كانت البوليساريو تفتخر بوهم ( الأراضي المحررة ) واليوم تتجرع مرارة الحقائق
الحقائق هي الخرائط الموثقة في الاتفاقية المبرمة بين الطرفين المغرب والبوليساريو وكذلك ما هو موثق بالحرف في اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين الجانبين عام 1991 وليس ما يخترعه و يتلاعب به حكام الجزائر من مفاهيم الكلمات والمصطلحات (لاوجود لها إلا في أمخاخهم فقط) عسكر ومدنيين ( أراضي محررة – الاحتلال المغربي – تقرير مصائر شعوب العالم - النضال - بشائر النصر قريبة الخ الخ الخ ...) ، لقد دفعوا البوليساريو بالأكاذيب والتخاريف وتزوير الحقائق وشراء ذمم بعض الرؤساء المغفلين خصوصا في إفريقيا حتى صدق البوليساريو أنهم حرروا تلك الأرض التي تسللوا إليها بتواطؤ المينورسو وكذلك حكام موريتانيا ، لأنه لولا تورط هذين العناصر بغض الطرف عن تسلل البوليساريو بعيدا نحو جنوب الشريط العازل لما انكشف أمر الخرق السافر لأحد بنود اتفاقية وقف إطلاق النار وهو البند الذي يحدد ( المنع الصريح لدخول ذلك الشريط المنزوع السلاح ) ... لقد كانت البوليساريو في البداية تـتحجج بشرود بعض الإبل إلى ذلك الشريط ثم بعد ذلك أصبحت تلك الإبل بين عشية وضحاها أبطالا حررت تلك الأرض وهي اليوم تقترب جدا من شرق الجدار الأمني المغربي ... وقد كانت قضية الكركرات هي القشة التي كسرت ظهر البعير وملخصها أن المغرب حاول في غشت 2016 تعبيد قطعة من الطريق طولها ثلاثة كيلومترات ونصف تفصل بين المركز الجمركي الحدودي للكركرات المغربية و المركز الجمركي الحدودي الموريتاني مما اعتبرته البوليساريو وجنرالات الجزائر خرقا لاتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1991 ، ومنذ ذلك التاريخ التزم حكام الجزائر والبوليساريو بتصعيد المواقف ضد المغرب ولا يزالون ، ورغم ذلك وفي نفس الفترة فإن المغرب كسب رهانات كثيرة منها عودته للاتحاد الإفريقي في بداية عام 2017 رغم المكائد والمؤامرات والمناورات التي تكبدت خسائرها الدولة الجزائرية من قُـوتِ الشعب الجزائري المغبون ، ذلك بالإضافة لاستمرار الغزو الاقتصادي والتجاري المغربي لدول إفريقيا عامة في الشرق والغرب والجنوب ..
إذا تحرك حكام الجزائر وبيادقهم مرتزقة البوليساريو فلا يحصدون إلا البوار والخسران المبين ، أما المغرب فيتحرك ببطء وروية ورجاحة عقل يقنع بها حتى خصومه . و مؤخرا في الحركات البهلوانية التي تمارسها البوليساريو في أبريل 2018 سترى البوليساريو أنها ستخسر أكثر مما خسرته في السابق لأن هذه المرة كانت مغامرتها غير محسوبة العواقب لأن من خطط لهذه المغامرة هم أعداء الشعب الجزائري قبل أن يكونوا أعداء الصحراويين والشعب المغربي إنهم حكام الجزائر الخبثاء ولقد بدأت بوادر السخط الشديد على البوليساريو من طرف الأمين العام الجديد وظهر ذلك في تقريره الأخير المرفوع على مجلس الأمن ، هذا التقرير الذي وضع البوليساريو في حجمهم الحقيقي أي أنهم بيادق مسخرين في يد حكام الجزائر ، ولا شك أن مجلس الأمن سيتشدد مع البوليساريو في أمر خروجهم من تندوف ودخولهم الشريط العازل وسيأمرهم بصرامة أن يعودوا من حيث جمعهم بومدين أي أن يعودوا على مخيمات الذل بتندوف ...
عود على بدء :
في الحقيقة لا ندري سبب هذه الزوبعة بين الجزائر والمغرب ، فربما تكون بين طياتها حلا لساكنة مخيمات تندوف كفرصة لاختيار العودة إلى الوطن الأم لكن بطريقة غير مباشرة ، فمثلا سنتصور الأمر كالتالي :
1) ضجة إعلامية وتصعيد عالي الشحنة بين الجزائر والمغرب .
2) بروز مؤشرات حرب بين الجزائر والمغرب بعد طرد البوليساريو إلى الشريط العازل .
3) إذن خرج الصحراويون الذين كانوا في مخيمات تندوف من أراضي الجزائر. وأصبحوا في أرض مغربية لأنها تابعة لما كان يسمى بالصحراء الغربية في زمن الاستعمار الاسباني .
4) دخول الجيش المغربي بحجة تحرير هؤلاء الصحراويين الذين كانوا محتجزين في مخيمات تندوف وهم اليوم على أرض مغربية مثل بئر لحلو تيفاريتي مهريز وغيرها من المناطق شمال الصحراء المغربية .
5) سكوت حكام الجزائر باعتبار أن الأمر هو بين المغرب والبوليساريو .
6) سنسمع عن بعض الاشتباكات الشكلية الخفيفة لتبرير وجود جيش صحراوي منهزم .
7) الشروع في تنفيذ عودة أولئك الذين حملهم بومدين في شاحنات عسكرية إلى تندوف قبل 43 سنة ، الشروع في إعادتهم لوطنهم المغرب عبر شاحنات عسكرية لكن هذه المرة شاحنات مغربية .
8) لا بد أن يكون هذا الأمر بعد مفاوضات سرية بين الجزائر والمغرب التي تأخرت 40 سنة ، لأننا بُعَيْدَ موت بومدين سمعنا وقرأنا عن ترتيبات كانت جاهزة للقاء سري بين بومدين والحسن الثاني في اتفقا على تحديد تاريخه في بداية عام 1979 لكن بومدين توفي في 27 ديسمبر 1978 ولم تشأ الأقدار أن يتم هذا اللقاء ، أما الذين جاؤوا بعد بومدين فقد جعلوا من عداوة المغرب وكراهيته ركيزة أساسية ليرضى عنهم الحكام الحقيقيون الذين يحكمون الجزائر من وراء حجاب .
تشنجت الأعصاب أكثر في نهاية مارس وبداية أبريل 2018 بين الأطراف الثلاثة الجزائر والمغرب والبوليساريو ، لكن تقرير الأمين العام الأخير الذي قدمه لمجلس الأمن يوم 04 أبريل 2018 نشتم منه رائحة ما ورد في آخر قرار لبيتر فان فالسوم الذي اشتهر باستنتاجه المشهور :" ضرورة البحث عن حل يعتمد على الواقعية السياسية وروح التوافق " ...
إن حكام الجزائر اليوم يجدون أنفسهم مرة أخرى في مأزق لا يحسدون عليه : فإما أنهم لا يُضَيِّعُونَ هذه الفرصة للتخلص من ورم خبيث عاش على ظهر الشعب الجزائري طيلة 43 سنة ويعملوا على مشاركة المغرب في سيناريو محكم مضبوط لإعادة ساكنة مخيمات تندوف إلى وطنهم ، لكن بشرط أن تكون عودة تحت ضمانات دولية وباحترام تام لكرامتهم وحقوقهم الإنسانية التي لا نظن أن أهاليهم الذين لم يغادروا الصحراء أبدا لا يرضون لهم عودة مذلة ، وإلا سيكون المغرب في تعامله مع مواطنيه الصحراويين العائدين مثل تعامل حكام الجزائر معهم أيام كانوا على أرض تندوف الجزائرية ....
لن يمنعني أحد أن أحلم بانتصار الشعب الجزائري في انتفاضة كل مكوناته مؤخرا بأن تكون لها نتائج تحقق الرفاهية للشعب الجزائري ، كما لن يمنعني أحد أن يتحقق حلم عودة مساجين مخيمات تندوف إلى وطنهم الأم عودة تضمن لهم المحافظة على كرامتهم ...
أرجو أن يتحقق هذا السيناريو وأن لا يُضَيِّعَ حكام الجزائر هذه الفرصة لأنهم اشتهروا بتضييع الفرص طيلة 56 سنة من الحكم ... في الحقيقة حكام الجزائر لا يضيعون الفرص لكن الفرص تضيع على الآخرين بتنازع حكام الجزائر على الغنائم وخاصة غنيمة كرسي الرئاسة ...
اللهم اعمي بصيرة قايد صالح والبشير طرطاق وسعيد شنقريحة وعبد القادر مساهل وأحمد أويحيى وكل الذين يتربصون بالجزائر شرا ....
سمير كرم / الجزائر تايمز
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.