أخر الاخبار

إعمار المناطق المتضررة من الزلزال يرسم معالم جيل جديد من القرى المغربية

معالم جيل جديد من القرى المغربية


يتجه المغرب إلى إحداث جيل جديد من القرى بعد كارثة الزلزال، على اعتبار أن الملك محمدا السادس حث المسؤولين على إعداد برنامج استثنائي لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الهزة الأرضية خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي سيدفع قدما بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتعثرة بالبوادي.


ونصت توجيهات الملك محمد السادس، خلال الاجتماع الوزاري، على ضرورة تعزيز البنيات التحتية لتقليص الفوارق المجالية والرفع من الخدمات المحلية، بما من شأنه إدماج القرى المعزولة في التنمية الاقتصادية الوطنية التي انصرفت سابقا إلى دعم الحواضر بالدرجة الأساس.


بالنسبة إلى عبد الواحد زيات، فاعل مدني متخصص في القضايا الشبابية والتنموية، فإن “الشيء الملهم في كارثة الزلزال هو التضامن الاجتماعي غير المسبوق بالمغرب، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، خاصة أن الملك محمدا السادس أولى عناية استثنائية لضحايا الفاجعة الإنسانية كما هو معهود فيه”.


وأفاد زيات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “عملية إعمار المناطق المتضررة تستدعي إحداث نموذج جديد من السياسات العمومية بالعالم القروي، عبر تخصيص غلاف مالي ضخم لهذه العملية التي ستعيد رسم معالم القرى والبوادي بالمغرب لكي تصلها عجلة التنمية المتوقفة بها منذ سنوات”.


وأوضح الخبير ذاته أن “السياسات التنموية يجب أن تراعي الجانب المجالي عبر التفكير في نماذج مبتكرة للسكن اللائق حسب المعمار الثقافي المحلي، على اعتبار أن جميع الحكومات المتعاقبة كانت تهتم بسياسات المدينة فقط، دون أن تتبنى برامج سكنية موجهة للقرى، الأمر الذي جعل هذه المناطق تفتقد إلى أبسط المرافق العمومية”.


وأكد المتحدث أن “صندوق تنمية العالم القروي انصرف إلى دعم المواشي والفلاحين فقط، بينما لم يستهدف العمران القروي المتميز”، داعيا إلى “إدماج الجماعات الترابية لكي تنسق فيما بينها في المستقبل القريب لمواجهة تحدي المرحلة المقبلة التي ستخصص لتنمية العالم القروي على غرار ما تم القيام به في العالم الحضري”.


وفي السياق نفسه، قال رضوان جخا، باحث في السياسات الاجتماعية، إن “قائد الدولة الأمة الملك محمدا السادس ما فتئ يبهرنا كشباب بالطريقة والكيفية التي يتم بها تدبير الظروف الصعبة والاستثنائية على غرار هذا الزلزال المدمر، فمنذ الوهلة الأولى أعطى الملك تعليماته لكافة المؤسسات للتدخل العاجل على مستوى تعزيز فرق الإنقاذ بالأقاليم التي ضربها الزلزال”.


وأضاف جخا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الدولة وضعت خارطة طريق بإشراف ملكي خلال جلسة العمل الخاصة بتدبير هذه الظرفية، لتأتي المبادرة الملكية التاريخية التي جسّدت ملحمة وطنية بين ملك عظيم ومؤسسات وسلطات تشتغل ومجتمع مدني متجند وحيوي، بخصوص الإجراءات المستعجلة التي وجب اتخاذها لتعزيز البنيات التحتية وتقليص الفوارق المجالية”.


وأكد الخبير الاجتماعي عينه أن “البداية كانت بتنزيل التوجيهات الملكية المتمثلة في اللجنة بين وزارية المكلفة بوضع برنامج استعجالي، على أساس تقديم دعم مادي لإعادة تأهيل أو بناء المنازل المتضررة”، وقال إنها “محطة هامة جدا، فالملك أعطى تعليماته بخصوص مسألة دعم السكن المتضرر، ولي كامل الثقة في السلطات الإقليمية وكافة المتدخلين لإنجاح هذه المحطة الهامة التي تنطلق أساسا بالجرد والإحصاء”.


وتابع: “أتمنى أن تتم هذه العملية بدرجة عالية من الدقة للمساكن بالمداشر البعيدة، وأن تقوم خلايا اليقظة بتتبع الوضع وحلحلة التحديات التي قد تظهر حتى يتم إحصاء جميع المنازل الآيلة للسقوط أو التي هدمت بفعل الزلزال”، مبرزا أن “الرفع من الخدمات يقتضي اعتماد الرقمنة الإدارية وتنزيلها بشكل أكثر لتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية”.


وخلص إلى أن رهان تقليص الفوارق المجالية الذي وضعه الملك محمد السادس ضمن الأولويات، “يستوجب تكاثف المجهودات”، سواء حكوميا عبر برامج وأوراش استراتيجية يجب على الحكومة توطينها بالجنوب الشرقي، أو جمعويا عبر الفاعلين السياسيين والمدنيين الذين باتوا مطالبين بـ”وضع أرضية ترافعية تشاركية بعيدا عن الصراعات الفارغة التي لا تهم المنطقة في شيء”.


وختم رضوان جخا تصريحه لهسبريس بالقول إن “ذلك يشكل أرضية تساهم في الترافع على أوراش وبرامج تنموية قادرة على النهوض بالجنوب الشرقي، ليصل أو على الأقل يقترب مما وصلت إليه بعض المدن التي نفتخر بما وصلت إليه، على غرار مراكش وطنجة والرباط”.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -