أخر الاخبار

ابن بطوطة .. الرحالة الأعظم على مر العصور

ابن بطوطة

محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي المعروف بابن بَـطُّوطَة (ولد في 24 فبراير 1304 - 1377م بطنجة) (703 - 779هـ) هو رحالة ومؤرخ وقاض وفقيه مغربي أمازيغي لقب بـأمير الرحالين المسلمين. خرج من طنجة سنة 725 هـ فطاف بلاد المغرب ومصر والسودان والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق وفارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين الجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. وإتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر - واستعان بهباتهم على أسفاره.

عاد إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطان أبي عنان (من ملوك بني مرين) فأقام في بلاده. وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، ترجمت إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجم فصول منها إلى الألمانية ونشرت أيضا. كان يحسن التركية والفارسية. استغرقت رحلته 27 سنة (1325-1352م) وتوفي في طنجة سنة 779 هـ/1377م حيث يوجد ضريحه بالمدينة القديمة. تلقبه جامعة كامبريدج في كتبها وأطالسها بـأمير الرحالة المسلمين الوطنيين.


ابن بطوطة .. الرحالة الأعظم على مر العصور
ابن بطوطة في مصر، رسم توضيحي لليون بينيت من كتاب لجول فيرن نُشرت عام 1878(الرجل في اليمين)


في أول رحلة له، مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:

«"من طنجة مسقط رأسي " يوم الخميس 2 رجب 725 هـ / 1324م " معتمدا حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، منفردا عن رفيق آنس بصحبته، وراكب أكون في جملته، لباعث على النفس شديد العزائم، وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم. فحزمت أمري على هجر الأحباب من الإناث والذكور، وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور، وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وَصَباً، ولقيت كما لقيا نَصَباً.»

ويعد ابن بطوطة أحد أهم الرحالة.قطع أكثر من 75,000 ميل (121,000 كم)، وهو رقم لم يكسره أي رحالة منفرد حتى ظهور عصر النقل البخاري، بعد 450 سنة.

حياته المبكرة وحجته الأولى

ولد في طنجة سنة(703 هـ/1304م) بالمغرب. اسمه الكامل هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتي الطنجي بن بطوطة بن حميد الغازي بن القريش العلي، تسمّى باسم أمه بطوطة وهي في الأصل فطومة. وكل المعلومات المتوفرة عن حياة ابن بطوطة مصدرها السير الذاتية المذكورة في سياق حكايات رحلاته. ولد ابن بطوطة في عائلة من علماء القضاء الإسلامي بمدينة طنجة بالمغرب في 25 فبراير 1304، خلال عهد الدولة المرينية. يرجع نسب ابن بطوطة إلى القبيلة الأمازيغية المعروفة بـ لواتة. وكأي شاب في سنه، كان بإمكانه الدراسة في مدرسة سنية مالكية على اعتبار أنه الأسلوب التعليمي الذي كان سائداً في شمال أفريقيا في ذلك الوقت. في شهر يونيو عام 1325 وفي عمر الحادية والعشرين، رحل ابن بطوطة من مدينته متوجهاً لمكة لأداء فريضة الحج في رحلة قد تستغرق ستة عشر شهرا. لم ير بعدها المغرب لمدة أربعٍ وعشرين عاماً.

"رحلت وحيداً. لم أجد أحداً يؤنس وحدتي بلفتات ودية، ولا مجموعة مسافرين أنضم لهم. مدفوعا بِحكمٍ ذاتي من داخلي، ورغبة عارمة طال انتظارها لزيارة تلك المقدسات المجيدة قررت الابتعاد عن كل أصدقائي، ونزع نفسي بعيداً عن بلادي. وبما أن والديَّ كانا على قيد الحياة، كان الابتعاد عنهما حملاً ثقيلاً علي. عانينا جميعاً من الحزن الشديد."

الذي نشره ديفريمري وسانقوينيتي ترجم إلى عدة لغات ولمعت معه شهرة ابن بطوطة حول العالم.

ميراث

يقول ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار متحدثا عن نفسه:
«بلغت بحمد الله مرادي في الدنيا وهو السيّاحة في الأرض، وبلغت من ذلك ما لم يبلغه غيري فيما أعلمه، وبقيت الأخرى، الرجاء قوي في رحمة الله وتجاوزه، وبلوغ المرام من دخول الجنة.»

كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

 تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار  المعروف أيضاً باسم رحلة ابن بطوطة هو كتاب يصف رحلة ابن بطوطة، ويتحدث عن أهلها وحكامها وعلمها، ويصف الألبسة بألوانها وأشكالها وحيويتها ودلالتها، ولا ينسى الأطعمة وأنواعها وطريقة صناعتها، بعد أن أمضى 30 عاما في الرحلات بين بلدان العالم. أمر السلطان أبو عنان فارس المريني بتدوين هذه الرحلة واختار لذلك فقيها أندلسيا التحق ببلاط بني مرين وهو ابن جزي الكلبي، وكان إملاؤها بمدينة فاس سنة 756 هـ.

تُرجم هذا الكتاب إلى عدة لغات مثل: البرتغالية، الفرنسية، الإنجليزية، وتُرجمت فصول منه إلى الألمانية

الأماكن التي زارها ابن بطوطة
سافر ابن بطوطة خلال فترة حياته أكثر من 73000 ميلاً (قرابة الـ120 ألف كيلومتر)، وزار ما يُعادل 44 دولةً حديثة

ابن بطوطة,المغرب,طنجة,رحلات,مغامرة,رحلة

- عادة ما يذهب لقب " المسافر الأكثر شهرة في التاريخ " إلى الرحّالة المعروف " ماركو بولو " وهو الإيطالي العظيم الذي زار الصين في القرن الثالث عشر الميلادي , ولكن على الرغم من ذلك نجد أنه بعيد عن مسارات الرحالة المسلم " ابن بطوطة " - على الرغم من انه لم يكن معروفاً خارج العالم الإسلامي وقتها - ولكنه قضى نصف حياته وهو يتجول في مناطق شاسعة في نصف الكرة الشرقي , وسافر خلال رحلاته عن طريق البحر , ووقوافل الجمال , وكذلك سيراً على الأقدام .
غامر " ابن بطوطة " في أكثر من 40 دولة حديثة , وكان غالباً ما يضع نفسه في أخطار شديدة لإرضاء غريزة حبه للمغامرة , وعندما عاد إلى وطنه بعد 29 عاماً , سجّل مغامراته في كتابه المعروف " تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " المعروف أيضاً باسم "رحلة ابن بطوطة " .

السفر شغفه الأول 

aramcoworld.com
- ولد ابن بطوطة في طنجة في المغرب في عام 1325 , منحدراً من أسرة من القضاة المسلمين , واسمه " محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي"   , وعلى الرغم أننا لا نعرف الكثير عن عائلته أو سيرة حياته , لأن مصدرنا الوحيد لمعرفة قصة حياته هو " كتاب الرحلة "وكان نادراً ما يذكر " ابن بطوطة " المسائل العائلية وحياته الخاصة في كتاب رحلاته , إلا أن المؤرخون قد استخلصوا إلى أنه بدأ تعليمه مثل معظم أطفال عصره في سن السادسة , وبدأت حياته العلمية بتعلّمه للقرآن في طنجة , وفي سن الـ 21 عاماً غادر ابن بطوطة المغرب وحيداً قاصداً مكة المكرمة لقضاء فريضة الحج , ولكنه أراد أيضاً دراسة الشريعة الإسلامية على طول الطريق .
بدأ ابن بطوطة رحلته وحيداً لم يؤنسه في طريقه سوى حمار , ولكن سرعان ما لحق بقافلة حجاج عندما كان في طريقه شرقاً عبر شمال أفريقيا .

كانت الطريق وعرّة ومرتعاً لقطاع الطرق , وما زاد من الأمر سوءاً هو إصابه ابن بطوطة بحمى شديدة لدرجة أنه اضطر إلى ربط نفسه بسرجه لتجنب الانهيار , وخلال ذلك الوقت تزوج ابن بطوطة بإمرأة شابة وكانت زوجته الأولى قبل زواجه بتسع أخريات خلال رحلاته .

ابن بطوطة يرى العالم

- في مصر درس ابن بطوطة الشريعة الإسلامية , وقام بجولة في الأسكندرية وفي مدينة القاهرة , والتي وصفها بأنها " منقطعة النظير في الجمال والروعة " .. ثم غادر ابن بطوطة إلى مكة , حيث قام بفربضة الحج , وقرر بعدها مواصلة التجول في بلدان العالم الإسلامي .
ابن بطوطة في مصر - Fine Art Images/Heritage Images/Getty Images
ادعى ابن بطوطه أن حلماً غريباً راوده .. يتلخص حلمه في أنه رأى نفسه على جناح طائر كبير قام برحلة طويلة باتجاه المشرق وتركه هناك .
فسّر أحد مفسري الأحلام هذا الحلم لابن بطوطه , وكان مفاده أنه سوف يتجول عبر الأرض .. وهذا بالفعل ما أراده الشاب المغربي ( ابن بطوطه ) في ذلك الوقت , وعزم على تحقيق النبوءة .


كانت السنوات القليلة التالية موسماً زاخراً بالسفر بالنسبة لابن بطوطة , فقد انضم إلى قافلة وقام بجولة في بلاد فارس والعراق , ثم غامر شمالاً فيما بعد إلى أذربيجان , وبعد رحلة أخرى في مكة , قام بالسفر  عبر اليمن , وقام برحلة بحرية إلى القرن الأفريقي ( شبه الجزيرة الصومالية ) , وهناك زار مدينة مقدشيو قبل أن يتجه أسفل خط الإستواء ويستكشف سواحل كينيا وتنزانيا .

وعند مغادرته أفريقيا , وضع ابن بطوطة خطة للسفر إلى بلاد الهند , حيث كان يأمل في الحصول على وظيفة مريحة " كقاضي إسلامي " , ولذلك اتبع طريقاً متعرجاً نحو الشرق , حيث عبر أولاً مصر وسوريا قبل الإبحار إلى تركيا , وقد اُعتمد داعية اسلامي في البلاد التي سيطر عليها المسلمون لكسب كرم الضيافة من السكان المحليين .
ومن تركيا , عبر ابن بطوطة البحر الأسود , وهناك دخل في منطقة تحكمها القبائل الذهبية أو مغول الشمال ( وهي قبائل أصبحت فيما بعد من خانات تركيا " وكانت تُعرف باسم جماعات الـ الأوزبك Uzbeg , وقد رحبت تلك القبائل بقدوم ابن بطوطه وأكرموا ضيافته .

ثم زار ابن بطوطة مدينة بيزنطية في تركيا - وكانت تلك أول مرة يزور فيها مدينة كبيرة غير مسلمة - ولم يفوّت زيارة كتادرائية " آيا صوفيا " والتي تحولت إلى مسجد في عهد محمد الفاتح ثم إلى متحف ديني عام 1935 . 
واندهش ابن بطوطة من وجود مجموعة لا تحصى من الكنائس المسيحية داخل أسوار المدينة , والتي بُنيت على الطراز البيزنطي الفريد .
بعد ذلك سافر ابن بطوطة باتجاه الشرق عبر السهوب الأوروبية والأسيوية قبل أن يدخل الهند عبر أفغانستان والهندوكوش - وهي سلسلة جبال في أفغانستان وشمال غرب باكستان .

وبعد وصوله إلى مدينة دلهى بالهند في عام 1334 , حصل على وظيفة قاض إسلامي وذلك في عهد " محمد توغلوك " - وقد كان سلطان إسلامي قوي .
مرت على ابن بطوطة عدة سنوات كان يعمل فيها هذا العمل اليسير , وقد تزوج وأنجب أيضاً عدة أبناء , ولكن ابن بطوطه كان يشعر دائماً بالقلق من السلطان المتقلب المزاج , والذي اُشتهر بتشويه وقتل أعداءه - أحياناً عن طريق إطلاق الأفيال عليهم بعد ربط أنيابها بالسيوف ! 
أراد ابن بطوطة الهرب , وبالفعل نجح في ذلك في عام 1341 , عندما اختاره السلطان كمبعوث إلى بلاط المغول في الصين , وانطلق ابن بطوطة بالفعل إلى الصين على رأس قافلة كبيرة محملة بالهدايا والعبيد .
وستكون تلك الرحلة إلى الشرق هي الفصل الأكثر إثارة للمشاعر في ملحمة ابن بطوطة .
فقد هاجم بعض متمردو الهندوس قافلته أثناء رحلتها إلى الساحل الهندي , وقاموا بخطف ابن بطوطه وسرقوا منه كل شيء ماعدا سرواله , حتى تمكن ابن بطوطه من الوصول إلى ميناء كاليكوت , ولكن عشية رحلته البحرية , هبّت عاصفة عاتية , أطاحت بسفينته في البحر , مما أدى إلى مقتل الكثيرين من رفاقه ومن طاقم السفينة .
ظل الحظ العاثر يتتبع خطوات ابن بطوطة مسبباً سلسلة من الكوارث أنهكته براً وبحراً , وكان أيضاً يكره العوده إلى دلهي ومواجهة السلطان , ومع ذلك اختار ابن بطوطة أن يقوم برحلة بجرية جنوباً إلى أرخبيل المحيط الهندي في جزر المالديف . 
بقى ابن بطوطة في تلك الجزر الشاعرية لمدة سنة , , وتزوج عدة مرات هناك , ومرة أخرى تم تعينه كقاض إسلامي .

يقال أن ابن بطوطه بقى مدة أطول في جزر المالديف , ولكنه استأنف رحلته إلى الصين
وبعد توقفه في سريلانكا  , استقل السفن التجارية عبر جنوب شرق آسيا , وفي عام 1345 , أي بعد اربع سنوات من مغادرته الهند للمرة الأولى , وصل ابن بطوطة إلى ميناء شيوانتشو الصيني المزدحم.
khanacademy.org
وصف ابن بطوطة " الصين المنغولية " بأنها ( أفضل وأسلم بلد للمسافرين ) , كما أثنى على جمالها الطبيعي , وولكنه وصف ايضاً سكانها بالـ " الوثنيين " و " الكفار " , وقد أزعجه عاداتهم الغير مألوفة .
وصف ابن بطوطة مدينة " هانغتشو الصينية " بأنها أكبر مدينة رآها على وجه الأرض , ومازال المؤرخون غير متأكدين إلى أي مدى ذهب ابن بطوطة في الصين , ولكن من المرجح أنه وصل إلى أقصى الشمال حيث " بكين " وعبر القناة الصينية الكبرى الشهيرة .

كانت الصين محطة بداية نهاية رحلات ابن بطوطة , فبعد أن وصل إلى حافة العالم المعروف , عاد أدراجه في النهاية , ووصل إلى موطنه في المغرب , حيث عاد إلى طنجة عام 1349 , وقد توفى والدا ابن بطوطة في ذلك الوقت , فبقى هناك فترة قصيرة قبل ان يرحل إلى اسبانيا , وعاد لرحلاته مرة أخرى لعدة سنوات عبر الصحراء حتى وصل إلى مالي , وزار مدينة " تمبكتو" .
لم يكن ابن بطوطه يحتفظ بسجلات رحلاته أثناء سفره , ولكنه عندما عاد إلى المغرب نهائياً في عام 1354 , أمره سلطان البلاد بتدوين رحلاته في كتاب , وبالفعل أمضى ابن بطوطة عاماً يملي قصته على كاتب اسمه ( ابن جزاي ) - وكانت النتيجة كتاب رائع يحوي مغامرات ورحلات طويلة وغريبة عُرف بـ " تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " , وعلى الرغم من عدم تمتعه بشهرة شعبية كبيرة في أيامه , إلا أن هذا الكتاب قد ذاع صيته في العالم الإسلامي خلال القرن الرابع عشر , وبقى واحداً من أكثر كتب الرحلات شهرة في العالم حتى اليوم .

بعد الإنتهاء من كتابه , اختفى ابن بطوطه من السجل التاريخي , ويُعتقد أنه عمل قاضياً في المغرب , وتوفى في حوالي العام 1386 , ولا يُعرف عنه سوى القليل .


مقتطفات ,,,

كان ابن بطوطة حافظاً للقرآن الكريم عن ظهر قلب , حتى أنه أشار عدة مرات في كتاب رحلاته , إلى أنه كان يقرأ القرآن الكريم كاملاً بصوت عالٍ في يوم واحد أثناء سفره .

كتب ابن بطوطة حوال 58 صفحة في كتابه لوصف مكة , وبيت الله الحرام , والكعبة , وكذلك وصف شعائر الحج , وتقاليد أهل مكة وأسواقها وطباع الناس هناك .

في الوقت الذي كان استخدام الحصان كوسيلة للسفر , كان هذه هي الوسيلة التي توفر أكبر سرعة يمكن ان يصل إليها البشر في ذلك الوقت , وكان السفر لمسافة 120,000 كيلو متر , أو 75,000 كيلو متر , يمكنها أن تستغرق 30 عاماً , إذا كانت السرعة ثابتة .

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -