أخر الاخبار

وثائق فرنسية ـ23ـ شعارات تُربك زيارة عدي وبيهي إلى الريصاني

وثائق فرنسية ـ23ـ شعارات تُربك زيارة عدي وبيهي إلى الريصاني

ميمون أم العيد

غداة تعيينه عاملا على تافيلالت من قبَل السلطان محمد الخامس في دجنبر 1955، حرص عدي وبيهي على تطبيق تعليمات حكومة البكاي الأولى التي أمرته بالاحتكاك والتواصل المباشر بالساكنة.

وإسوة بالتقارير السابقة التي حررتها الاستعلامات الفرنسية عن جميع تحركاته، نورد في هذا المقال تقريرا حرره أحد المسؤولين العسكريين الفرنسيين بمنطقة تافيلالت، ويتحدث عن زيارة العامل الجديد للريصاني قبيل الإعلان الرسمي لاستقلال المغرب، وأهم الأحداث التي وقعت في هذه الزيارة، والخطابات التي تم الترويج لها أثناء ذلك بحسب هذه الوثائق الفرنسية المحتفظ بها في مركز الأرشيف الدبلوماسي بنانت.

قيادات الاستقلال

"يشرفني أن أنقل إليكم تقريرا عن الأوضاع التي مرت فيها الزيارة الرسمية للعامل عدي وبيهي يوم 29 دجنبر 1955 للريصاني"، هكذا افتتح العسكري الفرنسي هذا التقرير مضيفا: "لقد أُعطيت الأوامر للقياد والشيوخ لإعداد استقبال رسمي كما هو متعارف عليه في الريصاني، لكنه منذ الساعات الأولى من الصباح وتنظيم الاستقبال أصبح كله بين يدي قيادات الاستقلال بالمنطقة".

وقد تحدث محرر هذا التقرير عن الأجواء في الريصاني قبل حضور العامل وطبيعة الأشخاص الذين حضروا هذا الاستقبال الرسمي، فكتب بأن "تسعين في المائة من شبيبة تافيلالت تجندت وأخذت مكانها في نظام، في خطوات منتظمة يرددون الشعارات الشعبية وأغان على شرف عدي وبيهي، في مقابل ذلك هناك نسبة قليلة من الساكنة وهم كهول لم تلتزم كثيرا بأوامر المنظمين".

ويستمر نفس الكاتب في وصف أجواء وصول ابن كراندو إلى الريصاني: "بعد خطوات قليلة في مكان الاستقبال، عبّر عدي وبيهي عن رغبته في الحديث مع الشيوخ والوجهاء، فتمت دعوتهم للحضور داخل مكتب الشؤون الأهلية". ثم يوضح: "كان عدد الذين تم استدعاؤهم أربعون شخصا تقريبا، فتبعهم كل الذين كانوا على متن الـ24 سيارة المشكلة للموكب الذي كان قادما من مكناس، فاس وبرشيد".

إدغار فور

يحيل محرر التقرير إلى تسلل أشخاص لم يتم استدعاؤهم رفقة المدعوين إلى داخل باحة مكتب الشؤون الأهلية بالريصاني، إذ يزيد مؤكدا أنه "لوحظ القايد السابق بن المهدي والمقدم السابق لمولاي علي الشريف في الصف الأول".

وأضاف: "بعد كلمة العقيد رئيس دائرة أرفود الترحيبية، وكلمة العامل عدي وبيهي الذي أعلن مرة أخرى إلغاء كل أشكال السخرة والخدمات، صاح أحد الحاضرين بالعربية وبالفرنسية: عاش المغرب، عاش الاستقلال، عاش علال الفاسي، عاشت الحرية، عاش إدغار فور".

قد يتفهم المرء أن يصيح مغربي بحرية بلاده واستقلالها وبحياة زعمائها، لكن هذا الفيلالي صاح كذلك بحياة رئيس الوزراء الفرنسي في ذلك الوقت Edgar Faure ، بل "ردد ذلك عدة مرات" بحسب محرر التقرير ثم ختم هتافه بـ"عاش القايد بن المهدي" يورد المصدر نفسه.

ثم علق العسكري الفرنسي على هذا الأمر بقوله: "إن هذا الحادث قد أفقد هذا الاجتماع طابعه الرسمي، كان من الممكن أن تقع مظاهرة في الخارج، لكن ليس داخل مكتب للشؤون الأهلية".

ثم أردف: "لتفادي أي خطإ، كان يكفي أن تصدر الأوامر.. لكن رئيس الملحقة لم يستطع نفسه على ما يبدو أن يمنع القائد السابق (بن المهدي) من ولوج مكتب الشؤون الأهلية، لذلك فإن ثمن ذلك كان مؤكدا".

قصر أبوعام

لم يتحدث التقرير عما دار في الاجتماع بين عدي وبيهي والأعيان المدعوين، وإن أقر بأن الأمور بدأت بالانفلات، أولا بدخول أشخاص لم ترغب السلطات في حضورهم، وكذلك بترديد الشعارات داخل باحة مكتب الشؤون الأهلية، ولم تتم الإشارة في هذه الوثيقة سوى إلى إعلان عدي وبيهي نهاية أعمال السخرة والخدمات المجانية، وهذا أمر تم تكراره كثيرا.

وقد استطرد محرر هذه الوثيقة بأنه تم التنقل لتناول الغذاء في قصر أبوعام دون وقوع أي حادث مهما كان؛ لكن عقد اجتماع رسمي بهذا القصر اختيار سيء، لأن غالبية الساكنة يكنون مشاعر عداوة للفرنسيين".

وكي يستدل محرر الوثيقة على هذه العداوة التي يقول بأن غالبية الساكنة يكنونها للفرنسيين، فقد أورد في فقرة أخرى بأن "بمجرد انطلاق سلطات المراقبة قام مولاي هاشم رئيس ديوان العامل بزيارة مقر رئيس الملحقة، وعبر له عن رغبته في رؤية العلم المغربي يرفرف إلى جانب الألوان الفرنسية في مكتب الشؤون الأهلية، وهذا طلب من طرف ساكنة أبوعام. وقد أجابه العقيد بأن الأوامر لذلك سوف تصدر الآن".

يتبع..
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -