رشيد أكشار
الحديث عن فتح البلدان و إخضاعها للإسلام خاصة في حالة دول المغرب العربي قد يكون رهين الحديث عن اقتتال و قتال و سفك الدماء و أسرت الجيوش و سبي النساء و ترميل أخريات. إلا أن الحديث عن فتوحات إسلامية لبلدان في أقاصي الأرض، من خلال فرد واحد، و دون جيش، أمر نادر الحدوث إلا في العهد الأول، كقصة الصحابي معاذ من جبل مع أهل اليمن. أما إنجاز هذا الفتح بحقن الدم بدل سفكه فقد لا تتكرر فيه قصة كقصة داعية "بربري" مر دون سابق تخطيط بأرض جزر المالديف، ليخلف وراءه أمة مسلمة لا زال يدين لها بالشيء الكثير.
إذا كانت كلمة "البربري" تُثير اشمئزاز الكثير من الأمازيغ بسبب أصل إطلاقها، و تضُّمنها لمعنى قدحيٍّ في وصف الشعب الأمازيغي الذي استوطن شمال أفريقيا و الصحراء، لعشرات القرون ما قبل الميلاد؛ فإن ذات الكلمة تُعد من بين الأكثرِ احتراما و إجلالا لدى شعب جزر المالديف. لا لأصولهم - الهندية - التي لا تمت للأمازيغ بصلة، و لكن استحضارا للحظة تاريخية فارقة، حسمت في مصير الشعب المالديفي قبل 8 قرون و نصف، حين حطَّ داعية أمازيغي مغربي رحاله صدفةً بإحدى الجزر البالغ عددها 1087 جزيرة، التي يتكون منها الأرخبيل المالديفي.
نبذة تاريخية
تعود أصول المالديفيين إلى نازحين بوذيين من الهند و سريلانكا في القرن الخامس قبل الميلاد، و قد ظلت البوذية هي الديانة الرسمية لتلك الجزر إلى حدود أواسط القرن الثاني عشر، حين انتقلت الدولة كاملة شعبا و حكومة في أقل من شهرين إلى دين الإسلام، بعد حادثة تاريخية سجّلها وصول الداعية الإسلامي الأمازيغي "أبو البركات يوسف البربري" إلى إحدى هذه الجزر، موقعا على بداية جديدة لبلد لم يعرف غير البوذية في أبشع صورها تديُنا.
عادات بوذية قبل وصول أبي البركات البربري
تُثبت العديد من الروايات التاريخية، و الكثير من العادات المالديفية التي لازالت مرتبطة بتلك الحقبة من خلال فلكلورات سنوية تؤرخ لتلك المرحلة، أن البوذية في تلك الجزر كانت رهينة الكثير من العادات المجتمعية و الدينية التي أرهقت كاهل السكان، و ضنَّكت عليهم حياتهم اليومية. و من ذلك، عادة دينية سائدة في الجزر تقضي بتقديم قربان بشري لما كان يسمى لديهم بـ"شيطان البحر" أو "امرأة البحر" و المعروف محليا بـ "Rannamaari"، حيث كانت القبائل تقترع مرة كل شهر بين فتيات الجزر الصغيرات أيُّهن تُقدم قربانا لـ"راناماري" من أجل إرضائها و كف غضبها عن السكان، فكانت تُحمل إلى شاطئ البحر و تُوضع مقيَّدة داخل كوخٍ يُطل على البحر ليلا، ليعودوا في الصباح التالي و قد تمزق جسد الفتاة و استحال أشلاء متناثرة في المكان، لحرق ما تبقى من الجثة وفق طقوس البوذية المعروفة، ليعود "راناماري" إلى عمق البحر ضاربا موعدا آخر مع ضحية أخرى بعد شهر.
وصول أبي البركات البربري
رجل في منتصف العمر، غريب الملامح، بوجه غير ملتحٍ، يحط رحاله سائحا بجزيرة "كيندهو – kendhoo" بأرخبيل "باا - Baa" يوم 24 يونيو 1153 م ، لينزل ضيفاً على سيدة عجوز، و يبيت ليلته هناك، و تبدأ أولى الأحداث التي ستُحول دولة بأكملها إلى الإسلام في اليومين اللاحقين. يقول إبن بطوطة في كتابه "تُحفةُ النُّظار: "ثم إنهم قدم عليهم مغربي يسمى بأبي البركات البربري، وكان حافظا للقرآن العظيم، فنزل بدار عجوز منهم بجزيرة المهل، فدخل عليها يوما، وقد جمعت أهلها، وهنَّ يبكين كأنهن في مأتم. فاستفهمهنَّ عن شأنهنَّ، فلم يفهمنه. فأتى ترجمانٌ فأخبره أن العجوز كانت القُرعة عليها، وليس لها إلا بنت واحدة، يقتلها العفريت
لم تكُن أخلاق الأمازيغ و ردُّ دين كرم الضِّيافة التي اشتهروا به إلا لتدفع أبي البركات مسلَّحا بعلمه الشرعي إلى وضع حد لسفك دماء الأبرياء ضحايا المعتقدات الباطلة التي سفكت من دماء بنات تلك الجزر المئات دون وجه حق، و في هذا يقول إبن بطوطة: "فقال لها أبو البركات: أنا أتوجه عوضا من ابنتك بالليل ... فاحتملوه تلك الليلة، وأدخلوه إلى بدخانة، وهو متوضئ. وأقام يتلو القرآن، ثم ظهر له العفريت من الطاق، فداوم التلاوة، فلما كان منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر" و بذلك يكون أبو البركات قد سجل أول عودةٍ للجنِّي المعتدي من حيث جاء، دون أن يظفر بقربانه المألوف. و قد تحدثت مصادر "دِيهيفية" توثق للحادثة عن تقمُّص أبي البركات لشخص أنثى صغيرة، ليتم نقله من قبل القرويين على نعش و هم لا يعلمون عن هويته شيئا، بعد سابق تنسيق مع العجوز أم الفتاة المفديَّةِ، على ألا تبوح لأحد بسرِّهما حتى يقضي الله أمره فيما ينوون. و بذلك يكون أبو البركات أول من تلا كتاب الله في جزر المالديف و المحيط الهندي.
جرياً على عادتهم صبيحة كل يوم يلي ليلةَ تقديم القربان؛ اتجه أعيان القرية و من معهم إلى المحل قصد نقل ما تبقى من الفتاة لإحراقه، إلا أنهم فوجئوا برجل يقرأ كلاما غريبا عن أفهامهم و لسانهم، و بلحنٍ خاص. يقول إبن بطوطة:"فجاءت العجوز وأهلها وأهل الجزيرة، ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها، فوجدوا المغربي يتلو، فمضوا به إلى ملكهم، وكان يسمى "شنورازة" ... وأعلموه بخبره، فعجب"
مثول أبي البركات أمام الملك كان فرصته السانحة لتصحيح معتقدات بوذية باطلة و تعبيد الشعب "المهلدبي" لله وحده، بعيدا عن الطقوس الخرافية الظَّلامية الرِّجعية التي جعلت مُنتسبي هذا الدين أسرى الخرافة، موقفٌ يذكر بمثول نبي الله يوسف عليه السلام أمام ملك مصر بعد محنة السجن. و عن هذه اللحظة يقول إبن بطوطة أيضا: " وعرض المغربي عليه الإسلام، ورغَّبَهُ فيه. فقال له أقم عندنا إلى الشهر الآخر، فإن فعلت كفعلك، ونجوت من العفريت أسلمت. فأقام عندهم. وشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر، وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته. ثم حمل المغربي لما دخل الشهر إلى بِدخانة، ولم يأت العفريت، فجعل يتلو حتى الصباح. وجاء السلطان والناس معه فوجدوه على حاله من التلاوة، فكسروا الأصنام، وهدموا البدخانة، وأسلم أهل الجزيرة، وبعثوا إلى سائر الجزائر فأسلم أهلها."
بعد أن فتح عابر السبيل أبي البركات دولة جديدة عن غير قصد و لا إراقة قطرة دم، أقبل المالديفيون على معلمهم الأول كل الإقبال، فتم تأسيس أول مسجد باسم "أبي البركات". و بحكم المذهب المالكي الذي لا يعرف المغاربة حينها غيره، دان شعب المالديف بالمذهب المالكي، فنزلوا على أحكام المذهب، و حطَّموا الأصنام، و ندموا على ما أراقوا من دماء بناتهم، في مشهد يذكر بحال قريش و المنطقة العربية بعد دخولها في الإسلام، أوجه شبه تتجلى في العكوف على الأصنام و وأد – قتل – البنات و تعظيم الجان و احتقار المرأة. إلى أن كتب الله الهداية على يد أمازيغي عابر سبيل لم يكن ليدور بخلده ما قد تسفر عنه رحلته السياحية. يقول إبن بطوطة : "وأقام المغربيُّ عندهم مُعظما، وتمذهبوا بمَذهبه مذهبِ الإمام مالك رضي الله عنه. وهم إلى هذا العهد يُعظمون المغاربةَ بسببهِ، وبنى مسجدا هو معروف باسمه" و عرفانا منه بجميل أبي البركات، طلب الملك الملديفيُّ- المسلم حديثا- من أبي البركات أن ينقش على لوحة تذكارا يُشير فيه إلى تاريخ إسلام الملك على يده، و هي اللوحة التي لازالت محفوظة إلى حد الآن، و عنها يقول المؤرخ المغربي عبد الهادي التازي في محاضرة له قبل أيام: " كما أن النقش الموجود فيها يعتبر أقدم خط عربي في المالديف إن لم يكن أقدم خط عربي في إقليم المحيط الهندي كله، وأعتقد أنه من المفيد جدا أن نقف مع بعض المعلومات التاريخية التي قدمتها لنا هذه اللوحة أو «الكايزة» كما نسميها في المغرب والتي تعتبر مصدرا - جد مهم - في التاريخ الإسلامي لهذه الجزر." بهذا يكون أبو البركات أسوة بأسلافه الأمازيغ من الدعاة الفاتحين كطارق بن زياد و عبد الله بن ياسين، قد سجل ولوج الإسلام و العربية إلى المحيط الهندي لأول مرة في التاريخ على يديه. و هي المعلومة التي قد لا يعلم عنها كثيرون شيئا.
صور من منزل "أبو البركات" في جزيرة كيندهو
كما قام الملك بتغيير إسمه بإيعاز من أبي البركات إلى "محمد بن عبد الله" تشبها باسم رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما قام بتخصيص ثلث مداخيل الجزر لعابري السبيل ردا لجميلهم، و في ذلك يقول إبن بطوطة: "وقرأت على مقصورة الجامع منقوشا في الخشب أسلم السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركات البربري المغربي. وجعل ذلك السلطان ثلث مجابي الجزائر صدقة على أبناء السبيل، إذ كان إسلامه بسببهم. فسمي على ذلك حتى الآن."
بعد تثبيته الإسلام في نحو ألفي جزيرة مجموع الجزر آنذاك، أشرف أبو البركات على بناء عشرات المساجد في شتى الجزر، و قام بشخصه يعلم الناس أحكام الدين و عقيدة التوحيد، فوقع المالديفيون على آلهة الأمس يحطمونه و يرمونها في البحر، حتى باتت الجزر خالية من أي صنم أو تمثال أو أي علامة تدل على الديانة البوذية التي كانت مستحكمة فيها قبل شهرين فقط! و يُرجع بعض الباحثين أسباب إقبال المالديفيين على الإسلام بهذا الشكل السريع إلى أمرين اثنين أساسيين: شدة حاجتهم إلى مخلِّصٍ من طقوس البوذية الدموية التي أخذت منهم فلذات أكبادهم، و شدة طاعتهم لملوكهم و احترامهم لهم. و هو ما جعل المالديفيين من أكثر الشعوب الاسلامية محافظة على دينها في المنطقة إلى يومنا هذا.
إبن بطوطة يدرك ثمار شجرة أبي البركات
يقول بعد بلوغه جزر ذيبة المهل (جزر الملديف): "وهذه الجزائر أهلها كلهم مسلمون ذوو ديانة وصلاح" و يضيف أن المالديفيين قوم متشبثون بدينهم على نحو يثير الإعجاب رغم بعض المخلفات القديمة التي استعصت على الإصلاح، منها عدم تكيُّف النساء مع اللباس الساتر، مكتفيات بنمط تزيُّيهن، المقتصر على قطعة قماش تستر ما دون السرة على طريقة الهنديات دون ستر الشعر. يقول إبن بطوطة الذي عمل في الجزر قاضيا مدة طويلة: "ونساؤها لا يغطين رؤوسهن، ولا سلطانتهم تغطي رأسها. ويمشطن شعورهن، ويجمعنها إلى جهة واحدة. ولا يلبسن أكثرهن إلا فوطة واحدة تسترها من السرة إلى أسفل، وسائر أجسادهن مكشوفة. وكذلك يمشين في الأسواق وغيرها. ولقد جهدت لما وليت القضاء بها أن أقطع تلك العادة وآمرهن باللباس، فلم أستطع ذلك. فكنت لا تدخل إلي منهن امرأة في خصومة إلا مسترة الجسد، وما عدا ذلك لم تكن عليه قدرة".
المالديف و تطبيق الشريعة
مما لا يعرفه أكثر مسلمي عصرنا اليوم، أن جزر المالديف هي الدولة الشرق آسيوية الوحيدة التي تمثل نسبة المسلمين فيها 100%، كما لازالت رغم الدعوات المناوئة لها تحافظ على تطبيق الشريعة الإسلامية في بابي "الحدود" و "المواريث"، حيث ينص القانون المالديفي على ضرورة أن يكون كل حامل لجنسية المالديف مسلماً، و تسقط بمجرد الإعلان عن تغيير الدين، و لا تعطى الجنسية لغير المسلمين لأي سبب كان.
عن مسألة تطبيق الحدود الشرعية من جلد و إقامة أحكام القصاص القائمة منذ إسلام الدولة المالديفية على يد الداعية يوسف البربري، فإن المالديفيين حريصون غاية الحرص على تطبيقها دون محاباة أو مداهنة أحد، باستثناء حُكمي الرجم (المتعلق بالزنى) و قطع اليد (المتعلق بالسرقة) لأسباب تاريخية و معاصرة. فمن جهة تاريخ شعب المنطقة المعروف بمسالمته، فإن حكم قطع اليد كان مرفوضا بينهم لأسباب إنسانية، و عن هذا يقول إبن بطوطة: " وأهل هذه الجزائر أهل صلاح وديانة وإيمان صحيح ونية صادقة، أكلهم حلال، دعاؤهم مجاب. وإذا رأى الإنسان أحدهم قال له: الله ربي ومحمد نبيي وأنا أمي مسكين. وأبدانهم ضعيفة، ولا عهد لهم بالقتال والمحاربة، وسلاحهم الدعاء. ولقد أمرت مرة بقطع يد سارق بها، فغشي على جماعة منهم كانوا بالمجلس."
و عن هذا الأمر، يقول وزير الشؤون الإسلامية المالديفي محمد علي شهيم في حوار مع "الرأي" الكويتية: "الدستور المالديفي من الدساتير النادرة في العالم الاسلامي، لأنه يعطي قوة دستورية للمحافظة على الاسلام" و يقول الكاتب الصحفي المصري محمد بيومي في مقال مطول له عن المالديف: "كما أن جميع الحدود مطبقّة في المالديف ـ ماعدا الرجم وقطع يد السارق ـ حيث تتلاشى جرائم السرقة و ارتكاب الرذائل .. بسبب تمسك أبناء هذا الشعب المسلم بتعاليم وهدى الدين الإسلامي الحنيف".
شجرة أبي البركات تستعصي على معاول التشييع و التنصير و البوذية
منذ أن غرس أبو البركات البربري شجرة التوحيد و العقيدة الاسلامية الصحيحة بجزر المالديف، لم يعرف هذا البلد دينا آخر أو عقيدة أخرى مخالفة لذاك المنهج. فرغم العديد من المحاولات التي استهدفت وضع نواة أولى للنصرانية في الجزر، إلا أن المبشرين يصطدمون في كل مرة بتمسُّك أحفاد أبي البركات بعقيدتهم، رغم الإغراءات المادية الكثيرة التي يتعرضون لها، سواء عبر الإرساليات البريديَّة، أو عن طريق الطلاب و المهاجرين المالديفيين القاطنين خارج الجزر.
قبل سنتين و نصف، رضخت الحكومة المالديفية لمطالب أولياء أمور تلاميذ مدرسة بجزيرة "فواكيندهو" بترحيل المدرسة النصرانية الهندية "جيثاما جورج" بعدما رسمت صليبا على سبورة الفصل، رغم محاولات الدفاع عن نفسها أمام المسؤولين و الأولياء، كونها لم تقصد الصليب إنما كانت تهم برسم بوصلة !.
موقف مماثل يعبر عن مدى تمسك المالديفيين بدينهم، سنة قبل ترحيل المدرسة الهندية، قضت محكمة المالديف بترحيل أسرة أمريكية ثبت قيامها بأنشطة تنصيرية بين سكان جزيرة "كينبيدو"، بعد أن ترصدها مجموعة من الشباب السلفي بالجزيرة كما صرح بذلك ممثلهم "عبد الله بن محمد إبراهيم".
سنة بعد ترحيل الأسرة الأمريكية، قامت إدارة المقاطعة الجنوبية في الجزر بطرد مدرس هندي توالت إساءاته و مخالفاته للإسلام، بعد أن تحدث للتلاميذ في امتحان مدرسي عن أهمية دين المسيحية و كونه دينا سماويا يستحق الإحترام، ليتم القبض عليه ثم إطلاق سراحه و ترحيله.
و عن هذه الأنشطة يقول محمد علي شهيم :" للأسف هناك بعض المنظمات التي تدخل البلاد تحت شعارات إنسانية، لكنها في حقيقة الأمر تقوم بأعمال تنصيرية، وتستهدف اغواء الشباب واغرائه بالمخدرات، وتجنيده لاثارة الشبهات حول الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، هذا في الوقت الذي لا توجد فيه أى منظمات إسلامية على الساحة المالديفية"، نافيا وجود أي معبد و لو "أثري" لأي ديانة أخرى بما فيها البوذية و النصرانية. فقد وقفت المالديف سابقا في وجه رئيسها السابق "نشيد" الذي كاد يودي بالبلد إلى الهاوية، حين اشتد الحديث عن إمكانية بناء كنيسة في العاصمة "ماله" رغم عدم وجود أي نصراني في الجزر! و عن هذا الأمر أيضا يقول عميد كلية الدراسات الإسلامية في المالديف إبراهيم رشيد موسى، أن المنصِّرين يطمحون إلى بناء كنيسة واحدة على الأقل في الجزر بحلول عام 2050 !
البوذيُّون الهنود من جانبهم جرَّبوا حظهم مع المالديف، لعلَّهم يعيدونها إلى عبادة الجن و الأوثان و الخرافات. و عن هذه المحاولة يقول شهيم : "وقد سقطت هذه الحكومة لإثر موجة من الاحتجاجات، ولعل أكبر ذنوب هذا المنهج عقد 3 اتفاقيات مع إسرائيل لاصلاح نظام التعليم والنظام السياحي والصحي في المالديف، بواسطة إسرائيل إضافة الى وضع تماثيل بوذا في جنوب المالديف من خلال منظمة دولية لـ7 دول من جنوب شرقي آسيا، يجتمعون كل عام في بلد كان آخرها العام الماضي في المالديف بوضع تمثال لكل دولة، وجاءوا بتمثال بوذا إحدى الدول، وبدأ بعض العمال الهنود في الذهاب لعبادته، فما كان من المالديفيين إلا أن أعربوا عن رفضهم لذلك، بل وقام الرئيس السابق محمد نشيد بحبس قاضي قضاة محكمة الجنايات، لخلاف على هذه المسألة ثم خرج الناس في العاصمة لمدة 22 يوما للإفراج عن القاضي، وهدم هذه الأصنام. وأمر نشيد بضرب المتظاهرين، لكن الناس في المالديف يعرف بعضهم بعضا، ورفضت الشرطة الامتثال لأمره، فأمر الجيش بضرب الشرطة، فرفض فما كان منه إلا أن تنحى عن الحكم، بعد أن أصبح وحيدا وتولى نائبه الدكتور محمد وحيد رئاسة الدولة".
الشيعة أنفسهم حاولوا مدَّ فكرهم إلى جزر المالديف الساحرة، و ذلك عن طريق شيعة الهند القريبين منها، و عن طريق محاولة تزوير هوية الفاتح الأمازيغي أبي البركات و ادعاء كونه فارسيا في الأصل، رغم تواتر الأدلة التاريخية و الأثرية و الدينية على مغربيته و أمازيغيته. إلا أن أكبر عقبة تقف في وجه حملات التشيي، هي القانون المالديفي الذي لا يسمح حتى بتغيير المذهب السني للبلد، و المتمثل في اتباع المذهي الشافعي. إلا أن استعصاء النفوس المالديفية على غير السنة، دفع بمراكز الدراسات الشيعية إلى ادعاء أرقام زائفة لا تمت للواقع بصلة، عند حديثهم عن نسبة 6% من الشيعة الإمامية من سكان المالديف.
المالديفيون و قبر أبي البركات
لا يكاد يمر أي مواطن مالديفي بضريح أبي البركات إلا رفع أكف الدعاء له بالرحمة و المغفرة جزاء ما قدم للجزر، ففي أرقى شوارع العاصمة "ماله" يرقد فاتح جزر المالديف "أبو البركات البربري" داخل مبنى فخم بُني خصيصا لهذا الغرض سنة 1956 م، و يعد المبنى الأكثر حظوة بالاحترام من قبل المالديفيين في المدينة.
اعتاد بعض الزائرين أداء صلواتهم داخل الضريح بعد فترة بنائه، إلا أن الحكومة المحلية حينها أصدرت قانونا سنة 1957 بمنع الصلاة فيه، حفاظا على العقيدة الإسلامية و سدا للباب المفضي إلى تقديس المقابر و الأولياء.
منزل أبي البركات بجزيرة كيندهو تحفة تاريخية
لا يزال مقام أبي البركات البربري بجزيرة كندهو وسط جمهورية المالديف سليما كما بناه، منزل بسيط يؤكد المعروف من سيرته بكونه عفيفا و بعيدا عن الطمع في الجاه و السلطة و النفوذ، رغم كون المالديف كانت تعظمه أكثر مما طانت تعظم الملك نفسه، بعد أن اثبت لهم قدرته على طمس كابوسهم "رينامارا" أما أعينهم و بحضور الملك. إلا أن المالديفيين لا يخصون هذا البيت بكثير من التقديس كما تفعل الشعوب عادة بقبور الفاتحين، لسبب واحد و هو اقتناعهم بحرمة هذا التعظيم كما تعملوا منه و ممن لحقهم من تلامذته الذين تمدرسوا على يديه.
رغم عدم مطابقة بناء بيته للهندسة المغربية المعروفة، إلا أن شكله الخارجي يوحي بلا شك بشيء يدل على الهندسة المعمارية المغربية، كما هو واضح من الأعمدة و الأقواس التي تزين واجهته الخارجية.
المغرب و جزر المالديف أي علاقات
إذا كانت الدول تحافظ أكثر ما تحافظ على علاقاتها الاقتصادية و السياسية و الاقتصادية بالدول التي احتلتها سابقا و استغلت ثرواتها حفاظا على نفوذها و استمرار شيوع ثقافتها و بقاء مصالحها الاقتصادية رغما عن أنفها، فإننا نسجل مع كامل الأسف غياب أي علاقات ثنائية بين جزر المالديف و المغرب، رغم فضل المغاربة على المالديفيين و حب هؤلاء للشعب المغربي منذ القدم، منذ الأيام الأولى لوصول أبي البركات إلى الجزر.
ففي ظل غياب أي تمثيل ديبلوماسي بين البلدين، تظل العلاقات التاريخية مجرد ذكرى يتذكرها الذاكرون في مناسبات وطنية، في الوقت الذي تحرص فيه أمم على استغلال أي رابط حقيقي أو مُصطنع بكيانات جغرافية إقليمية لبسط سيطرتها عليها، و جعلها امتدادا لها و لتاريخها
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.