أخر الاخبار

هكذا جعل المرينيون مدينة طنجة منطلق الجهاد نحو الأندلس

هكذا جعل المرينيون مدينة طنجة منطلق الجهاد نحو الأندلس


محمد سعيد  

كانت طنجة هي نقطة العبور نحو فتح الاندلس منذ أول حملة قادها القائد الاسلامي الشهير طارق بن زياد في سنة 711م إلى اخر حملة اكتمل فيها الفتح الاسلامي في الاندلس، أو بالاحرى عندما توقف الفتح في جنوب فرنسا بعد معركة بلاط الشهداء سنة 732م.

وبعد مرحلة الفتح، استمرت طنجة في أداء دورها كمركز لانطلاق الحملات الجهادية خلال حروب ما سمي بالاسترداد التي قادها المسيحيون القشتاليون عبر حقب متوالية. ولم تتوقف عن أداء مهمتها إلا بعد سقوطها في يد الاحتلال البرتغالي سنة 1471م، وهو ما عجل بسقوط الاندلس بعد سنوات قليلة بسقوط أخل معقل للمسلمين، وهي مملكة غرناطة سنة 1492م.

لكن خلال تلك الفترات الطويلة من فتح الاندلس إلى سقوط طنجة في يد البرتغاليين، اشتهرت طنجة كمركز لانطلاق الحملات الجهادية في عصر المرينيين بالضبط أكثر من الدول الاخرى التي حكمت المغرب كدولة المرابطين ودولة الموحدين وغيرهما.
وحسب المؤرخ الراحل عبد الصمد العشاب في كتابه "من أعلام طنجة في العلم والادب والسياسة" في الصفحة 250، فإن ملوك بني مرين جعلوا طنجة مركزا لانطلاق حملات الجهاد في الاندلس، ومن ثم فإن عددا من ملوك وأمراء المرينيين ترددوا على طنجة لهذا الغرض ومنهم من أقام بها وتوفي على أرضها.

ووفق ذات الكتاب، فقد حل بطنجة أربع مرات السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني في عام 1274م، وفي 1278م، ومرتين في سنة 1289م، وكلها كانت بغرض الاعداد واجتياز مضيق جبل طارق للجهاد في الاندلس وردع المسيحيين المتربصين بالمسلمين هناك.
وفي سنة 1279م قدم الأمير يوسف بن يعقوب المريني إلى طنجة على رأس جيش عظيم أرسله والده للقتال في الأندلس، ثم عاد يوسف بن يعقوب المريني مرة أخرى إلى طنجة لأخذ البيعة لنفسه بعدما مات والده في الأندلس سنة 1286م، وهذا يبرز الاهمية الكبرى لطنجة أنذاك لاتخاذها مكانا للبيعة.

ويدل الاهتمام المريني بطنجة، بجعلها مركزا شبه دائما لإقامتهم، على القلاقل والتهديدات المسيحية التي بدأت تتصاعد في الاندلس ضد المسلمين، حيث تردد جل الملوك المرينيين على طنجة خلال حقبتهم لتنظيم الحملات الجهادية المنطلقة للأندلس للجهاد.
وأدرج المؤرخ عبد الصمد العشاب في كتابه المذكور أسماء الملوك المرينيين الذي أقاموا بطنجة، إضافة لما تم ذكره فوق، منهم السلطان أبو ثابت المريني الذي توفي بطنجة سنة 1308م، ثم بويع أخوه الملقب بأبي الربيع بطنجة في السنة ذاتها.

وفي سنة 1316م زار طنجة السلطان أبو سعيد المريني، في حين أن سنة 1373م شهدت طنجة بيعة السلطان المريني أبو العباس، بينما سنة بعد ذلك، كان السلطان أبو سالم المريني في شبه اقامة طويلة بطنجة.


هذا الحضور المريني الكبير في طنجة خلال دولتهم، جعل طنجة في حقبتهم اكثر المراكز أهمية في المغرب أنذاك لإنطلاق المجاهدين نحو الاندلس، وهي الحقبة التي اشتهرت فيها طنجة بهذا الدور دون غيرها من الفترات الاخرى في تاريخها.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -