المعتصم: مصطفى سلمة هدية السماء للمغرب
بداية نرحب بكم في موقع “هسبريس”
المعتصم: شكرا لكم على دعوتكم لي للمشاركة بهذا الحوار
في الآونة الأخيرة ، عرفت قضية الصحراء المغربية تطورات مهمة أهمها :مبادرة الحكم الذاتي ثم عودة العديد من قيادات البوليساريو آخرهم مصطفى ولد سلمي ولد ميلود كما أن استراتيجية المغرب انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم فما هي قراءتكم للتطورات الأخيرة ؟
تحية خاصة للسيد مصطفى سلمى الذي أبان عن شجاعة ورجولة في التعبير والدفاع عن اقتناعاته . السيد مصطفى سلمى كان بوده اختيار الخيار السهل أي عقد ندوات صحافية بالعاصمة الرباط وببعض العواصم الأوروبية ويعود إلى العاصمة المغربية ليأخذ حصته من الكعكة:فيلات في السويسي ومنصب سام حتى بدون مهمة في وزارة الداخلية أوالخارجية وكفى الله المؤمنين القتال.
مصطفى سلمى إنسان مبدئي كما يظهر من تصرفه ، يعيش مأساة مواطنين هاجروا من بلادهم في منتصف السبعينيات وعندما دخلت قضية الصحراء إلى اللاحل والانسداد أصبحوا أسارى هذا المأزق .
مصطفى سلمى رأى في الحل الذي اقترحه المغرب في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية عين الصواب وسداد الرأي كحل مناسب لن يكون فيه لا غالب ولا مغلوب .
مصطفى سلمى هدية السماء للمغرب خصوصا بعد قضيتي أميناتو حيدر والتامك ومن معه وهما القضيتين اللتين أحرجتا المغرب أمام المنتظم الدولي وأظهرتاه بمثابة البلد الذي ينتهك حقوق الإنسان . اليوم وبفضل الله ثم بإصرار مصطفى سلمى انتقل الحرج إلى المعسكر الآخر وبدأت أصابع الاتهام بانتهاك حقوق الإنسان تشير إلى البوليساريو .
لنقل أن المغرب بما أقدم عليه مصطفى سلمى قد كسب جولة في حرب من جولات سجال وأتمنى أن لا ينقلب النصر الذي حققناه في هذه الجولة إلى الانتكاسة والتراجع إن نحن عدنا إلى ما تتقنه خارجيتنا أي تضييع الفرص وقلة النجاعة .
إن البوليساريو عندما أحس بالمأزق الذي هو فيه من جراء هذه القضية تحرك بسرعة فاستغل احتجاجات العيون وجعل من محاكمة التامك ومن معه مناسبة للدعاية له وحرك الداعمين له في اسبانيا بقوة أما الجزائر فقد سعت إلى تضييق الخناق على المغرب من خلال تعمد إقصائه من أي استراتيجية جهوية لمكافحة إرهاب القاعدة وتهريب المخدرات الصلبة في الصحراء الكبرى ودول الساحل.
عندما تكون في حرب سجال مع أعداء وخصوم يصرون على النيل منك بحكم إمكانياتهم وفعالياتهم على المستوى الدولي لا بد أن تبني استراتيجيتك على السيناريوهات الأكثر قتامة فهذا من عزم الأمور. أنا شخصيا كنت ولا أزال أقول أن على المغرب أن يستحضر حلا قد تفرضه الأمم المتحدة ضمن البند السابع كما حدث في حالة تيمور الشرقية .
عندما نشتغل على هكذا سيناريو تصبح غايتنا هي إقناع الصحراويين بالمناطق المتنازع حولها وفي تندوف بالحل أو الحلول التي نقترح ونحدد على أساس هذه الغاية أهدافا إجرائية ميدانية .
فبماذا يمكن أن تقنع الناس بأن خيار الوحدة مع المغرب هو الخيار الصائب ؟ أي ماذا بإمكاننا أن نقدم كوسائل إقناع على أهمية الحل في إطار حكم ذاتي ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نعمل عليه جميعنا .
الشيء الوحيد الذي بإمكاننا تحقيقه هو بناء صرح دولة ديمقراطية تنعم بالحرية تقبل التعدد والتنوع الجهوي واللغوي …
إذا استطعنا إنجاز الانتقال إلى الديمقراطية ونجحنا في جعل أهلنا في المناطق المتنازع حولها وفي تندوف يقومون بالمقارنة بين وضع ديمقراطي ووضع استبدادي شمولي فبالتأكيد سنكون قد قطعنا مسافات كبيرة في كسب رهان وحدتنا الترابية .
غير هذا فالصحراويون ليسوا بلداء ولا كلهم يتهافتون على سقط المتاع كما أكدت ذلك مواقف السيد مصطفى سلمى فالحكم الذاتي الحقيقي لن يكون ممكن الحصول والاستمرارية في ظل مركز لا ديمقراطي ..؟
في إطار النقاش الوطني حول الجهوية الموسعة وبالموازاة مع اللجنة الملكية المكلفة بصياغة تصور عام للجهوية الموسعة ما هي رؤية حزب البديل الحضاري لهذه المسألة؟
بالله عليكم هل نشهد فعلا نقاشا وطنيا حقيقيا حول هذا الموضوع ؟ لا اعتقد !
سنة 2004 و أسابيع بعد وصول الاشتراكيين إلى سدة الحكم في اسبانيا ، شاركت في ندوة نظمتها جمعية “حوار بين الثقافتين” في مدينة قرطبة تحت عنوان “الديمقراطية ودولة الجهات” .
استرعى انتباهي خلال هذه الندوة تدخل رئيس الفريق الاشتراكي بالكورتيس ( البرلمان) الاسباني . الذي أكد أن الجهوية شيء مهم وإيجابي ولكنها لا تخلو من سلبيات وقد تكون هذه السلبيات قاتلة في بعض الأحيان .
وأشار إلى ما يجري في جهتين تتمتعان بالحكم الذاتي هما كاتلونيا وإقليم الباسك حيث بدأ المنحى الانفصالي في البروز . كما تطرق لما قد تطرحه مسألة التضامن الوطني من مشاكل عندما يتعين على الجهات الغنية بمواردها أو بأوراشها أن تتضامن مع جهات أقل منها وأشار إلى المشاكل بين جهات الشمال وجهات الجنوب الاسباني .
تذكرت اليوم رأي هذا السياسي الاسباني المحنك والمسؤول في دولة ديمقراطية لأقول إن من يتصور أن حل الجهوية سيكون بمثابة عصا سحرية لا يخلو أن يكون أحد شخصين إما مغفل لا يدري على ماذا يتحدث أو متآمر متربص بالوحدة المغربية ، وحدة الشعب والأرض كما هو الشأن بالنسبة لبعض المتطرفين الاثنيين .
بالنسبة إلي هناك ورش يجب أن يحضى بالأولوية ..ورش تحقيق العدالة الديمقراطية وأقولها بملء فمي إني لا أتصور جهوية موسعة وحكما ذاتيا في الصحراء في غياب الدولة المركزية الديمقراطية أولا .
كيف نتصور حكما ذاتيا ممثلا بحكومة وبرلمان ديمقراطي و المركز غير ديمقراطي ؟
ماهي في نظركم النماذج الجهوية التي يمكن للمغرب أن يستأنس بها ويستفيد منها ؟
هناك عدة نماذج للجهوية الموسعة أو الاوتونميات أو الفيدراليات ، هناك النموذج الألماني والنموذج السويسري والنموذج الايطالي والنموذج الفدرالي الأمريكي والنموذج الاسباني …وكما تلاحظون كل هذه الدول التي ذكرت هي دول ديمقراطية ولهذا أكرر أن الأولوية يجب أن تكون للديمقراطية .
في الحالة المغربية حيث هناك اقتراح يجمع بين دولة الجهات وإقليم يتمتع بوضع خاص أي بالحكم الذاتي في المناطق المتنازع حولها في الصحراء يحيلنا حتما على النموذج الاسباني الذي يزاوج بين الجهوية الموسعة والاوتونميات.طبعا هناك خصوصيات مغربية مما يستوجب الاجتهاد وإعمال الفكر لتقديم تصور صحيح ومناسب .
ما زالت أحداث 16 ماي الإرهابية تلقي بظلالها في الساحة السياسية خاصة بين حزب العدالة والتنمية ووزارة الداخلية فلماذا العودة إلى هذا الملف بعد ما وظف في إقرار مشروع الإرهاب؟
ثار في ذهني سؤال وأنا أقرأ وأسمع رد فعل وزارة الداخلية وبعض الأحزاب المغربية على ما قاله السيد عبد الإله بنكيران في هذا الصدد قلت في نفسي لماذا كل هذا العنف في الرد وما الذي يخشاه البعض من إثارة هذا الموضوع ؟
وكم كانت دهشتي عندما قرأت كلاما نسب إلى أحد المناضلين القدامى الذي اكتوى بنار سنوات الجمر يقول أن إثارة هذا الموضوع تشكيك ووو…في قضية قال فيها القضاء كلمته.
فهل قضاؤنا قال بالفعل كلمته في هذه القضية وكل القضايا المتعلقة بالارهاب ؟..إن الطريقة التي تمت فيها متابعة المتهمين والمشبوهين على خلفية أحداث 16 ماي الإجرامية كان فيها العديد من التجاوزات أقر بها ملك البلاد ثم إن المحاكمات لم تكن شفافة ولم تجب على أسئلة جوهرية من نوع: من يقف وراء من نفذوا العملية ومن صنع حقائب الموت ومن حدد الأهداف التي ضربت.وهذا أحد الناجيين من الانتحاريين يزكي ما أقول ويدعي أنهم تلقوا حقائب جاهزة وحددت الأماكن المستهدفة التي لم يكونوا يعرفون عنها شيئا من قبل بواسطة الهاتف الخ …الخ …
إن كل جريمة لها دوافع ولها مستفيدون، ماهي الدوافع التي جعلت الانتحاريين يحددون الأهداف التي اعتدوا عليها ومن استفاد من الجريمة ؟
لاشيء من هذا أجابت عنه المحاكمات السريعة ولكن بخصوص المستفيدين فهم كثر باستثناء الإسلاميين وخصوصا الذين يخوضون تجارب سياسية في إطار اللعبة القائمة في البلاد كانوا هم الأكثر تضررا .
للأسف الشديد حينما تغيب الشفافية وتغيب شروط المحاكمة العادلة نفتح المجال واسعا للشائعة والتأويل . هناك اليوم كلام يتداول في الكواليس ويجب جعل حد له. والطريقة الوحيدة لبلوغ هذا الأمر الدعوى إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق تكون تابعة للبرلمان حول كل قضايا الإرهاب التي أثيرت منذ ما سمي بالخلية السعودية النائمة سنة 2001 إلى حدود 2010 وخلية الفلسطيني الأخيرة . أليس هذا هو التصرف السليم في الدول الديمقراطية ؟
أما لماذا اختار السيد عبد الإله بنكيران هذه اللحظة للعودة لهذا الملف فإما لأن هناك أبرياء مازالوا يقبعون في السجون لا علاقة لهم بما حدث أو هناك فاعلون حقيقيون وراء هذه الأحداث وهؤلاء قد يعودوا لتكرار فعلتهم مع اقتراب استحقاقات 2012 وحزب العدالة والتنمية يخشى طبعا أن توظف مثل هذه الأحداث ضده كما حدث سنة 2003 الخ …
في نفس الإطار أين وصل ملف حل حزب البديل الحضاري بعد تقديم الطعن في المحكمة الإدارية ؟ هل من آفاق سياسية لهذا الملف ؟ وفي حالة تأكيد الحل من المحكمة فما هو البديل المطروح على أعضاء حزبكم والمتعاطفين معكم؟
المسألة اليوم أمام المحكمة الإدارية ولازلنا ننتظر تحديد تاريخ للنظر في هذه القضية ، نحن وهيأة دفاعنا مطمئنون إلى عدالة قضيتنا وأننا سنربحها طبعا إذا كانت هيأة المحكمة تتحلى بالشفافية والنزاهة وأكيد أن هناك قضاة في المحكمة الإدارية يتحلون بهذه الخصال . وإن كنت أميل إلى أن حل مثل هذه القضايا السياسية يكون حله سياسيا.على كل حال وفي جميع الحالات نأمل بأن نطوي هذه الصفحة السوداء المؤلمة في أقرب الآجال .
أما في حالة الإصرار على إقصائنا وحرماننا من إطار للعمل فهناك مقال لهذا المقام سندلي به في الوقت المناسب وليعلم الذين أرادوا بنا هذا الشر أننا سنجعلهم يعضون على الحديد ندما لما ارتكبوه في حقنا من أخطاء فقد ازددنا إصرارا وتشبثا بخياراتنا باعتبارنا نمثل تجربة الإسلاميين الديمقراطيين.
بعد فراق دام لسنين بينكم وبين المرواني هل هناك تقارب ؟
ليس هناك نقاش دائر بيننا لسبب بسيط هو أني في عزلة بعيدة عن عزلة الأخ محمد المرواني واللحظات القليلة التي تجمعنا لا تتيح لنا تدشين حوار حقيقي يسمح لنا بتقارب أفكارنا.
أنتم معرفون في الساحة الإسلامية بالتجديد ولنا في كتاباتكم و دراساتكم خير نموذج فهل المقال الذي كتبتموه حول تجديد الوعي الإسلامي حلقة من حلقات مشروعكم الفكري الجديد؟
لأقول إنني أنتمي إلى تيار فكري ومدرسة تجديدية تدعو إلى إعادة النظر في منهجية التعامل مع القرآن والسنة النبوية المؤكدة والموروث الفقهي .
أنا مؤمن أشد الإيمان أن تجديد وإصلاح الفكر الديني مدخل حقيقي لانطلاقتنا . ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الله يبعث على رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها “.
الكثير من مفردات فكرنا الديني ومن اجتهادات السلف أصبحت متجاوزة وأصبحت هناك قضايا مستجدة في حياة المسلمين لم ينظر فيها السلف . والتجديد قد يكون من طرف مجدد أو تيار تجديدي … الخ..
فقضايا الديمقراطية ، المرأة ، الحرية ، المواطنة ، حقوق الإنسان ، …نماذج من القضايا التي تستدعينا إلى إعمال الفكر والاجتهاد لصياغة أجوبة ملائمة تنسجم وروح العصر.
قرأت ما كتبه بعض شيوخ السلفية حول مراجعات قاموا بها واندهشت كيف يحددون العلاقة بين الحاكم والمحكوم .. مما أثار ردود الفعل السلبية داخل المنظمات الحقوقية وفعاليات فكرية وسياسية . وبصراحة أفضل منطوق الدستور المغربي فيما يخص هذه العلاقة بالرغم من كل الملاحظات عليها على ما قاله هؤلاء السادة عن العلاقة بين الحاكم والمحكوم وقالوا أنهم استمدوها من تراثنا الفقهي .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.