أخر الاخبار

تأسيس مدينة شفشاون : نبذة تاريخية

تأسيس مدينة شفشاون: نبذة تاريخية

 

تأسيس مدينة شفشاون : نبذة تاريخية

 

بقلم محمد حاتم : طالب،جامعة عبد المالك السعدي،تطوان.

ان مدينة شفشاون كغيرها من المدن التاريخية العتيقة التي تموقعت جغرافيا بين جبال الريف بشمال المغرب لعبت دورا تاريخيا مهما عبر حقبها التاريخية انطلاقا من تأسيسها كقلعة للجهاد ضد الغزاة البرتغاليين والاسبان لتصبح بعد ذلك امارة مستقلة بإدارتها وجيشها وعلمها وعملتها لعقود من الزمن زادت على التسعة.

ثم أصبحت مقر استقرار المهاجرين من الاندلس،الذين وجدوا في المدينة ماوى يحميهم ويخفف عنهم معاناتهم وماساتهم.فشيدوا بها منازلهم ومساجدهم وفنادقهم وافرانهم ورحاهم واحيائهم ودروبهم وازقتهم وحماماتهم بالطريقة التي عاشوا فيها مع أبنائهم واجدادهم في المدن الاندلسية كغرناطة.[1]

ويرى المؤرخ البرتغالي دافيد لوبيس David Lopes  [2] ان تأسيس مدينة شفشاون لم يكن الغرض منه انشاء مدينة عادية،بل كان بمثابة رد فعل على الحملات المتوالية التي كان يقوم بها البرتغاليون بشمال المغرب،قام بها الشرفاء العلميون الذين جعلوا من المدينة حصنهم المنيع بفضل موقعها الاستراتيجي بين الجبال،في ناحية بعيدة عن البحر،الامر الذي جعل منها ضريح الإسلام الذي لم يتمكن الكفار من الوصول اليه.وتعتبر حومة حي السويقة اول ما شيد بالمدينة ،حيث رافق الأمير علي بن راشد بعد عودته من غرناطة اسر اندلسية حوالي 80 اسرة شكلت النواة الأولى للساكنة بها، حيث عرفت المدينة ثلاث هجرات اندلسية [3]:

الأولى: سنة 888ه/1483 م اضافت الى المدينة حومة الخرازين وحومة الصبانين

الثانية : سنة 898ه/1493م حيث حلت بها مجموعة من الاسر الاندلسية وكانت السبب في انشاء حومة ريف الاندلس،حيث كانت تغطي حوالي ثلث سكان المدينة اذا لازالت المدينة تحتفظ بطابعها الاندلسي : شكل الاقواس والازقة الضيقة الملتوية والمنازل بابوابها الكبيرة والقصيرة والنوافذ ذات الشبابيك الحديدية وبئر المياه في فناء المنزل والاشكال الهندسية الغرناطية داخل الغرف الكبيرة ،ذات السقف المزخرف خشبه بالوان زاهية .

الثالثة : كانت سنة 907ه/1502م والتي نتج عنها انشاء حومة جديدة بالمدينة وهي حومة العنصر المؤدية الى منبع الماء المعروف براس الماء خارج سور المدينة .

والجدير بالذكر ان الاسر الاندلسية المهاجرة الى المدينة تركت اثرا بارزا على تقاليد السكان والمعمار أيضا ،اذ كان لهؤلاء الأثر البارز في ازدهار حركة الصناعة والتجارة والعمران والفنون والاداب،اذا احدثوا تطورا مهما في اعمار المدينة والحفاظ على الطابع الاندلسي في البناء والتشييد طبقا لمقتضيات جغرافية حضرية تستجيب لمعايير التخطيط مراعاة للشمس والمطر والريح واتجاه القبلة.وهكذا أصبحت مدينة شفشاون ومحيطها معقلا من اشد المعاقل تحصينا للثقافة الاندلسية ومحيطها.ويتجلى هذا الإرث بوضوح في عدة جوانب من الحياة اليومية في المدينة كالعادات والتقاليد والالبسة والمأكولات والاحتفالات الموسمية وحفلات الزفاف والبسة العروسين وغيرها .كما ترجموا وقائع واحداث سياسية واجتماعية، فلا يزال يتردد على السنة البعض اغنية شعبية كتبت في زمن بعيد تحكي قصة طرد المسلمين من الاندلس[4] ومعاناتهم مع النصارى في منطقة جبالة (غمارة والاخماس) تقول بعض كلماتها :

الاندلس يا حضارة

حين دخلوها الكفار

دمرها القمار

وابتلت بالبارود

وفي شهر الصيام

ياتونا بالطعام

يبطل لنا الصيام

دائما اسيادي فلله يا الإسلام

ما فيكم من يزعم

للقتال والزحام

لباب الجهاد

 


 

وتتميز المدينة العتيقة لشفشاون بطراز مغربي أصيل ضارب في القدم،يستمد جذوره من الطابع العربي الأندلسي المتكون من غرف منقوشة بأشكال وتعابير هندسية إسلامية قمة في الروعة والإتقان،وتتخلل احيائها و أزقتها الضيقة بوابات مشهورة مثل باب العين وباب السوق والملاح وغيرها ،كما يوجد مساجد عتيقة كالجامع الأعظم . 

المراجع : 

[1] شفشاون : تاريخ ،اصالة،حضارة،نشر جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية،2012،ص 5.

[2] المرجع السابق ،ص 16-17.

[3] نفس المرجع،ص 25.

[4] نفس المرجع،ص 28.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -