أخر الاخبار

قضية الصحراء (الغربية) المغربية كذبة جزائرية

دراسة ... قضية الصحراء (الغربية) المغربية “كذبة جزائرية” الشيطان وحده من يملك تبرير حيثياتها ،


مقدمة ضرورية..

في الكثير من الأحيان تستثيرنا بعض المواقف السياسية بسبب غرابتها، فتستغرقنا دلالاتُها الأخلاقية الخطيرة. وبسبب هذا الاستغراق تضيع جذور الموقف الثقافية التي تكون في واقع الأمر أكثر أهمية في دلالاتها الخطيرة تلك من الموقف المثير ذاتِه. وفي عالم السياسة المثخن بـ "التورية" و"الادعاء" و"التضليل" الناتجة كلُّها عن "ميكافيلية" مُغرضة، تضيع بوصلتُنا إن لم نكن على قدرٍ من الوعي مُهَيَّئٍ للفهم، الناتج ابتداء عن قدرٍ أكبر من الرغبة في الفهم وفي الحرص على المعرفة. فالماكينة الإعلامية التي تملك من أدوات "هرس" الحقيقة، كلَّ ما يُمَكِّنُها من إدارة وتوجيه العقول المستسلمة لشلالاتها المتدفقة معلوماتٍ وتحليلاتٍ ورؤى ومفاهيم، عندما تتحرك بكل طاقاتها جنبا إلى جنب مع ثقافةٍ تحترف صناعةَ مُكَوِّنات الوعي، بالعزف المتقن على تضخيم "الأنا" المجتمعية، فإن الرأي العام الناتج عن هذا الثنائي المتغوِّل على العقل البشري، يغدو "صنيعةَ دهاقنةٍ" يخدمون تحالفات طبقية راسخة، أو تشكيلات سلطوية متمترسة، ليصبح رأيا عاما أبعد ما يكون عن التَّدَثُّر بالأصالة التي تمنحه – في العادة – القدرة على التعاطي مع الواقع الموضوعي كما هو، لا كما يُراد له أن يُتَخَيَّل أو أن يُتَصَوَّر.

قضية الصحراء (الغربية) المغربية كذبة جزائرية

أذهلتني وأنا أدرس "قضية الصحراء الغربية" التي كانت وماتزال موضوع النزاع الأبرز والأهم بين كل من الجزائر والمغرب، واقعةَ أن "سايكس وبيكو" كانا حاضرين في ذلك النزاع، بروحهما وفلسفتهما وأيديولجيتهما، وبأسلوبهما المحترف في خلق كل مُكونات النزاع التي لا تنتهي بين الدول والشعوب. سايكس وبيكو اللذان ظهرا إلى الوجود عندما كانت كلٌّ من الجزائر والمغرب نرزحان تحت نير الاستعمار الفرنسي "احتلالا" للأولى" وادعاء "حماية" للثانية، واللذان قسَّما المشرق العربي على ذلك النحو البغيض الذي ما نزال نعاني من تبعاته حتى اليوم، ليس سياسيا فقط بل – وهذا هو الأهم – وثقافيا أيضا، سايكس وبيكو هذان يجب أن نَكُفَّ عن النظر إليهما بوصفهما شخصين ميكافليين ماكرين عرفا كيف يخدمان مصالح بلديهما في البقايا العربية المشرقية من تركة "الرجل المريض" – الدولة العثمانية – بتلك الاتفاقية اللعينة التي أصبح الدفاع عن مخرجاتِها ثقافةً تؤسس لسياسات دول عربية، وتؤصِّل لإستراتيجيات قوى سياسية تعتبر نفسها وطنية وقومية.. إلخ.. نقول.. يجب أن نكف عن النظر إليهما على ذلك الأساس، لأنهما – أي سايكس وبيكو – أكدا لي وأنا أتحسَّسُ شبحيهما الهازئين فوق كل صفحة قرأتها حول قضية "الصحراء الغربية" وحول "النزاع الحدودي الجزائري المغربي"، أنهما يجسِّدان "روح أوربا الاستعمارية" التي تفيض بمخرجاتها الفتنوية المتأصِّلَة في نهجها السياسي حيثما حلَّت.
الأوربيون الذين أفضل تسميتهم بـ "المُستهدِمين" اشتقاقا من "الهدم" بدل "المُستعمِرين"، لأن كلمة "مستعمر" كلمة إيجابية مشتقة من "الإعمار" وهي من هنا تعني "البناء" و"الإنماء"، لا يستحقونها بعد الذي فعلوه في هذا العالم. الأوربيون هؤلاء سرقوا من أرض العراق التاريخية قطعة صغيرة أسموها "الكويت"، وقسموا أمة "الكرد" بين أربع دول، وانتزعوا أرضا إفريقية أضافوها للسودان، واقتطعوا مناطق عرفت تاريخيا بأنها يمنية ومنحوها لآل سعود، وسرقوا من الليبيين "إقليم أوزو" ومنحوه لتشاد، وسرقوا من العرب "إقليم خوزستان" أو "عربستان" وجعلوه إيرانيا، ومن أرض الصومال العربية انتزعوا "إقليم أوغادين" ليصبح كينيا، وسوريا الكبرى قسموها إلى أربع دويلات هزيلة بعد أن سرقوا منها لواء "الإسكندرونة" وأبقوه تركيا، أصبحت لكل دويلة منها هوية مصطنعة تدافع عنها ثقافة آثمة أكثر اصطناعا، ومن المغرب التي كانوا "يستهدمونها" قضموا مساحات شرقية شاسعة، لتصبح جزءا من غرب الجزائر التي كانوا أيضا "يستهدمونها".. وهكذا دواليك.
وفي كل منطقة من تلك التي مسَّدتها الروح الأوربية السايكسبيكوية بمراهمها الآثمة، تشتعل الحرائق ولا تنطفئ، وإن انطفأت اليوم فلكي تشتعل غدا. لبنان تحول إلى متقيَّإ لكل الخلافات العربية العربية، والعربية الصهيونية، والعربية الإمبريالية، والعربية الإيرانية. والأردن تحول إلى بناء وظيفي بائس أقنعوا أهله وسكانه بأنهم يمثلون هوية عريقة في التاريخ تُشْتَمُّ روائحُها في جبال البتراء ورمال رم وحفريات الأنباط.. إلخ، وليبيا تنازعت مع تشاد وحاربتها بسبب الموروث الاستعماري الأوربي الذي أخذ منها ليعطي غيرها، والسودانيون اقتتلوا حتى ملت من اقتتالهم الدماء فانفصلوا، والعراق تم تدميره بمجرد أنه فكر في استعادة أرضه المسروقة، وعرب خوزستان يعانون الأمرين، واللواء السليب في الإسكندرونة ما يزال تائها بين عروبته وعثمانيته، وأوغدين لا يتحدث أحد عن عروبته، وإن كنا متأكدين أنه برميل بارود مؤجل الاشتعال، وفلسطين تقف شاهدة على كل ذلك البؤس والتيه والدمار والحطام، والمغرب والجزائر وهما من أهم وأكبر الدول العربية مساحة وتعدادا وعراقة، تتعاملان معاملة الأوس والخزرج خصماء الدهر قبل الإسلام، بسبب الحدود وتداعياتها، وبسبب قضية الصحراء الغربية وتداعياتها منذ عقود.
والقصة تطول، وتنوء بحملها الجبال!!
إنها روحٌ واحدة تفرض طابعها التدميري الفتنوي حيثما حلت!! 
وهي في النزاع الجزائري المغربي واضحة لمن يريد أن يفهم، وإن كانت مغطاة بورق من "سُلُوفان" الإيهاموالتضليل لمن لا يعنيه سوى البحث عن كذبةٍ هنا أو فريةٍ هناك، تمسِّد أوهامَه وجهالاتِه بمخدراتٍ لا تمنحه فرصةً للتفكير البناء والفهم الخلاق. ولأن هذا الموضوع تُعيقُ معرفةَ حيثياته الدقيقة ركاماتٌ من البعد عن مكامن الحقيقة في سياقاتها التاريخية والسياسية والقانونية والأخلاقية، فقد كان من الضروري أن نقدمَ لمعرفتها ببعض المعطيات التي نراها مهمة قبل البدء في تحليله من جوانبه السياسية والتاريخية والقانونية. 

مدخل تاريخي لابد منه..

كانت مساعدة المغرب للجزائريين بعد استسلام العثمانيين وتنازلهم عن الجزائر لـ "المستهدمين" الفرنسيين، نافذة يطلون منها على الأمل ويتنفسون منها عناصر الدعم لمقاومة الحالة "الاستهدامية" الجديدة. فقد بادر سكان مدينة "تلمسان" الواقعة في أقصى الغرب الجزائري بإرسال وفد إلى مدينة "مكناس" المغربية" طالبوا فيها بدخولهم تحت الطاعة المغربية عن طريق تقديم البيعة والولاء للسلطان المغربي "المولى عبد الرحمن"، وهي المبادرة ذاتها التي أقدمت عليها قبائل جزائرية أخرى كـ "أولاد رياح"، و"أولاد السيد مجاهد"، و"أهل مدينة معسكر" التي كانت مقرا لقيادة المقاومة المنظمة تحت إمرة "الأمير عبد القادر الجزائري". ولقد تم ذلك بعد أن قام السلطان المغربي سالف الذكر بتعيين "علي بن سليمان" واليا على "تلمسان" .ومن هذا المنطلق فقد فرضت العلاقة الجديدة التي قامت بموجب عقد البيعة والولاء هذا، تقديم يد المساعدة من الجانب المغربي للجانب الجزائري على جميع المستويات، وهي المساعدة التي أسفرت عن عواقب مؤلمة للمغرب على صعيد مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أدت إلى مواجهات عسكرية بين الفرنسيين والمغاربة كانت خاتمتها هزيمة المغرب في معركة "إسلي"، ما شجع الفرنسيين على التطاول على السيادة المغربية بعد التوقيع على اتفاقية "للامغنية" بين الطرفين في سنة 1845 والتي تمكن المستهدمون الفرنسيون بمقتضاها من استكمال احتلال المناطق الجزائرية التي كانت قد دخلت في الطاعة المغربية فضلا عن اقتطاع أجزاء عديدة من التراب المغربي، سواء في شرقه أو في جنوبه وضمها إلى الجزائر التي كانت قد أصبحت بموجب "الاستهدام" أرضا الفرنسية، إلى درجة أن بعض القبائل المغربية كانت تقسَّم الى شطرين كقبائل "أولاد سيدي الشيخ" التي قسمت إلى أولاد "سيدي الشيخ غرابة" أي التابعة للمغرب، وأولاد "سيدي الشيخ الشراقة" التابعة للجزائر المحتلة. هكذا تكرست النعرة الإقليمية بين الطرفين، ولقد كانت لها نتائج وخيمة في مرحلة ما بعد الاستقلال، وخاصة بعد أن رفض الجزائريون العودة إلى الحدود الأولى التي كانت مرسومة بين المغرب والجزائر قبل دخول "المستهدم" الفرنسي، والمعترف بها بمقتضى معاهدة "طنجة" لسنة 1844، والتي كانت تَعْتَبِر "وادي تافنا" حدا فاصلا بين المغرب والجزائر منذ خضوع هذه الأخيرة للحكم العثماني.
من هنا تبدأ القصة. إنها كما هي العادة ودائما، الروح الأوربية الاستهدامية التي جسَّدها عندنا في المشرق العربي في مطلع القرن العشرين الدويتو "سايكس وبيكو". 
ولقد بدأت تظهر مُكَوِّنات الأزمة الحدودية بين البلدين مع بواكير عهد الاستقلال الجزائري عندما تراجعت الجزائر عما كانت قد تعهدت به من إعادة ترسيم الحدود بين البلدين على أساس اتفاقية "طنجة لعام "1844"، فاندلعت حرب بين البلدين أطلق عليها "حرب الرمال" عام 1963، وسادت علاقاتهما الكثير من التوترات والمُنَغِّصات، إلى أن دخلت على خط هذا النزاع الحدودي قضية جديدة كشفت عن المخزون الحقيقي من مولدات ذلك النزاع، ألا وهي قضية "الصحراء الغربية" التي هي إقليم صحراوي يمتد على حدود واسعة بين المغرب وموريتانيا والجزائر، وبسواحل طويلة على المحيط الأطلسي، وبمساحة إجمالية للإقليم تقدر بـ "266" ألف كيلومتر مربع، وهو ينقسم إلى قسمين هما: الساقية الحمراء شمالا، ووادي الذهب جنوبا. 
وكمقدمة تاريخية حول الصحراء الغربية تجدر الإشارة إلى أن اكتشاف المواد ذات الأهمية الاقتصادية في إقليم الصحراء الغربية أدى إلى زيادة حدة النزاع بين الدول "الاستهدامية" عليه، إلا أنه من خلال عدة اتفاقيات "استهدامية"، تمكنت إسبانيا من فرض سيطرتها الكاملة على الإقليم. ولكن بعد استقلال دول المغرب العربي، تحول الصراع على الصحراء الغربية ليكون بين دول إقليمية أخرى هي المغرب وموريتانيا والجزائر. فبعد أن كانت الصحراء الغربية "مستهدمة" إسبانية منذ العقد الأول من القرن العشرين وحتى عام 1976، حين تمَّ الجلاء عنها بموجب الاتفاق الثلاثي بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا عام 1975، إلا أنه مع هذا الاتفاق ظهرت إلى حيِّز الوجود قوى أخرى تطالب باستقلال الإقليم، وهي جبهة البوليزاريو التي أعلنت في 27 فبراير 1976 قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، بدعمٍ كامل ومطلق من "الجزائر".
بدأت المواجهات العسكرية بين أطراف النزاع مع مغادرة القوات الإسبانية للصحراء الغربية في 26 فبراير 1976 ودخول القوات المغربية إليها على قاعدة اعتبارها أراضٍ مغربية استقلت عن الاحتلال الإسباني. ومنذ ذلك التاريخ تحولت مشكلة الصحراء الغربية إلى واحدة من أدق وأخطر وأعقد المشكلات التي تهدد دول المغرب العربي كلِّه، ودخلت أطراف إقليمية أخرى إلى دائرة النزاع، تريد أن تجد لنفسها دوراً سياسيا في المنطقة، ومع فشل احتواء النزاع عربياً وإفريقياً، تحول إلى الأمم المتحدة التي ما زالت تعمل حتى الآن على إيجاد أسلوب مناسب توافق عليه كافة الأطراف لإنهاء النزاع على أساسه.
إلا أن موريتانيا وفي وقت متقدم من النزاع وبعد أن كانت طرفا أساسيا فيه وأسَّسَت لحقوقها التاريخية في جزء من الصحراء الغربية بادعاء أن لسكان الإقليم نفس التقاليد والعادات التي لدى الشعب الموريتاني، لتطالب على هذا الأساس بالجزء الجنوبي من الصحراء الغربية، وهو ما يطلق عليه اسم "إقليم الداخلة"، ما لبثت أن تراجعت عن مطلبها في هذا الإقليم لصالح المغرب عام 1979، وهو التراجع الذي بموجبه انسحبت موريتانيا بصفة نهائية من الجزء الذي كانت تحتله من تراب الصحراء الغربية لتستولي عليه المغرب
والآن، وبعد هاتين المقدمتين التاريخيتين الضروريتين، سنبدأ بالسباحة في بحور هذه الأزمة المستعصية بين البلدين الشقيقين، الجزائر والمغرب، وسوف نعرض لها من خلال مناقشة المحاور الثلاثة التالية.. 
المحور الأول.. الخلافات الحدودية الجزائرية المغربية كجذر لنشوء النزاع حول الصحراء الغربية
المحور الثاني.. المبررات التي ساقتها الجزائر للوقوف ضد مغربية الصحراء الغربية هل هي حقيقية؟!
المحور الثالث.. التناقضات الواضحة في مواقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية
المحور الأول.. الخلافات الحدودية الجزائرية المغربية كجذر لنشوء النزاع حول الصحراء الغربية
أ – تنكُّر الجزائر لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين
إن أول مشكلة برزت بين المغرب والجزائر بعد حصول هذه الأخيرة على الاستقلال عن فرنسا في الخامس من شهر تموز عام 1962، هي مشكلة الحدود التي أدت إلى اندلاع حرب الرمال بين البلدين سنة 1963. فالجزائر تشبثت بالحدود التي رسمها الاحتلال الفرنسي، وتنكرت للاتفاقية التي أبرمتها الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة "فرحات عباس" مع المغرب في 06/07/1961 والتي جاء فيها: 
"وفاء لروح مؤتمر طنجة المنعقد في شهر أبريل 1958، ونظرا لتعلقها المتين بميثاق الدار البيضاء، والقرارات المتخذة من قبله، تقرر الحكومتان السعي لبناء المغرب العربي على أساس المشاركة الأخوية في المجال السياسي والاقتصادي، وتؤكد حكومة صاحب الجلالة ملك المغرب، مساندتها غير المشروطة للشعب الجزائري في كفاحه من أجل الاستقلال والوحدة الوطنية، وتعلن عن دعمها بدون تحفظ للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضاتها مع فرنسا على أساس احترام وحدة التراب الجزائري، وستعارض حكومة صاحب الجلالة ملك المغرب بكل الوسائل المحاولات الرامية إلى تقسيم أو تفتيت التراب الجزائري. وتعترف الحكومة المؤقتة من جانبها، بأن المشكل الترابي الناشئ عن تخطيط الحدود المفروضة تعسفا فيما بين القطرين، سيجد حلا له في المفاوضات بين الحكومة المغربية وحكومة الجزائر المستقلة. ولهذا الغرض تقرر الحكومتان إنشاء لجنة جزائرية مغربية في أقرب أجل لبدء دراسة المشكل وحلِّه ضمن روح الإخاء والوحدة المغاربية".
ولنا في هذا المقام وقفة متأملة نستجلي من خلالها الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تراجع الجزائر عن تعهدها بإعادة ترسيم الحدود بين البلدين بناء على اتفاقية "طنجة" لعام 1844 والمعقودة إبان خضوع الجزائر للعثمانيين، والتي بموجبها تتحدَّد بشكل قطعي حدود البلدين. 
لقد بدأت تتكشف بما لا يحتمل أيَّ شكٍّ أو تأويل مظاهر الأهمية الاقتصادية للأراضي المتاخمة في منطقة "تندوف" وخاصة في المنطقة المعروفة بـ "غار جبيلات"، وهي المناطق الواقعة بحسب اتفاقية طنجة لعام 1844 ضمن الأراضي المغربية وليس الجزائرية. سيما بعد أن تأكد وجود خام الحديد فيها باحتياطيات مهولة تحتاجها الصناعة العالمية عموما والأوربية خصوصا. وقد اتضح هذا الأمر من خلال التقرير الذي أعدته إحدى الشركات الفرنسية المكلفة بدراسة استغلال الحديد في المنطقة في تلك الفترة، والذي أفاد بأن نسبة خام الحديد في المنطقة يبلغ 75 %. وأن هذا الإنتاج إذا أضيف إلى إنتاج موريتانيا الكبير، سيمثل نسبة 50 % من احتياجات السوق الأوروبية المشتركة.
إذن فقد ظهرت للمناطق "المغربية أصلا" و"الجزائرية حاليا" أهمية جيوسياسية خطيرة، كشفت عنها مخزوناتها الهائلة من مورد الحديد الذي يمثل عصب الصناعة الحالية في العالم. وهو ما يعني أن الجزائر التي تملك الغاز والنفط بصفتهما عصب الطاقة، إذا امتلكت الحديد على هذا النحو الهائل، فإنها لن تغدو دولة تؤسِّسُ لنفسها صناعيا على نحو غير مسبوق، بل هي ستغدو أيضا متحكمة في احتياطيات هائلة من عصب الصناعة العالمية والأوربية على وجه الخصوص. وبالتالي فلم يعد في نظر القادة الجزائريين الجدد بالإمكان التعامل مع هذه الأراضي بالنزعة الأخلاقية الساذجة التي عليها أن تلتزم بمعطيات اتفاقيات أكل عليها الدهر وشرب وبادت منذ عشرات السنين. وعلى هذا المطمع الاقتصادي الذي يُسَيِّلُ اللعاب قامت وتأسَّسَت الأسباب غير المعلنة لموقف الجزائر من مسألة إعادة ترسيم الحدود مع جارتها "المغرب".
ولكن هذا السبب العميق والدفين لا يمكن إعلانه ولا الاعتماد عليه بشكل واضح في عالم السياسة، لأنه يتعارض أصلا مع فكرة وفلسفة الثورة والاستقلال والتحرير التي قامت عليها الدولة الجزائرية، والتي قدم الشعب الجزائري لأجلها مئات الآلاف من الشهداء، بل والتي تعاطف معها العالم واحترمها لأجلها من حيث المبدأ. فدولة قامت على فكرة التحرر من الاحتلال الغاصب للأرض والثروات، ليس منطقيا ولا مقبولا أن تمارس الأمر نفسه مع جار وقريب وشريك في الجغرافيا والقومية والدين والتاريخ. وبالتالي فقد كان من الضروري للقيادات الجزائرية الجديدة من أن تبحثَ لنفسها عن مبررات تكون أكثر إقناعا، تغطي بها تنكُّرَها لما وعدت به من استعداد لترسيم الحدود مع المغرب بعد الاستقلال كما أوردنا سابقا.
وهذا يقودنا إلى ضرورة كشف حقيقة القيادات الجزائرية الجديدة التي تحكمت في الدولة بعد الاستقلال، وكيف كانت تفكر، وما هي جذورها الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وطبيعة الخلافات والتناقضات القائمة بينها، وكيف حاولت الخروج من مآزق التنافر المستحكمة في صفوفها، فإن في ذلك ما يساعدنا على سبر الحقيقة في موضوعنا.. إلخ.
ب – طبيعة عقلية وتكوين الفاعلين في النظام الجزائري ما بعد الاستقلال 
التحق بمؤسسات الدولة الجزائرية الناشئة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، المئات من الضباط الجزائريين الفارين من الخدمة العسكرية الفرنسية، أو ربما المبعوثين سرا واختراقا إلى الجزائر، من أولئك المتشبعين بدروس وافرة من طرف محتل الأمس الذي ما يزالون يدينون له بالتبعية والولاء الثقافيين، أكثر من تبعيتهم وولائهم لدولتهم المستقلة، إلا بقدر ما تكون هذه الدولة قادرة على تحقيق مصالحهم التي تشبعوا الولاء والانتماء لها بموجب تلك الثقافة، فضلا عن تمركز فئات من الطفيليين المحليين الذين كوَّنوا ثرواتٍ عبر علاقات مشبوهة مع الاحتلال الفرنسي، ومن خلال شراء مخلفات المستوطنين الفرنسيين الهاربين بأبخس الأثمان، من عقارات وورش صناعية ومصانع.. إلخ. والثروات المشبوهة لهذه الفئة من الطفيليين أصبحت بعد الاستقلال هي وسيلتهم لخلق قواعد السيطرة والنفوذ غير المرئية في دولة اشتراكية، القوة فيها للثروة المختبئة تتربص للقفز إلى مواقع القرار، وفي دولة غير ديمقراطية ولا تعدديَّة، المجال فيها للتزوير والتزييف والتشويه والفوضى مفتوح على كلِّ المصاريع. كان هؤلاء مشبعين بسياسة الهيمنة ورسم معالم التوجه الاقتصادي والسياسي للبلاد على أسُسٍ فئوية طبقية ضيقة تستخدم الكل لصالح البعض، والغالبية لحساب الأقلية، ومرافق الدولة لخدمة مصالح الطبقة. ولقد اقتضت تلك الثقافة الراسخة في هؤلاء، إلى الابتعاد عن النهج الديمقراطي في إنشاء الدولة وبنائها، وتفضيل التوجه السلطوي المركزي الذي يتيح لكل أنواع الفساد والتزييف في الوعي وفي الإرادة أن تختبئَ وراءه. ولعل أحد الأسباب الرئيسة في ذلك يعود إلى الرغبة في البحث عن أسلوب يضمن خلق توجه وحدوي بين الاتجاهات المتصارعة داخل جبهة التحرير التي كانت تمثل الحزب الحاكم آنذاك. حيث أنه خلال مرحلة الاستدمار الفرنسي كانت هناك عدة اتجاهات سياسية لحركة التحرر الوطني في الجزائر، نشير هنا إلى طبيعة تصوراتها المتضاربة أيديولوجيا، لكي نفهم العوامل المتحكمة في طبيعة النظام السياسي الجزائري والمحددة لسياسته الخارجية بعد الاستقلال.. 
أ – الاتجاه اليميني: وكان يضم نخبة من الشباب الجزائري الذي ارتوى من الثقافة الغربية، وخاض بعضُ عناصره تجربة الحرب في صفوف الجنود الفرنسيين خلال الحرب العالمية الأولى، كالأمير "خالد بن محي الدين"، حفيد الأمير "عبد القادر الجزائري"، والذي أنشأ هيئة سياسية تحت اسم "وحدة النواب الجزائريين"، كرست جهدها للمطالبة بتحقيق المساواة بين الجزائريين والفرنسيين، والعمل على إلغاء القوانين الاستثنائية، والسماح للجزائريين بالدخول إلى مجلس النواب الفرنسي. غير أن هذا الاتجاه سرعان ما تطور إلى فكرة إدماج الشعب الجزائري في السيادة الفرنسية، بمعنى ذوبان الجزائر اجتماعيا ثقافيا وسياسيا في فرنسا. وهو ما عبر عنه الصيدلاني "فرحات عباس" في جريدة "الوفاق" سنة 1936 عندما قال: 
"لو اكتشفتُ الأمة الجزائرية لكنت وطنيا، وما احمرَّ وجهي من ذلك كما أحمرَّ من جريمة، على أنني لن أموت من أجل الوطن الجزائري، لأن هذا الوطن لا وجود له". 
غير أن هذه التجربة آلت إلى فشل وزوال، نظرا لرفض الجزائريين والفرنسيين لها كل حسب تفسيراته لسياسة الإدماج. فالفرنسيون رأوا أنه لا يعقل أن يتم إدماج الأغلبية الجزائرية في الأقلية الفرنسية، لأن هذا سيقلب الموازين الديموغرافية، ويجعل تلك الأقلية الفرنسية تفقد السيطرة والنفوذ على الأغلبية الجزائرية. أما الجزائريون، فقد رفضوا فكرة الإدماج لأنها في نظرهم بمثابة تخلي منهم عن الدين وعن القومية
ب – الاتجاه اليساري: وقد ظهر بعد الحرب العالمية الأولى في شكل جمعية "نجم شمال إفريقيا" التي ضمت مجموعة من العمال المهاجرين من شمال إفريقيا إلى فرنسا. ويعتبر "مصالي الحاج" هو مؤسس هذه الحركة التي بدأت في نشاطها سنة 1926، وقد كانت مهمتها تتلخص في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لعمال شمال إفريقيا العاملين بفرنسا، والعمل على توعيتهم وتثقيفهم وإشعارهم بأهمية انتمائهم إلى القومية العربية الإسلامية، وبضرورة الدفاع عن استقلال بلادهم، وبلدان شمال إفريقيا. وقد ربطت هذه الجمعية بين فكرة التحرر السياسي والإصلاح الاجتماعي. غير أن مضايقات السلطات الفرنسية لها، جعلها تتحول إلى العمل في السر، وقد كان اسمها يتغيَّر من وقت لآخر، إلى أن استقر على اسم "حزب الشعب الجزائري" سنة 1937. 
ج – الاتجاه الإصلاحي الديني: وقد بدأ في شكل نادٍ أطلق عليه "نادي الترقي"، أسسه بعض علماء الدين لأغراض ثقافية محضة، كان الهدف منه بعث التراث الإسلامي. إلا أنه في مطلع الثلاثينيات، تحول هذا النادي إلى جمعية أطلق عليها اسم "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين". وقد كانت هذه الحركة سلفية إصلاحية في طبيعتها، استمدت مبادئها من سلفية المشرق الداعية إلى الرجوع إلى السلف الصالح والتمسك بالعروة الوثقى. مثل هذا الاتجاه "محمد البشير الإبراهيمي" و"الشيخ "عبد الحميد بن باديس". عملت هذه الجمعية على خوض غمار السياسة، وكان عليها أن تعمل في واجهتين لمجابهة الاستعمار، أولا ضد الطرق الصوفية التي اتهمتها بنشر البدع والخرافات، والتواطؤ مع الاحتلال، وثانيا ضد دعاة الإدماج الذين أرادوا القضاء على الكيان الجزائري بإدماجه في فرنسا. وفي هذا المضمار كتب الشيخ "بن باديس" مقالا في مجلة الشهاب سنة 1936 ردا على مقال "فرحات عباس" الذي نقلنا جزءا منه أعلاه، وقد جاء في ذلك المقال: 
"إننا نرى الأمة الجزائرية موجودة ومتكونة على مثال ما تكونت به سائر أمم الأرض، وهي لا تزال حية، ولم تزل، ولهذه الأمة تاريخها اللامع، ووحدتها الدينية واللغوية، ولها ثقافتها، وتقاليدها الحسنة والقيمة، مثل سائر أمم الدنيا، وهذه الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا تريد أن تصبح هي فرنسا، ومن المستحيل أن تصبح هي فرنسا ولو جنَّسوها". 
إن هذه الاتجاهات الثلاث المتصارعة التي شارك الكثيرون منها في حرب تحرير الجزائر بشكل أو بآخر، فضلا عن آخرين توافدوا على الإطار الذي سيقتسم الكعكة لاحقا من كل حدبٍ وصوب، بعد أن بدأت معالم الاستقلال تظهر في الأفق، تم اختزالهم جميعا قبيل استقلال الجزائر في "جبهة التحرير" كحزب وحيد، لتبرز الصراعات فيما بينهم جميعا من جديد مع حصول البلاد على حريتها. خاصة بعد بروز تيارات سياسية أخرى كـ "الحزب الشيوعي الجزائري"، وهم مناصرو التسيير الذاتي ذوو التكوين الماركسي، بالإضافة إلى بعض المنظمات الجماهيرية الأخرى كـ "الاتحاد العام للشغيلة الجزائريين"، و"الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين"، و"شبيبة جبهة التحرير الوطني". 
وجدت الجزائر نفسها بعد الاستقلال تتخبط في أزمة سياسية خانقة، استغلها الضباط الجزائريون العائدون من فرنسا ليحددوا – ومعهم من تمكن من سرعة القفز والوصول إلى الصفوف الأمامية من طفيليي ومنتفعي حقبة الاحتلال – معالم السياسة الخارجية للجزائر، مستفيدين من الأزمة التي اندلعت بين قيادة الأركان والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، والتي مكنتهم لاحقا وفي وقت قياسي من السيطرة على القطاعات الإستراتيجية في البلاد، خاصة داخل وزارة الدفاع والدرك الوطني التي وقعت تحت إشرافهم كليا منذ سنة 1962. ومنذ هذا التاريخ أصبح الجهاز العسكري، هو المسيِّر لدواليب الحكم داخل النظام السياسي الجزائري، وهو المحدِّد للسياسة الخارجية للجزائر والمتحكِّم فيها، خاصة تجاه المغرب
في هذا السياق أجد نفسي مدفوعا بمقتضى الموضوعية والإنصاف إلى تأكيد التحليل السابق المتعلق بطبيعة أولئك الذين هيمنوا على مفاصل الدولة الجزائرية، وبالأخص العسكرية منها، ليصبح القرار بأيديهم، من خلال فرصةٍ قيِّمة أتيحت لي، قرأت فيها روايةً للكاتب الجزائري "بدر الدين ميلي"، بلغتها الفرنسية الأصلية، لأنها لم تكن قد ترجمت بعد، وهي بعنوان "La Breche et Le Rempart"، أو باللغة العربية "الثغرة والجدار". الرواية تحكي قصة حي في مدينة "قسنطينة" في الشرق الجزائري مهد "الثورة التحريرية الكبرى"، يدعى "عوينة الفول" خلال حقبة من حقب الاحتلال الفرنسي تبدأ من فترةٍ تقارب الحرب العالمية الأولى، وتستمر حتى ما بعد الاستقلال بقليل، وهي بمثابة ملحمة حقيقية تروي تغريبة معبِّرَة أيما تعبير عن المجتمع الجزائري والتحولات التي كانت تعتمل فيه، منتقلة به من مستوى إلى آخر ومن حالة إلى أخرى. الرواية تحليل مجتمعي ثقافي اقتصادي إنساني أخلاقي لتلك العينة من المجتمع "القسنطيني" عبر سيرورة زمنية كان العالم فيها يتغير وكانت الجزائر فيها تتجاوب مع هذا التغيير.
إن أكثر ما لفت انتباهي في هذه الرواية – فضلا عن حرص مؤلفها على دقة تحليل البناء المجتمعي لـ "عوينة الفول"– هو حرصه على التركيز على فئة من الشخصيات التي فهمتُ منه بعد تواصلي معه بشكل شخصي عبر الفضاءالإلكتروني، أن الكثير منها كان حقيقيا وموجودا بالفعل في تلك المنطقة، إذ أن جانبا من الرواية يمثل "سيرة ذاتية" للكاتب الذي ينحدر من تلك المناطق الشرقية في الجزائر. ومن بين كل شخصيات الرواية استوقفتني تلك المجموعة التي تجذب الإنسان بفعل اختلافها وتميزها – وإن يكونا اختلافا وتميزا سلبيين يُكْرَهان – اللذين يتنبأ القارئ أنهما سيجعلان تلك الشخصيات ذات مكانة خاصة في مستقبل خاص ضمن ظروف خاصة. 
شخصية العامل الجزائري المقرب لدى مستوطن فرنسي يتاجر في الأسلحة القديمة من مخلفات الحروب، شخصية الميكانيكي الجزائري الذي يعمل لدى صاحب مرأب فرنسي لتصليح العربات والمركبات، تاجر حبوب وزيوت جزائري متنقل بين القرى في تلك المنطقة ومقرب من الفرنسيين، شخص جزائري غريب الأطوار، يجمع المال بكل الطرق، وعلى رأسها التذلل للمستوطنين الفرنسيين، جزائري بسيط يعمل رئيسا للعمال في ورشة لمستوطن فرنسي.. إلخ. عشرات الشخصيات التي لا يحبها المرء وهو يقرأ الملحمة الروائية ويحس بأنها سوف تكون مصدر قلق في المستقبل، ليكتشف القارئ في النهاية أن هذه الشخصيات ومع بزوغ عهد الاستقلال تكون قد اغتنت وأثرت وهي التي استفادت من الفزع الذي أصاب المستوطنين الفرنسيين في الأشهر الأخيرة التي سبقت إعلان الاستقلال مُجَمِّعَة ثروات وعقارات وورش ومصانع.. إلخ، لتختفي فجأة عن مسرح الأحداث في "عوينة الفول"، ويظهر الكثيرون منها في "الجزائر العاصمة" على نحوٍ جديد، وبعضهم لا يظهر مطلقا في إشارة إلى أنه ذاب في البناء الجديد على نحو ألغى ماضيه ليصبح ابن المرحلة الحالية بكل الخير الذي سيرافقها.. إلخ. 
ما أريد قوله هو أن هؤلاء وأمثالهم من كل أنحاء الجزائر، هم في الغالب الأعم من سرقوا الثورة الجزائرية واستحكموا في خنادق الصف الثاني والثالث مترقبين تداعيات الزلزال أن تزول كي يتحركوا، ثم تحركوا بالفعل في الوقت المناسب، لتصبح الجزائر لهم وملكهم وتحت سيطرتهم، هم وأولئك الذين هيمنوا على الجيش بالشكل الذي أشرنا إليه سابقا من بقايا المنتمين إلى الثقافة الفرنسية "الفرانكوفونية"، بعد أن غاب الرجال الكبار واستشهدوا، وبعد أن تحول المجاهدون الذين صنعوا الاستقلال، إلى أنتيكاتٍ في متحف كبير مقدس محترم ينحني له الجميع احتراما، أقنع ساكنيه بالاكتفاء بهذا التبجيل المرفق بغيابٍ كامل عن أيِّ تأثير على مسرح الأحداث، متحفٌ اسمه "وزارة قدماء المجاهدين".
وفي هذا السياق أيضا، لا يفوتني أن استحضر هاجسا غريبا ولدته لديَّ في حينه روح مشبعة به في قلوب وأذهان عشرات "قدماء المجاهدين" الذين التقيتهم وعرفتهم وحاورتهم وخاطبتهم في سياق عمل ما كنت أقوم به في الجزائر منذ سنوات، هاجسٌ حول استشهاد عدد من كبار صناع الثورة في ظروف غامضة لا تبدو بريئة، سبقت حدث الاستقلال الذي بدأ يتلألأ في الأفق منذ عام 1957. رجال عظماء أحدهم كان يلقب بحكيم الثورة وهو أحد خمسة فجروها هو الشهيد "العربي بن مهيدي"، والآخر هو الشهيد "عبان رمضان" والثالث هو الشهيد "العقيد لطفي"، وقبلهم الشهيد "مصطفى بن بولعيد" ثاني الخمسة الذين فجروا الثورة، وآخرون من أنزه الرجال وأكفئهم وأعظمهم وأخلصهم، سقطوا ورحلوا في ظروفٍ غامضة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، فيما بدا أنه تسوية للطريق أمام الدولة القادمة لكي لا يكون فيها وعلى رأسها أمثال هؤلاء الثوار الكبار الذين ما كانت ستتاح في ظل وجودهم للجزائر أن تصبح مطية لمن قلنا أنها أصبحت مطية لهم. 
الشهيد "العربي بن مهيدي"، يتم إلقاء القبض عليه وهو يغادر "حي القصبة" الذي كان يدير منه معركة "الجزائر الكبرى" التي غيرت موازين القوى في حرب التحرير، في ظروفٍ رجَّح الكثيرون أنها كانت ظروف خيانة، ليتم إعدامه في سجنه بأنذل طريقة. 
الشهيد "مصطفى بن بولعيد، سمعت عن ظروف استشهاده من الإشاعات التي تؤكد قتله غدرا بتسليمه جهاز تفجير ملغوم لينفجر فيه ويموت، أكثر مما سمعت عن استشهاد طبيعي، ومن المعروف أنه استشهد بالفعل خلال معالجته لجهاز تفجير انفجر بين يديه وهو يتعامل معه في جبال "الأوراس" في الشرق الجزائري. 
الشهيد "عبان رمضان" خليفة "العربي بن مهيدي" في إدارة وقيادة "المنطقة الخامسة" في الغرب الجزائري، يتم اغتياله من قبل مجهولين، ويقضي إلى ربه في ظروف غامضة، وهو مفكر الثورة ومثقفها الأهم وأحد أهم كوادرها، وكان مرشحا لأن يكون أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال.
الشهيد "العقيد لطفي" يتم استشهاده باغتياله في كمين فرنسي لا يمكن أن يكون تم بدون خيانة.. إلخ. 
وعشرات الرجال الكبار الذين قضوا في تلك الفترة من الزمن على هذا النحو، لتستقل الجزائر بدونهم ويحكمها "الرويبضة" من هؤلاء الذين تحدثنا عنهم.
وآخر ما نجد ضرورة إيراده في هذا السياق هو أن الجزائر بعد الاستقلال، وبسبب العلاقة الخاصة بمصر، وبسبب محاولة كلٍّ من الرئيس "هواري بومدين" وقبله "الرئيس بن بلا"، أن يتقمصا الشخصية الكاريزمية لعبد الناصر بفكره وفلسفة إدارته للدولة، حرصا على محاكاة التجربة الناصرية المصرية بكل تشوُّهاتها ونقاط ضعفها، وعلى رأسها تجربة "الاتحاد الاشتراكي" كبديل للتعددية والتشاركية السياسية، فكانت "جبهة التحرير الوطني" هي الاتحاد الاشتراكي للجزائريين، وهي التجربة السيئة التي مررت كل الكوارث إلى الجزائر، كما مرّرَ "الاتحاد الاشتراكي" كل الكوارث إلى المجتمع المصري.. نقول.. بسبب ذلك وقعت الجزائر في نفق الأخطاء ذاته الذي وقعت فيه مصر، لتعاني من السلبيات ذاتها التي عانت منها مصر. 
وإذا كان "عبد الناصر" هو ورقة السلوفان المصرية التي كانت تغطي بكارزميتها ووطنيتها وقوميتها على كل مظاهر الفساد والترهُّل التي رشَحت عبر "مسامات الاتحاد الاشتراكي" إلى مؤسسات ومرافق الدولة المصرية، لينقلب كل شيء في مصر وتتهتَّك ورقة السلوفان بكل يسرٍ وسهولة خلال أقل من عام من رحيل الرمز "عبد الناصر"، فإن "بومدين" كان هو ورقة السلوفان الجزائرية التي كانت تغطي بكارزميتها ووطنيتها وقوميتها على كل مظاهر الفساد والترهل التي رشَحت عبر "مسامات جبهة التحر الوطني" إلى مؤسسات ومرافق الدولة الجزائرية، لينقلب كل شيء في الجزائر وتتهتَّك ورقة السلوفان الجزائرية بكل يسر وسهولة أيضا وخلال أقل من عام من رحيل الرمز "بومدين". المصريون يقولون إن "عبد الناصر" قتل، بعد ما حاول إصلاح "الاتحاد الاشتراكي" عقب هزيمة حزيران التي كشفت له مدى ترهل "الاتحاد الاشتراكي" وفشله كتجربة. والجزائريون يقولون أن بومدين قتل، بعدما حاول تغيير سياسات الجزائر إزاء العلاقات بالمغرب عبر إصلاح "جبهة التحرير الوطني". وبعد غياب الرجلين كل في بلده، تباع البلدان للشيطان، ويقودها هؤلاء الذين كانوا مختبئين يترقبون وينتظرون، ليصبحوا عقب ذينك التحولين هما صناع الحدث هنا والحدث هناك.
هذه هي إذن طبيعة العقل وبنية الذهن الثقافي والسياسي الذي قاد الجزائر عقب الاستقلال، والذي استفحلت قدراته وتفاقم نفوذه ليصبح هو الآمر الناهي والمتفرد بالسلطة واتخاذا القرار بلا تردد أو تحفظ، بعد مرحلة بومدين. وبالتالي ومن هنا نستطيع تفهُّم ما سيترتب على وجود هذا العقل القيادي على سِدَّة صناعة القرار في الجزائر، من اختراقات للسياسة الخارجية للجزائر، وبالتحديد على صعيد العلاقات مع المغرب، بدءا بالنزاع الحدودي بين البلدين والذي تنكرت الجزائر لوعودها بحله في اتفاقيات سبقت الاستقلال، إلى أن دخلته قضية "الصحراء الغربية" كمكَوِّن أساسي وخطير.
فلنتابع..
ج – استفحال النزاع الحدودي بين الجزائر والمغرب ونشوب حرب الرمال بسببه عام 1963
كانت حكومة فرنسا قد عرضت على حكومة المغرب أثناء حرب التحرير الجزائرية الدخول معها في مفاوضات لتسوية مشكلة الأراضي المغربية التي كانت قد اقتطعت لصالح الجزائر في اتفاقية "للامغنية" عام 1845، لكن الملك "محمد الخامس" المعروف بمثاليته في المعاملات السياسية رفض التفاوض المباشر مع فرنسا في هذا الشأن، وفضل ترك المشكلة إلى حين استقلال الجزائر ليتفاوض بشأنها مع الإخوة والجيران، معتبرا أن التفاوض مع فرنسا طَعنٌ لظهر الجزائر المكافحة، وإخلال بمساندتها التي التزم بها أمام نفسه وأمام ربه، واكتفى من الجزائريين بالاتفاقية التي تم توقيعها مع "فرحات عباس" نيابة عن الحكومة الجزائرية المؤقتة والتي تمت الإشارة إليها فيما مضى. وهذا ما كان، فقد تم تأجيل أيِّ حديث مغربي متعلق بالأراضي المغربية التي كانت فرنسا قد انتزعتها من المغرب عام 1845 عقب هزيمة المغرب في معركة "إسلي" إلى ما بعد استقلال الجزائر. ليتولى الملك "الحسن الثاني" الأمر بعد أن كان والده قد توفي، مدشنا الأمر بزيارة للجزائر في عام 1963. 
ما هو الهدف الأساسي لزيارة الملك الحسن الثاني إلى الجزائر يوم 13 مارس/آذار 1963؟! 
لقد جاء الملك الحسن الثاني على رأس وفد المغرب فقط لمناقشة مشكلة الحدود المغربية الجزائرية التي ترتبت على إلحاق فرنسا لأجزاء من تراب المغرب بالجزائر في عمليةٍ لم تكن تهدف في حينها إلا إلى خدمة المصالح "الاستهدامية" لفرنسا، عندما كانت تراهن على إدامة احتلالها للجزائر كجزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي، فتقتطع من المغرب الذي لم يكن محتلا وتضيف إلى "التراب الفرنسي الدائم" مناطق لا جدال في مغربيتها.
حمل الملك "الحسن الثاني" للرئيس الجزائري آنذاك "أحمد بن بلا" ملفا حافلا بالحجج التاريخية التي تثبت مغربية الأراضي التي ألحقتها فرنسا بالجزائر، كانت ضمنه وثائق وخرائط ومعاهدات دولية. كما انطوى الملف على اعترافَ فرنسا وحكومة الجزائر المؤقتة التي تأسست قبيل استقلال الجزائر بمغربية الأراضي المغتصبة، هذه الحكومة التي وقع رئيسها "عباس فرحات" مع الملك الحسن الثاني بتاريخ 6 يوليو/تموز 1961 اتفاقية تضمنت التأكيد على أن الجزائر تعترف بأن مشكلة الحدود بين المغرب والجزائر موجودة وقائمة، وأن واقع الحدود إنما تمَّ فرضه من قبل فرنسا بتعسف وظلم. وقد تم التعهُّد في الاتفاق بأن تدخل حكومة الجزائر المستقلة في مفاوضات مع المغرب لتسوية المشكلة. كما تضمنت الاتفاقية النصَّ على أن ما قد يُبرَم من اتفاقيات بين الجزائر وفرنسا لا يمكن أن يكون حجة على المغرب في ما يخص ضبط الحدود الجزائرية المغربية. 
في الاجتماع الذي جرى على انفراد بين الملك "الحسن الثاني" والرئيس "أحمد بن بلا" أثناء الزيارة طلب هذا الأخير من الملك أن يؤخر بحث موضوع الحدود إلى حين استكمال الجزائر إقامةَ المؤسسات الدستورية، وتسلُّمَه مقاليد السلطة بوصفه رئيس الدولة الجزائرية المنتخب، مخاطِبا بالأخص الملك بهذه العبارة الحافلة بالدلالات: 
"ثقوا أن الجزائريين لن يكونوا بطبيعة الحال مجرد وارثين للتركة الاستعمارية في موضوع الحدود الجزائرية المغربية". 
وقد اطمأن الملك لهذا التعهد الصريح، خاصة وقد كان الرئيس "بن بلا" أعلن في خطاب تنصيبه أن حكومته تحترم وتضمن تطبيق جميع ما أبرمته الحكومة المؤقتة الجزائرية من اتفاقيات. 
وأَطْلَعَ الملك "الحسن الثاني" على نتائج اجتماعه بالرئيس الجزائري وزراءَه المرافقين له فيما يتعلق بموضوع الحدود، فأبدى بعضهم تشككا وارتيابا في حسن نية الرئيس الجزائري الذي اعتبروا تسويفَه معالجةَ المشكلة تهرُّبا وتملُّصا. لكن الملك قال لهم:
"لا أشاطركم رأيكم، ولا أتصور أن يلجأ الرئيس الجزائري إلى الأسلوب الملتوي، وأنا أثق في حسن نيته، إذ لا يُعقَل أن يكافأ المغربَ على دعمه الموصول للجزائر بالعمل على إدامة مشكلة الحدود قائمة، وبالأحرى أن يكون همُّ الرئيس الجزائري هو الاحتفاظ بأراض وأقاليم مغربية انتُزِعت من المغرب لدواع استعمارية يعلمها الرئيس الجزائري حق العلم ولا ينازع فيها".
وقبل الانتقال إلى التداعيات اللاحقة لهذا اللقاء التاريخي بين الزعيمين نعرجُ قليلا على ذكر أول تمرد حصل في الجزائر عقب الاستقلال. فاستقلال الجزائر لم يكن نهاية متاعب المحاربين على ما بدا في تلك الحقبة المرتبكة من تاريخ الجزائر، بل فجَّر داخل الجزائر ما كانت تموج به البلاد به من تناقضاتٍ أجَّلَها الالتقاء على هدف واحد هو التحرير مؤقتا، لتظهر تلك التناقضات عقب الاستقلال مباشرة بعد أن عجز هذا الأخير عن احتوائها. ونشير في هذا السياق بالأخص إلى انقسام الصف القيادي لـ "جبهة التحرير الوطني"، وبروز تكتلات سياسية لجأ بعضها وعلى رأسها الزعيم التاريخي في الثورة "حسين آيت أحمد" إلى التمرد العسكري على الحكومة الشرعية بمنطقة "القبائل الكبرى". وبعد عودة الملك المغربي والوفد المرافق له إلى المغرب تلاحقت الأنباء الواردة من الجزائر بشن الحكومة الجزائرية حملة تشهير وقذف ضد المغرب، متهمة إياه بدعم ثورة القبائل الجزائرية، وبالسعي لزعزعة الاستقرار الجزائري. بل قامت قوات جزائرية بمهاجمة مواقع وأراض تقع داخل الأراضي المغربية غير المتنازع عليها، وسقط ضحايا مغاربة.
لم يقدم الرئيس الجزائري اعتذارا عما حصل، ولم يقل كلمة واحدة عن ضحايا العدوان المغاربة، ولم يطلب من مفاوضه الذي أرسله الملك المغربي للاستفسار أن ينقل للملك أيَّ عبارة للمواساة والعزاء في الضحايا، بل قال في انفعال مثير: 
"إن مشكلة الحدود مشكلة وهمية ويجب السكوت عنها في الوقت الحاضر لتجاوزها في المستقبل. وعلى النظام الملكي المغربي أن يواجه مشاكله الداخلية، وأن يعلم أن النظام الجزائري حصين منيع، ولا يملك النظام الملكي المغربي النيل منه". 
ثم نشبت حرب الرمال التي استمر لمدة 3 أيام استعاد المغرب خلالها الأراضي التي كانت الجزائر قد احتلتها، بل وتقدم ليصبح على مقربة من تندوف التي يعتبرها أرضا مغربية محتلة، إلا أنه عاد ليتراجع إلى الحدود الدولية لترك المجال للتفاوض لحل مشكلة الحدود. وبالفعل حضر الملك الحسن الثاني الاجتماع التاريخي في العاصمة المالية "باماكو" في أواخر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1963 وطُوي الملف المغربي الجزائري إلى حين، والحال على ما هو عليه دون التقدم في أيِّ مفاوضات حوله، والكل يتربص بلحظة يتمكن فيها من فرض إرادته. لتكون قضية "الصحراء الغربية" لاحقا هي القضية التي استحضرت تلك اللحظة التاريخية.
المحور الثاني.. المبررات التي ساقتها الجزائر للوقوف ضد مغربية الصحراء الغربية هل هي حقيقية؟!
وجاءت قضية "الصحراء الغربية" بقدِّها وقديدها لتجد فيها الجزائر ضالتها التي ارتقبتها من سنين كي تؤسِّسَ بموقفها منها لما ما شانه أن يساعدها على التبرير الأيديولوجي لرفضها العودة إلى الحدود ما قبل الاستعمارية مع المغرب. ومع ذلك فلقد أوضحت السلطات الرسمية الجزائرية أن الجزائر وانطلاقا من مبدأ مساندة الشعوب في كفاحها التحرري لأجل الاستقلال وتقرير المصير، لا يمكنها استثناء قضية "الصحراء الغربية" من ذلك لمجرد السعي لإرضاء جارتها المغرب. وذكر المسؤولون الجزائريون أن الجزائر التي اعتمدت على الكفاح المسلح لاسترجاع سيادتها على كامل تراب أراضيها، لم تتوان منذ الاستقلال سنة 1962 عن مساندة كلِّ الحركات التحررية في العالم. وهو ما قامت به أيضا تجاه جبهة "البوليزاريو" التي قررت حمل السلاح ضد الجيش الإسباني في البداية، قبل أن تنتقل لمواجهة الجيش المغربي. ومع أن الجزائر حاولت بهذا التوصيف لموقفها من قضية الصحراء الغربية نفي أن تكون طرفا في النزاع وإنما هي مجرد طرف مهتم به لأسباب حقوقية وقانونية، إلا أن المغرب أصر وفي كل المناسبات على التأكيد على أن الجزائر هي طرف في النزاع، وأن هذا النزاع المستفحل في الصحراء الغربية منذ جلاء القوات الإسبانية عنها، إنما هو في جوهره نزاع مع الجزائر، ولولا ذلك لما كانت هناك قضية تسمى قضية الصحراء الغربية، بل لما وجدت دولة "الجمهورية العربية الصحراوية" أصلا.
لا مجال للشك لدى المغاربة إذن في أن الجزائر طرف في نزاع الصحراء، بل هي من ابتدعته. وأن النزاع هو مغربي جزائري، ولكن الأمر كان وما زال يتطلب دبلوماسية محنكة لإقناع الدول الكبرى والمهمة بهذه الحقيقة. ومن ذلك ما أعلنه الملك "محمد السادس" في العديد من الخطب صراحة عندما أكد على أن الجزائر طرف في النزاع، بل هو اعتبرها الطرف الأصلي فيه، وهو ما عبر عنه في خطابه يوم 26ـ06ـ2000 حين قال: 
"هناك مشكلة بين المغرب والجزائر. والجمهورية العربية الصحراوية التي تنادي البوليزاريو بإقامتها، نحن لا نعترف بها، الجزائر هي التي صنعتها".
وعلى الصعيد العربي والإفريقي والدولي فإنه وعلى الرغم من أن ليبيا كانت من أهم الداعمين للبوليزاريو في السبعينيات، إلا أنها اقتنعت أخيرا بأن المشكلة ليست إلا مغربية جزائرية، وخير دليل على ذلك تصريح "عبد السلام التريكي" وزير الخارجية الليبي الأسبق أيام نظام "معمر القذافي" بقوله: 
"إن قضية الصحراء هي مشكل مغربي جزائري، والدول التي سحبت اعترافها بالبوليزاريو في إفريقيا وأمريكا اللاتينية كلها تأكدت من أن النزاع إنما هو قائم بين المغرب والجزائر، وأن البوليزاريو مجرد أداة تتحكم فيها الجزائر لمعاكسة المغرب".
لا بل إن القيادات الجزائرية نفسها، وعلى الرغم من حرصها في المحافل الدولية على التأكيد على أنها ليست طرفا في النزاع، وإنما هي تدعم الصحراويين وجبهة البوليزاريو من منطلق إنساني وحقوقي، فإنها لم تستطع أن تحول دون ظهور نقيض ذلك في الكثير من الوثائق والمستندات الجزائرية ذات العلاقة بقضية الصحراء الغربية. ومن الوثائق التي تثبت هذا كلمة مندوب الجزائر الدائم في الأمم المتحدة أمام لجنة تصفية الاستعمار يوم 19 نونبر 1975، ومذكرة الجزائر إلى الأمين العام للأمم المتحدة التي وجهتها الحكومة الجزائرية يوم 12 فبراير 1976 بشأن القضية الصحراوية. ففي الوثيقتين ترفض الجزائر رفضا قاطعا استرجاع المغرب لصحرائه، وتعتبر أن "المسيرة الخضراء" مجرد "مناورة للغزو والاحتلال"، وتؤكد على موقف الجزائر الثابت فيما يخص القضية، وتؤكد كذلك على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، وتستنكر اتفاقية مدريد الثلاثية وترفضها. أما المذكرة التي بعثت بها الحكومة الجزائرية إلى لجنة تطبيق الاستفتاء التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية في اجتماعها المنعقد في نيروبي في شهر أوغست 1981، فهي قد فصلت فيها الخصائص الأساسية للاستفتاء المقترح واختصاص اللجنة ووظائفها وشروط تنظيم الاستفتاء.. إلخ. أرادت الجزائر من هذه المذكرة الطويلة أن تشرح منظورها الشخصي للاستفتاء وكأنها هي المعنية به وليس البوليزاريو، وتبقى دائما وأبدا تدعي بأنها تعمل على مساعدة البوليزاريو في كفاحها ضد الاحتلال المغربي، وتدعي أن الأمر مشروع دوليا وأن هذا ينسجم مع السياسة التي تنهجها اتجاه قضايا التحرر في العالم كله.
من جهته أيضا أكَّد الرئيس الجزائري الراحل "هواري بومدين" أن السياسة التي يتبعها في بناء علاقات بلاده الخارجية هي سياسة توازن إقليمي تأخذ في اعتبارها كلَّ المصالح، ويؤكِّد على نجاح سياسة بلاده الخارجية في إقامة ذلك التوازن، وعلى أن كل محاولة للتأثير في هذا التوازن قد تؤدي إلى قلب الكثير من الأشياء، ولذلك فإنه لا داعي للعبث بالتوازن، ولا ينبغي أن يغيب عن الأذهان أن الجزائر هي محور السلام بالمنطقة. ويضيف في خطاب آخر بتاريخ 15ـ 11ـ1975 قائلا: 
"إن الجزائر ترفض كل حل ما لم تشارك في إعداده كطرف معني ومسئول". 
فهي تعتبر إذن أنه لا يمكن أن يحصل أيُّ تغيير في المنطقة دون اتفاق معها، لأن المغرب العربي والمنطقة الفاصلة بين "القاهرة" و"دكار" هي منطقة أمن بالنسبة لها. فهي لا تسمح بانكسار التوازن في المنطقة، ولن تقبل بحل لمشكلة الصحراء لا تكون الجزائر طرفا فيه. وتحقيق هذا يقتضي إما أن تكون الجزائر طرفا في حل النزاع أو أن تعارضه.
المحور الثالث.. التناقضات الواضحة في مواقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية
أ – تذبذب المواقف الجزائرية من التدخل في الشأن المغربي
لم يكن هدف النظام الجزائري في بداية الأمر من التدخل في الشأن المغربي ما بعد عام 1963، سوى تصفية حسابات هزيمة حرب الرمال المتعلقة بالحدود المتنازع عليها، عبر جر المغرب للتوقيع على اتفاقية تضمن بمقتضاها حدودا موروثة عن محتل الأمس تحفظ له الأراضي المغربية التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر إبان حقبة الاحتلال بدءا باتفاقية عام 1845 عقب معركة "إسلي". وفعلا، فإنه بعد التوقيع على معاهدة الحدود في سنة 1972، وتنازل المغرب عن أراضيه المتنازع عليها في الغرب الجزائري بما فيها منطقة "تندوف" و"غار جبيلات" الغنية بمعدن الحديد، كانت تصريحات الجزائريين لا تنم عن أيِّ نية ظاهرة للتدخل في قضية الصحراء الغربية التي كانت قيد التكوُّن مع قرب حلول موعد جلاء القوات الإسبانية عن الإقليم الذي كانت تحتله. بل على العكس من ذلك، عبَّر القادة السياسيون الجزائريون عن تأييدهم للحقوق المغربية ليس في "الصحراء الغربية" فحسب، بل كذلك في "سبتة" و"مليلية" وكل المناطق الخاضعة للاحتلال الإسباني. وهذا ما صرح به الرئيس الجزائري الراحل "هواري بومدين" في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد بالرباط في أكتوبر عام 1974.
غير أن صدور الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية في 16/10/1975، والذي أكد على الروابط التاريخية والقانونية التي تجمع المغرب بصحرائه، زيادة على حدث المسيرة الخضراء، والتوقيع على اتفاقية مدريد في 14/11/1975 التي تم بمقتضاها تصفية الاحتلال في الصحراء، جعل الجزائر تشعر بخيبة الأمل، ذلك لأن توصل المغرب إلى استكمال وحدته الترابية، يعني بالنسبة إليهم انتقال المغرب من مجرد حليف تاريخي للقوى الكبرى إلى حليف إستراتيجي وخزان مهم للبترول وللمعادن الثمينة والمهمة للمدنية وللصناعة العالمية مما تزخر بها الصحراء الغربية. ولذلك صعَّد الضباط الجزائريون الذين كانوا قد ارتقوا إلى جنرالات في تلك الفترة من معاداتهم للمغرب، وقد ساعدهم على ذلك انتقال سلطة القرار إليهم بشكل سريع في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينات، سيما بعد أن تم عزل الرئيس الجزائري "الشاذلي بن جديد" عن حزب جبهة التحرير، وعن رئاسة الحكومة وأيضا عن المجلس الوطني وقيادة الجيش. 
وأمام ضعف تكوينهم السياسي خاصة بعد إخفاقهم في أول انتخابات تشريعية تعددية تمت في 16/11/1991 والتي تم إلغاؤها لتضرب الديمقراطية عرض الحائط، وجد هؤلاء الجنرالات أنفسهم أمام وضع سياسي اقتصادي واجتماعي يجسِّد مأزقا حقيقيا، وعوضا عن أن يتم البحث عن حلول عقلانية من شأنها ضخُّ دمٍ جديد في النظام السياسي الجزائري لجعله نظاما يحظى بقبول الشعب الجزائري، واحترام الجيران المغاربة وكل شعوب دول العالم، عمل الجنرالات الجزائريون على تصفية كل من يتعاطف مع "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، بدءا بضباط الجيش الشباب الذين تمت إحالة أغلبيتهم على التقاعد المبكر. 
بل حتى الرئيس الجزائري "محمد بوضياف" الذي حاول إيجاد حل سياسي للأزمة الجزائرية عن طريق إعادة تخليق الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل فعال وعادل ومنتج، والقضاء على الفساد وإعادة زرع الروح في العلاقات المغربية الجزائرية، تم اغتياله في سنة 1992 بأمر من الجنرالات الجزائريين الذين عينوه كرئيس للدولة، لأنه وضع برنامجا سياسيا خرج فيه عن مخططاتهم الداخلية والخارجية، وعلى رأسها تلك المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، وهذا بشهادة الدكتور "عبد الحميد إبراهيمي"، الضابط السابق في جيش التحرير الوطني الجزائري من سنة 1956 إلى سنة 1962، ورئيس الوزراء من سنة 1984 إلى سنة 1988.  
مع العلم بأن "محمد بوضياف" الذي كان لاجئا سياسيا في المغرب منذ استقلال الجزائر بسبب معارضته لنهج إدارة الدولة الذي بدا واضحا منذ الأيام الأولى للاستقلال، هو أحد الخمسة الكبار الذي فجروا حرب التحرير الكبرى في نوفمبر عام 1954، والذين هم إضافة إليه كل من "العربي بن مهيدي"، و"مصطفى بن بولعيد"، و"ديدوش مراد"، و"رابح بيطاط"، ولم يكن قد بقي منهم غيره بعد استشهاد الثلاثة الأوائل خلال الثورة، وبعد أن أصبح الرابع عجوزا لا يستطيع ممارسة الحكم، خاصة أنه فقد الكثير من بريقه الثوري بسبب انخراطه في لعبة السلطة والسياسة منذ الاستقلال بترأسه "المجلس الوطني الجزائري" لعدة دورات على ما في ذلك الترؤُّس من دلالات غير ديمقراطية. 
وكان "بوضياف" خلال الثورة وقبلها يلقب بالرجل الزئبق، ومثل لغاية يوم مصرعه رمزا من رموز حرب التحرير، ولم يأت به الجيش لتسليمه رئاسة الجزائر إلا ليمحو بهذه الخطوة عار الانقلاب على الانتخابات الحرة النزيهة التي أجريت في عام 1991 وصعَّدت "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وللترويج لفكرة عودة الرموز لإنقاذ الوطن، تخفيفا من حدة الاحتقان الذي بدأ يسود الشارع الجزائري آنذاك، ليكون مصرعه على ذلك النحو الذي لم يشك أحد في الجزائر بأنه من تدبير الجيش نفسه، بداية لحرب تكاد تكون أهلية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الجزائريين فقط ليبقى الجيش وقادته وضباطه الكبار المنتفعون الفاسدون من ذوي الثقافة "الفرانكوفونية" هم أسياد الموقف والقرار والسلطة في البلاد.
لقد شهدت سياسة الجزائر تجاه المغرب، وتجاه النزاعات الحدودية معه، وتجاه قضية الصحراء الغربية، تذبذبات تنطوي على قدر من التناقض الذي لم تستطع أيُّ من الحكومات الجزائرية إخفاءه رغم كل محاولاتها، بسبب أنه كان يتحرك صعودا وهبوطا جنبا إلى جنب مع تحرك قضية النزاع الحدودي بين الدولتين صعودا وهبوطا أيضا. فقد وافقت الجزائر على دعم المغرب في معركته الدبلوماسية ضد إسبانيا من أجل استرجاع مناطقه المحتلة التي كان من بينها "الصحراء الغربية/الساقية الحمراء ووادي الذهب"، وذلك إثر مصالحة القاهرة عام 1964 التي جاءت بعد حرب الرمال التي دارت بين المغرب والجزائر سنة 1963. 
لكن منذ عام 1966 وبسبب أن قضية "النزاع الحدودي" كانت ما تزال قائمة ولم تحسم على النحو الذي تريده الجزائر، وبسبب بدء الحديث في المحافل والأوساط الثقافية والسياسية المغربية عن ضرورة إعادة التحرك باتجاه حل ذلك النزاع الحدودي عبر إعادة ترسيم الحدود بين الدولتين، فإن الجزائر رأت ألا مفر من العودة إلى اللعب بورقة الأراضي التي تحتلها إسبانيا للضغط باتجاه تخليق حالة تبرر الحفاظ على الموروث الاستعماري في قضايا الحدود بين الدول الإفريقية المستقلة حديثا كي تتمسك بها الجزائر في مواجهة المطالب المغربية بترسيم الحدود. 
في هذا السياق سخَّرت الجزائر مجهوداتِها الدبلوماسية للضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبنت في يوم 20 كانون أول/ديسمبر عام 1966 توصية تفصل  فيها بين قضيتي "سيدي إفني" و"الصحراء الغربية". فاسترجع المغرب "سيدي إفني" عام 1969، وبقيت الصحراء تنتظر استفتاءً لتقرير المصير، بعد أن تم ربط عودتها إلى المغرب بإجراء مثل هذا الاستفتاء. اعتبر المغرب أن ما جرى في الجمعية العامة، وما مارسته الجزائر عبارة عن مؤامرة ضده وضد سلامة أراضيه، بل وضد استكماله لوحدة أراضيه التي ما يزال جزء منها يقبع تحت نير الاحتلال الإسباني، وهي مؤامرة ما يزال يعاني من تأثيراتها حتى الآن. 
تبنت الجزائر إذن مبدأ تقرير المصير بالنسبة لسكان "الصحراء الغربية" كوسيلة لحل مسألة النزاع بين أطراف القضية الصحراوية التي كانت معروضة أمام الأمم المتحدة، معتبرة أن الاستفتاء يمثل أداة فعالة لتصفية الاستعمار. إنه المبدأ الذي جاء في الخطاب الذي ألقاه المندوب الجزائري أمام الجمعية العامة في دورتها 21 بتاريخ 14 كانون اول/ديسمبر 1966، فالجزائر سلكت سياسة مناهضة للمطالب المغربية في الصحراء، تلك المطالب التي ترتكز في جوهرها على الحق التاريخي للمغرب، وعملت على دعم موقفها هذا بالتحالف مع موريتانيا من أجل إقرار سياسة للتعاون بين البلدين من أجل تقرير مصير ومستقبل الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، تمشيا مع قرارات الأمم المتحدة في الموضوع. 
إنه مضمون الاتفاق الذي تم بين الرئيس الجزائري والموريتاني في مؤتمر القمة الذي انعقد في 27 مارس 1967 والذي كان يرمي إلى الضغط على المغرب من أجل تليين مطالبه التاريخية في المنطقة الصحراوية من جهة، والاعتراف بموريتانيا التي لم يكن المغرب قد اعترف بها حتى ذلك التاريخ من جهة أخرى. ثم بعد ذلك جاءت اتفاقية "يفرن" لتؤكد على ضرورة تصفية كل المنازعات التي قد تثار بين البلدين عن طريق التمسك بمبدأ وقرارات الأمم المتحدة. وجاء لقاء "تلمسان" بين قائدي البلدين ليؤكد بدوره تعاون الجزائر مع المغرب من أجل تصفية الاستعمار الإسباني عن الصحراء مع الأخذ بعين الاعتبار قرارات الأمم المتحدة ومبدأ تقرير المصير. 
سعت الجزائر في بداية السبعينيات إلى تكريس مبدأ المشاركة الثلاثية للدول الثلاث "المغرب وموريتانيا والجزائر" في المساهمة في تصفية الاستعمار عن المنطقة محل النزاع، وهي رغبة للجزائر في تأكيد مشاركتها في الصراع القائم. وشاركت الجزائر في لقاء "نواديبو" بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 1970، وهو لقاء قمة ثلاثي جمع "المغرب وموريتانيا والجزائر" وأكد على ضرورة إقامة لجنة ثلاثية للتعاون المستمر سياسيا ودبلوماسيا من أجل تصفية الاستعمار الإسباني عن الصحراء وفق قرارات الأمم المتحدة. حيث كانت الجزائر في هذا اللقاء ستوافق على مغربية الصحراء مقابل إنهاء ملف الحدود بينها وبين المغرب والحصول على ممر نحو الأطلسي، وتطالب موريتانيا بالاستغلال المشترك لبترول الصحراء. لتهدأ المواجهات بين البلدين حول الصحراء بعد توقيع اتفاق للحدود بين البلدين عام 1972 تنازل المغرب بموجبه عن مطالبته بأراضيه الموجودة في الجزائر منذ عام 1945 والتي كانت محل النزاع على مدى سنوات عديدة.
ولكن السياسة الجزائرية عادت من جديد لتكشف عن وجه جديد في قضية الصحراء الغربية، فبعد أن لاح في الأفق اتجاه كل من المغرب وموريتانيا نحو إبرام اتفاقٍ يرمي إلى تقسيم الصحراء بينهما، انتقلت الجزائر إلى أسلوب المواجهة القائم على أساس التمسك بمبدأ تقرير المصير بالنسبة "للشعب الصحراوي"، ففي 19 حزيران/يونيو 1975 ألقى الرئيس الجزائري خطابا بمناسبة الذكرى العاشرة لانقلابه العسكري على "بن بلا" جاء فيه:
"إن الجزائر لا يمكن أن تمارس سياسة النعامة وتتجاهل المشاكل التي توجد على حدودها، وذلك لأننا مسئولون عن أمن دولتنا وعن حماية ثورتنا، لكن هذا شيء والانحياز لأحد الأشقاء في مطالبه الترابية شيء آخر". 
لقد انزعجت الجزائر من بوادر الاتفاق المغربي الموريتاني، لأنه اتفاق لو حصل كان سيؤدي إلى إبعاد موريتانيا عن الفلك الجزائري وسلبها ورقة لها وزنها في الضغط على المغرب، الأمر الذي نتج عنه ظهور الجزائر بمظهر سافر في سياستها المناوئة لمطالب المغرب  في الصحراء الغربية، وتم التعبير عن هذه السياسة عمليا بتبني الجزائر لـ "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب/البوليزاريو" كأداة مواجهة عسكرية، وسخَّرَت دبلوماسيتها المناهضة للمغرب. فقامت بدور التأطير السياسي وتحريض الشباب الصحراوي على العصيان تمهيدا لانفصال  الصحراء الغربية عن المغرب.
إن اتفاق "مدريد" بين المغرب وموريتانيا أفقد الجزائر صوابَها. ولإفراغ ذلك الاتفاق من محتواه اتهم الرئيس الجزائري "هواري بومدين" المغرب وموريتانيا بتوسعهما على حساب "الشعب الصحراوي"، ما دفع به إلى الانتقال من المطالبة بتقرير المصير عبر الاستفتاء، إلى المطالبة بخلق جمهورية مستقلة في الصحراء، كما طالبت الجزائر بعقد دورة غير عادية لمجلس الأمن من أجل الطعن في اتفاق "مدريد" وهو ما لم يتحقق لها.
كيف يمكن تفسير تغيير الجزائر لموقفها بعد اتفاق "مدريد" عما كانت عليه قبله، وكيف يمكن فهم التناقض الذي وقعت فيه؟! 
فهي من جهة تدعي أنها تقف إلى جانب المغرب في عمله على استرداده لصحرائه منذ عام 1972 بعد توقيع اتفاق الحدود بين البلدين، ولكن عندما تمَّ هذا الاتفاق بين المغرب وموريتانيا من دون إشراكها في الأمر، اعتبرت أن في الموضوع خيانة وانقلبت مواقفها نحو الدعم الواضح والصريح لجبهة "البوليزاريو". على الرغم من تصريح "بلعيد عبد السلام" الرئيس السابق للحكومة الجزائرية، بأن الملك "الحسن الثاني" اتصل بالرئيس "هواري بومدين" بعد اللقاء في مدريد ليبلغه توصله مع الرئيس الموريتاني "المختار ولد داداه" إلى اتفاق يقضي بتقسيم الأراضي الصحراوية بينهما عندما تنسحب إسبانيا منها، وأن "بومدين" رحب بالفكرة. ولكن يقول "عبد السلام بلعيد": "أن إعلان "الحسن الثاني" أن الجزائر لم تعد بذلك طرفا في القضية التي أصبحت تخص المغرب وموريتانيا وإسبانيا كانت نقطة بداية الخلاف الجزائري المغربي حول ملف الصحراء إلى يومنا هذا". 
ومنذ أن أبرمت اتفاقية "مدريد" غيرت الجزائر موقفها ودخلت طرفا مباشرا في الصراع، وجمعت عناصر "البوليزاريو" وأمدتهم بالسلاح ودعمتهم ميدانيا ضد المغرب، وهي الحقيقة التي تم الكشف عنها في لقاء مدينة "كولومب بشار" عندما اعترف الرئيس "هواري بومدين" للرئيس الموريتاني "المختار ولد داداه" بأن الجزائر قررت مواصلة العمل المسلح ضد سيادة المملكة المغربية على الصحراء بواسطة "الجبهة" إلى أن تتأسس دولة في الجنوب. وكأن الجزائر التي تظاهرت بالعزوف عن أيِّ مواقف معادية للمغرب في قضية الصحراء الغربية إبان مرحلة إبرام اتفاقية الحدود عام 1972، كانت تمارس الخداع حتى تحصل على ما تريده من المغرب، ثم راحت تنتظر فرصة تواتيها لتعيد التكشير عن أنيابها تجاه قضية الصحراء واعتراضها على أن تعود للسيادة المغربية.
ب – أسرار السياسة الجزائرية تجاه موضوع السيادة المغربية على "الصحراء الغربية"
من المعلوم أن الحدود الشرقية للمغرب مع الجزائر لم يُعترف بها دوليا، أي أنها غير مرسومة بطريقة رسمية ضمن أرشيف الأمم المتحدة. وكي لا يطالب المغرب بأراضي هي تحت السيادة الجزائرية، سبق وأن ضمتها فرنسا للجزائر، فإن الجزائر تريد أن تلعب على "خرافة" الاحتفاظ بالحدود الموروثة عن الاستعمار. ومن أجل تفعيل هذا التوجه وقطع الطريق أمام المغرب، ولدفعه إلى البقاء وراء حدوده الموروثة عن الاحتلالين الفرنسي والإسباني، خلقت قضية الصحراء الغربية، لكي لا يسترجع المغرب صحراءه. وعدم استرجاع المغرب لصحرائه معناه تطبيق "خرافة" الاحتفاظ بالحدود الموروثة عن الاستعمار. الجزائر في الظاهر تدافع بتبنيها لقضية حق تقرير المصير للشعب الصحراوي عن حق الشعوب، ولكنها تدافع في واقع الأمر عن حدودها الموروثة عن الفرنسيين الذين عاثوا في الأرض فسادا خلال الحقب الاستهدامية
ولقد كشف عن هذه الإستراتيجية الجزائرية غير المعلنة، في سياق موقفها المعلن من قضية الصحراء الغربية، وزير خارجية الجزائر في حديثه إلى القناة الجزائرية الثانية، وذلك قبل أكثر من عامين، وقبل الاستفتاء الذي أجري في السودان حول انفصال جنوبه عن شماله، حيث قال: 
"قد يؤدي الاستفتاء إلى تقسيم السودان إلى جزءين بما يفاقم الوضع وعدم الاستقرار في هذه المنطقة لفترة أطول، وستكون له انعكاسات خطيرة على القارة الإفريقية، التي يتم الحفاظ على استقرارها بالمحافظة على الحدود السياسية الموروثة عن الاستعمار". 
هذا هو مربط الفرس الذي تدور عليه كلُّ قضية الصحراء الغربية، ومن أجله تقوم الجزائر بكل أنواع المضايقات للمغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، وهو قد تجلى في قول وزير خارجية الجزائر الذي أماط اللثام عن جوهر الصراع الذي تخوضه الجزائر حين تتمنى أن لا يكون هناك تقسيم للسودان، لأن ذلك التقسيم سيكون بمثابة بداية النهاية لمبدأ سيادة الحدود الموروثة عن الاستعمار. هذا هو المبدأ الذي تناضل الجزائر من أجله، هذا هو المبدأ الذي يشغل بال الجزائريين، هذا هو المبدأ الذي حركت من أجله الجزائر مجموعة من الأمم شهدت في قمة إفريقية بما تريده في قضية الصحراء الغربية، هذا هو المبدأ الذي من أجله صنعت الجزائر "جبهة البوليزاريو"، الجبهة التي ما تزال مطية لمبدأ سيادة الحدود الموروثة عن الاستعمار، أما مبدأ تقرير المصير فماهو إلا "الظل" لمبدأ "سيادة الحدود الموروثة" عن الاستعمار الذي هو همٌّ يسكن كل أنماط تفكير القادة الجزائريين، مادام هذا المبدأ هو الذي من شأنه أن يحافظ لهم على الأراضي المغربية التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر بعدما تبين ثراؤها وغناها بالمعادن وبالثروات الطبيعية المهمة في الصناعة العالمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا السياق هو: هل قضية الصحراء وحسم موضوع انفصالها عن المغرب بظهور دولة مستقلة فيها، وهي القضية المدعومة بالغالي والرخيص من طرف الجزائر، لن تفاقم الوضع، ولن تعرض المنطقة لعدم الاستقرار، ولن تقسِّم المغرب كما قد يقسِّم الاستفتاء السودان؟!
الحقيقة الناصعة هي أن الجزائريين يرفضون تقسيم السودان لأنه مساسٌ صارخ بالحدود الموروثة عن الاستعمار، ويؤيدون تقسيم المغرب في سياق موقفهم المعلن من الصحراء الغربية، لأن هذا التقسيم هو ذاته عدم المساس بالموروث الاستعماري. أي أن كل الهم الجزائري هو "عدم المساس بالموروث الاستعماري" في مسألة الحدود السياسية بين الدول، ضمانا لبقاء حدود الجزائر تحت هذا البند محمية ومصانة باعتبارها موروثا استعماريا، وإن تعارض مع الحقوق التاريخية للغير، بل حتى وإن تعارض مع المبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية ذاتها. وبالتالي فهم مع التقسيم عندما يكون هو التجسيد الفعلي للمحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهم ضد التقسيم عندما تكون هذه الضِّديَّة هي المجسِّد الفعلي للمحافظة على تلك الحدود الموروثة.
إذا كان "حق تقرير المصير" مبدأً إستراتيجيا تعتمده الجزائر فلسفة لها في سياستها الخارجية، فلماذا تغاضت عنه بالنسبة لأقاليم أخرى هنا وهناك في العالم؟! ونقصد "أنغولا"، قضية "القبارصة الأتراك"، "إريتريا"، "جنوب السودان"، كردستان العراق" التي رعت هي اتفاق الجزائر عام 1975 بين النظام العراقي والأكراد لتنظيم تواجدهم هناك بعيدا عن أيِّ صيغة لها علاقة بحق تقرير المصير.. إلخ؟! ولمعرفة الإجابة الصحيحة على هذه التساؤلات، يجب البحث عن المصالح الجزائرية في كل واحدة من تلك القضايا. فتفاعل الجزائر مع ضرورة النضال من أجل حق تقرير المصير يتحدد بحسب مصالحها التي جسَّدتها نخبة الضباط الحاكمة والمتحكمة في البلاد، وبحسب مدى تحقيق ذلك لتوازن القوة في المنطقة على نحوٍ يخدم بُنية التحالف الطبقي "العسكري الكومبرادوري" المسيطر على هذه الدولة بالغة الثراء والخيرات والأهمية، في ضوء تجسيد ذلك الموقف من عدمه لمبدأ "الحفاظ على الحدود السياسية الموروثة عن الاحتلال الأوربي".
إن امتلاك القدرة على تغيير ميزان القوى في المنطقة وفق الأهداف والإستراتيجيات التي ترسمها القيادة الجزائرية بمنطق التحكم في التوازن الذي ينبغي أن يسود في المحيط الإقليمي، يتطلب توفر عدة شروط اقتصادية وسياسية ومناخ عربي ودولي ملائم، يتيح هذه الإمكانية. وقد بدأت هذه الشروط تتوفر فعلا في منتصف السبعينيات، ما أغرى الجزائر بالعمل على تحقيق طموحها في بسط الهيمنة والتوسع في المنطقة المغاربية أولا والإفريقية ثانيا. فقد عرفت أسعار النفط طفرة هائلة بعد 1973 تضاعف خلالها سعر البترول بشكل كبير، ما أعطى دفعة قوية للتصنيع في الجزائر، واستطاعت الدولة أن تعزِّز سلطانَها. وقامت بدعم "جبهة البوليزاريو" لإنشاء دولة وهمية في الصحراء الغربية، ستفتح لها – أي للجزائر – إمكانية الوصول إلى المحيط الأطلسي، وتوسيع المجال الجغرافي والسياسي الجزائري، وتعميق الارتباط الجزائري بالعمق الإفريقي، وتعزيز سيطرة الجزائر على المنطقة. ولتحقيق هذا فهي تعمل على عدم قبول أيِّ حل لا يحقق لها ما تطمح إليه، فهي تعي جيدا أن تسوية ملف "الصحراء الغربية" بانضمامها للمغرب سيقويه هذا من جهة، أما من جهة أخرى فهي تؤجل بناء "اتحاد مغرب عربي" إلى أجلٍ تتسلم هي الزعامة والريادة فيه، ولا تقبل بأيِّ حلٍّ يربك توازن القوة بالمنطقة. فالجزائر رفضت صراحة اتفاق الإطار المتعلق بالحكم الذاتي للصحراويين تحت السيادة المغربية، بينما باركت اقتراح تقسيم الصحراء الذي يعكس بصورة واضحة مفهوم الجزائر لتوازن القوة. فالتوازن الإقليمي للقوة لا يقبل بوجود مغرب قوي، وهذا ما يتطلب من الجزائر العمل على تفتيته والإبقاء على النزاع مستمرا، وليس مهما بعد ذلك أن تكون الصحراء للصحراويين أم للشياطين، وموافقتها على تقسيم الصحراء بين المغاربة والصحراويين هو دليل على أن كل ما يهمها هو النفوذ والعبور والهيمنة ومحاصرة المغرب، بعيدا عن أيِّ دعاوىَ لها علاقة بحقوق تاريخية أو بحق تقرير المصير الذي ليس أكثر من واجهة لتحقيق هذه الإستراتيجية القائمة على الريادة والزعامة والهيمنة.
إن الرغبة السياسية في إيجاد حل للصراع معدومة لدى الجزائريين ما لم تكن الجزائر طرفا في بلورة هذا الحل وبشكل جوهري ترى من خلاله أنها لم تحافظ فقط على الهيمنة والريادة بل وأضعفت المغرب أيضا. شوَّش الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" باستمرار على مجهودات الأمم المتحدة الهادفة لحل النزاع في "الصحراء الغربية" من خلال الادعاء بأن قضية الصحراء لا تزال تنطبق عليها مواصفات قضية "تصفية الاستعمار"، مع العلم بأن الأمم المتحدة شطبت قضية "الصحراء الغربية" نهائيا من لائحة المناطق المستعمرة بعد توقيع اتفاق "مدريد" بين كل من "المغرب" و"موريتانيا" و"إسبانيا"، بينما هو يصرح  بأن الصحراء هي آخر منطقة مستعمرة في إفريقيا. 
يمكننا تحليل نظرية "عبد العزيز بوتفليقة" لحل النزاع الجزائري المغربي حول الصحراء الغربية عندما كان وزيرا للخارجية، من خلال تأويل مواقفه من اتفاق "تلمسان" بخصوص الاستغلال المشترك لمنجم "غار جبيلات"، ومن خلال رغبة الجزائر في منفذ على المحيط الأطلسي، ومن خلال الاتفاق الجزائري الإسباني لإجراء استفتاء في الصحراء، ولجوء المغرب إلى التحكيم، وتأييد الأمم المتحدة للاتفاق الثلاثي بشأن الصحراء. ففي "تلمسان" جرت محادثات بين الملك "الحسن الثاني" و"هواري بومدين" موضوعها تسليم المغرب للجزائر التراب المختلف عليه، وقيام الطرفين بوضع معالم حجرية على الحدود القائمة، وتم الاتفاق على إقامة شراكة ثنائية مغربية جزائرية في منجم "غار جبيلات"، يتم تقاسم إنتاجه مناصفة بين البلدين، على أن يؤمِّن المغرب للجزائر المرورَ عبر سكة حديدية لإفراغ إنتاج المنجم في ميناء مغربي على الأطلسي لتصديره وتسويقه، كل ذلك مقابل أن تكف الجزائر عن التدخل في قضية "الصحراء الغربية"، عبر الكف عن دعم "جبهة البوليزاريو"، وعبر الكف عن الاعتراض على حق المغرب في استرجاع سيادته الكاملة على ذلك الإقليم. 
لكن الاتفاق لم ينفذ، والسبب غير واضح.. 
هل تراجع عنه الرئيس "هواري بومدين" وطلب من وزير خارجيته عدم تنفيذه؟! 
أم أن "عبد العزيز بوتفليقة" لم يوافق عليه  بعد اطلاعه عليه لأنه لم يشارك في مناقشته وإبرامه؟! 
في السياق ذاته ذكر "عبد اللطيف الفيلالي" بأن "عبد العزيز بوتفليقة" وقت كان وزيرا للخارجية طلب منه التحرك من أجل استرجاع الصحراء من إسبانيا، وخيَّرَه بين ثلاث خيارات، إما أن يسترجعها المغرب أو موريتانيا أو الجزائر، فاستغرب الوزير المغربي هذه المقاربة العجيبة من "بوتفليقة"، إذ كيف يتسنى للجزائر أن تسترجع أرضا ليست لها بل هي لغيرها؟!! 
لقد كانت لحظة فيض داخلي حقيقية عبَّر فيها الوزير الجزائري عما يخالجه من أطماع في الصحراء استحضرناها هنا لمعرفة بعض المطامع التي لم يعلنها النظام الجزائري وهو يعمل لتحقيقها بكل الوسائل، والتي تُعَدُّ من أهم أسباب الموقف العدائي تجاه المغرب، لأن حلَّ نزاع الصحراء لابد وأن يخدمَ المصالح الجزائرية أولا وأخرا، والمصالح الجزائرية هي أن تكون صاحبة الريادة والزعامة في الإقليم المغاربي أولا، وأن يكون المغرب أضعف من أن يفكر مجرد تفكير في المنافسة على أيّ جزء من هذه الريادة ثانيا. 
فإن كان الأول طموحا مشروعا إذا توفرت شروطه الموضوعية الذاتية، وهي في الجزائر متوفرة إلى حد بعيد، فلماذا يشترط الثاني؟! 
بل ولماذا تقيم الجزائر طموحها الأول على أساس مبادئ وقواعد تناقض بها مبادئها الثورية ذاتها؟!
يزداد اليقين بشأن مفهوم "الهيمنة المطلقة"، الأبعد ما يكون عما تدعيه الجزائر من وقوفٍ إلى جانب "حق تقرير المصير" في موقفها من قضية الصحراء الغربية، عندما نرى موقفها من حلِّ تم التقدم به من قبل الأمم المتحدة لتقسيم الصحراء. فقد تضمن تقرير "كوفي عنان" الذي قدمه لمجلس الأمن في 19ـ 02ـ 2002 خيارات أربعة على مجلس الأمن أن يتخذ في شأنها ما يراه مناسبا في أفق شهرين من هذا التاريخ، والنص يقترح مسألتين: تجاوز شرط موافقة الطرفين على أي خيار من الخيارات،  ثم دعوة مجلس الأمن إلى اعتماد خيارٍ ماَّ وعرضه على الطرفين كحل غير قابل للنقاش. وكان من بين الخيارات المطروحة خيار التقسيم. فلم يكن مجديا مواصلة أيِّ نقاش لمشروع "الاتفاق الإطاري" بالنظر إلى عدم استعداد حكومة الجزائر وجبهة البوليزاريو لمناقشته. أعربت الجزائر عن موافقتها لاقتراح تقسيم الصحراء بين المغرب وسكان المنطقة، واعتبرت أن هذا الحل هو حل منصف. وفي الزيارة التي قام بها "جيمس بيكر" إلى المغرب يومي 24 و25 يناير 2002 أبلغ المغرب برفض الجزائر والبوليزاريو مشروع اتفاق الإطار واستعدادهما للمناقشة والتفاوض حول التقسيم كحل سياسي للنزاع في الصحراء. 
خرجت الجزائر إذن من تحت مظلة الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وفضلت خيار تقسيم الصحراء. فباقتراح التقسيم تكون الجزائر قد أعلنت عن نيتها عدم إعطاء شيء للصحراويين، فالحل الذي جاء به المبعوث الأممي "جيمس بيكر" أو ما يسمى بالحل الثالث، يستجيب لما يتطلع إليه الصحراويون من تسيير شؤونهم ويخولهم سلطات واسعة في أرضهم تحت السيادة المغربية، وهو ما ترفضه الجزائر. فما يهم الجزائر هو مصلحتها بعيدا عن المبادئ التي تدعي احترامها. إن التقسيم في نظر النظام الجزائري قد يخلق التوتر بين الملك والشعب المغربي. 
بخيار التقسيم تصل الجزائر إلى المحيط الأطلسي من جهة أولى. 
وتُقَزِّم المغرب من جهة ثانية. 
وتضعه في زاوية لا يطالب بمودلها بالصحراء الشرقية الواقعة تحت سيادة الجزائر من جهة ثالثة. 
وباعتناقها لفكرة التقسيم تكون الجزائر قد خانت مبدأ تقرير المصير الذي كانت تدافع عنه، وبموقفها هذا تخون الجزائر الشعب الصحراوي وتضع حدا لوجوده، وطبعا هذا ممكن لأنها هي من نفخ فيه الروح. بعد المطالبة بتقسيم الصحراء فقدت الجزائر الأمل في أن تحقق "جبهة البوليزاريو" السيطرة على الصحراء المغربية، واهتز اعتبارها حركة تحرير وطني. فحتى مع رفض المغرب لهذا المقترح، فإن ما نتج عنه من دلالات سياسية وقانونية لا يمكن التراجع عنها، ألا وهي أن قضية الصحراء الغربية هي "كذبة جزائرية".
ولكن ما لا يعرفه قادة الجزائر الذين يصرون على العيش في أوهام الأفكار البالية التي أكل عليها الدهر وشرب، هو أن مبدأ الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار، والذي مثل بالنسبة لسياساتهم تجاه قضية الصحراء الغربية فقرة المحور، هو مبدأ تآكل منذ زمن بعيد، ولم يبدأ تآكله بتقسيم السودان ذلك التقسيم الذي لم نكن نرغب فيه بسبب عدم الحاجة إليه لولا سياسات الحكم الأرعن للنظام السوداني عبر العقود الثلاثة الأخيرة. 
لقد تآكل هذا المبدأ الآسن منذ انحلال الاتحاد السوفياتي، واستقلال كل الجمهوريات التي احتلها عنه. 
ومنذ رجوع ألمانيا الشرقية إلى الغربية في حاضنة الدولة الأم "ألمانيا الموحدة". 
ومنذ أن توحد اليمنان بالقوة. 
ومنذ عودة سيناء إلى مصر عقب حرب أكتوبر. 
وسيترسخ تآكله أكثر فأكثر بعد عودة الجولان إلى سوريا. 
ومزارع شبعا إلى لبنان. 
والضفة الغربية إلى الأردن. 
وفلسطين المحتلة عام 1948 إلى أصحابها. 
وبعد توحد الكوريتين.. إلخ. 
إن التفكير في الحرب أو في تفتيت دولة من أجل "مبدأ سيادة الحدود الموروثة عن الاستعمار"، هو تفكير غير حضاري وغير إنساني وغير أخلاقي وغير وطني أصلا. فكيف يكتسب شرعية أنه معادٍ للاحتلال من يتبنى مواقف هذا الاحتلال ويستعد لإشعال الحروب وتفتيت الدول وتغيير مسارات التطور والنهضة فقط لكي يدافع عن حدود رسمها الاحتلال لغايات نعرفها جميعا وعلى رأسنا كلنا ذلك المدافع ذاته عن تلك الحدود؟!
لقد أظهرت مشكلة "الصحراء الغربية" انعدام قدرة منظمة الوحدة الأفريقية على اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بمبدأ إعادة تخطيط الحدود أو تقسيم القارة الأفريقية وفق رؤية غير تلك الموروثة عن مراحل "الاستهدام". ويرجع ذلك إلى وجود عدد من الأعضاء وهم كثيرون وأقوياء بالمناسبة، يتمسكون بمبدأ احترام الوحدة الأفريقية، من خلال الحفاظ على الوضع الراهن للدول الأفريقية، وفق حدودها السياسية الموروثة عن عهود "الاستهدام" الأوربي الذي عرف كيف يقسِّم القوميات والاثنيات والقبائل والعشائر والعائلات، ويجعلها تتداخل في الجغرافيا السياسية، وفي التضاريس الطبيعية ومناطق تمركز الثروات وتضاؤلها بشكل عنكبوتي مدروس مربك يحيِّر الحليم، لتكون هذه الشبكة العنكبوتية القاتلة من التقسيمات، أرضا خصبة للنزاع والاقتتال والاحتراب وإراقة الدماء وهدر الثروات واستمرار الحاجة إلى "المستهدم" الراحل عن الأرض، بعد أن استوطن العقل والذهن والروح والثقافة.
إنها دائما ومجددا وأبدا "الروح السايكيسبيكوية" الآثمة التي يتمسك بها في المشرق العربي وفي المغرب العربي كل نظام سياسي لا تقوم شرعيته كليا أو جزئيا إلا على الاعتراف بهذه الروح وبكافة مُخرجاتها باعتبارها مخرجات شرعية مقدسة، لمجرد أنها مخرجات إما صنعته، وإما أوجدته، وإما غوَّلَته على حساب جيرانه وأقربائه.. إلخ، بصرف النظر عن كل المعاني القبيحة أخلاقيا وسياسيا ووطنيا وقوميا في تلك المخرجات، بل وفي أيِّ مسعى للحفاظ عليها.
وهكذا تكون قضية "الصحراء الغربية" إذا تمَّ حلُّها من خلال الرؤية الجزائرية، قد مكَّنت الجزائر من أن تحقق الأهداف الثلاثة الإستراتيجية التالية التي تمثل الجوهر والحقيقة في منظومة الأسباب التي تقف وراء إصرارها على عدم السماح للمغرب باستعادة سيادته على أرضه التاريخية في "الصحراء الغربية".. 
الأول: التحقيق الفعلي للاحتفاظ بالحدود الموروثة عن الاستعمار، وهذا يمنع المغرب من المطالبة بأيِّ شبر مما أخذ من أراضيه وضُم ظلما وعدوانا إلى الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي. 
الثاني: إضعاف المغرب سياسيا واقتصاديا وجغرافيا باقتطاع جزء ثري بالثروات والموارد من أراضيها. 
الثالث: خلق دويلة تدور في فلك الجزائر تكون بمثابة "الولاية رقم 49". والتي ستديرها من مدينة "تندوف" والتي ستكون ممرا لها لتتمترس جنوب المغرب على المحيط الأطلسي.
وأخيرا فإننا نختتم تقييمنا لقادة الجزائر الجدد الذين يتاجرون بأخلاقٍ تخلوا عنها تجاه بلدهم، بعد أن تخلوا عن ثورتهم وعن قيم ثورتهم، وتنكروا لدماء شهدائهم الكبار، بهذا العرض الذي ننهيه بسؤال مهم نتوجه به إلى الشيطان
فرنسا التي تُعتبر آخر دولة يمكنها المطالبة باعتذارِ كائنٍ من كان عن عمليات الإبادة المرتكبة في حق الشعوب، بسبب الجرائم وحملات الإبادة التي ارتكبتها ضد الجزائريين، فذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء العزل في يوم واحد هو يوم 8 مايو من عام 1945، ناهيك عما ارتكبته من أعمال إبادة على مدى 130 عاما من الاحتلال الهمجي غير المسبوق في تاريخ الإنسانية. 
فرنسا هذه كان رئيسها السابق "ساركوزي" قد تحرك باتجاه العمل على إصدار قانون "تجريم إنكار إبادة الأرمن". 
ومع أننا لا نجد هذا الصنف الغريب من القوانين ذات الطبيعة الحجرية على "حرية التفكير" إلا في الدول التي تتدثر بعباءات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتفكير. 
"تجريم إنكار إبادة الأرمن"، "تجريم إنكار المحرقة اليهودية"، "تجريم تحميل اليهود مسؤولية صلب المسيح".. إلخ. 
إلا أن ما استوقفنا في الأمر ليس هو سر حرص الظاهرة "ساركوزي" على استصدار مثل هذا القانون، وهو الذي أعلن وسابقوه في أكثر من مناسبة عدم استعدادهم للاعتذار عن الحقبة التي احتلت فيها فرنسا الجزائر، لأن فرنسا أسهمت – في نظرهم – في تطوير الجزائر والجزائريين باحتلالها لبلادهم، ولا هو ترافُق استصدار ذلك القانون مع تكريم واحد من أكابر مجرمي الحرب الذين أمعنوا في الجزائريين خلال حرب التحرير وقبلها قتلا وإهلاكا وتنكيلا، بعد أن أعلن حزنه على الخيانة التي ارتكبها الرئيس "ديغول" في حق فرنسا عندما تنازل عن جزء من الأرضالفرنسية – هي الجزائر بطبيعة الحال – لمجموعة من المخربين والإرهابيين الذين كان يطلق عليهم اسم "الفلاقة".. 
نقول.. ليس هذا ما استوقفنا ولا ذاك، فنحن نتفهم أن المجرم يحرص على تبرير جريمته، وعلى إدانة من يرتكبها ضده وضد من يعرف هو كيف يتاجر بدمائهم. 
إن الذي استوقفنا فعلا هو الموقف الجزائري، بعد أن انطوت ردة الفعل التركية على إشاراتِ تذكيرٍ لفرنسا بجرائمها ضد الجزائريين، وعلى مطالبتها بضرورة الاعتذار عن تلك الجرائم.. إلخ. 
وبعيدا عن مبررات ردة الفعل التركية، وتصريحات رئيس الوزراء التركي المتعلقة بالجزائر وبالجزائريين – فهذه مسألة لا تهمنا في هذا السياق، فقد يكون الأتراك صادقين وقد يكونون هم بدورهم براجماتيين في هذه المسألة – صدمتنا ردة الفعل الجزائرية على ردة الفعل التركية، في الوقت الذي لم يكن أحد ينتظر من الجزائر أيَّ تعليق أو رد على الموقف التركي، لأنها غير مطالبة بذلك أساسا في الأعراف السياسية أو الدبلوماسية. 
فاجأنا ورثة ثورة المليون ونصف المليون شهيد، بتصريحات نارية توبيخية وتقريعية ضد الأتراك، يعلن فيها المصرحون – وهم رسميون بالمناسبة ويعبرون عن الموقف الرسمي للدولة الجزائرية – بأن على تركيا ألا تتاجر بالدم الجزائري، وعليها أن تتذكر أنها هي التي سلمت الجزائر لفرنسا عام 1830.. إلخ. 
ومع أن هذا الحديث ليس سياسيا ولا دبلوماسيا، فهو أقرب إلى ردة فعل امرأة مُغتصَبة – كي لا نقول مومس – حاول عابر سبيل تقديم بعض العون لها ضد مغتصبها – كي لا نقول ضد العابثين بجسدها – ليفاجأ بأنها تدافع عن مغتصبها – كي لا نقول عمن تراه دفع ثمن لهوه بجسدها – وتتهم عابر السبيل بالتدخل فيما لا يعنيه!!!!!!!! 
لم يعلق أحد على الموقف الجزائري، لأن أحدا لا يعرف على ما يبدو ما الذي يحدث في الجزائر التي أعرفها كما أعرف الأردن، بسبب أنني عشت فيها أكثر من 16 عاما من عمري امتدت من سن الخامسة إلى سن الحادية والعشرين. 
ولكي لا أقحمكم معي في تفاصيل لا تحصى تتطلب الإثبات، أكتفي بأن أسوق آخر تصريح لوزير الخارجية الجزائري، وهو التصريح الذي أدلى به اليوم 12 /1 / 2012، والذي جاء فيه.. "إن الجزائر بدأت بالتراجع التدريجي عن مطالبة فرنسا بالاعتذار عن فترة الاستعمار. وأن العلاقة بين الدولتين يجب أن تقوم على أساس النظر إلى المستقبل". 
إن من لا يعرف حقيقة ما يحدث في الجزائر يتصور أن هذا الموقف يعد موقفا أخلاقيا متقدما قائما على التسامح، وعلى طي صفحة الماضي، وعلى عدم إبقاء الشعوب متجاذبة على أساس مشكلات لم يكن للأجيال الراهنة يد فيها. لكن الحقيقة غير ذلك تماما. 
فالعلاقات بين الجزائر وفرنسا قائمة منذ الاستقلال، وهي كانت وما تزال على أشدها لأسباب مفهومة، دون أن تتنازل الجزائر عن حقوقها الأخلاقية، ودون أن تكف عن إنتاج أفلام سينمائية عالمية تظهر بشاعة الاستعمار الفرنسي.. إلخ. فما الذي حدث حتى يجعل المستقبل مرهونا بتغيير القواعد الأخلاقية المشروعة؟!! 
بقدر ما وجدت الإجابة في معرفتي القاطعة بدور "الفرانكوفونيين" الذين قفزوا على كل شيء في الجزائر منذ الاستقلال كما تحدثنا في مطلع هذا المقال، في الدفع بهذا الاتجاه، بقدر ما عرفته عن طريق تجرية شخصية خطيرة الدلالات مررت بها مع أصحاب القرار في الدولة الجزائرية. 
فبصفتي كاتب سيناريو ومخرجا سينمائيا، اتفقت مع منتجة جزائرية كبيرة تعد من أهم منتجي القطاع الخاص في الجزائر، على كتابة وإخراج عدة أعمال تلفزيونية وسينمائية تتعلق بتاريخ الجزائر وبثورتها العظيمة تحديدا. وكان من بين هذه الأعمال، فيلم سينمائي كبير يقع في ثلاث ساعات بعنوان "الروح البيضاء"، وتدور أحداثه حول واحد من أعظم صناع وشهداء الثورة الجزائرية وهو "العربي بن مهيدي" الذي من خلال سيرته تم في نص الفيلم أيضا، التأريخ للثورة ولمرحلة امتدت من عام 1930 حتى تاريخ استشهاده عام 1957. 
علمتُ من منتجة الفيلم لحساب وزارة "المجاهدين"، وهي الوزارة المعنية مباشرة بالموافقة والإشراف على هذا النوع من الأعمال السينمائية، أن هذا الفيلم سيكون واحدا من عشرة أفلام طلب مكتب رئاسة الجمهورية بتمويل إنتاجها على مستوى عالمي، ليتم عرضها بمناسبة الذكري الخمسين لاستقلال الجزائر، والتي صادفت 5 / 7 / 2012. 
كتبتُ السيناريو، وتم إجراء التعديلات المطلوبة عليه بناء على توصيات الوزارة المذكورة منذ أكثر من عام سبق تاريخ المناسبة. 
وحتى الآن وبعد مرور قرابة العام على تاريخ الذكرى المفترضة لعرض الأفلام، ما تزال "سيناريوهات" الأفلام العشرة الذي يعتبر هذا الفيلم واحدا منها، محجوزة في أدراج الوزارة لم يصدر قرار بتمويل إنتاج أيِّ فيلم منها رغم القرار الرئاسي إياه. وموعد الذكري الخمسين ولى ولن يعود، بحيث غدا من المستحيل أيُّ حديث يتعلق بتجهيزها كلها للذكري الستين للاستقلال مثلا!!! 
المفاجأة الكبرى كانت أن الأسباب الكامنة وراء عدم صدور قرارات التنفيذ حتى الآن، ليست تقنية في دولة تملك أكبر عدد من الكاميرات السينمائية بعد مصر، وحصلت كل أفلامها في السبعينيات على جوائز عالمية خلافا لمصر، ولا كانت مالية في دولة تجلس على أكثر من 160 مليار دولار من الفوائض النفطية التي لا تعرف فيمَ تستثمرها، إلى درجة أنها عرضت سداد كامل ديونها دفعة واحدة على المؤسسات المقرضة التي رفضت وأصرت على إبقاء عقود القروض قائمة كما هي، ولكن ربما تكون إدارية في دولة ما تزال إجراءات الحصول على الإقامة فيها، تتبع بالشكل نفسه الذي كان يتبع في الستينيات، بكتابة 16 نسخة منفصلة للبيانات، وإرفاق 16 صورة شخصية.. إلخ، ليتم الحصول على الإقامة بعد ما لا يقل عن سنة من انتهاء هذه الإجراءات البيروقراطية المدمرة، في زمن أصبحنا نحصل على وثائقنا الرسمية عبر الإنترنت وفي أقل من ساعة.. 
أقول.. أن الأسباب وراء عدم صدور قرارات التنفيذ كما كنت أتوقع ربما يكون هو "البيروقراطية" و"الروتين"، وهو ما كنت أتصوره بسبب إطلالي على بيروقراطية الجزائريين وإيقاعهم القاتل لشدة بطئه، وبالتالي كان من الممكن تفهمه، وتقبل واقعة أن يتأخر تنفيذ الأفلام إلى حلول الذكرى 51 وليس 50 للاستقلال!!! 
أخبرتني المنتجة وهي تعبر عن حزنها الشديد بما علمته من أسباب للتأخير الذي طال إلى أن تم إلغاء المشروع كاملا، بأن أصحاب القرار مختلفون على نقطة هامة لم تحسم لديهم بعد. 
"فهناك اتجاه يرفض أن يتم إنتاج أعمال سينمائية تظهر فرنسا في موقع المدان والمتهم خلال فترة الاحتلال والثورة".. إلخ.. ويبدو أن هذا الاتجاه كما علمت هو الاتجاه المهيمن والمسيطر وصاحب الكفة الراجحة. 
لن أقول أكثر من ذلك. 
ويكفينا أن نقوم بربط الأحداث بعضها بالبعض الآخر، كي نتصور من الذي يحكم الجزائر الآن، وإلى أين يقودها، في فلسفة أشد ما تكون وقاحة وتنكرا لمعاناة الشعب الجزائري ولتاريخه ولثورته المجيدة. 
فأمام حقيقة متعارف عليها في العرف العالمي وفي كل القيم الإنسانية، مفادها ألا أحد يحاسبك على الاعتزاز بماضيك وبثورتك وبتصوير أعدائك وجلاديك بالصورة التي كانوا عليها عندما كانوا يجلدونك ويقتلونك، ولا حتى الجلاد نفسه يستطيع أن يمنعك من ذلك أو ينتقدك عليه، ولا هو يربط مستقبله بك على هذا الأساس، خاصة عندما يكون أكثر حاجة إليك منك إليه، ولا وجود في العالم لشعب حاول شطب الحقب الاستعمارية وحقب المعاناة والنضال من ذاكرته وذاكرة أجياله إرضاء لأيٍّ كان.. 
نقول.. أمام كل هذه الحقائق.. 
نتمنى على الشيطان نفسه أن يبرر لنا هذه السياسة الرعناء لدى دعاة شطب الذاكرة الجمعية للشعب الجزائري، وضمن أي بند من بنود المنطق والأخلاق تندرج؟!!!!
كم يؤسفني أن أعلن بمرارة المحترق المكلوم أن فرنسا تستعيد الجزائر..

المراجع..

1 – الناضوري رشيد ـ تاريخ المغرب الكبير ـ الجزء الأول ـ دار النهضة ـ بيروت ـ 1981 ـ 
2 – التازي عبد الهادي ـ الوسيط في التاريخ الدولي للمغرب ـ الجزء الأول ـ مطبعة المعارف الجديدة ـ الطبعة الأولى ـ الرباط ـ 2001 ـ 
3 – التازي عبد الهادي ـ الوسيط في التاريخ الدولي ـ الجزء الثاني ـ مطبعة المعارف الجديدة ـ الطبعة الأولى ـ الرباط ـ 2001 ـ 
4 – العروي عبد الله ـ مجمل تاريخ المغرب ـ الجزء الثاني ـ المركز الثقافي المغربي ـ الطبعة الأولى ـ الدار البيضاء ـ 
5 – التازي عبد الهادي ـ التاريخ الدبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم ـ المجلد العاشر ـ عهد العلويين ـ مطبعة فضالة ـ المحمدية ـ 1986 ـ 
6 – بلقزيز عبد الإله ، مفضال العربي ، البقالي أمينة ـ الحركة الوطنية المغربة والمسألة القومية 1947 ـ 1983 ـ محاولة في التأريخ ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ـ 1992 ـ 
7 – جلال يحي ـ المغرب الكبير ـ دار النهضة العربية ـ بيروت ـ 1981  ـ 
8 – وقداش محفوظ ـ نجم الشمال الإفريقي 1926 ـ 1937 ـ وثائق وشهادات لدراسة الحركة الوطنية الجزائرية ـ ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر 1984 
9 – الفاسي علال ـ الحركات الاستقلالية في المغرب العربي ـ مؤسسة علال الفاسي ـ مطبعة النجاح الجديدة ـ البيضاء ـ 
10 – براهيمي عبد الحميد ـ في أصل الأزمة الجزائرية 1958 ـ 1999 ـ مركز دراسات الوحدة العرية ـ الطبعة الأولى ـ بيروت ـ 2001 ـ 
11 – الشامي علي ـ الصحراء الغربية عقدة التجزئة في المغرب العربي ـ دار الكلمة ـ بيروت ـ 1980 ـ 
12 – الميلي محمد ـ المغرب الحربي بين حسابات الدول ومطامح الشعوب ـ دار الكلمة للنشر ـ بيروت ت 1983 ـ 
13- جلال يحيى وآخرون، "مسألة الحدود المغربية الجزائرية والمشكلة الصحراوية"، دار المعارف، القاهرة، 1981.
14. جلال يحيى، "المغرب العربي الحديث والمعاصر"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الإسكندرية، 1983.
15. جمال زكريا قاسم وصلاح العقاد، "مسألة الصحراء الأسبانية"، معهد البحوث والدراسات العربية، نوفمبر 1975، القاهرة.
16. حركات التحرر الإفريقية، "الصحراء الأسبانية"، مطبوعات الجمعية الأفريقية، مايو 1973.
17. حمدي حافظ، محمود الشرقاوي، "المشكلات العالمية المعاصرة" مكتبة الأنجلو المصرية، 1958، الطبعة الأولى.
18. علي الشامي، "الصحراء المغربية عقدة التجزئة في المغرب العربي"، دار الحكمة، بيروت، 1980.
19 ـ عبد الكريم جلام، النزاع المغربي الجزائري حول الصحراء أي طريق نحو التسوية؟! المطبعة والوراقة الوطنية ، الطبعة الأولى ، سنة 2008.
20 ـ  علي أنزولا ، قضية الصحراء والنفخ في الرماد، دفاتر سياسية ، عدد 73، سنة 2005.   

 بقلم أسامة عكنان
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -