عيسى بن عمر العبدي (1842 - 1914) كان قائدًا مخزنيا مغربيا بارزًا، وُلد في منطقة البحاترة نواحي آسفي وتوفي في سلا. شغل منصب القايد على منطقة عبدة في عهد السلطان عبد العزيز بن الحسن خلال فترة وصاية الصدر الأعظم باحماد. عُرف بكونه أحد أقوى القياد في المغرب خلال الثلاثين سنة التي سبقت الحماية الفرنسية، واشتهر ببطشه وصرامته، خاصة في قمع انتفاضة أولاد زيد، التي عُرفت بـ "عام الرفسة". وصفه المؤرخ أحمد بن محمد الصبيحي في كتابه عيسى بن عمر وفظائعه بـ "الحجاج بن يوسف الثقفي".
القايد عيسى بن عمر العبدي
عيسى بن عمر العبدي
الاسم الكامل: عيسى بن عمر
الميلاد: 1842، آسفي
الوفاة: 1914، سلا
الجنسية: مغربية
المهنة: قايد
القبيلة: البحاثرة
مسار حياته
عيسى بن عمر ولد في عائلة من قبيلة البحاثرة، التي كانت لها مكانة مرموقة في منطقة عبدة بسبب أصولها التي تعود حسب الروايات الشفهية إلى الحجاز، بالإضافة إلى نفوذها الاقتصادي وعلاقاتها مع السلطة المخزنية. بدأت قيادته لمنطقة عبدة في سن 21 عامًا واستمرت 35 سنة، في فترة حرجة شهدت تزايد المخاطر الاستعمارية الأوروبية على المغرب. نجح في الحفاظ على نفوذه وثقة السلاطين: الحسن الأول، والمولى عبد العزيز، والمولى عبد الحفيظ، كما كان له دور كبير في تعبئة الموارد البشرية والاقتصادية لدعم الحملات السلطانية.
توازن السلطة في فترة البيعة الحفيظية
خلال أزمة انتقال السلطة بين السلطانين المولى عبد العزيز والمولى عبد الحفيظ، لعب عيسى بن عمر دورًا حذرًا، إذ حافظ على علاقات متوازنة مع الطرفين حتى آخر لحظة، قبل أن يبايع المولى عبد الحفيظ في 1907. كافأه الأخير بتعيينه وزيرًا للخارجية (وزارة البحرية حسب المصطلحات المخزنية)، كما عُرف بمعارضته للحماية الفرنسية وسعيه للتحالف مع ألمانيا لمواجهة الأطماع الاستعمارية الفرنسية.
العزل والنفي
بعد توقيع معاهدة الحماية، قررت السلطات الفرنسية عزله ونفيه إلى سلا، حيث عاش في الإقامة الجبرية بين 1914 و1924، وهي السنة التي توفي فيها. ونُقل جثمانه إلى مسقط رأسه حيث جرى له تشييع كبير من ساكنة عبدة، ما يعكس مكانته بين أبناء منطقته.
شخصيته وتقييماته المتناقضة
تميز عيسى بن عمر بشخصية صارمة وذكية كما وصفه فريدريك فايسغربر. عُرف بتدينه وحبه لمجالسة العلماء، مثل بوشعيب الدكالي. ورغم قسوته وبطشه، لم يكن زاهدًا في حياة الترف والمجون، بل عاش حياة أقرب إلى الزهد والبساطة. وقد أثارت شخصيته جدلاً في الذاكرة التاريخية المغربية، حيث يراه البعض رمزًا للقسوة والبطش، بينما يراه آخرون شخصية وطنية اضطرت لاتخاذ تدابير صارمة للحفاظ على استقرار المنطقة في فترة حرجة.
الامتداد الثقافي لشخصيته
خربوشة: تعتبر رمزا لمقاومة أولاد زيد ضد القايد عيسى، وتغنت بقصائد تعبر عن رفضها لظلمه واستبداده، ومن أشهر قصائدها: "أنا عبـــــــدة لــعبــــدة ولسي عيســـى...".
رواية المغاربة لعبد الكريم الجويطي: تناولت شخصية عيسى بن عمر، متطرقة إلى أسلوبه في الحكم وكيفية إخضاع وقمع الساكنة، مما يعكس تأثيره في تلك المرحلة التاريخية.
خربوشة، رمز مقاومة ولاد زيد ضد القايد عيسى
تحضر شخصية عيسى بن عمر في الفصول التي تروي معايشة باشا بني ملال لقايد عبدة وتتلمذه على يديه في أصول الحكم وكيفية إخضاع وقمع الساكنة.
قصائد العيطة المنسوبة لخربوشة، التي كانت رمزا لمقاومة ولاد زيد ضد القايد عيسى، ومن أشهر ما نظمت:
"أنا عبـــــــدة لــعبــــدة ولسي عيســـى لا وزيـــدوا آولاد زيـــد راه لحال باقي بعيد نـــــوضـــة نوضـــــة حتى لبولقـشـــــــور ضــــربة ضــــربــــة حتى لباب السي قدور بغـيت السيــــــبـــــــة ما بغـــيــت حـكــام من دابا تمن ايـــــــام عليك أعيسى الثمري سير آعيسى بن عمر آوكـال الجـــــــيـفـة آقتــــال خــــوتـــــــو آمــحـلـل لـــــحـرام سير عمَر الظالــــــم مايـــروح ســالــــم عمـــــَر العـــلفــــــة ماتـــزيـد بـلا علَام راه حلفت الجمـــعة مـــعا الــــثــــلات يا عـــــــويـــســـــى فـيـــك لابـــقــــات"
ﺧﺮﺑﻮﺷﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ
قصة خربوشة هي حكاية امرأة من الرعية انتفض قومها ضد الظلم، فصارت شاعرة ثورتهم تجلس إلى المقاتلين، وتنشدهم قصائد الحماسة. ولم تذخر جهدا في تسليط لسانها على عدوها، عيسى بن عمر العبدي أحد أكبر قواد المغرب، قبل أن تدور على قومها الدائرة وتجد نفسها في سجن عدوها.
رغم أن عيسى بن عمر ارتبطت باسمه العديد من الأحداث الدموية، إلا أن دوره كقائد محلي في فترة مضطربة يظل جزءًا معقدًا من تاريخ المغرب، يعكس تحديات المرحلة والتناقضات التي واجهتها البلاد في وجه التدخلات الأجنبية والتغييرات السياسية.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.