ميمون ام العيد
استمرارا لما أوردناه في حلقة أمس، فإن اللقاء الذي جمع وجهاء أيت حديدو بالعامل عدي وبيهي تناول كذلك مجموعة من النقط، بحسب العقيد نيوكس، موقّع هذا التقرير، من بينها "توفير الشغل في الأوراش لكي يعيش المساكين".
ذلك أن الغنى في ذلك الوقت كان يقاس بامتلاك قطعان الماشية والبهائم. والذين يملكون عددا كبيرا من الرؤوس يمنعهم الرعي المستمر من الاشتغال في هذه الأوراش، لذلك فالمساكين، الذين لا قطعان لديهم لرعيها، لا بد من تشغيلهم بمقابل في هذه الأوراش مادام العامل تحدث عن نهاية عهد العمل المجاني و"البَاطْل".
وقال التقرير: "كما أن أحد أفراد أيت ابراهيم احتج على أداء مقابل لأعضاء المحكمة العرفية عندما يقومون بإجراء خبرة ما، أو عندما يقومون بالإشراف على تقسيم الأراضي". كما طالب كذلك إمغارن من العامل عدي وبيهي السماح لهم "بالاستغلال الحر لغابات أيت سخمان وأيت عمرو بتونفيت"، بحسب ما جاء في الوثيقة.
وأضاف محرر الوثيقة أنه خلال الاجتماع نفسه، "تساءل كذلك أحد وجهاء أيت إعزى إذا كان ضروريا الانخراط في حزب الاستقلال، فكان جواب العامل سلبيا".
الانتجاع
وزاد نيوكس، رئيس منطقة تافيلالت في التقرير نفسه، أن "مشكل الانتجاع والرعي بين أيت مرغاد وأيت حديدو سوف يعالج في اجتماع موحد بين الجانبين، فالعامل يعرف خصوصيات هذا المشكل، وقد التزم بالعودة إلى العادات القديمة. فقام أيت حديدو بالتصفيق لاعتقادهم أنهم لن يعانوا من الحل المستقبلي لهذا الصراع القبلي".
ثم أوضح محرر التقرير قائلا: "في كل سؤال يطرح، كان عدي وبيهي يجيب ويسجل نقطا. كما أنه توصل من طرف سلطة المراقبة بكل المعلومات الديموغرافية والشروحات الضرورية أثناء هذا الاجتماع".
"بعد تأكيد سلطته من جديد، قام العامل برفع هذا الاجتماع إلا أنه بقي يتوصل بالشكايات الفردية".
شكايات من أحكام
لم يغفل هذا العسكري الفرنسي ــ كاتب التقرير ــ حتى الشكايات الفردية التي أَسرّها الناس لعدي وبيهي، فقد أدرجها في تقريره وإن كانت في مجملها تتعلق بمشاكل يومية، مثل "عرضت قضيتي على المحكمة العرفية وبقيت سنة، سنتين، ثلاث إلى خمس سنوات". "قاموا بتشغيلي بالباطل"، "قضيتي معروضة على المكتب ولم يحضر خصمي".
هذه الشكايات كانت كلها عبارة عن مشاكل يومية، بعضها يتعلق بالمراعي الجماعية وبعضها بأحكام قضائية مختلفة. وقد كتب محرر التقرير في قضية "الباطل" يقول: "حتى العامل قام بدعوة عمال إلى قصر السوق لينجزوا له أشغالا بالباطْل".
وأشار كذلك إلى أن "زعماء وطنيين، وهم زايد أوميدو، موحى أوموجان، سي عي، يدير أوتحسيس، قاموا بالصياح في الأسواق من تلقاء أنفسهم، وقد تم توبيخهم بشدة، لكن دون سجنهم أو تقديمهم للعدالة".
وعاد العسكري الفرنسي ليكتب أن "عدي وبيهي شغّل مخزنيين من أيت حديدو، كما سجل مجموعة من أسماء المناضلين الذين رغبوا الاشتغال تحت إمرته".
استنتاجات
في ختام تلك الوثيقة التي تتكون من ثلاث صفحات، كتب محررها استنتاجا عاما ضمنه ما يلي:
"إن زيارة العامل عدي وبيهي قد أوضحت الحالة السياسية للقبيلة، كما أكدت سلطة المخزن. أما بخصوص الوطنيين المحليين، فقد طلب منهم أن يتصرفوا بهدوء وألا يعرقلوا الحياة في القبيلة".
ثم زاد في نقطة أخرى أنه "نظرا للموقف الذي اتخذه العامل بخصوص أحكام الاستئناف، ثمة مخاوف أن يتم التشكيك في قضايا تم حلها منذ سنوات. المستاؤون من هذه الأحكام القضائية تمت دعوتهم لقصر السوق بعد 15 يوما".
وعاد محرر الوثيقة ليشرح بعض المشاكل المترتبة عن قرارات عدي وبيهي بقوله: "إن إعلان العامل لإلغاء كل أعمال السخرة لقي تصفيقا من الناس. سابقا كان أيت حديدو يدفعون أجرة 4 أيام (1000 فرنك)، وهذه النقود تتم إعادة توزيعها على القبيلة (إنشاء مسلخ، سوق، محلات، وغير ذلك). ولم يعد الآن باستطاعة المكتب فتح أوراش جديدة، والبطالة سوف تنتشر بسرعة في القبيلة. والأوراش التي سبق فتحها (الشطر الثالث من تأهيل السوق) تم إلغاؤها على حساب المصالح العامة".
ثم يخلص موقع التقرير إلى أنه "تم تأكيد سلطة رئيس الملحقة من جديد، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا إعادة السلطة إلى العامل. في هذه الظروف السياسية يجب تبيان الرضى من هذا الوضع، واستغلال ذلك للحفاظ على الهدوء المستمر عند أيت حديدو، وهذا ما يؤرق عدي وبيهي بالخصوص".
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.