أخر الاخبار

وثائق فرنسية ـ24ـ "وبيهي" يهدد بملء سجون الشمال بالفيلاليين

وثائق فرنسية ـ24ـ "وبيهي" يهدد بملء سجون الشمال بالفيلاليين

ميمون ام العيد

لقد حرص العامل عدي وبيهي، في بداية تعيينه، على الحفاظ على العلاقات الطيبة مع القبائل، وإظهار وجه رجل السلطة الجديد المتواصل والقريب من انشغالات الساكنة. وقد بينت التقارير الفرنسية، في الحلقات السابقة، أن الرجل يمنح أذنه للإصغاء لنبض الوجهاء وممثلي القبائل ومعرفة مطالبهم؛ فعبارات من قبيل "أعتبر نفسي منكم"، و"عينني السلطان لمعرفتي بكم"، و"أعلن نهاية أعمال السخرة"، كلها عبارات قربت بينه وبين الناس وجعلتهم يتحلقون حوله، لكن ذلك لم يدم طويلا، ففي البداية كانت بعض الإشارة إلى بعض مناضلي حزب الاستقلال، الذين يُطلب منهم أن يتركوا القبيلة في سلام كما رأينا في لقائه بأيت حديدو، ثم تجريب بعض الشعارات المناوئة كما في حلقة يوم أمس في زيارته للريصاني وقصر أبوعام، لكن يبدو أن عدي وبيهي يحتاج إلى إظهار "العين الحمرة"؛ وذلك ما سنراه في هذا التقرير في زيارته لمنطقة "أسرير" ولقائه بعض أيت مرغاد.

قصر أسرير

تتحدث هذه الوثيقة عن زيارة العامل رفقة مدير ديوانه مولاي هاشم لقصر أسرير (نواحي الراشيدية حاليا)، وذلك للوقوف بنفسه ما سمته هذه الوثيقة بـ"أحداث شغب" عرفتها هذه المنطقة يومي 6 و7 يناير 1956.

لم يشر هذا التقرير إلى طبيعة تلك الأحداث وتفاصيلها ومن كانت تستهدف بالضبط، إلا أنها تحدثت عن أن زيارة العامل لقصر أسرير تمت أسبوعا بعد هذه الأحداث أي يوم 14 يناير من تلك السنة.

كتب محرر التقرير أن "ساكنة أسرير تجمعت في الساحة، لكن ذوي البشرة السوداء في جهة والبيض في جهة أخرى (استعمل التقرير كلمتي les noires و les Hors ) كان العامل مرفوقا بابن القايد السابق للخربات موحى. تحدث عدي وبيهي إلى الجميع، وبَيّنَ غضبه وعدم رضاه. كانت العبارات لاذعة، وتلقاها الناس في صمت كطقس ديني. لم يكن الجو العام مثل جو زيارته الأخيرة في 4 يناير".

ملء السجون

أضاف العسكري الفرنسي موقع الوثيقة أن "العامل استمر في تحذير الناس، وأخبرهم بأن السجون في الشمال فارغة. وإذا ما حدث أبسط شيء، فإنه سيتكلف بملئها". كانت تلك إشارة إلى أنه وإن تم اعتقال بعض الأشخاص فإن امتلاء سجن قصر السوق ليس مانعا أمام سجن المزيد من الأشخاص، حيث يمكن الاستعانة بسجون مدن شمالية.



أردف الكاتب نفسه بأن عدي وبيهي "أخبرهم بإمكانية اعتباره قد عفا وتسامح من أجل الأطفال والنساء، الذين سيكونون في حاجة وعوز بعد أن يسجن الآباء والأزواج، وحذرهم بأنه في المرة المقبلة لن يتردد في تنفيذ العقاب بشكل صارم".

وتحدث محرر هذا التقرير في فقرة أخرى عن أن "المستقبل وحده سوف يبين لنا النتائج الممكنة من مواقف العامل، لكن فالهدوء قد عاد فعلا. لقد تم سجن قرابة ثلاثين شخصا، والبعض الآخر ينتظر في خوف تحديد مصيره. بعض قيادات الاستقلال لم يعودوا بعد إلى القبيلة، وبقوا يتنقلون من مكان إلى آخر، وقد اتجهوا نحو قصر السوق".

ثم يختم محرر الوثيقة، التي تحمل طابعا عليه اسم "ملحقة تنجداد، مكتب الشؤون الأهلية"، أن بخصوص "المتبقين في القبيلة وهم المتفرجون الصامتون، يبدو أنهم أخذوا بعين الاعتبار بأن الحاكم الجديد قرر إعادة الهدوء للمنطقة".

إبراهيم أوعلي

وفي وثيقة أخرى تحمل تاريخ فبراير 1956، أي بعد أسبوعين من زيارة العامل لأسرير وسجن ما يزيد عن ثلاثين شخصا، فقد كتب العقيد نيوكس، رئيس منطقة تافيلالت قبل استقلال المغرب:

"منذ قدومه والعامل يزج بالأشخاص في سجن ملحقة قصر السوق" وهو يتحدث عن سجن الراشيدية. ثم يزيد في الوثيقة نفسها: "لقد تم اعتقال إبراهيم أوعلي أيضا، وقد تم الزج به في السجن منذ أيام".

والمقصود بإبراهيم أوعلي في هذه الوثيقة هو الخليفة إبراهيم وحدى، ابن القايد علي وحدى من أوفوس، أول قائد تم تعيينه بظهير سلطاني في المنطقة مباشرة انتهاء معركة بوڭافر سنة 1933.

ويضيف العسكري الفرنسي في نفس السياق: "لقد أُرغمت سلطات المراقبة على الزج بأشخاص كثر في السجن بدون مبرر واضح ومقبول"، ثم يردف: "وهو ما يجعل الوضع يقترب من التعقيد بشأن الموافقة في السماح للعامل بتنفيذ انتقاماته الشخصية والسياسية".

ثم ختم بأن هذه "الوضعية لا يمكن إلا أن تتسبب في المستقبل القريب في خلق موقف محرج بين السلطتين الفرنسية والمغربية".
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -