أخر الاخبار

يوم بكت طنجة وخرجت تطلب الغفران من السلطان

 


بشرى المروجي

بعد وفاة السلطان العلوي المولى اسماعيل سنة 1727 م عرف المغرب اهتزازات عنيفة مست الجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وكان الصراع على العرش بين أبناء السلطان الراحل أحد ابرز هذه الأسباب المؤدية لتلك الاهتزازات.

طنجة المدينة التي تحررت من قبضة الانجليز على يد المولى اسماعيل سنة 1684م، كانت من بين المدن التي برزت خلال هذا الصراع، وذلك بسبب الطموحات الطائشة للباشا أحمد بن علي الريفي الذي كان حاكما لطنجة وللمنطقة الشمالية الغربية في هذه الفترة.

اعتمد الباشا منذ توله حكم المنطقة الشمالية خلفا لأبيه، علي بن عبد الله الريفي سنة 1713 م، على فرض ضرائب ثقيلة على الناس لتسديد نفقات جيشه ورغباته المتسلطة، وظل الامر كذلك إلى ان توفي المولى اسماعيل سنة 1727 م، فأعلنت مدينة تطوان عصيانها عليه بسبب تلك الضرائب القاسية.

توجه الباشا أحمد من طنجة بجيشه إلى تطوان لإخضاعها لسلطته من جديد، لكنه لم يتمكن إلا من إحداث بعض الخسائر بالمدينة ونهبها والعودة أمام الدفاع المستميث لأهلها، فقرر التقرب من السلطان عبد الله بن اسماعيل للتقوي به من أجل العودة لغزو المدينة مرة أخرى.

مساعي الباشا لم تلقى القبول المرجو لدى مولاي عبد الله، فانتهز فرصة قدوم المولى المستضيء إليه طالبا دعمه في صراعه على السلطة مع أخيه المولى  عبد الله سنة 1742م، فأعلن مساندته الكاملة له، خاصة بعدما توطدت العلاقة بينهما عن طريق زواج المولى المستضيء  بأخت الباشا أحمد.

عمل الباشا على تحريض القبائل والمناطق التابعة له على المولى عبد الله للإطاحة به وإعادة المولى المستضيء إلى العرش بعدما خلع منه، فشبت معارك عديدة بين قوات المولى عبد الله وقوات الباشا الذي حارب باسم المولى المستضيء، حتى أتت المعركة الفاصلة في يوليوز 1743م بالقصر الكبير.

انطلقت المعركة الدموية الفاصلة التي سميت بمعركة “المنزه” بين المولى عبد الله والمولى المستضيء المدعم من طرف الباشا أحمد الريفي، وكانت طنجة في هذه الاثناء تترقب نتيجة المعركة بقلوب واجفة، فأغلب رجالها وشبابها تجندوا في جيش الباشا دعما للمولى المستضيء الذي نزل بديارهم.

ولم تمر فترة طويلة حتى وصلت الأنباء المشؤومة إلى طنجة تخبر بانهزام قوات الباشا أحمد، وبأن المعركة حسمت لصالح المولى عبد الله، فارتجفت لهذه الفاجعة وبكت مقتل أبنائها وهي ترى في الأفق مصيرها الأسود على يد السلطان المنتصر المشرف على أبوابها.

أمام هذا المصاب الكبير لم تجد طنجة حلا آخر غير أن تتجه إلى السلطان المولى عبد الله مستشفعة وطالبة الغفران إذ “خرج إليه رجالها يحملون المصاحف على رؤسهم والصبيان يحملون الألواح بين أيديهم مستشفعين تائبين، فعفا عنهم إلا من كان من بطانة أحمد الريفي” كما جاء في كتاب “الاستقصا” لمؤلفه الناصري.

هذه المعركة أنهت الصراع على العرش لصالح المولى اسماعيل، كما عرفت نهاية معاناة طنجة التي أقحمت في هذا الصراع من طرف القائد الطموح أحمد بن علي الريفي الذي سقط صريعا في هذه المعركة، وقطع رأسه وعلق بباب المحروق في فاس ليكون عبرة لكل متمرد حسب العادة السائدة آنذاك.
للإطلاع على مزيد من المواضيع التاريخية، زوروا قسم “إيضاءات تاريخية”
{tanja24}

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -