أخر الاخبار

القايد خبان ، 1916


القايد خبان ، 1916
Caïd Khoubbane  القايد خبان ، 1916

عائلة خُبّان المسكاليين

أسرة يذكر أفرادها أن أصلهم من الشمال الشرقي للجزيرة العربية، وأن لفظ (خُبَّان) يعني في لهجة الخليج الانسان المتعقل والمتبصر.

والثابت لدى الباحثين عن هذه الأسرة أن أحد أفرادها يسمى (الشيخ محمد أبو جماعة) هاجر الى المغرب ونزل بمنطقة الشياظمة – إقليم الصويرة – في أواخر القرن 17م، واستقبله الشرفاء الركراكيون المنتشرة أضرحة أقطابهم في المنطقة، وقام هذا الشيخ بدعوة الناس بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو يطوف على الزوايا الركراكية الى أن استقر به المقام بقبيلة مسكالة بأراضي بلاد حاحا.

ثم التف الناس حول الشيخ لما اعتقدوا فيه من صلاح، وقصدوه للفتاوي والاستشارات، وحث الناس على حج بيت الله الحرام، وبقي على حاله ناصحا واعظا الى أن وافاه أجله في بلدة السباهان إحدى فخذات قبيلة مسكالة، وبنى له الناس هناك ضريحا عليه قبة.

وخلف أولادا ومن بينهم أحدهم يسمى الحاج المحجوب هو جد أولاد خُبان الذين سنقتصر على ذكر أخبارهم ودورهم في بلاد الشياظمة، وهم :


الحاج سعيد بن المحجوب خبان :

ولد حوالي عام 1785م بقبيلة مسكالة، حفظ القرآن ونال قصطا من العلم عن أبيه، ثم رحل الى الصويرة لمواصلة تعليمه، على يد الفقيه محمد بن احمد الشيظمي المروري، والفقيه الحاج محمد توفلعز السوسي، وصادفت هذه الفترة إقامة الأمير مولاي عبدالرحمن بالصويرة بصفته خليفة للسلطان مولاي سليمان، ثم رحل الطالب سعيد خبان الى المشرق، وأدى فريضة الحج، وجال في أقطار المشرق، ثم عاد الى المغرب بعد غياب سنتين، وكان محترما موقرا في أهل قبيلته حتى منحوه ثقتهم واختاروه شيخا على قبيلتهم، مارس الشيخ الحاج سعيد خبان مهامه بحكمة، وكان معمرا عاش أكثر من 100 سنة، وتوفي وهو في كامل قواه العقلية والحسية لما حوله عام 1904م.


مبارك بن الحاج سعيد خبان :

ولد عام 1811م، وحفظ القرآن وتلقى بعض العلوم عن أبرز الفقهاء الركراكيين الموجودين آنذاك بالشياظمة، وحظي بتقدير الأهالي، ودعا الى التمسك بالدين والوفاء للدولة العلوية، ونبذ الانفصالات والفوضوية بسبب النهب الغادر عام 1822م الذي تعرضت له صاكة مدينة الصويرة على يد بعض ذوي بلال بما تضمنته من أموال كثيرة ونفائس مستخلصة من مرسى المدينة، بتواطئ مع قائد الشياظمة يومئذ علي بن محممد الشياظمي، وكانت خزائن هذه الصاكة موجهة الى مراكش تحت الحراسة المخزنية، وقد اثر هذا الحدث في نفس السلطان مولاي سليمان حتى اعتراه مرضه الذي كان سببا في وفاته، وفي عام 1842م، حج القائد مبارك خبان الى بيت الله الحرام، وآثر البقاء هناك لنهل العلوم في مكة والمدينة، ولم يرجع الى وطنه الا بعد 10 سنوات، وبعد عودته الى وطنه اختير ليكون عضوا في مجلس الشورى الجهوي الذي أحدثه المخزن المركزي عبر التراب الوطني، وبهذا المركز المرموق الذي حظي به قصده قياد المناطق المجاورة، ومنهم القائد بوجمعة التدلاوي، والقائد عمر البلاح، وجعلهم مستشارين له، وأسس مقر إقامته في بلاد التوابت قرب زاوية سيدي عيسى بوخابية الركراكي، ونظم هناك حلقات دراسية لفقهاء المنطقة، وبنى (دار خبان) وهي قرية صغيرة بمسكالة بالقرب من سوق الخميس، لتكون مركزا اداريا، غير أن المنطقة اضطرب مع وفاة السلطان سيدي محمد بن عبدالرحمن، حيث ثار اهل حاحا على قياد الشياظمة وشيوخها، وطال غضبهم على القائد مبارك خبان ومستشاره القائد عمر البلاح، فدعاهما السلطان مولاي الحسن الأول الى مراكش، وبعدما استمع الى الأطراف قضى السلطان بتعيين قياد آخرين على الشياظمة، وعين القائد مبارك خبان عاملا على الشياظمة برمتها، وسمح له باتخاذ (دار خبان) قاعدة إدارية للعمالة، وبقي القائد مبارك خبان في مهامه الادارية، بتعاون مع قياد المنطقة، الى جانب مهام التدريس الى أن وفاه الأجل عام 1890م


القائد حسن بن مبارك خبان :

هو القائد حسن بن مبارك بن الحاج سعيد بن المحجوب خبان ، ولد بمسكالة عام 1850م، تعلم في كُتاب والده حتى حفظ القرآن، ثم حج وتابع دراسته على علماء مكة والمدينة، ثم رجع الى وطنه يعلم القرآن والشريعة في احدى زوايا المنطقة، ثم اشتهر أمره وأجمع سكان قبيلة مسكالة على اختياره على رأس مشيخة قبيلتهم خلفا لوالده، وزكى هذا الاختيار حاكم الصويرة الركراكي الدبلالي، وخلال عام 1895م صدر ظهير عزيزي يحول مشيخة مسكالة الى قيادة، وذلك بعد أن أصبحت تعرف بدار خبان، وتم تعيين الشيخ حسن أول قائد على مسكالة، وقد قرأ قاضي الصويرة ادريس بن محمد بوعبيد العمري الفاسي ظهير تعيينه على الملأ، وقد أبان القائد حسن خبان عن تمسكه ببيعة السلطان مولاي عبدالعزيز وحاول توحيد الكلمة بين سكان قيادته والحفاظ على الشرعية العلوية القائمة، ومثل ذلك فعله مع السلطان مولاي عبدالحفيظ وتوجه في وفد من أعيان قيادته الى فاس لتقديم البيعة، وهناك وفاه أجله بعد احتفالات عيد المولد عام 1329هـ موافق 1911م.


القائد العربي بن مبارك خبان :

هو القائد العربي بن الحاج مبارك بن الحاج سعيد بن الحاج المحجوب خبان، ولد عام 1869م بدار خبان بقبيلة مسكالة، حفظ القرآن وتتلمذ محليا على مفقهء بلده ومنهم العالم الشريف احمد بن عمر المدني، حتى تبوأ مكانة مرموقة في مجتمعه وبلغت مدينة الصويرة، وفي بداية عهد السلطان مولاي يوسف سنة 1912م تم تعيين العربي خبان عاملا على الشياظمة، واحمد السعيدي الطنجي عاملا على الصويرة، غير أن القائد عبدالرحمن الكيلولي على حاحا يومها رفض البيعة وركب مطية العصيان هو وأنصاره، وذلك بمجرد ما بلغهم نبأ توقيع الحماية وتنحية السلطان مولاي عبدالحفيظ واعتلاء السلطان مولاي يوسف، ومعلوم أن أهل حاحا كانوا منذ القرن 19م في خلاف عميق مع المخزن، وصدرت الأوامر من الرباط الى القائد العربي خبان وعامل حاحا القائد محمد أنفلوس بإعانة الجيش المخزني الذي كان تحت قيادة العسكري الحسين الزعري السلاوي مع جنود فرنسيين قادمين من مراكش تحت قيادة الرائد ماسوتي، وسار القائد العربي خبان على رأس جيشه وقامت معركة حامية بين القوات المخزنية والثوار، سقط فيها عدد من الضحايا في صفوف الجانبين، ودامت المعركة عدة أيام في مواقع استراتيجية منها دار القاضي، وزاوية بنحميدة وزاوية الكرات وبوريكي وأيت السرايدي، وقد أكرم القائد العربي لشجاعته فألحقت هذه المواقع الى ايالته، بعد أن كانت تابعة للقائد محمد انفلوس الذي ارتد عن القتال ضد الكيلولي واختفى مع جنوده طيلة أيام المعركة.


القائد سعيد بن العربي خبان :

هو القائد سعيد بن العربي بن الحاج مبارك خبان : ولد عام 1908م، وحفظ القرآن في قريته، وشارك والده في مهامه الادارية، ورافقه في جولاته بالقبيلة، واختاره والده مساعدا رسميا له، وبعد وفاة والده سنة 1942م، أصبح سعيد خبان قائدا على مسكالة، وأظهر حنكته واهتمامه بشؤون الرعية، وبدأ في تعمير مسكالة، ومد اليها الاسلاك الهاتفية، الرابطة بين سوق الخميس مسكالة والطريق الرئيسية الرابطة بين مراكش والصويرة، وكان يخفف على الناس ما كانت تفرضه عليهم سلطات الحماية الفرنسية من أشغال لصالحها رحمة بهم، وكان مشجعا للتعليم، حتى ذاع خبره لدى الاستعمار واضافت لقيادته مناطق أخرى حتى توسعت الى نصف أحواز الصويرة، وعندما قام الملك محمد الخامس بزيارة الى الصويرة عام 1946م، اختار أن يقيم في قصر القائد سعيد بدار خبان بمسكالة، وكان أول قصر بالبادية متوفر على الكهرباء والماء العذب الجاري في القنوات والهاتف، كان نبيلا في أخلاقه وسلوكه، محبا لأهل المعرفة والعلم، وكان يجالس فقهاء الشياظمة والصويرة، ومنهم القاضي محمد بن ادريس بن رحمون، والقاضي عبدالحفيظ الفاسي، وهكذا سطع نجم عائلة آل خبان مع هذا القائد النبيل، وبعد وفاته سنة 1952م مالت شهرة العائلة الى الأفول الى أن احتجب نهائيا مع بداية الستينات، رغم الجهود التي بذلها اثنان من أبناء القائد الراحل، وذلك بسبب قصورهما في التدبير الحسن مثل والدهما.


المصدر : منقول بتصرف من تعريف الباحث الأستاذ أحمد بنجلون من المعلمة عن وثائق أسرة خبان، ومؤلف ايقاظ السريرة، والاستقصا.



تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -