البقالي، شجرة تسْتُرُ الصحاري
الفشل الواسع للرياضة المغربية كان على وشك فقدان آخر ما يستر به عورته، ولو لم يفز البقالي بالذهب لوقعت رجة شعبية كبرى تطالب بمحاسبة الخالدين في الجامعات الملكية دون مردود وأحيانا دون نشاط يذكر. وبذلك استطاع الذهب أن يؤجل الحساب العسير إلى فضيحة قادمة.
من كل الجامعات الملكية، تميزت جامعة كرة القدم في السنتين الأخيرتين بنتائج مُرضية، آخرها نحاس باريس، الذي يساوي الكثير من الذهب إذا اعتبرنا السياق الأولمبي المعقد، لأن مشاركات الفريق الأولمبي كثيرة بلا فائدة، عكس مشاركات كأس العالم التي تتجاوز أصابع اليد بقليل. وقد رأينا كيف كان اهتمام العالم بفريقنا الوطني الأولمبي رغم “الشمتة” التي حرمته من مباراة النهاية. وقد ننصف أيضا جامعة كرة اليد التي استطاعت في أزمنة معينة أن تصل إلى بطولة العالم.
الجامعة الملكية لألعاب القوى نائمة منذ ذهبيتيْ الكروج في أثينا 2004، وظلت في سبات عميق حتى جاء سفيان، البطل المتكامل، الذي كسر شوكة الكينيين بعد تربعهم على عرشها سنوات طويلة، كان ذلك في ألعاب طوكيو سنة 2020 ومنذ ذلك الزمن لم نر ذهبا غير ذهب البقالي، في بطولة العالم أو الألعاب الأولمبية، علما أن إنجاز هذا العداء الرائع هو ثمرة مجهود شخصي. ماذا نقدم في الأنواع الأخرى من ألعاب القوى؟ الجلة، الرمح، القفز، العلوي، الطولي، الزانة، سباقات السرعة؟
تحتاج هذه الجامعة إلى رجل خبير لا إلى إداري محنك في تسيير المقاولات، ماذا يعرف الرئيس المدير العام لاتصالات المغرب في ألعاب القوى؟ كيف تساعد الجامعة النوادي الرياضية؟ كيف تشجع العدائين الواعدين وتكتشفهم؟ كيف تنظم الملتقيات الوطنية دون بطولة المغرب التي لم تُخرج كفاءات رياضية منذ زمن بعيد؟
هذه الجامعات الملكية الكثيرة دون غلة تذكر، بعضها يرمي الرماد في العيون ببعض الأنشطة دون أن ينتج ذلك أبطالا مؤهلين على المستوى العالمي. لو كانت جامعة السباحة تحملت مسؤوليتها لكان عندنا ذهب كثير يعضِّد ذهب ألعاب القوى (7 ذهبيات) دون ذكر جامعة الجمباز أو الملاكمة أو التايكواندو، وهي رياضات تُمنح لها أوسمة ذهبية كثيرة.
وبعض هذه الجامعات لا نسمع عنه شيئا ولا نعرف حتى الخالدين الجالسين على رئاستها منذ عشرة أو عشرين سنة أو أكثر. هل سمعتم شيئا عن جامعة رفع الأثقال؟ كرة السلة؟ الكرة الطائرة؟
وهناك جامعات تثير من الصداع الإعلامي ما يثقل الأذن وحين نأتي إلى التباري الدولي تخرس الأيادي والأرجل والعقول. جامعة الفروسية والتنس والغولف والدراجات، يكثر اللغو فيها كل يوم وكل شهر وكل سنة دون أي تميز دولي، لماذا؟ من المسؤول؟ وزير الرياضة؟ هو نفسه غير متخصص، كما أن العلاقات الإدارية تغلب على الأداء التنظيمي بين الوزارة والجامعات.
هل نحتاج إلى تنظيم ألعاب أولمبية لعل الهمم تفيق من نومها؟ لعل الجدية تسري في عروق الرياضات الوطنية، وقد كانت ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983 محفزة للشباب ومحركة للإرادات، وربما كانت “انتفاضة” ألعاب القوى من حسنات هذه الألعاب. هل نمضي في الحلم إلى زمن بعيد بدل أن أن ننتفض انطلاقا من اليوم، على ما أصاب رياضتنا من العقم المؤدي إلى الموت ونصنع واقعا رياضيا متعافيا من الفساد وانعدام المسؤولية؟
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.