أخر الاخبار

الماسونية والماسونيون في المغرب- الجزء الثاني

ملف نعيمة أدهم
نشر في مرايا برس

جذور الماسونية بالمغرب

لقد مرت لحد الآن قرابة مائة وثمانية وثلاثين عاما، على أول دخول للماسونية إلى المغرب، وحسب بعض الكتابات المُوثقة، فإن سلاطين ومسلمين متنورين ووطنيين نخبويين، ويهودا مغاربة، وأرباب عمل فرنسيين.. وغيرهم أغنوا لائحة أول "أخوية ماسونية مغربية".

وإذا كانت "الأخوية الماسونية" ما زالت لغاية الوقت الراهن تثير الحيطة والحذر والشك، إلا أن تواجدها قديم في المغرب، ذلك أن بعض المؤرخين يتفقون على أن انزراعها في بلادنا يعود لسنة 1867، وبالتحديد مع تأسيس "الأخوية الماسونية بطنجة" برئاسة وإشراف من "حاييم بنشيمول" مُدير جريدة "يقظة المغرب" ومؤسس "الرابطة الفرنسية".
وزراء مغاربة في أحضان الماسونية
وسرعان ما عرفت "الأخوية الماسونية "بمدينة البوغاز، نجاحا كبيرا في الأوساط الإسبانية والإسرائيلية الطنجاوية، مُدعمة حينها بشكل قوي من طرف السلطات الفرنسية، وبشكل أسرع فأسرع تشكلت هذه النواة الماسونية في عدة "شرفات" اتخذت جانب الدفاع عن فرنسا في رغبتها بسط الحماية على المغرب.

وطوال عمر الجمهورية الثالثة (1871-1940) التي لُقِّبت بالجمهورية الماسونية، بالنظر إلى سطوة "الأخوية الماسونية الفرنسية" على كل أو جل مؤسسات الدولة، عرف المغرب "ازدهارا" ملفتا للشرفات الماسونية عبر كل أنحائه، حيث كان يندر ألا توجد مدينة مغربية لا تتوفر على "شرفة ماسونية". كما أنه في خضم النشاط الاقتصادي بالبلاد، آنئذ، ظهر عدة رؤساء ومدراء مؤسسات وشركات اقتصادية مهمة، من المنتسبين ل "الأخوية الماسونية" ومن تلك الشركات مَن مازالت موجودة لحد الآن، منها "الكونتوار التعديني" أو "وكالة النقل بالبيضاء"..

أما في عالم الصحافة فنجد "لافيجي ماروكان" و "لوبوتي ماروكان" وهما جريدتان من تأسيس "إخوة ماسونيون" كان شغلهم العمل بمجالات الاستثمار الاقتصادي، وفيما بعد عملت هذه الجرائد نفسها إلى الترويج للظهير البربري، حيث رأت فيه وسيلة لتخليص الساكنة المازيغية من الهيمنة العربية.

"لم يتوقف (الإخوة الماسونيون) عن المُطالبة بتنمية مناطق الأهالي وبتعليم مختلط وعلماني في المدرسة الخاصة، وهو ما كان يذهب في اتجاه مُضاد للمصالح الأوروبية، حيث كانت هناك خشية من أن يصبح ابناء المسلمين مُنافسين لأبنائنا في مجال تضيق فيه الاختيارات المهنية ما بعد الدراسة" كما قال احد المعمرين حينها.

في تلك الظروف لم يكن المعلم الأكبر للأخوية الماسونية بمدينة تطوان سوى السيد "عبد السلام بنونة" الشخصية الوطنية المعروفة، ومالك الأراضي الشاسعة بمنطقة الشمال، كما كان هناك أيضا في نفس المجال الترابي كل من "عبد الخاق الطوريس" و "التهامي الوزاني" مؤسسا حزب "الشورى والإستقلال" اللذان احتفظا بافكارهما الليبرالية وارتباطهما بالمغرب، دون إخفاء التزاماتهما الماسونية.

... كان المشكل في المغرب، هو تجاوز العقبة التي يُمثلها الإسلام، أمام القبول بالوجود الماسوني، في سبيل ذلك رأت النور شرفة ماسونية تحت اسم "الوحدة والتقدم" سنة 1949 بمدينة الرباط، ثم في مدينة سطات، بغاية خلق "وسط حوار مخلص وقوي لتقريب وإشراك الجهود الاسلامية والفرنسية حتى يتسنى للمغرب التمتع بالحرية الحقيقية والديموقراطية" هذا الشرفة تحول اسمها فيما بعد إلى "الأخوة الفرنسية المغربية" وضمت في صفوفها السكرتير العام للإقامة الاستعمارية، وثلاثة من الأعيان المغاربة، منهم أحد الوزراء، غير أنها – أي الشرفة الماسونية – ظلت تحت غطاء السرية.

وفي شهر أكتوبر من سنة 1955، ساءت العلاقات الفرنسية المغربية، وخشية من وقوع اعمال عدائية من ذوي الاتجاه الديني المتعصب تمت إحالة الشرفة ونشاطها على "ثلاجة" التجميد. غير أن هذا لم يمنع من حدوث المكروه، حينما عمد أحد الضباط الذي كان يقوم بمهمة إلى جانب ولي العهد الحسن، الى استنطاق مُباشر للوزير المغربي الماسوني، حول وجود الماسونيين المغاربة، هذا الاهتمام من طرف الأمير الشاب حينها بالموضوع، دفع الماسونيين المغاربة، على قلتهم، إلى وضع حد لنشاطاتهم مؤقتا.

إن هذا لم يمنع بعدما هدأت الأمور في البلاد، الاستقلالي "احمد بلافريج" من ان ينتسب عضويا للماسونية المغربية، وهو ما جعل البعض يقول أن وجود الماسونية بالمغرب لا يُمكن نسبه فقط للوجود الاستعماري، بل باعتباره يدخل ضمن تطلع عربي عام للإستقلال، وللتقدم الذي كان حليف بنية صناعية وسياسية واجتماعية أوروبية فعالة، وفي هذا الإطار يُمكن وضع فكرة طُرحت لوقت معين في تلك المرحلة، مفادها خلق "شرفات ماسونية" تستعمل فيها اللغة العربية، حتى ستسنى التاهيل الماسوني لأكبر عدد من الإخوة العرب. ففي سنة 1956، حيث حصل المغرب على الاستقلال دون أن تكون هناك قطيعة عنيفة مع فرنسا، مما مكَّن من الاحتفاظ بالأنشطة الماسونية بمدن وجدة ومكناس والرباط والدار البيضاء ومراكش، ذلك أن ظهير الحريات العامة لسنة 1958 جاء حينها، ليمنح مختلف الشرفات الماسونية الموجودة، الإطار القانوني الذي كان يعوزها، كما أن وجود القواعد العسكرية الأمريكية منذ السنوات الأولى التي أعقبت الاستقلال، فوق التراب المغربي، مكَّن من تأمين نشاط ماسوني مضطرد، فعلا فقد أمكن للأخوة الماسونيون عقد تجمعاتهم في سرية تامة، وذلك في مدن القنيطرة وبنجرير وسيدي سليمان والنواصر، تحت حماية القواعد المذكورة، غير أنه مع انحسار هذه الأخيرة، تم وضع حد نسبيا لنمو الماسونية بالبلاد، وهو ما لم يمنع بعض المنتسبين من أن يظلوا نشيطين، سواء على المستوى المغربي أو الدولي، في انتظار أيام أفضل.

ما هي الماسونية؟

الماسونية أو البناؤون معناها الحرفي هي "البناؤون" وفي الإنجليزية سموا Freemasons أي "البناؤون الأحرار". هي عبارة عن منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الأخلاق الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بخالق إلهي.

تتصف هذه المنظمة بالسرية والغموض وبالذات في شعائرها في بدايات تأسيسها مما جعلها محط كثير من الأخبار والشائعات بأن هذه المنظمة بسعة انتشارها وتمكنها من الوصول إلى معظم الحكومات العالمية القوية هي من تملك زمام قيادة العالم، لذلك يتهم البعض الماسونية بأنها "من محاربي الفكر الديني" و"ناشري الفكر العلماني.

أصول الماسونية

هناك الكثير من نظريات المؤامرة حول تسمية الماسونية فهي تعني "هندسة" باللغة الإنجليزية ويعتقد البعض أن في هذا رمزاً إلى مهندس الكون الأعظم. ومنهم من ينسبهم إلى حيرام أبي المعماري الذي أشرف على بناء هيكل سليمان. ومنهم من ينسبهم إلى فرسان حراس المعبد الذين شاركوا الحروب الصليبية. وهناك نظريات تربطهم بحكماء صهيون. ومنهم من ينسبهم إلى أتباع جايمس أخ السيد المسيح الذين اتبعوا تعاليم المسيح المختلفة عن المسيحية المنتشرة.

معاني الماسونية

الماسونية لها العديد من الرموز. أشهرها هي تعامد مسطرة المعماري مع فرجار هندسي. ولهذا الرمز معنايين:
معنى بسيط والذي يدل على حرفة البناء.

معنى باطني والذي يدل على علاقة الخالق بالمخلوق إذ يرمز إلى زاويتين متقابلتين: الأولى تدل على اتجاه من أسفل إلى أعلى ويرمز إلى علاقة الأرض بالسماء والأخرى من أعلى إلى أسفل ليدل على علاقة السماء بالأرض. ونجمة داوود لها نفس المعنى والذي يرمز إلى اتحاد الكهنوت (السماء) مع رجال الدولة (الأرض) وهو ما حققه داوود عند حكمه حين أسس سلالة حكم تعتمد على مساندة الكهنة اليهود.

وهناك عادة حرف G بين زاوية القائمة والفرجار، ويختلف الماسونييون في تفسيرها فالبعض يفسرها بأنها الحرف الأول لكلمة الخالق الأعظم "God" أو "الله"، ويعتقد البعض الآخر أنها أول حرف من كلمة هندسة، ويذهب البعض الآخر إلى تحليلات أعمق ويرى إن حرف G مصدرها كلمة "gematria"، والتي هي 32 قانونا وضعه أحبار اليهود لتفسير الكتاب المقدس في سنة 200 قبل الميلاد.

كلمة السر الأكبر: المهندس الأعظم للكون

من الناحية التنظيمية هناك العديد من الهيئات الإدارية المنتشرة في العالم، وهذه الهيئات قد تكون أو لاتكون على ارتباط مع بعضها البعض ويرجع عدم التأكد هذا إلى السرية التي تحيط بالهيكل التنظيمي الداخلى للماسونية ولكنه وفي السنوات الأخيرة بدأت الحركة تتصف بطابع أقل سرية. ويعتبر الماسونيون ان ما كان يعتبر سرا أو غموضا حول طقوس الحركة وكيفة تمييز الأعضاء الأخرين من التنظيم، كان في الحقيقة تعبيرا عن الالتزام بالعهد والولاء للحركة التي بدأها المؤسسون الأوائل وسار على نهجها الأجيال المتعاقبة .

يردد الماسونيون كثيراً كلمة "المهندس الأعظم للكون" التي تشير إلى الله، إلا أن بعضهم يردها إلى "حيرام أبيف" مهندس هيكل سليمان . كما يذكر البعض أن الحرف G يمثل كوكب الزهرة (كوكب الصباح)، وبالنسبة لهم، كوكب الزهرة يمثل العضو الذكري عند الرجل، وهو أيضا أحد أسماء الشيطان وهو يمثل عند الماسونيين الإله "بافوميت" (الإله الذي أُتهم فرسان الهيكل بعبادته في السر من قبل فيليب الرابع ملك فرنسا، وهو يجسد الشيطان "لوسيفر" ملاك النور المطرود من الجنة.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -