرالية المطبقة ببلدنا، وتناضل مع الأغلبية الفقيرة من شعبنا رافعة شعارها ” لا تنمية بدون تدقيق وفحص الديون غير الشرعية وإلغاءها.
بالنضال والنضال ثم النضال، تتحقق الديمقراطية وحرية الصحافة فعليا.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.