أخر الاخبار

خلع مولاي عبد العزيز وصياغة البيعة الحفيظية

 
خلع مولاي عبد العزيز وصياغة البيعة الحفيظية


سلسلة “كيفاش السلاطين ديال المغرب كايشوفو “ريوسهوم” وكايشوفو السلطة ديالهوم وكايحميوها؟ !” القيمة الرمزية والسياسية والإلزامية لبيعة السلطان… 

خلع مولاي عبد العزيز وصياغة البيعة الحفيظية

خلع مولاي عبد العزيز وصياغة البيعة الحفيظية


كانت بيعة المولى عبد الحفيظ سنة ,1908 وهي بيعة مشروطة، لأن العلماء عندما خلعوا أخيه المولى عبد العزيز، بايعوه عبد الحفيظ على أساس شروط في مقدمتها إلغاء شروط معاهدة الجزيرة الخضراء، وتحرير الثغور الأجنبية. ذلك أنه لما تورط المولى عبد العزيز في المصادقة على ما فعله ممثلوه في المؤتمر الجزيرة الخضراء، ثار الشعب المغربي، وانتفض في وجهه العلماء والأعيان، في وجه السلطان، لأنهم رأوا أن خير وسيلة للتحرر من التزاماته هي الثورة على السلطان وخلعه، كما قام العلماء ودعوا إلى مقاومة كل ما هو أجنبي، من البضائع الفرنسية وغيرها، وألهبوا حماس الجماهير هبت للدفاع عن وطنها ودينها، وأعلن خلع السلطان المولى عبد العزيز ومبايعة أخيه المولى عبد الحفيظ. يقول العلامة ابن عبد الله السليماني في كتابه اللسان المعرب عن تهافت الأجنبي حول المغرب ما يلي:بويع بالخلافة هذا السلطان وهو بمدينة مراكش والأحوال غاية في الاضطراب وقد أحاط بالمغرب من المصائب العجب العجاب وبيت المال أنقى من الكف والمشاكل السياسية زاحفة على الوطن بالصف والتدخل الأورباوي بلغ حد النصاب وإنما يتذكر أولوا الألباب ص.150 يقول علال الفاسي في كتابه الحركات الاستقلالية.. وبويع عبد الحفيظ أولا بمراكش تحت إشراف الشيخ ماء العينين الذي رأى أن صديقه عبد العزيز قصر في حق الدفاع عن موريتانيا، ولكن الأمر لم يتم إلا بعد بيعة مدينة فاس وجامعتها الكبرىص.108 ويدقّق ابن عبد الله السليماني في مكان البيعة فيقول في كتابه المذكور وخرج من مراكش يريد عاصمة فاس فوافته بيعة أهلها بنهر أم الربيع ودخل مدينة فاس في يوم مشهود، ووجه سفيره محمد المقري سفيرا إلى عواصم أوربا للنظر في حلّ المشكلات السابقة فأدى السفارة حسبما يقتضيه الحال وحلّ مسألة الدار البيضاء حلا شهد له السياسيون بالمهارة والاقتدارص.150 ويعتبر علال الفاسي أن البيعة الحفيظية التي كتبها بفاس وطنيون ممتازون، ووضع صيغتها السيد أحم ابن المواز أحد رجال الفكر إذ ذاك، ميثاقا قوميا ودستوريا من الطراز الأولص.108 واشترط علماء فاس على السلطان الجديد شروط منها: أولا: أن يعمل جهده في استرجاع الجهات المقتطعة من الحدود المغربية ثانيا: أن يبادر بطرد الجنس المحتل من الأماكن التي احتلها ثالثا: أن يسعى جهده في إلغاء معاهدة الجزيرة لأنه لم يرجع فيها إلى الشعب. رابعا: أن يعمل على إلغاء الامتيازات الأجنبية خامسا: ألا يستبشر الأجانب في شؤون الأمة سادسا: ألا يبرم مع الأجانب عقودا سلمية أو تجارية إلا بعد استشارة الأمة. ويعلّق علال الفاسي على هذه الشروط بالقول: وتعتبر هذه البيعة عقدا بين الملك والشعب يخرج بنظام الحكم من الملكية إلى ملكية مقيدة دستورية. فليس من حق السلطان منذ الآن أن يبرم أية معاهدة تجارية أو سلمية إلا بالرجوع للشعب ومصادقته. لهذا، تعد نازلة خلع سلطان ومبايعة آخر أهم حدث سياسي وفقهي عرفه المغرب في بداية القرن العشرين، ولعلها تكون سابقة في تاريخ المغرب السياسي، وعلّل الفقهاء المراكشيون عملية الخلع هاته، حسبما نقله محمد المنوني في مظاهر يقظة المغرب الحديث بالقول إن العلماء رأوا أن المولى عبد العزيز وأهل ديوانه أفسدوا جميع ما تولوا إذ ليسوا أهله. يتمثل الفساد في مظاهر عديدة، يقول إسماعيل الحسني في دراسة بعنوان أنموذج مغربي من الفقه السياسي في القرن العشرينفكر ونقد44 ما يلي: يتجسد منشأ الفساد(لدى العلماء) فيما يلي: أولا: مولاة الكفار، وثانيا: نبذ شروط صحة الإمامة، من ذلك العدالة. إذ الفسق من موجبات الخلع، ومن ذلك أيضا عدم الأهلية لأن المولى عبد العزيز تولى الإمامة، وهو لا يدري معناها، فأكب عليه بعض ممالك أسلافه وجعله تحت حكمه فأقامه للرعية ظاهرا ومنعه من الاطلاع على شيء ما، فكأنه لا زال تحت حضانة والديه بحيث لا دخل له في أمر ما، وثالثا: إسناد مهام الأمة سواء في حفظ دينها أو في تنظيم دنياها إلى غير الكفاة، فاعتقد السلطان عبد العزيز خطأ، أن قيام الملك بهم خاصة فتركه لهم كما كان لمن قبلهم(...) صرفوا همتهم لتشييد البناءات والتظاهر بها وتزويق الحيطان. ورابعا: بـاستبدال أركان الشريعة، ومنها ركن الزكاة بأضدادها من قوانين الكفرة القبيحة الشنيعة، وخامسا بـ احتلال مناطق من البلاد المغربية، ومنها وجدة بلا صلح ولا عنوة بل مجانا، وسادسا: نهب الأموال وسفك الدماء وقطع السبيل، أو لنقل بكلمة جامعة اختل نظام الوجود المجتمعي حتى عميت على الفقيه في نوازله الأدلة التي يحصل الاحتجاج بها على المذهب. ويعلق الحسني على التعليلات التي قدّمها علماء مراكش في خلعهم للمولى عبد العزيز بالقول ولا يمكن محو فساد هذه المظاهر إلا بإمام تتوفر فيه شروط عقد الإمامة. وقد توفرت بشهادة الفقهاء المراكشيين وأشرافهم وأعيانهم ومن هم دون ذلك، في المولى عبد الحفيظ، أو على الأقل توفرت في هذا الأخير الشروط الممكنة في الوقت، واتفق الجميع على تسجيل بيعته وعقدها هنالك مع التصريح بخلع أخيه مولاي عبد العزيز الذي كان قبله. يقول علال الفاسي إن وصفه بالثورة الحفيظية قصدت تحقيق أمرين اثنين أساسيين: أولهما- القضاء على الدسائس الأجنبية بالمحافظة على استقلال المغرب، بينما كانت فرنسا قد احتلت وجدة والدار البيضاء، كما احتلت الجزائر وتونس. وثانيهما- القيام بإصلاح سياسي يسير بالأمة نحو نظام دستوري متين. والحال أن شره فرنسا ومزاحمة دول أوربية لها في المغرب، ونتائج المعاهدات الاقتصادية والتجارية الوخيمة على المغرب، دفعت الشعب المغربي إلى التحرك ضدها، للبحث عن مخرج ينجبه من احتلال بات محقق، وهكذا قامت حركة وطنية مسلحة، في الجنوب بقياد الشيخ ماء العينين في الشمال بقيادة محمد الشريف أمزيان، لمواجهة المستعمر، كما نهضت حركة فكرية(جماعة لسان) تطالب بعملية إصلاح سياسي ومؤسساتي فكانت أن وضعت أول دستور مغربي سنة .1908

الشروط هي:
1. استرجاع النواحي المحتلة من البلاد…
2. تحرير مدينتي وجدة والدار البيضاء…
3. إلغاء نظام "الحمايات"…
4. رفض تدخل واستشارة الأجانب في شؤون البلاد، وعند الضرورة طلب استشارة العثمانيين الأتراك…
5. إخبار الأمة بالمشاورات مع القوى الأوربية..
6. اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن البلاد…
7. إلغاء "المكوس"…
8. استشارة الأمة وضمان عدم تدخل العمال في الخطط الشرعية للقضاة…
9. الحفاظ على مكاسب الشُرفا والعولاما ورجال الدين، وإبعاد المخلوضين والكذذابة من القصر الملكي !!

 نص البيعة:

"…وقالت الحكماء: أَسوَسُ الناس برعيته، من قاد أبدانها بقلوبها، وقلوبها بخواطرها، وخواطرها بأسبابها. ولا غَرَوَ أن مولانا أمير المؤمنين الذي انتظمت بيعته في أعناق المسلمين،، أَجَلُ مَن صدقت في ظنزنهم ونياتهم، وتوجهت إليه آمالهم وأمنياتهم، ومدت لهالرعية أزمتها، وقدمت له الوفود أعنتها، راجين من شريف همته، وكريم عنايته، أن يلبسهم رداء نعمته، وينزلهم ظل كرامته، ويعمهم بسيره المعدلة، ويشملهم بالحلم والفضل والرحمة المكملة، ويسعى جهده في رفع ما أضر بهم من الشروط الحادثة في الخزيرات، حيث لم توافق الأمة عليها، ولا سلمت ولا رضيت بأمانة من كان يباشرها، ولا علم لها بتسليم شيء منها، وأن يعمل وسعه في استرجاع الجهات المأخوذة من الحدود المغربية، وأن يباشر إخراج الجنس المحتل من المدينتين اللتين احتل بهما، ويزين صحيفته الطاهرة لحسنة استخلاصها، وأن يستخير الله في تطهير رعيته من دنس الحمايات، والتنزيه من إشارة الأجانب في أمور الأمة، لمحاشاة همته الشريفة عن كل مايخل بالحرمة، وإن دعت الضرورة إلى اتحاد أو تعاضد، فليكن مع إخواننا المسلمين كآل عثمان وأمثالهم من بقية الممالك الإسلامية المستقلة، وإذا عرض ما يوجب مفاوضة مع الأجانب في أمور سلمية أو تجارية، فلا يبرم أمرا منها إلا بعد الصدع به للأمة، كما كان يفعله سيدنا المقدس الحافظ للذمة، حتى يقع الرضى منا بما لا يقدح في دينها ولا عقائدها، ولا في استقلال سلطانها، وأن يوجه، أيده الله، وجهته الشريفة لاتخاذ وسائل الاستعداد، للمدافعة عن البلاد والعباد، لأنها أهم ما تطوق فيه الذخائر والجبايات، وأوجب ما يقدم في البدايات والنهايات، وأن يقر بفضله العيون والنفوس، برفع ضرر المكوس، ويحقق رجاء خدامه وكافة رعاياه، بالذب عن حرماتهم ودمائهم وأموالهم وأعراضهم وصيانة دينهم وحياطة حقوقهم، وتجديد معالم الإسلام وشعائره بزيادة نشر العلم، وتقويم الوظائف والمساجد، وإجراء الأحباس على عملها القديم، وانتخاب أهل الصلاح والمروءة والورع للمناصب الدينية، وكف العمال عن الدخول في الخطط الشرعية، وترك ما أحدث من الجمع المستلزم لاستبداد الرءساء بتنفيذ مراداتهم في القضايا والأغراض لما يحقق، والحمد لله، من كمال أوصاف مولانا الإمام، واعتماد المسلمين على كفايته في الأمر الخاص والعام.

فهو، أيده الله، العضب الكافي، ورأيه العلاج الشافي، ومما يقتضيه حسن سيرته، وكمال وفائه، جميل الصنع بشريف القرابة، وتقريب الصالحين، واعتبار مقادير الأشراف، وأهل العلم والدين، وإقرار ذوي الحرمة على ما عُهد لهم من المَبَرًات والاحترام، وظهائر الملوك الكرام، وإبعاد الطالحين، وإخساء المُفترين والواشين، ومعاملة المؤمنين بما تعودوه منه ومن أسلافه المقدسين، من إثار العفو والحِلم والأناة، وتجويد مآثر الخير في حالة العز والثبات، وحسن الظن بسيدنا أيده الله حمل أهل مملكته الشريفة المُتَيَمِنين بكريم بيعته المُنيفة على أن صدعوا لجلالته بما أثرت فيه مضرته، عالمين أنهم لا يكشف ما بهم إلا عناية مولانا المنصور وهمته، ومستسلمين مع ذلك إلى الله بالقلوب الخاشعة، ومبتهلين بالأدعية النافعة، أن يعرفهم الله خير هذا العَقد الكريم بدءاً وختاماً، ويمنحهم بركته التي تصحبهم حالا ودواماً، لا رب غيره ولا خير إلا خيره، أشهدوا على أنفسهم بما فيه عنهم عموما، والواضعون أشكالهم عقبه، خصوصا وهم عارفون قرره وأكماه، وفي الفاتح من ذي الحجة الحرام، عام خمسة وعشرون وثلاثمائة وألف".


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -