أخر الاخبار

السلطان اليزيد بن محمد

مولاي اليزيد (1750 - 1792) سلطان مغربي من سلالة العلويين. عينه والده السلطان محمد الثالث على رأس قبيلة كروان، وتمرد وثار على والده، فتم نفيه للمشرق، وعاد واحتمى في جبل العلم، حتى توفي أبوه عام 1790، فبايعه المغاربة، واستمر حكم السلطان مولاي اليزيد حوالي سنتين حتى عام 1792 عندما تم اغتياله. وخلفه أخاه مولاي سليمان.


السلطان اليزيد بن محمد

 السلطان مولاي اليزيد بن محمد 1790 - 1792

ولد مولاي اليزيد بمدينة مراكش، بالقبة الخضراء من دار البديع من أم علجة إيرلاندية إسمها شهرزاد، أو من كورسيكية اسمها الضاوية ( Davia Franceschini‏)، ووصفه المؤرخون أنه كان أبيضا طويلا، حسن الصورة والوجه، أقنأ الأنف، أكحل العينين، بياضهما يميل إلى الصفرة. فتربى مولاي اليزيد تربية الأمراء ووجد كل الظروف الملائمة للتهذيب والتعلم. فأسند له والده مسؤوليات عديدة منها تمثيله لدى قناصل الدول الأجنبية المرابطة بالمراسي المغربية، سواء من حيث استقبالهم وتنظيم شؤونهم والتطرق معهم لشتى المباحثات ذات الصلة بالقضايا السياسية والإقتصادية والإدارية وغيرها، ولم يكن سن الأمير حينئذ يتجاوز العشرين إلا بقليل.

التمرد

وفي سنة 1182هـ ولاه والده على إكروان، أحد فروع مسوفة الصنهاجية، أحد أقوى وأعتد قبائل البربر وقتئذ، وربط مع أبناء أعيانهم صلات وثيقة. فظهرت فكرة الانقلاب على والده والخروج عن طاعته، فزينوا له الطريق بتوفير بيت مال قبة الخياطين في يده، ووعدوه باستعداد قبيلة آيت أومالو لخدمته. فوصل خبر هذا التمرد قبل وقوعه إلى والده السلطان عن طريق قائد قبيلة الأودايا أبي محمد عبد القادر بن الخضر، فأرسل السلطان قائده العباس البخاري على رأس مائة من الخيل لقبيلة كروان، بغية القبض على ولده اليزيد وأصحابه. وعندما علم اليزيد بذلك فر مع رفاقه إلى جبال آيت أومالو، ومنها إلى زاوية آيت إسحاق، فبعث له والده الأمان عن طريق كاتبه أبي عثمان الشليح، فاصطحبه إلى مراكش لملاقاته، فشمله عفو والده سنة 1184هـ / 1770م، الذي أعطى في الوقت نفسه أوامره بترحيل قبيلة كروان عقابا لها على هذا التمرد.

وخلال إقامته بمدينة فاس دخل في نزاع مسلح مع أخيه المولى عبد الرحمان، فهلك في هذا الصراع خلق كثير، وكان السلطان وقتئذ بمراكش، فقدم على وجه السرعة لمكناس، ومنها بعث من أعوانه من يقبض على الأخوين معا. فقبض على المولى عبد الرحمان وبعض أصحابه، بينما استطاع المولى اليزيد الفرار صوب ضريح المولى إدريس الأكبر بزرهون، فاستحرم به مدة، ثم جاء به الأشراف بعد ذلك إلى مدينة مكناس، واستشفعوا له عند والده، فعفا عنه وسامحه. فأرسله للحج مع أخيه الشقيق مسلمة لإبعادهم عن المغرب، غير أنه بعد ذلك ظل على طبيعته في التمرد، حيث اعترض طريق وفد من الحجاج واستولى على الأموال التي كان السلطان يريد توجيهها إلى مكة، فغضب المولى محمد وتبرأ منه، ووزع منشورات يتبرأ فيها منه وعلقها بالكعبة والحجرة النبوية وبيت المقدس وضريح الحسين بمصر وضريح مولاي علي الشريف بتافيلالت وضريح المولى إدريس بزرهون، وبقي اليزيد فاراً في المشرق مدة من الزمن.

مبايعته سلطانا

عاد مولاي اليزيد سنة 1203هـ إلى المغرب واحتمى مرة أخرى بجبل العلم في ضريح عبد السلام بن مشيش، واعتصم به، فلجأ والده أولا إلى الحيلة تجنبا للمزيد من المشاكل، فصار يكتب إليه ويستقدمه، ولكن اليزيد أبى أن يستجيب لأبيه، وأعلن الثورة، وكشف النقاب عن وجه العصيان، وصار يكتب لأبيه رسائل تدل على عقوقه، واشتغل ببناء دار ومسجد بجوار ضريح الشيخ عبد السلام مازالت أطلالها بادية للعيان حتى اليوم. فقرر السلطان أن يضع بالقوة حدا لتمرده وعصيانه، فبعث وحدتين عسكريتين أسند قيادة إحداهما للأمير مسلمة، ليختبر ولاءه، ويعرف هل تراجع عن مساندة اليزيد في وتمرده، لأنهما أخوان شقيقان من أم واحدة، وأسند قيادة الوحدة الأخرى للقائد العباس البخاري، لمحاصرة الثائر، ومنعه من أي تحرك أو اتصال. لكن محاصرة اليزيد لم تدم مدة طويلة، إذ سرعان ما توفي السلطان محمد بن عبد الله بعين عتيق قرب الرباط يوم الأحد 24 رجب عام 1204هـ / 9 أبريل 1790م.

بعد وفاة السلطان تمت مبايعته خلفا له، فبويع بجبل العلم من طرف أخيه مسلمة، والقائد العباس البخاري وجيشيهما اللذين كانا يحاصرانه، وجاءته بيعات المدن والقبائل بتلك الجهة كتطوان وطنجة وأصيلا والعرائش، ووفد عليه لما دخل طنجة وفد فاس يحمل بيعة أهلها، ولما زار ضريح الإمام إدريس الأول بجبل زرهون وفد عليه أخوه الأمير مولاي سليمان ببيعة أهل سجلماسة وقبائل الصحراء من عرب وبربر، ولما حل بمكناس أتته في 18 شعبان 1204هـ وفود سكان منطقة العرب ببيعاتهم. ولكن سرعان ما نقض أهل الحوز بيعته لما رأوا من تجافيه عنهم لما وفدوا عليه بمكناس، وبسبب تفضيله للودايا والبربر عليها، فاتفقوا مع أهل مراكش وعبدة وقبائل الحوز فبايعوا أخاه المولى هشام مكانه. لكن تم اعتبار هذه البيعة غير شرعية بحكم وجود سلطان شرعي غيره

حذر الصدر الأعظم محمد العربي قادوس الدبلوماسيين الإسبان من أن السلطان الجديد ليس كوالده محمد الثالث، لكونه أكثر صرامة، وعليهم مضاعفة الهدايا للتقرب إليه عكس والده. أصدر اليزيد أمرا بإعدام قادوس افندي لأنه كان يعده من أعدائه، وأمر أن يعلق رأسه على باب دير المبشرين الفرنسيسكان بمكناس وأن تبعث يداه إلى وجدة وإلى مقر القنصل الإسباني بطنجة، كإشارة لتغير السياسة الخارجية. قتل ليلة الثلاثاء 13 ذو القعدة 1204 هـ وتم مصادرة بيته وأمواله.

قامت إسبانيا بتشجيع التمرد في الجزء الجنوبي من المغرب، اذ قام قائد آسفي وقبيلة عبدة عبد الرحمن بن ناصر العبدي وقبيلة ولد الدليمي وبدعم مالي وعسكري اسباني بتحريض قبائل عبده ودكاله والحوز ضد السلطان اليزيد ومبايعة اخيه هشام.

خلال فترة حكمه القصيرة والعنيفة، وبسبب تأثره بالمذهب الوهابي خلال مكوثه بالجزيرة العربية ودراسته هناك، قام اليزيد باغتيال بعض اليهود الذين كانوا يمارسون وظائف عليا خلال فترة حكم والده محمد بن عبد الله، والبعض أخذ مالهم- وأمر بنهب ملاح مكناس واغتصب جيش الأوديا نسائهم وأمر السلطان بصلب ثلاثة من اليهود بمكناس أحدهم والد فتاة يهودية كان السلطان محمد الثالث قد أمر بارجاعها لوالدها وانتزعها من اليزيد. كما نهب كل من ملاح القصر الكبير والعرائش وطنجة وتطوان وفي الأخير طرد اليهود من ملاح فاس وأسكنهم في قرى من الخيم، قرب قصبة الشراردة،  وجعل من أقدم الجوامع اليهودية سجنا، وبعد تولي مولاي سليمان الحكم، أعاد اليهود إلى ملاحهم، فلقبه اليهود بالسلطان العادل.

معركة زكورة

نهض مولاي اليزيد لحربهم، فدخل مراكش واستباحها جيشه. فجمع المولى هشام جيشا من قبائل دكالة وعبدة تحت قيادة عبد الرحمن بن ناصر العبدي، وقصده بمراكش، فخرج اليزيد للقائه، وجرت بين الأخوين معركة بالمكان المسمى زكورة الواقع على حاشية وادي نسيفة، وانهزم فيها المولى هشام، فطاردهم المولى اليزيد، أصيب خلالها برصاصة اخترقت خده، لقي فيها حتفه يوم الخميس 23 جمادى الثانية عام 1206هـ (16 يبراير سنة 1792م)، فنقل شلوه إلى مراكش، حيث دفن بمقابر الملوك السعديين. وكانت وفاته مفاجئة للجميع وغير متوقعة، مما جعل الارتباك والاضطراب ينتشران في البلاد، سواء بين خصومه أو أنصاره، فخصومه بادروا إلى بعث خبر موته إلى حلفائهم في الداخل والخارج وخاصة كارلوس الرابع ملك إسبانيا، أما أنصاره فقد سيطر عليهم الخوف والارتباك فتفرقوا إلى مجموعات، منهم من انضم إلى مولاي هشام ومنهم من بايع المولى مسلمة ومنهم من انضم إلى أنصار المولى سليمان.

قبله:
محمد الثالث
سلاطين المغرب
1790 - 1792
بعده:
مولاي سليمان

المراجع

  1.  IslamKotob. موسوعة أعلام المغرب. كاملاً لمحمد حجي - 8. IslamKotob. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019.
  2.  كتاب: بيعة أهل مراكش وما حولها للسلطان المولى اليزيد، ترجمة المولى اليزيد تاريخ الولوج 1 نوفمبر 2013 نسخة محفوظة 18 أغسطس 2014 على موقع واي باك مشين.
  3.  Une Corse sultane du Maroc : Davia Franceschini et sa famille. Jacques Caillé ... Publisher: Paris : A. Pedone, 1968 نسخة محفوظة 03 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  4.  كتاب: بيعة أهل مراكش وما حولها للسلطان المولى اليزيد- 5 نسخة محفوظة 30 ديسمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  5.  أصبحت بعض أضرحة الشرفاء أو الأولياء أماكن يستجار بها ،وتقصد من طرف كل فار من ثأر يلاحقه ،أو عقاب يهدده
  6.  الأمير مولاي مسلمة عبد الوهاب ابن منصور 296 العدد نسخة محفوظة 02 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  7.  محمد, بوكبوط، (2004). سفارة محمد بن عثمان المكناسي ومشاهداته في أستانبول والشام والحجاز، 1786-1789. جامعة سيدي محمد بن عبد الله. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019.
  8.  djamel. مجلة هيسبيريس تمودا مرتبة حسب السنوات. مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 2011.
  9.  Muḥammad ibn ʻAbd al-Salām (1986). تاريخ الضعيف: تاريخ الدولة السعيدة. دار المأثورات،. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019.
  10.  "صلاة الفاسيين كنيس استثنائي". زمان (باللغة الفرنسية). مؤرشف من الأصل في 14 يونيو 2018. اطلع عليه بتاريخ 18 فبراير 2018.
  11.  شمعون ليفي:اليهود لقبوا المولى سليمان ب«السلطان العادل» عبد الإله سخير. نشر في المساء يوم 19 - 03 - 2008 نسخة محفوظة 26 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -