أخر الاخبار

هارون بن مشعل

هارون بن مشعل


هارون بن مشعل يهودي مغربي، وتاجر حكم منطقة تازة. قضى عليه الرشيد بن الشريف واستولى على أمواله سنة 1659/ 1660م.

هارون بن مشعل

ولد هارون بن مشعل في مدينة وجدة، وسط عائلة يهودية لها خبرة كبيرة في التجارة، فورث عن عائلته الثروة والمجد، هذه الثروة جعلته حاكما لمنطقة تازة، فشيد قصر بمستوى مقر إمارة، الإشارات التاريخية تختلف في تحديد موقعه، هل في ارشيدة أو بني يزناسن شرق الريف وهناك من يموقعها على بعد 12 كلومتر من تازة.[1]

حكم هارون بن مشعل منطقة تازة في فترة حرجة من تاريخ المغرب، تزامنت مع بداية عهد الدولة العلوية، حيث كانت البلاد تعيش زمن فوضى وسيبة في المغرب المشتت بين العلويين والدلائيين والسملاليين وحركة محمد العياشي والخضر غيلان الجهادية، وقراصنة بورقراق.

سيطرة هارون بن مشعل على تازة

خضعت لابن مشعل مدينة تازة خضوعا مطلقا، لماله الوفير الذي مكنه من شراء العتاد والأسلحة وحتى ضمائر الرجال. يروي المؤرخون في كتبهم أنه كان طاغية. فكثر أعداؤه حتى من كبار التجار اليهود في تازة، الذين رغبوا في تقديم المال والعتاد من أجل القضاء عليه.

بلغ جبروت هارون بن مشعل، حسب أسطورة نقلتها الروايات التاريخية، أنه كان يجبر القبائل على أن تهديه فتاة مسلمة عذراء في كل سنة،[2] ففي كل عيد حصاد يهودي، تختار تلك القبائل المحيطة بتازة أجمل فتياتها العذارى وتقدمها هدية له مقابل شراء الأمن والأمان منه. وكان مستهلكا يوميا للماحيا، ويقدمها لضيوفه في قصره الفخم بقلب المدينة.

كان هارون بن مشعل يستعين بابنته «زليخا» كمترجمة للوفود الأوروبية التي كانت تزوره في قصره، حيث كانت تتقن العبرية، والفرنسية والإسبانية والإنجليزية، وطبعا اللغة العربية واللهجة المغربية.

دخول العلويين

افتقر الرشيد بن الشريف للموارد المالية لتمويل حملاته العسكرية،[3] من أجل احتلال مدينة فاس، فبدا بالتخطيط لقتل ابن مشعل والاستيلاء على أملاكه. تختلف وتتضارب الراويات حول طريقة مقتل ابن مشعل.

وحسب رواية، استعان السلطان بطلبة في زاوية الشيخ الواطي الموجودة بمدينة تازة، أصبح طقسا سنويا وهو ما يعرف باسم «عيد سلطان الطلبة»، حيث يحتفي الطلبة بسلطان منهم عدة أيام، إحياء لقصة القضاء على طاغية تازة اليهودي هارون بن مشعل، لتخليص ساكنة تازة منه.[4] [5]

بعد مقتل هارون بن مشعل شكلت أملاك ابن مشعل عاملا حاسما في تجهيز جيش المولى رشيد ليستولي على مدينة فاس، وعزز جانبه العسكري لمجابهة أخيه المولى محمد وانتصر عليه في معركة أنكاد قرب وجدة سنة 1664.

كان هارون بن مشعل من أغنى أثرياء المغرب الشرقي، عاش في فترة الفراغ المخزني في المغرب، (أي ما يسمى بعهد السيبة) بين نهاية الدولة السعدية وبداية عهد الدولة العلوية، وقد اغتنم هذا اليهودي هذه الفرصة ففرض وجوده وتعامل مع مجتمعه كحاكم مطلق ، فاعتدى على الناس مسلمين ويهود على السواء بالقهر والاذلال ، وقد كتب عنه المؤرخون الكثير من أخباره، اخترنا منها ما نشرته الصحيفة الالكترونية (مغرس ) في مقال بعنوان {يهود البلاط}بقلم الأستاذ عبدالصمد الزعلي، وفيما يلي نص المقال :

لم يعرف المغرب يهوديا متسلطا ومتجبرا أكثر من هارون ابن مشعل، وهو التاجر اليهودي، الذي يتبرأ منه حتى مؤرخوا اليهود، وكانت مدينة تازة تخضع له خضوعا مطلقا، لماله الوفير الذي كان يشتري به كل شي من العتاد والأسلحة، كما كان يشتري به ضمائر الرجال، وحكم تازة في فترة دقيقة من تاريخ المغرب، تزامنت مع بداية عهد الدولة العلوية، فكان يتحكم في طرق التجارة المارة من المغرب إلى الجزائر ، يفرض على التجار يهودا و مسلمين دفع الجبايات، والضرائب على أملاكهم، وتروي المحكيات التي يضمنها المؤرخون في كتبهم أنه كان طاغية، كان ينزل كل أنواع الإهانة بمواطنيه من المسلمين كما اليهود منهم، وبلغت وقاحته وجبروته أن أصبح يجبر القبائل المسلمة على أن تهديه فتاة مسلمة عذراء في كل سنة، ففي كل عيد الحصاد اليهودي، تختار القبائل المسلمة المحيطة بتازة أجمل فتياتها العذارى، وتقدمها هدية له مقابل شراء الأمن والأمان منه، وكان عاشقا لشراب {الماحيا} التي كان يستهلكها يوميا، وكان يقدمها لضيوفه في حفلاته الساهرة التي كانت تنظم بشكل يومي، في قصره الفخم بقلب المدينة، هكذا توصف حياة ابن مشعل الماجنة، وبالرغم من ندرة المصادر عن سيرته، إلا أن جل من كتب عنه يتفق على أنه من مواليد مدينة وجدة، من عائلة لها خبرة كبيرة في التجارة، يملكون الكثير من القصور ، وورث عن عائلته الثروة والمجد، لكنه بالغ في جبروته، وهي الثروة ذاتها التي جعلته حاكما لمدينة تازة، يأمر ويطاع، ويفعل ما يشاء، كما شيّد أفخم قصر بالمغرب يومها، وكان السكان يطلقون عليه {القلعة الحصينة}، إذ كان مجهزا بمؤونة تكفيه لسنوات عديدة، وحرصا على تحقيق الأمن والأمان استعان بابنته «زوليخا» كمترجمة للوفود الأوربية التي كانت تزوره في قصره الفخم، نظرا لتعلمها في مدارس البلدان الأوربية وإتقانها للعبرية، والفرنسية، والإسبانية، والإنجليزية، إضافة إلى اللغة العربية، واللهجة الدارجة لغة أهل تازة، وكان الزمن زمن فوضى وسيبة في المغرب المشتت، فطغى ابن مشعل وفرض بقبضة من حديد على المدينة،   وكثر أعداؤه حتى من بني جلدته اليهود، وكان كبار تجار تازة اليهود يرغبون في تقديم المال والعتاد من أجل القضاء عليه، وبفضل قلعته الحصينة وجنوده أصبح من المستحيل الوصول إليه، وتروي المحكيات أيضا أن ابنته اتخذت عشيقا مسلما من شباب المدينة المسلمين، كان يقطن معها بالقصر نفسه، ويحضر مجالس وحفلات والدها ابن مشعل، مما مكنه من الإطلاع عن قرب على كل التفاصيل الدقيقة لحياة ابن مشعل وقصره وحراسه، وكان العشيق ينقل أسرار القصر إلى المولى الرشيد العلوي الذي كان يمهد لتأسيس دولته. وكان يخشى من ابن مشعل أن يتقدم ويسبقه لاحتلال مدينة فاس ، خاصة أن له من الإمكانات والأموال ما يسمح له بذلك، فبدا بالتخطيط لقتله والاستيلاء على أملاكه، وفي تفاصيل مقتله تختلف الراويات وتتضارب، وتعتمد المراجع اليهودية التي راجعتها جريدة «المساء» رواية هي أقرب إلى خيال الأفلام منها إلى الواقع، وتروي أن المولى رشيد تقمص دور الفتاة المسلمة العذراء التي كانت ستهدى لابن مشعل، وكان المولى رشيد قد أخفى أربعين من معاونيه في الصناديق المخصصة لنقل الهدايا لابن مشعل، وبمجرد أن وصلوا إلى قصره، انتفضوا انتفاضة رجل واحد وقتلوه، وصادروا أملاكه الكثيرة، وتروي الرواية نفسها أن المولى رشيد استعان بالكثير من المتطوعين الذين أغواهم الطمع نظرا لثروة ابن مشعل، وبعد مقتله شكلت الأملاك الكثيرة التي تم نهبها عاملا حاسما في تجهيز جيش السلطان المولى رشيد العلوي الذي استرجع بها مدينة فاس ، وللقصة جانب آخر مازال حاضر إلى يومنا هذا، مفاده أن الذين استعان بهم المولى رشيد كانوا طلبة في زاوية الشيخ الواطي الموجودة بمدينة تازة، وأصبحت هذه الحادثة مع الزمن من الطقوس الدينية السنوية، وهي ما يعرف باسم «عيد سلطان الطلبة»، حيث يحتفي الطلبة بسلطان منهم عدة أيام، إحياء لقصة القضاء على طاغية تازة هارون ابن مشعل اليهودي، وتخليص المواطنين من شروره ومساوئه. وحدث ذلك بتاريخ 1659م، وبعد مقتل ابن مشعل ألقى السلطان   مولاي رشيد العلوي القبض على ابنه، وبقي سجينا عنده الى سنة 1664م، حيث افتدته زوجته بما أخفته من مخزون زوجها من الذهب.[6].

مراجع
  1.  من تاريخ تازة: أول عاصمة للدولة العلوية - ح 9 عبد الالاه بسكمار نسخة محفوظة 25 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  2.  Jewish Professions & Culture Morocco, Encyclopaedia Judaica. نسخة محفوظة 27 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  3.  Jews in Morocco 05: Alawid rule with international relations
  4.  عبد الهادي التازي، مجلة دعوة الحق، في تاريخ تازة، ص54.
  5.  مجلة "البحث العلمي" الصادرة عن المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط عدد32 / نوفمبر 1981، ص17
  6.  {يهود البلاط}بقلم عبد الصمد الزعلي - منشور في جريدة المساء بتاريخ 02-فبراير-2014م
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -