«النقود والحضارة في المغرب في عصر بني مرين» يؤرخ لأجمل العملات الإسلامية
فرضت الدولة المرينية (668ـ 869هـ/1269ـ1465م) نفسها بقوة على الساحتين السياسية والاقتصادية للمغرب الأقصى والأندلس في أعقاب سقوط إمبراطورية الموحدين، واستطاعت أن تجابه الإسبان في الأندلس من خلال مؤزراتها لمملكة غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وتحكم المرينيون في العديد من الطرق التجارية، فكانت همزة الوصل مع بلاد السودان الغربي، فتحكمت بطريق الذهب، كما أنها كانت معبرًا للتجارة مع أوروبا عبر الأندلس.
ولعل الدليل الأقوى على النفوذ السياسي الذي بلغته الدولة المرينية، هي العملات البديعة التي تتمتع بوزنها الثقيل ونقوشها الزاهية، والتي استطاعت أن تنافس العديد من العملات التجارية خلال العصر الوسيط، حيث تخبرنا العملات في انتقالها من يد لأخرى عن الأشخاص الذين تداولوها، وعن الأمة التي أصدرتها، والحضارة التي تنتمي إليها، وفى التاريخ الإسلامي كانت العملات بوزنها ونقوشها تمثل مرآة صادقة لما كان عليه اقتصاد الدولة، فهي بحد ذاتها وثيقة صادقة لا تقبل الكذب أو التأويل.
طرحت الباحثة مروة سيد إسماعيل المتخصصة في التاريخ والحضارة الإسلامية في كتابها الجديد "النقود والحضارة في المغرب في عصر بني مرين بين عامي 668ـ 869هـ/1269ـ1465م) دراسة أثرية ووصفيه للمسكوكات (النقود) في هذا العصر الثري حضاريًا وسياسيًا، وكيف أثرت النقود على مختلف مناحي الحياة في المغرب الأقصى في هذه المرحلة الفارقة في ظل حكم سلاطين المرينيين الأقوياء عبر المظاهر المتعددة للحياة الاجتماعية اليومية من (زواج، وولادة الأطفال، والأعياد، والاحتفالات، ومساكن العامة، وقصور السلاطين والأعيان، والأزياء بمختلف طبقات الشعب من الرجال والنساء والقضاة والشيوخ والفقراء من العامة.
بدورها تقول الباحثة مروة إسماعيل:"ينقل الكتاب صورة للأثر الاقتصادي للعملات من خلال الأنشطة المختلفة كالزراعة وأسلوب الري وبناء القناطر والسدود والجسور، مرورًا بالصناعة والحرف، وصول للتجارة الداخلية والأسواق وأسلوب إدارتها، والتجارة الخارجية مع دول المشرق والدول الأوروبية، كما يقدم الكتاب طرحًا حول حصول المغاربة على الذهب والفضة التي سكوا منها عملتهم، وكيفيه الحصول عليها من بلدان السودان الغربي عبر طريق قوافل الحج والتجارة".
والكتاب الذي نشرته دار"أم الدنيا" كان في الأصل أطروحة الباحثة مروة إسماعيل للحصول على درجة الماجستير من كلية الدراسات الإفريقية العُليا بجامعة القاهرة، يتحدث عن طرق سك العملة في العصر الإسلامي عموما، وعصر بني مرين في المغرب خاصة، والذي كان يُعاصر عصر المماليك الأقوياء في مصر، ويشرح بالتفصيل دور سك العملة والعاملين في دار السكة، وطرق استخلاص الذهب والفضة الخام حتى يصلوا إلي صورتهم الأخيرة من العملات، التي تعتبر شارة من شارات الحكم، والدليل القوي والمادي على قوة الدولة وحاكميها أو العكس، فكلما ارتفع وزن العملة وتمتعت بعيار قوي من المعادن، دل هذا على قوة العملة ونجاحها في غزو الأسواق الخارجية خلال عملية التبادل النقدي.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.