أخر الاخبار

الخبير الآسيوي دامسانا راناديران: الجزائر تخاف من السلام مع المغرب





مصطفى البختي

إن خوف النظام العسكري الجزائري من السلام مع المغرب، وتداعياته على منظومته الحاكمة، بعد استخدامه النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية كغطاء لعدائه للمغرب.

شكل له انتكاسة ليس فقط على المستوى الدبلوماسي وعزلته الدولية، بل تداعياته داخليا، بسبب التفكير الاستراتيجي المتهور للنظام العسكري الجزائري في اتخاذ قرارات بناء على واقع مختلق، لخلق فقاعة من المعلومات المشوهة، بنيت من عقدة الماروكوفوبيا، والعدو الخارجي الوهمي، لصرف الرأي العام عن مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتوجيه سياسته ومواقفه، بتصوير المغرب ذلك العدو الشرير، بعيدا عن التحليل الواقعي، سببه الشعور بالدونية، لغاية استمراره في الحكم، بالسيطرة على المؤسسات، والقطاعات الرئيسية، تحت القمع الممنهج، لأي رقابة ذاتية أو نقد أو معارضة.

فخوف وارتباك النظام العسكري الجزائري من السلام مع المغرب، تطرق له الخبير الآسيوي في العلاقات الدولية والشؤون السياسية “دامسانا راناديران Damsana Ranadhiran”، وأكد في ورقة بحثية، على أن الجزائر تخاف من السلام مع المغرب، لأنه سيكشف النظام الجزائري الهش، ولن يؤدي إلى استقراره. بالرغم من اقتراب منطقة شمال أفريقيا من منعطف جيوسياسي لم تشهده المنطقة منذ نصف قرن.

بعد صدور القرار الأممي 2025/2797، عن مجلس الأمن الدولي الذي اعتمد الحكم الذاتي بالصحراء الغربية “المغربية” تحت سيادة المملكة المغربية. فهذه العداوة الباردة والطاحنة بين البلدين حاصرت الإتحاد المغاربي في حالة من الشلل السياسي والركود الاقتصادي. وكانت التكلفة البشرية باهظة: “حدود مغلقة، ونمو متعثر، وأجيال بأكملها محرومة من الفوائد التي كان من الممكن أن يحققها التكامل الإقليمي”.

وأوضح الخبير الآسيوي “دامسانا راناديران Damsana Ranadhiran”، أن إعادة تنظيم واشنطن استراتيجيتها والتأييد الدولي المتزايد لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية “المغربية”، يدفعان المنطقة نحو سلام طال انتظاره. لكن وراء هذا الخطاب المتفائل تكمن حقيقة جوهرية: السلام مع المغرب لن ُرسخ الاستقرار في الجزائر، بل سيكشف عن هشاشة الدولة الجزائرية وفسادها وانعدام شرعيتها.

وأشار الخبير الآسيوي “دامسانا راناديران Damsana Ranadhiran”، على أن دعم الولايات المتحدة الثابت لخطة الحكم الذاتي المغربية ليس مجرد خيار دبلوماسي، بل هو الآن العمود الفقري لهيكل واشنطن الإقليمي طويل الأمد. وقد أكدت الإدارتان الجمهورية والديمقراطية على حد سواء أن خطة الرباط “جدية، وموثوقة، وواقعية”، معترفتين بأن النهج المغربي هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام دائم في الصحراء الغربية “المغربية”. وتمثل هذه السياسة ركيزة أساسية في استراتيجية أمريكا الأوسع نطاقًا، الممتدة من ساحل المحيط الأطلسي إلى منطقة الساحل.

حيث أكد “دامسانا راناديران Damsana Ranadhiran”، على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى ركيزة قوية ومستقرة، والتي تتجسد في الدور الريادي للمغرب، الذي يعد كشريك واشنطن الأكثر موثوقية في شمال أفريقيا، ليس فقط في مكافحة الإرهاب من خلال شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء، وما تعرفه منطقة الساحل من عدم الاستقرار تحت ضغط التمردات الجهادية والانقلابات العسكرية، بل أيضًا في التعاون في مجال الطاقة والأمن البحري والتحديث الاقتصادي.

فهذه السياسة العدائية المنتهجة من النظام العسكري الجزائري، تجاه المغرب، وخوفه من السلام، تكمن في تركيبته الأيديولوجية واستراتيجيته في السعي إلى الشرعية الشعبية، وهي مظهر واضح من مظاهر بنيته العمياء. لأي محاولة “للخروج عن المسار” والولاء القسري. وتصريف مرضه النفسي، بسياسة الكراهية والتفكير المتهور، عبر إيهام الرأي العام الداخلي: بكونه المحصن من العدو الخارجي، ليشعرهم بأن سياسته العدائية القذرة فوق أي انتقاد وغير قابلة للمناقشة بل للاجماع القبلي، وتخضع للرقابة الذاتية، وأي تفكير عقلاني يعد إخلالا بالإجماع والوضع الراهن، كما أن أي انتقاد أو توبيخ كظاهرة تجعله يفقد منظور سيطرته على دواليب السلطة التي قد تصبح عرضة للخطر، يتطلب الضغط المباشر على التوجهات الفكرية العقلانية، أو المعبرة عن القلق بشأن قضايا ما تنتهجها سياسته المتهورة، والتي تعريها التأثيرات الخارجية، وتقلق جماعته، وتفكك أوهامها.

فالنظام العسكري الجزائري بعد انتكاسته في ملف الصحراء المغربية، وهوسه العدائي المغرب، نتيجة مرضه التنظيمي، ولد له عمى استراتيجيا وانفصالا عن الواقع، على مستوى التدبير الداخلي أو العلاقات الخارجية، وما استمراره في انكار نكسته وخوفه من السلام مع المغرب، هو خوف من تدمير ذاتي حتمي، لبنيته الداخلية التي تمنع هذا النظام العسكري الجزائري من رؤية الواقع، والتحولات الإقليمية والدولية.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -