أخر الاخبار

القايد المعطي بالكبير البورزكي

القائد المعطي بالكبير البورزكي

الحاج المعطي بالكبير المدني البهلول العروسي البورزكي: سيرة قائد ودبلوماسي مغربي

وُلد الحاج المعطي بن الكبير بن المدني بن البهلول في أوائل القرن التاسع عشر بمدينة سطات، حيث ينحدر من أسرة عريقة؛ فأبوه كان القائد الكبير بن المدني، قائد قبائل ولاد بورزك بسطات. نشأ الحاج المعطي في بيئة قيادية وعسكرية، حيث تولى قيادة "الرحى"، وهي وحدة قتالية تابعة للملك المولى الحسن الأول، ملك المغرب آنذاك. شارك مع الملك في العديد من الحملات العسكرية عبر أرجاء المملكة، ووصل حتى مناطق سمارة في الصحراء المغربية.

بفضل ولائه وكفاءته، عينه الملك المولى الحسن الأول قائدًا على قبائل ولاد بورزك، بما في ذلك قبائل المزامزة وكدانة بسطات. اتخذ من قصبة سطات، التي بُنيت في عهد الملك المولى إسماعيل، مقرًا له، ولا تزال هذه القصبة شامخة حتى اليوم. ومن بين زوجاته، حدوم بنت القائد الكبير بن البهلول، وهي جدة الكاتب عبد القادر بن بوشتى.

تميز الحاج المعطي بثقافته الواسعة وأناقته وأصله العريق، مما أهلّه لتولي مناصب دبلوماسية رفيعة. عُين سفيرًا للمغرب في عدة دول أوروبية كبرى، مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، خلال عهد السلطان الحسن الأول (1873-1894). في إيطاليا، مثّل المغرب في عهد الملك أومبيرتو الأول (1878-1900)، ولعب دورًا بارزًا في الحوارات الدبلوماسية مع إسبانيا، التي كانت تهدد أمن المغرب، خاصة في مناطق سبتة وتطوان.

القائد المعطي بالكبير البورزكي
القائد الحاج المعطي بن الكبير بن المدني المزمزي دبلوماسي وفقيه مغربي اتقن بعض اللغات وهو سفير السلطان الحسن الاول (حكم (1873-1894)) في روما في عهد الملك أومبيرطو الاول Umberto I (حكم (1878-1900)).

اشتهر الحاج المعطي بحادثة دبلوماسية طريفة مع رئيس جمهورية فرنسا آنذاك، بول دومير، في ثمانينيات القرن التاسع عشر، حيث رفض تدخين السيجارة التي قدمها له الرئيس الفرنسي، مما أثار إعجاب المغاربة وأظهر تمسكه بقيمه. وقد تدخل الملك المولى الحسن الأول لاحقًا لتوضيح الموقف للرئيس الفرنسي.

إلى جانب دوره العسكري والدبلوماسي، كان للحاج المعطي إسهامات كبيرة في تطوير مدينة سطات. فقد أعاد بناء المدينة وأعطاها صيغتها الحالية، حيث أشرف على تشييد حي درب الصابون، الذي لا يزال يحمل نفس الاسم حتى اليوم. كما أسس قيسارية سطات القديمة، التي كانت مركزًا تجاريًا مهمًا، وتقع حاليًا في شارع محمد الخامس. جلب الحاج المعطي تجارًا من فاس، مثل عائلات المريني وبن شقرون وبركاش وبن جلول، لتنشيط الحركة التجارية في المدينة.

في عهده، كانت قبائل ولاد بورزك تعتمد على الزراعة، حيث كانت أراضي سطات خصبة وتنتج كميات كبيرة من القمح والشعير، التي كانت تُصدر إلى أوروبا. وبفضل جهوده، تحولت سطات إلى مركز اقتصادي واجتماعي مزدهر.

إرث الحاج المعطي العمراني والاجتماعي


لم يقتصر دور الحاج المعطي على الجوانب العسكرية والدبلوماسية فحسب، بل امتد ليشمل الجوانب العمرانية والاجتماعية. فقد بنى "الملاح" بالقرب من قصبة سطات، وهي منطقة سكنية خصصها لحماية اليهود من بطش البدو، مما يعكس تسامحه وحنكته في إدارة التنوع المجتمعي. كما كان يمتلك مساحات شاسعة من الأراضي في سطات، تجاوزت 4500 هكتار، مما جعله أحد أكبر ملاك الأراضي في المنطقة.

القائد المعطي بالكبير البورزكي

دوره السياسي وأسرته


قبل وفاته عام 1909، لعب الحاج المعطي دورًا سياسيًا بارزًا هو وأبناؤه، الذين تولوا مناصب قيادية. ومن أبرز أبنائه القائد علي، الذي ساهم في مبايعة السلطان مولاي حفيظ بن المولى الحسن الأول، وهو ابن العالية حفيدة القائد الغازي العروسي، عم الحاج المعطي المشهور. كما استضاف الحاج المعطي في قصبة سطات الشيخ ماء العينين، المجاهد الكبير ضد الاستعمار الفرنسي، والذي كان يقيم عند ابن عمه القائد المعطي.

وفاته وإرثه العائلي


بعد وفاته عام 1909، دُفن الحاج المعطي بجوار الوالي سيدي الغليمي، شيخ مدينة سطات، في موقع يقع حاليًا بشارع محمد الخامس. ترك وراءه إرثًا عائليًا كبيرًا، حيث خلف 55 ابنًا وبنتًا من خمس زوجات حرائر وأكثر من عشرين جارية. واستمر نفوذ أسرته في المنطقة، حيث تولى أبناؤه من جواريه مناصب قيادية في سطات حتى عام 1947.


يُعد الحاج المعطي بن الكبير بن المدني نموذجًا للقائد المغربي الذي جمع بين البطولة العسكرية والحنكة الدبلوماسية والإسهام في التنمية المحلية. ترك إرثًا عمرانيًا واجتماعيًا وسياسيًا لا يزال مرئيًا حتى اليوم، مما جعله شخصية بارزة في تاريخ المغرب الحديث.



القائد المعطي بالكبير البورزكي


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -