جرائم فرنسا في حق المغاربة.. عندما دمر الجنرال ”داماد” قبائل الشاوية وقتل أطفالا ونساء أبرياء في معارك غير متكافئة

أعادت المناورات الفرنسية داخل البرلمان الأوروبي وغيره من المؤسسات والمنظمات الدولية، التي تستهدف المغرب لمحاولة النيل منه وابتزازه، إلى ذاكرة المغاربة الجرائم والإبادات الجماعية المرتكبة من طرف الاستعمار الفرنسي في حق المقاومة والشعب المغربي.
وتكشف بشاعة جرائم فرنسا المرتكبة في حق المغاربة الوجه الخبيث لهذه الدولة الاستعمارية، التي تحاول اليوم الظهور بمظهر “الأستاذ” الذي يجيد تقديم الدروس في مجال حقوق الإنسان واحترام مبادئ الإنسانية، فيما يثبت التاريخ خلاف ذلك.
ومن منطلق مواكبتنا في موقع “برلمان.كوم” لمختلف القضايا التي تهم وطننا، خصوصا إذا تعلق الأمر باستهداف المملكة وابتزاز مؤسساتنا الوطنية عن طريق اتهام المغرب بمزاعم لا أساس لها عمليا وعلميا لمحاولة ثنيه عن مواصلة مسيرته التنموية وعرقلته والتشويش على وحدته الترابية، ارتأينا أن نسلط الضوء خلال شهر رمضان على محطات من التاريخ المغربي، وعلى جرائم بشعة ارتكبتها فرنسا في حق المغاربة، تستوجب الاعتذار.
وبعدما تطرقنا في مقالات سابقة ضمن هذه السلسلة الرمضانية، إلى احتلال القوات الفرنسية لقبائل الشاوية وتفقير وتجويع سكانها من قبل النظام الفرنسي، ارتأينا التطرق في هذا المقال إلى جرائم أخرى ارتكبتها فرنسا في حق المغاربة خلال معارك قبائل الشاوية.
حرب غير متكافئة ضد أبرياء ومدنيين
بعد توالي فشل الجيش الفرنسي على الرغم من عتاده العسكري وأسلحته الثقيلة، أقدمت فرنسا على عزل الجنرال “درود” لتبرير فشلها في إخضاع منطقة الشاوية لها، ليتولى سنة 1908 الجنرال “داماد” قيادة جيش الاحتلال متبنيا خطة جديدة عساها تمكنه من الوصول إلى الغرض المنشود.

وفي حرب غير متكافئة شنتها فرنسا – التي تدعي اليوم حماية حقوق الإنسان- ضد مغاربة أبرياء ومدنيين عزل، إذ هاجمت قبائل الشاوية ودمرت المنطقة وشرعت في الاعتداء على الأبرياء، بقوات تضم حوالي 12000 جندي و9 كتائب مشاة و6 سريات خيالة وسرية من الكوم الجزائريين، بالإضافة إلى أربع بطاريات مدفعية و80 الجبلية و6 فصائل رشاشات وحوالي 1500 بغل، لمختلف المهام، إلى جانب و600 عربة.
يضاف إلى هذا، مصالح الصحة والإدارة والتموين وغيرها التي كانت تشتغل لصالح القوات الفرنسية، فيما استولى الجنرال الفرنسي “داماد” على حوالي 2000 جمل واستخدمها في عمليات النقل والتموين لإبقاء قواته بعيدا عن الدار البيضاء بعض الوقت، هذا إلى جانب استخدام الجنرال في بداية هجوماته منطادا في عمليات الاستطلاع، بحيث كان المنطاد يتحرك بتحرك القوات ويستطلع أمامها الميدان، وفقا لما ذكره علال الخديمي، ضمن مؤلفه ”التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب، حادثة الدار البيضاء واحتلال الشاوية”.

وهكذا، فإن الخطة الجديدة التي كلف الجنرال الفرنسي “داماد” بتنفيذها، تقتضي العمل على احتلال الشاوية كلها بواسطة عمليات عسكرية سريعة تهاجم سكان القبائل في أراضيهم.
معارك الشاوية
كان الجنرال الفرنسي ”داماد”، يطمح إلى احتلال قبائل الشاوية معززا قواته بإمكانات متفوقة، حيث منذ وصوله للشاوية نفذ التعليمات القاضية بوضع قوات مهمة في مراكز متقدمة من الشاوية، بهدف إسناد عمليات الهجوم على القبائل في العمق ولهذا احتلت مدينة المحمدية يوم 10 يناير 1908، وبوزنيقة وبرشيد في يوم 13 من نفس الشهر.
وبحسب علال الخديمي، فإن قوات الجنرال “عندما وصلت لبرشيد لم تجد أمامها سوى الفراغ، حيث كان السكان قد غادروا المنطقة قبل وصول الجيش الفرنسي”، مشيرا إلى أن ”داماد” هاجم من برشيد مدينة سطات صباح يوم 15 يناير، ودامت المعركة من الساعة الثامنة إلى الساعة الثانية عشرة، إذ انسحب المغاربة تحت ضغط هجوم العدو.

وتابع المؤلف: ”عندما دخلت طلائع القوات الفرنسية للمدينة، وتبعها الجنرال على رأس قواته الاحتياطية تعرضت لهجوم عنيف قام به سكان قبيلة المذاكرة الذين هبوا للمعركة على صوت المدافع”، حيث خسر المغاربة في هذه المعركة العديد من رجالهم المشهورين وعلى رأسهم القرشي بن الرغاي أحد زعماء انتفاضة الشاوية، لكن خسائر الفرنسيين كانت أفدح إذ خسروا حوالي 30 رجلا بين قتيل وجريح من بينهم “الليوتنان كروتيل”.
وجراء ذلك، يضيف الخديمي، أراد الجنرال الفرنسي ”داماد” معاقبة قبيلة المذاكرة في بلادهم، فقرر توجيه عملياته ضدهم، لهذا وزع قواته إلى طابورين؛ ”طابور تيرس”، ومركزه برشيد يقوده العقيد الكولونيل “بوتكور”، وطابور ”الساحل” كان يقوده الجنرال نفسه، وذلك بغية الزحف على المذاكرة من اتجاهين مختلفين، لكن هذه العملية واجهت فشلا ذريعا فقد اصطدم المغاربة مع الطابور الأول قبل وصول الثاني.
وبعد فشل ”داماد” في ذلك، رغم استعاناته بمنطاد لمراقبة تحركات المغاربة، عاد للدار البيضاء ليهييء التموينات اللازمة لعملياته ضد قبائل الشاوية، حيث استولى في معركة ”دار قصيبات” ليوم 2 فبراير 1908 على حوالي 2000 رأس من قطعان الماشية، كما قنبل الخيام والمساكن.

انتقام القوات الفرنسية من المغاربة
وإلى جانب ما تم ذكره، عرفت قبائل الشاوية معارك أخرى، حيث أراد الجنرال الفرنسي ”داماد” الانتقام من المغاربة بعد فشل معاركه السابقة ضدهم، إذ أحرق يوم 4 فبراير من ذات السنة، الدواوير التي وجدها قرب منطقة الزاوية، وخلال الليل تعرضت قوات داماد للهجوم، والقذائف المدفعية لكن مدفعية الجبال أبعدت المغاربة الذين تراجعوا نحو سطات يوم 5 فبراير، وفقا للمؤلف المذكور.
ولم يتوقف الجنرال الفرنسي عن هذا الحد، بل هاجم بعد منتصف ليلة 5-6 فبراير مدينة سطات، في ”معركة سطات الثانية”، لتتمكن القوات الفرنسية من دخول المدينة، بعد تخريب القصبة بالقذائف، وإحراق الأحياء الشعبية.

وبالموازاة مع ذلك، خاضت القوات الفرنسية حروبا أخرى على قبائل الشاوية، منها معركتي “برابح وسيدي عبد الكريم” المعروفة بـ (السدرة)، أيام 16-17-18 فبراير 1908، ومعركة “فخفاخة” ليوم 29 فبراير، التي فقد فيها المغاربة 12 رجلا، قبل أن يقرر بعدها ”داماد” تغيير خطته في القتال، وهو ما حدث خلال عمليتي 8 و15 مارس 1908 عندما نفذت القوات الفرنسية عملية سريعة في بلاد المذاكرة يوم 8 مارس، بحيث أحرقت في تقدمها كل ما وجدته أمامها وهدمت الدور التي غادرها أصحابها، كما قنبلت مخيمات السكان، وأشعلت النيران في الخيام.
قتل الأطفال والنساء
وفقا لما أورده علال الخديمي، ضمن مؤلفه ”التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب، حادثة الدار البيضاء واحتلال الشاوية”، فإن الرواية الفرنسية تشير إلى أن المدفعية والرشاشات ونيران المشاة، قامت بمذبحة فضيعة في شعب من شعاب جبل ”مكارطو” بين المذاكرة وأولاد محمد.
ويوم 15 مارس نفذ الجنرال الفرنسي ”داماد” مذبحة في حق المغاربة، حيث فتح نيران المدافع بشكل مفاجئ على عدة دواوير بهدف اقتحامها، فأسقط حوالي 2000 مغربي، أغلبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.