مهرجان الموسيقى الروحية في فاس: جسر ثقافي بين الشرق والغرب
يُعد مهرجان الموسيقى الروحية في مدينة فاس المغربية واحدًا من أبرز الفعاليات الثقافية العالمية التي تجذب أشهر الفنانين والفرق الموسيقية الدينية والروحية من مختلف أنحاء العالم. يُعقد هذا المهرجان بشكل دوري في مواقع تاريخية عريقة مثل "باب المكينة" و"متحف البطحاء" و"موقع وليلي"، مما يعكس عمق التراث الثقافي للمدينة. في نسخته الثانية عشرة، التي عُقدت في يونيو 2006، حضر المهرجان وزير الثقافة الفرنسي رونو دونديو، مما يؤكد مكانته الدولية.
يهدف المهرجان، وفقًا لمحمد القباج رئيس جمعية فاس سايس، إلى تعزيز ثقافة الانفتاح والحوار بين الثقافات، حيث يتم التواصل من خلال الموسيقى والكلمات، من روح إلى روح. وقد ساهم تنظيم هذا المهرجان في تعزيز سمعة فاس كمدينة للصداقة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود، مستلهمةً تاريخ الحوار بين الأديان الذي يعود إلى الحضارة الأندلسية.
شارك في المهرجان الثاني عشر عدد من الفنانين البارزين مثل المالي سليف كيتا والفرنسي إنريكو ماسياس والتونسي لطفي بوشناق والتبتية يونغشن لامو، بالإضافة إلى تقديم موسيقى الكاتدرائيات من أميركا اللاتينية.
فاس: مركز إشعاع ثقافي
تُعتبر فاس مدينة نشيطة ومضيافة، تتميز بتراثها العريق الذي يتجلى في أضرحة المقبرة المرينية الكبرى والسقوف النحاسية التي تلمع تحت أشعة الشمس. هذه المدينة، التي تعاقب على بنائها العديد من المهندسين والحرفيين، حافظت على أصالتها رغم التحديات التي واجهتها عبر التاريخ، مما جعلها مقصدًا روحيًا وثقافيًا.
على مر القرون، كانت فاس عاصمة سياسية وعلمية للمغرب، وأصبحت مركزًا للتبادل الثقافي. ومن أبرز الشخصيات التي أقامت فيها البابا سيلفستر الثاني، الذي أدخل الأرقام العربية إلى أوروبا، والفيلسوف اليهودي ابن ميمون، الذي درس في جامعة القرويين، مما يعكس التعايش بين الثقافتين اليهودية والإسلامية.
إرث علمي وثقافي
تضم جامعة القرويين، أقدم جامعة في العالم، خزانة غنية بالمخطوطات التي تغطي العلوم الدينية والفلسفية والطبيعية. كما أن سوق المخطوطات في فاس لا يزال يقام حتى اليوم، حيث يمكن العثور على مخطوطات نادرة وقيمة.
انتقادات وتحديات
على الرغم من نجاح المهرجان، إلا أنه يواجه انتقادات تتعلق بتكلفته الباهظة، حيث تصل ميزانيته أحيانًا إلى ملايين الدولارات. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن بعض أحياء فاس تعاني من الإهمال، مما يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق.
نجاح متزايد وتأثير عالمي
رغم الانتقادات، حقق مهرجان فاس للموسيقى الروحية نجاحًا كبيرًا، وساهم في ترسيخ حوار الحضارات. وقد اعترفت هيئة الأمم المتحدة بأهمية المهرجان في تعزيز الحوار الثقافي. كما تم تأسيس منظمة "رسالة فاس" في الولايات المتحدة، التي تعمل على نشر رسالة المهرجان من خلال عروض وندوات في عشرين مدينة أمريكية.
فاس: مدينة المهرجانات
بالإضافة إلى مهرجان الموسيقى الروحية، تستضيف فاس العديد من الفعاليات الثقافية الأخرى مثل الملتقى الشعري لفاس، مهرجان الموسيقى الأندلسية، ومهرجان ربيع فاس، مما يجعلها وجهة ثقافية دائمة الإشعاع.
من خلال هذه التظاهرات، تنتشر "رسالة فاس" في جميع أنحاء العالم، حيث تعبر العديد من المدن عن رغبتها في تبني نفس الرسالة النبيلة المتمثلة في حوار القيم الروحية من خلال الموسيقى، وخلق ثقافة سلمية تحترم التنوع الثقافي والديني.
مهرجان فاس الدولي للإبداع الشعري يعتبر من أهم المهرجانات التي تعنى بالشأن الشعري الدولي بالمملكة المغربية وقد تمت انطلاقته عام 2010 تحت إدارة الشاعرة والباحثة فاطمة بوهراكة
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.