أخر الاخبار

حن المالح: لهذا أنا إسرائيلية مغربية

نشرت جريدة هآرتس الإسرائيلية مؤخرا يوميات سفر حققت تفاعلا كبيرا لفنانة الـ"دي جي" والكاتبة، حن المالح، تسرد فيها مشاهد من رحلة البحث عن جذورها في "أرض الأجداد" المغرب.

في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" تعود المالح إلى هذا السفر، وتشرح معنى "أن تكون مغربيا إسرائيليا اليوم".

Résultat de recherche d'images pour "‫حن المالح‬‎"

نص الحوار:

ماذا يعني أن تكوني إسرائيلية مغربية؟
هذا يعني أنني ابنة لمغاربة يهود كانوا جزءا من حدث تاريخي دفعهم ليغادروا الديار التي سكنوها لآلاف السنين، ويهاجروا - لسبب أو لآخر - إلى مكان جديد.

لم يتطلب الأمر الكثير لإقناعهم بمغادرة منازلهم، لأن "الدولة الجديدة"، كانت أرضا قديمة يعرفونها ويصلّون لها كل يوم ويتطلعون إليها.

ما لم يعرفوه هو أن الحكومة وكل التنظيمات التي ارتبطت بإقامة هذه الدولة كانت تعد لهم مخططات أخرى.

فقد أسكنوهم مناطق بعيدة عن المدن النامية، في "مدن أشباح" بالصحراء أو في الشمال البعيد بمستوطنات على الحدود مع العدو، وجعلوهم معتمدين بشكل كلي على السلطات والمكاتب الحكومية في كل جوانب الحياة (الشغل، التعليم، الصحة...)، ليصيروا بذلك الطبقة البروليتارية السفلى في المجتمع الإسرائيلي، وليبعدوا عمليا عن مراكز القوة والرخاء الاقتصادي في هذه الأرض.

هذه المخططات التي تم تنفيذها وتحولت إلى واقع بالنسبة لمئات الآلاف من اليهود القادمين من المغرب وشمال أفريقيا، كانت نقطة انطلاقة لتجربة اجتماعية أثرت على الأجيال اللاحقة.

في هذا الصدد، ما الذي يدفع أبناء اليهود المغاربة من الجيلين الثاني والثالث إلى البحث عن جذورهم؟
قبل الجواب على هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن أحد مظاهر عملية الهجرة كان هو "المحو الثقافي". فسياسة "الانصهار" التي اتبعت في المراحل الأولى لقيام دولة إسرائيل كان عنوانها الأكبر هو خلق هوية جديدة، بعيدة عن ما كان عليه اليهود في السابق (بالمنفى)، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

نحن كمغاربة كنا مطالبين بالتخلي عن هويتنا للانصهار في المجتمع الجديد
لقد كان التشابه بينهم وبين الشعوب المجاورة، كونهم يتحدثون العربية ويتشاطرون معهم نفس الخصوصيات الثقافية، يشكل تهديدا للمستوطنين القادمين من أوروبا، الذين شاركوا في عملية بناء الدولة.

وانطلاقا من ذلك، فنحن كمغاربة كنا مطالبين بالتخلي عن هويتنا للانصهار في المجتمع الجديد.

فمثلا، ستجد أن أبناء اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى دول مثل كندا وفرنسا حافظوا على دارجتهم المغربية وحتى الفرنسية، بينما لن تجد في إسرائيل أبناء مغاربة يهود من الجيل الثاني يتحدثون اللهجة أو يحافظون على تقاليد الأجداد.

وهنا سأجيب على سؤالك بالقول إنه بالنسبة إلى بعضنا هناك حاجة اليوم لملء هذا الفراغ. لأنه ليس فقط فراغا على مستوى التاريخ الشخصي، ولكنه يشكل أيضا هوة بيننا وبين المكان الذي نعيش فيه، والذي طالما أقصانا من كتب تاريخه ومن سياساته ومن مراكز صنع القرار.

حين تدرك أنك "الآخر" ينتابك الفضول دائما حول ماهية هذا "الآخر فينا"، فتكتشف أن تاريخا وثقافة عمرا لآلاف السنين تم اختزالهما في 70 سنة من تاريخ الدولة الحديثة، وباتا مهددين بالاندثار نهائيا.

هل ما أسميته بـ"ملء الفراغ" الهوياتي هو توجه في إسرائيل لدى أبناء اليهود المغاربة من الجيلين الثاني والثالث؟
لست متأكدة من أن الأمر قد تحول إلى "توجه"، فأغلب المغاربة من الجيلين الثاني والثالث سيعّرفون أنفسهم كإسرائيليين، ولكن بالنسبة للبعض منا، ممن لا زالوا مهتمين بجذورهم، فهذه هي الطريقة التي يملؤون بها ذلك الفراغ المفقود في هويتهم، وليحافظوا بها على بعض الأشياء التي كادت تختفي تماما.

وهذا لا يعني أن هذا البحث الهوياتي يشمل فقط ما هو قديم، فالمغرب بالنسبة إلي، كمنسقة موسيقى "دي جي" وكاتبة، مكان مناسب جدا، إذ تجدني مرتبطة بالفنون والموسيقي والثقافة كما لو أن المسافات والسنون لم تتمكن أبدا من قطع هذه الصلة بالجذور.. لا زلت أشعر بمغربيتي.

حن المالح
حن المالح
في مقالك الأخير بجريدة هآرتس كتبت: "مثل العديد من أبناء جيلي المولودين في إسرائيل لأبوين مغربيين، نكتشف كنز هويتنا ومزاياها خارج إسرائيل فقط"، ماذا كنت تقصدين؟
في السنوات السبعين الماضية كان تمرد المغاربة وراء العديد من الاحتجاجات الاجتماعية للطبقات الفقيرة في إسرائيل، كما أن التمييز الذي تعرضوا له وتفقيرهم جعل معدل الجريمة مرتفعا بينهم، لذلك أن تقول إنك مغربي لم يكن دائما يترك انطباعا جيدا.

ما جعلنا أيضا نطمس هويتنا، هو أننا كنا في عيون الأوروبيين الذين قدموا إلى هنا، نشبه العرب المحيطين بنا.

في المقابل، عندما نلتقي مغاربة خارج حدود إسرائيل، وفي أي بقعة من العالم، نلمس أن شيئا إيجابيا يجمعنا، بغض النظر عن الدين أو مكان الولادة، ويمنحنا ذلك خيارات أكبر من مجرد بعد هوياتي واحد. ​

​العديد من الإسرائيليين يزورون المغرب لأهداف دينية وحج الأولياء، أما أنت فسافرت للبحث عن جذورك. هل هناك فرق بين الرحلتين؟
لا أعتقد أن هناك اختلافا كبيرا بين زيارة يهود مغاربة للأضرحة والبيع وإحياء الهيلولة وبين زيارتي أنا للمغرب. اليهود المغاربة هم جزء من تاريخ المغرب، وهذا الأخير جزء مهم من هويتهم.

المغاربة يعتبرونني جزءا منهم وأنا أعتبرهم إخوتي وأخواتي
أظن أنه إذا كان هناك اختلاف ما بين الرحلتين، فقد يتمثل في أنه إذا كان معظم اليهود الذين يزورون المغرب من إسرائيل أو من أية دولة أخرى يقومون بذلك لإحياء الصلة بالماضي.

فأنا كنت أبحث عن أشياء من الماضي تربطني بمغرب اليوم. بالنسبة إلي السير على خطوات أجدادي هدفه الحفاظ على المغرب كمكون حي من هويتي.

في نظرك، هل المجتمع المغربي هو مجتمع متسامح؟
أعتقد أن المغاربة هم شعب متسامح ونموذج في العيش المشترك، وكلما كتبت عن المغرب أو قمت بمقابلات وتحدثت عنه تصلني دائما العديد من الرسائل والتعليقات اللطيفة وعبارات التقدير والحب، وهناك من يقول لي مرحبا بك في بلدك.

كل المغاربة الذين تجمعني بهم علاقات في جميع أنحاء العالم يعتبرونني جزءا منهم وأنا أعتبرهم إخوتي وأخواتي.

المصدر: أصوات مغاربية
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -