أخر الاخبار

أبواب مدينة فاس

أبواب مدينة فاس
من كتاب المدن الإمبراطورية من المغرب.  Théophile Jean Delaye -1937.

الحديث عن أبواب فاس، هو حديث متاهة تاريخية، اجتماعية وسياسية متشعبة مترامية الأطراف، إنه حديث عن حكاية مدينة، تشترك أبوابها ومداخيلها في سرد أحداثها. منها أبواب بقيت قائمة منذ نشأتها الأولى، صامدة في وجه الأعاصير، الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات، والثوراث والتحولات السياسية، وأخرى لم يبق منها إلا الإسم، واندثرت معالمها أو اختفى وجودها.

تاريخ أسوار مدينة فاس




مدينة فاس من المدن السلطانية التي لازالت أحزمة الأسوار التي تؤطرها قائمة في المغرب، لم تنل فيها الأحداث السياسية ولا المؤشرات الطبيعية والبشرية منالا كبيرا، بل بقيت شاهدة على غنى التاريخ المغربي والصعاب التي كونت وبلورت الشخصية المغربية

وحزام أسوار مدينة فاس يتعدى 14 كلم، وتاريخها يمتد على مراحل منذ تأسيسها حتى بداية القرن 20 م وهذه المراحل هي

1) فترة الأدارسة

تميزت بتسطير حزام الأسوار قبل وجود المساكن سنة 808 و 809م، حيث ظل الحزام يفصل بين عدوة الأندلس وعدوة القرويين، حيث التواصل بين قسمين المدينة كان بواسطة ستة قناطر – كما ورد عند البكري


2) فترة المرابطين

تميزت بتوحيد العدوتين وهدم السور بينهما، الذي كان يفصلهما وذلك خلال حكم السلطان يوسف بن تاشفين سنة 462هـ موافق 1060م، ثم بناء قصبة بوجلود


3) فترة الموحدين

تنقسم هذه الفترة الى مرحلتين

المرحلة الأولى: تميزت بقرار الخليفة عبدالمومن بن علي الموحدي سنة 540هـ هدم الأسوار السابقة على اعتبار أن الدولة القوية لا تحتمي بأسوارها بل بسيوف رجالها

المرحلة الثانية: تميزت بإعادة بناء ما تم هدمه سابقا وذلك تحت بأمر من الخليفة محمد الناصر الموحدي سنة 601هـ، وبذلك يتطبع الحزام النهائي لأسوار المدينة القديمة بالشكل الذي يظهر عليه حاليا، لذلك في الغالب ما يؤرخ لأسوار مدينة فاس انطلاقا من هذه الفترة

4) فترة المرينيين

تميزت ببناء حي فاس الجديد سنة 674هـ موافق 1276م، مسور بحزام مهم من الأسوار، لكنها هدمت بعد ذلك سنة 1522م بسبب الزلزال الشديد الذي ضرب فاس في هذا التاريخ

5) فترة السعديين

تميزت ببناء أربع قلاع، انطلاقا من سنة 1554م وهي: البرج الشمالي والبرج الجنوبي وقصبة تمدرت وبرج الشيخ أحمد، وتميزت أيضا بوقوع زلزالين ضربا مدينة فاس أحدهما سنة 1569م والآخر سنة 1624م، هدم عدة مساكن وأجزاء عديدة من أسوار المدينة

6) فترة العلويين

وتتميز هذه المرحلة بتعاقب عدة فترات وهي

- الفترة الأولى: تم بناء قصبة الشراردة، وقصبة النوار، من طرف السلطان مولاي رشيد بن الشريف العلوي

- الفترة الثانية: تميزت أصبحت مدينة فاس وأسوارها عرضة للإهمال بعد أن نقل السلطان مولاي اسماعيل بن الشريف العلوي عاصمته الى مدينة مكناس، مما أدى الى تدهور للأسوار مع ما خلفه زلزال سنة 1664م من دمار هائل

- الفترة الثالثة: استعادت فيها مدينة فاس أهميتها تحت حكم السلطان مولاي عبدالرحمن بن هشام العلوي الذي أمر بإصلاح الأسوار، خاصة الأجزاء المحصورة بين فاس الجديد وبوجلود سنة 1824م

- الفترة الرابعة: تميزت بإقامة المشور الجديد من طرف السلطان مولاي الحسن الأول بن محمد العلوي سنة 1894م، كما بنيت الأسوار التي تحيط بحديقة بوجلود والتي تربط فاس الجديد بالمدينة القديمة (أو ما يعرف محليا بفاس البالي)

- الفترة الخامسة: ابتدأت هذه المرحلة في عهد الحماية الفرنسية على المغرب، وتميزت على الخصوص ببناء باب بوجلود الحالي، وظهور نواة المدينة العصرية الحديثة قرب محطة القطار، مع تعدد الترميمات التي قامت بها مفتشية الآثار انطلاقا من سنة 1914م وهي كالتالي

1928 = هدم باب السمارين ثم باب الدكاكين

1930 = بناء سور في اتجاه بوجلود

1931 = إصلاح باب الأمر

1932 = تهدم جزء كبير من سور سيدي مجبر، وفي شهر مارس من نفس السنة هدم بعض أجزاء من أبواب الشراردة

1939 = فتح 3 أبواب جديدة بسور بوجلود

- الفترة السادسة: وهي مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث استمرت مفتشية الآثار في العمل مع الانعاش الوطني، ومندوبية إنقاذ مدينة فاس، وتركز الاهتمام أساسا على أجزاء الأسوار المقابلة للساحات الكبرى والطرق الرئيسية ابتداء من سنة 1975م، وفي هذا الإطار تم إصلاح باب الكيسة وباب المحروق وباب فتوح وباب قصر الجامعي سنة 1977م، ثم باب الأمر سنة 1984م، وكان آخر ما تم إصلاحه سور قصبة الشراردة سنة 1986م

أبواب مدينة فاس


في فترات كانت المدينة غير آمنة، جعلت لكل حي باب ولكل درب باب ولكل زقاق باب، فأطلقت أسماء هذه الدروب والأزقة على المناطق برمتها. مثل باب الزيات أو باب السلسلة، أو باب النقبة، وأبواب أخرى كانت منافذ في سور المدينة حملت أسماء قبائل وعشائر استوطنت هذه الجهة أو تلك إما في مرحلة إنشاء المدينة عام 789 م، أو في مراحل لاحقة مثل باب ريافة وباب الجزيين. أو أبواب ارتبطت برجال أولياء وعلماء مثل باب مولاي إدريس أو باب سيدي بوجيدة. فمن أقدم هذه الأبواب والتي تعود إلى حكم الدولة المغراوية الزناتية وحملت اسم مؤسسها.

باب فتوح

 


يمثل هذا الباب مدخلاً شرقياً لعدوة الأندلس، وقد تم بناؤه وكذا الحصن المنيع الموالي له بحي الكدان كواقٍ عسكري على إثر الصراع المرير الذي دار بين الأميرين الزناتيين بعد وفاة أبيهما دوناس بن حمامة. كانت فاس بعد أفول الدولة الإدريسية عاصمة للدولة المغراوية، وفي مرحلة ولاية دوناس بن حمامة كانت المدينة في أوجها؛ حيث “عظمت فاس وعمرت وكثرت أرباضها وقصدها الناس والتجار من جميع النواحي، فأدار دوناس السور على أرباضها وبنى بها المساجد والحمامات والفنادق واستبحر عمرانها، فصارت حاضرة المغرب من يومئذٍ، ولم يشغل دوناس من يوم ولي إلا بالبناء والتشييد”، حسب ما ذكره الناصري في كتاب الاستقصى سنة 452هـ/1060م. تولى بعده ابنه الأكبر فتوح شؤون الدولة، فاتخذ عدوة الأندلس مقراً له، فيما أسند إلى أخيه الأصغر عجيسة أمر عدوة القرويين. يقول عنه الناصري: “ونازعه الأمر أخوه الأصغر واسمه عجيسة، وكان شهماً محارباً، فاستولى على عدوة القرويين واستبد على أخيه، وافترق أمر فاس وأعمالها بافتراقهما، وقامت الحرب بينهما على ساق”.

وهكذا يتبين بأن باب فتوح شاهد على إنجاز مجموعة ثانية من الأبواب بأسوار عدوتي فاس وذلك بعد الأبواب الأصلية التي أقيمت أثناء تأسيس المدينة في العهد الادريسي.

ومنذ تشييده قام باب فتوح بأدوار تاريخية ذات طابع عسكري واقتصادي وتواصلي كخروج الجيوش المتجهة نحو المناطق الشرقية، ودخولها وتجمعها بجواره، وإدخال وإخراج البضائع.

ويتميز باب فتوح باستمراره في أداء وظيفته مع الزمن، في حين أغلقت عدد من الأبواب بسبب الفتن والمجاعات التي توالت على فاس خلال مختلف القرون الماضية.

وتعرض باب فتوح لتحول كبير خلال الفترة العلوية، إذ أن السلطان مولاي سليمان العلوي أمر عام 1213هـ / 1798م بفتح باب آخر بإزاء باب فتوح أكبر منه وبحجم باب المحروق .

والظاهر إذن أن باب فتوح القديم كان صغير الحجم قبل أن يتم بناء باب ضخم بإزائه في أيام العلويين، وذلك في إطار ترميم أسوار فاس وأبوابها، بعد أن تعرضت لعمليات الهدم عام 1142هـ / 1729م من قبل حمدون الروسي عامل السلطان مولاي عبدالله العلوي على فاس .

ويمثل باب فتوح إحدى المعالم التاريخية والأثرية بفاس ، كما يعطي نموذجا حيا لمدى قدرة المعلمين والفنانين المغاربة على تكييف المعمار مع التطورات التاريخية.


باب الساجمةمن أبواب مدينة فاس التاريخية، {ينطق بحرف الجيم المصري} هذا الباب لم يتبق منه إلا البرجين المثمنين اللذين كانا يدعمانه، وينسب تشييده الى المرينيين، ومع الزمن حمل اسم سيدة صالحة فاضلة تدعى للا آمنة الساكمة، توفيت سنة 1737م ودفنت بجواره، فغلب اسم ضريحها على الاطلاق العام للباب، ثم تداعى بنيانه الى الانهيار في العهد العلوي فأمر بتجديده السلطان مولاي الحسن الأول العلوي في القرن 19م، وماثل شكل واجهته الخارجية مع باب السبع المقابل له في النقوش والزخرفة والزليج المائل الى الألوان الغامقة، ويبدو اعتمادا على مقاييسه الضخمة أنه كان مشكلا من قوس يحمل قناة مائية تربط بين المشور القديم وقصبة الشراردة

باب سيدي بوجيدةمن أبواب مدينة فاس التاريخية، وكان يحمل اسما آخر قديم هو باب بني مسافر، وكان يدعى قبل ذلك في أول بنائه {باب أبي سفيان} ولعل تسمية {بني مسافر} تحيل على اسم قبيلة أو عشيرة عربية كانت تستقر بالموضع الذي يتواجد به الباب أو بالقرب منه، فأضيف الباب إليها

ارتبط اسم هذا الباب باسم أحد علماء وأولياء مدينة فاس، الفقيه والإمام أبي جيدة بن أحمد اليزغيتني، ويعرف أيضًا بلقب “أبي النور”. وهو من أصل أمازيغي من قبيلة بني يازغة الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة فاس، وعلى الرغم من قوة معارفه وسعة علمه، كان يكسب قوته من الاشتغال بزراعة الخضر والفواكه في الحدائق خارج سور فاس. كان أبو جيدة من كبار العلماء والفقهاء في شمال إفريقيا وكبار الصوفية في عصره خلال القرن الرابع الهجري. وقد رحل في طلب العلم إلى الشرق الإسلامي، ما مكنه من توسيع مداركه العلمية، فأصبح متمكنًا من الفقه المالكي والشافعي في الوقت نفسه.

وقد اشتهر أبو جيدة بن أحمد بمسألة دفاعه عن أراضي أهل فاس من خلال فتوى ذكية واجه بها المنصور بن أبي عامر، الذي كان قاضي الجيش الأندلسي، كما يقول المؤرخ محمد التازي سعود. فقد احتاجت الدولة الأموية إلى الأموال، وأراد قاضيها جمع جزء من هذه الأموال عن طريق مصادرة هذه الأراضي، فسأل أهل فاس عن الأراضي التي يحرثونها: “هل امتلكوها عن طريق الصلح، أم أخذوها بالقوة؟ فإن كانت بالقوة، فهي ملك للدولة، وإن كانت عن طريق الصلح، فأين هي وثيقة الإثبات؟” فلم يجبه أهل فاس، وقالوا: “حتى يأتي الشيخ.” وحين جاء فقيههم، أبو جيدة بن أحمد، كرر عليه القاضي نفس السؤال الذي طرحه على أهل فاس. فردّ الفقيه قائلاً: “لا هذا ولا ذاك. ليست عن طريق الصلح ولا عن طريق القوة، فقد كان أجدادنا يحرثونها وهم كفار، ومنَّ الله عليهم بالإسلام وبقيت الأراضي بأيديهم.” فقال لهم القاضي: “خلَّصكم الرجل.”

ومن عادات الدفن والجنازة التي لا تزال متعارفاً عليها حتى اليوم في المغرب “صباح القبر”، أي زيارة قبر الميت أو الميتة ثلاثة أيام متتالية بعد الدفن. وسبب هذا العرف أن ابن أبي زيد القيرواني، صاحب كتاب “الرسالة” الفقهية، والذي كان مشهوراً عند أتباع المذهب المالكي بعلمه وسعة مداركه في الفقه في كل العالم الإسلامي حتى سُمي “مالك الصغير”، لما سمع بفتوى أبي جيدة بن أحمد اليزغيتني، جاء لزيارة الشيخ من بلده تونس، فوجده قد مات ودفن منذ ثلاثة أيام، فأقسم على البقاء عند قبره ثلاثة أيام. ومن هنا نشأ هذا العرف الذي بدأ في فاس وانتشر في سائر المغرب. تُوفي أبو جيدة رحمه الله سنة 976م، ودُفن خارج باب بني مسافر، الذي غلب عليه فيما بعد اسم باب سيدي بوجيدة، المنسوب إلى هذا الفقيه. وقد كانت لهذا الباب أسماء أخرى قديمة، مثل باب أبي سفيان الذي سُمي به عند بنائه، أو اسم باب بني مسافر الذي يُحتمل أنه يشير، كما يرى بعض الباحثين، إلى “قبيلة أو عشيرة عربية كانت تستقر في الموضع الذي يتواجد به الباب أو بالقرب منه، فأضيف الباب إليها.”


أشهر باب في غرب المدينة هو الباب المنافس لباب فتوح.

باب حصن سعدونمن أبواب مدينة فاس التاريخية، وهو أصل باب الجيسة الحالي (باب عجيسة)، والمكان الذي بني فيه هذا الباب هو مكان قوس ساباط حومة الحفارين فوق رحبة الزرع القديمة

باب الخوخة

من أبواب مدينة فاس التاريخية، {واسم الخوخة بالدارجة المغربية يعني الخشب السميك العظيم}، ويقع في الجهة الشرقية الوسطى، بناه الامام مولاي إدريس الثاني ليفتح في السور منفذا للمسافرين من فاس إلى بلاد تلمسان، ثم شيد بابا شرقيا يعرف بباب الكنيسة على امتداد السور بجهة بلاد قبيلة جرواوة (كرواوة)، ثم هدمه الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي الكومي سنة 540هـ، وأعاد بناءه حفيده الخليفة الناصر بن المنصور الموحدي سنة 601هـ، وسماه باب الخوخة، وطراز بنائه أندلسي
وفي تعريف آخر أحد بوابات مدينة فاس التاريخية، وكان يعرف قديما بباب الكنيسة، ويرجع أصله الى عهد المولى ادريس الثاني حينما أقام سور عدوة الأندلس وفتح فيها الأبواب التالية متدرجا فيها من الجنوب الى الشرق وهي



الخوخة كما تُعرف في الهندسة المغربية الأندلسية هي “بابٌ صغير وسط بابٍ كبير نُصب حاجزًا بين دارين”، كما جاء في المعجم. وتوجد هذه الخوخة غالبًا في بوابات مداخل الدور وأبواب غرف البيوت العريقة. وقد ورد ذكرها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري والنسائي: “سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر”.

وقبل أن يغلب على هذه المنطقة، التي تقع في الجهة الشرقية لعدوة الأندلس، اسم “باب الخوخة” المعروف بها حتى اليوم، كانت تسمى “كرواوة” نسبة إلى قبيلة كروارة التي استقرت بها. فُتح هذا الباب في السور الشرقي لعدوة الأندلس بأمر من إدريس الثاني، حين أحاط المدينة بالسور، ليكون هذا الباب منفذًا للمسافرين إلى المناطق الشرقية من المغرب، تحت اسم “باب الكنيسة الثاني”. ونظرًا لأهمية منطقة “كرواوة” الاستراتيجية، كان إدريس الأول ومن بعده ابنه إدريس الثاني ينزلان بها للاجتماع بالقبائل.



غير أن هذا الباب، وكذلك باب الكنيسة الذي كان أيضًا على جهة سور منطقة نزول قبيلة كرواوة، أمر الخليفة الموحدي عبد المومن بهدمه سنة 1146م إلى جانب هدم أبواب أخرى وسور المدينة. لكن الضرورة الأمنية لحماية المدينة اضطرت الخليفة المنصور الموحدي لاحقًا إلى الشروع في إعادة بناء سور فاس من جديد، ثم أكمل ابنه محمد الناصر المشروع بعد وفاة أبيه، ومن بين ما أعاد بناؤه هذا الباب، وذلك سنة 1204م، وأطلق عليه اسم “باب الخوخة” بدل “باب الكنيسة”.

وكما ذكر ابن أبي زرع، فقد فرضت حاجة السكان إنشاء مستشفى لمرضى الجذام خارج هذا الباب نظرًا لانفتاحه على الناحية الشرقية، بحيث تحمل الرياح الغربية أنفاسهم وروائحهم بعيدًا عن المدينة، فلا يصلها شيء منها.

  • باب الفوارة : المعروف بباب زيتون ابن عطية
  • باب الفرج : المعروف حاليا بباب السلسلة
  • باب الشيبوبة : المقابل لباب الفصيل من عدوة القرويين
  • باب أبي سفيان : المعروف بباب بني مسافر وهو المسمى حاليا باب سيدي بوجيدة، وكان مخرجا الى بلاد غمارة وبلاد الريف
  • باب الكنيسة : المسامت للناحية الشرقية وكان مخرجا الى بلاد تلمسان

وكانت هذه الأبواب محاطة بعناية الولاة، والسكان يحرصون على مراقبتها لما لها من الدور الفعال في أمن المدينة وحمايتها من الاضطرابات التي كانت تعتريها حينا بعد حين

وظل باب الكنيسة على حاله الى أن هدمه الخليفة عبدالمومن الموحدي سنة 540هـ / 1145م ضمن ما هدم من الأبواب حينما ارتأى رأيه أن يهدم أكثر أسوار المدينة وقال : (إننا لا نحتاج الى أسوار إنما أسوارنا أسيافنا وعدلنا) لكن هذا الموقف الذي تحدى به الواقع لم يرتضه الخلفاء الموحدين من بعده، فقد شرع الخليفة المنصور الموحدي في بناء سور فاس من جديد، وأكمله ابنه الخليفة الناصر الموحدي الذي أعاد لهذا الباب وجوده وسماه بعد تجديده باب الخوخة بدلا من باب الكنيسة

ونظرا لمسامتة هذا الباب للناحية الشرقية فقد اقتضت مصلحة السكان أن يبنوا خارجه مستشفى لمرضى الجذام ليكونوا (كما ذكر ابن أبي زرع) تحت مجرى الريح الغربي فتحمل الرياح أبخرتهم ولا يصل الى أهل المدينة منها شيء وليكون تصرفهم في الماء وغسلهم بعد خروجه من البلاد، إلا أنه وقعت مجاعة في أوائل القرن 7 من سنة 619هـ / 1222م الى 637هـ فانتثر نظام الأمن في البلاد وعمت الفوضى وأدى الحال الى انتقال المرضى من مكانهم المخصص لهم فتوجهوا الى الكهوف التي كانت موجودة بين باب الجيسة وباب الشريعة وظلوا هناك الى أن زالت الفوضى بتأسيس الدولة المرينية، وحينئذ أمر السلطان يعقوب بن عبدالحق المريني عامله على فاس أبا العلاء ادريس بن أبي قريش بنقلهم الى برج الكوكب الذي كان يوجد بخارج باب الجيسة من أبواب عدوة القرويين

وبرج الكوكب هذا هو الموجود آثاره الآن بالمرتفع الذي يوجد فيه قبر سيدي علي المزالي، وهو المرتفع الذي كان أهل فاس في أوائل القرن 20م يحملون إليه أطفالهم حينما يصابون بالسعال الديكي الحاد المعروف (بـالعواقة) فيعالجون من ذلك، وكان يقابله في الجهة الجنوبية برج آخر يعرف ببرج باب الزيتون وقد استُغني عن البرجين معا حينما بنى السلطان أحمد المنصور السعدي باستيون باب المحروق المعروف حاليا ببرج النور أي البرج الشمالي، وباستيون باب الحمراء المعروف حاليا بالبرج الجنوبي وهو الذي تقام فيه أضواء المدينة أيام ربيع فاس

ويوجد الآن حي كبير بمدينة فاس يحمل اسم باب الخوخة مكتظ بالسكان الذين وفدوا عليها في السنين الأخيرة



باب الدكاكين

هي أحد أبواب فاس الجديد بفاس، وأحد مداخل فاس الجديد من جهة المشور وجنان السبيل، ويقع في شمال فاس الجديد وكان يغلق قديما لحماية متاجر درب الدكاكين من النهب، وطراز بنائه أندلسي

باب الشماعين

من أبواب مدينة فاس التاريخية، وهو أحد أبواب جامع القرويين الذي يدخل منه ملوك المغرب أثناء حلولهم بالجامع لتأدية صلاة الجمعة، ويرجع اصل اسمه الى سوق الشماعين الواقع أمامه، حيث كانت تجارة الشمع، قبل أن يتحول إلى سوق لبيع الفواكه الجافة مثل التمر واللوز والزبيب والتين

باب بوجلود


باب بو جنود أو باب أبي الجنود، أو باب بوجلود، لا يعرف بالضبط ما الاسم الأصح، من أبواب مدينة فاس التاريخية، وأحد أهم بوابات السور المحيط بفاس القديمة، ويعد هذا الباب الأكثر شهرة في فاس البالي، وموقعه في الجهة الشمالية الغربية للمدينة العتيقة مطلا على ساحة الباشا البغدادي، ويشير المؤرخون أن تاريخ انتهاء بنائه كان سنة 859م، لكن شكله الحالي يرجع الى الترميمات التي طالته في أوائل القرن 20م من طرف بلدية فاس سنة 1913م، ثم كلفت سلطات الحماية الفرنسية مقيمها العام الماريشال ليوطي بعد أن استتب لها احتلال المغرب أن يقوم بترميمه سنة 1915م، ومن أسرار زخرفته أن لون فسيفسائه الخارجي أزرق، بينما لون الفسيفساء الداخلي أخضر، وتقع بالقرب منه قصبة الوادي، وهي قصبة بوجلود الحالية، وقد كانت في الأصل معسكرا يحمل اسما أمازيغيا هو {تكرارات} تعود ملكيته للدولة المرابطية، ثم أعاد بناءها الخلفاء الموحدون من بعدهم فأضحت القصبة مقرا لسكنى ولاتهم وإدارتهم، وفي عهد الدولة المرينية بقيت القصبة ذات أهمية كبيرة، فاستقر بها ملوكهم، الأوائل، ثم انتقلوا منها بعد تأسيس مدينة فاس الجديد، حيث شيدت قصورهم ودور أعيانهم، وبقوا يترددون عليها بعد ذلك بين الفينة والأخرى للإقامة فيها
وفي تعريف آخر




باب بوجلود أحد بوابات مدينة فاس الشهيرة، واللافتة للأنظار بهندستها وزخرفتها وجمالها، وتأتي أهميتها من كونها أقرب الأبواب الى فاس الجديد والقصر السلطاني ، وهي مدخل عادي لمن يأتي من جهتها الى المدينة، وأصبح في العصر الحاضر الباب الذي يلج منه السواح في الغالب الى فاس بقصد زيارتها.

وتجدر الإشارة الى أن الباب الحالي ليس هو الباب التاريخي القديم لقصبة بوجلود، فقد اعتقد بعض الباحثين خطأ الى أن البوابة الحالية هي الأثرية وأنها من أقدم أبواب فاس ، والحقيقة أن الذي أنشأ باب بوجلود الحالي هي سلطات الحماية الفرنسية سنة 1913م، أما الباب التاريخي الأصلي فقد كان على يساره، وكان شكله الهندسي عادي في صورة حربة، وقد أغلق منذ ذلك التاريخ الى الآن ، وكان يدعى باب القصبة القديمة كما ورد في كتاب نشر المثاني في إشارة الى قصبة المرابطين.

أما تسمية الباب فقد اختلف النطق بها بين بوجنود وبوجلود وبوجمود، كما أن هذه التسميات لم ترد عند جل أشهر المؤرخين كالبيذق وابن عذاري وابن خلدون وابن الخطيب وابن أبي زرع، وهذا يدل على أن الاسم جديد يرجع الى العهد العلوي حينما وردت حوالة اسماعيلية خاصة بجامع القرويين ذكر فيها (عرصات أبي الجلود) و(عرصة بوجمود) وهي حدائق غناء كانت مكسوة بالأشجار والأزهار والرياحين تحيط بالقصور التي بنيت منذ عهد السلطان مولاي اليزيد العلوي، تفصل بين فاس المرينية وفاس الادريسية

أما الباب الحالي فهو ذو ثلاث فتحات مزخرفة بالزليج الأزرق الفاسي في الواجهة الخارجية وبالأخضر في الواجهة الداخلية، وقد تحرى مهندسوه الفرنسيون أن يحاكوا النماذج المغربية التقليدية فجاء على شاكلتها، وبذلك اشتهر في العالم وقُدّم في النشرات السياحية، وتوهم الكثير أنه من مخلفات الماضي .

وقد أثار هذا الباب المحدث من قبل الفرنسيين مشاعر الفاسيين الساخطين على النظام الاستعماري، فسموه باب النصارى وتشاءموا منه، حتى رفض البعض أن يجتازوا تحت قوسه، برغم كون الفرنسيين سموه (باب الأمة)، ولما علم الفرنسيون بهذا التذمر العام، فقرروا إغلاق باب القصبة القديم، فتناسى الناس تسمية باب النصارى ولم يستعملوا بديلها باب الأمة، وإنما استعملوا تسمية باب بوجلود أو أبي الجنود نسبة لقصبة بوجلود الأثرية التي بناها السلطان يوسف بن تاشفين المرابطي

ولهذا الباب أهمية في نشاط المدينة، فهو يدخل في محور باب محروق – بوجلود – المركز ، فيتصل مباشرة بالشارعين التجاريين الرئيسيين (الطالعة الكبيرة والطالعة الصغيرة)، كما يعتبر أحد الأبواب الثلاثة التي تمر منها تجارة فاس وهي (باب عجيسة وباب فتوح وباب بوجلود).

ومن الناحية الاجتماعية يقع باب بوجلود في حي شعبي يكثر فيه البيطريون والفنادق والمطاعم البسيطة والمقاهي، هذا الحي الذي قال عنه الباحث لوتورنو {وكان صغار القوم مع الأسر التي لم تستقر في فاس هم الذين يقبلون هذا الجوار العامي الصاخب الكريه الرائحة والمواتي للمغامرات}.

باب الحديد

من أبواب مدينة فاس التاريخية، وأهمها، وهو أيضا بوابة رئيسية لفاس البالي من الجهة الشرقية الجنوبية، وطراز بنائه أندلسي، ويشير المؤرخون أن تاريخ انتهاء بنائه كان سنة 859م

باب السمارين

أحد الأبواب التاريخية لمدينة فاس، وهو باب ضخم شيده المرينيون عام 1244م. وتقول الروايات أنه كان يحمل اسما آخر هو {باب عيون صنهاجة}، وينسب اسمه الحالي {السمارين} الى وجود سوق قديم يختص بالصفائح الحديدية التي تستعمل لقوائم الخيول والدواب، ويقع في مدخل فاس الجديد، حيث يفصل بين كل من الملاح الذي يعتبر أقدم حي لليهود بالمغرب، وشارع فاس الجديد القلب النابض للتجارة بالمدينة و القصر الملكي بفاس، وطراز عمارته أندلسي، ويتميز بمدخله المنعرج والسقوف المقببة، وهو الآن مفتوح لعبور السيارات، كما أن شكل قوسه العالي كحدوة الفرس، يليه قوس أسفله متعدد الفصوص وشريط من النتوءات والشرافات في اعلاه، وعلى جانبيه برجان من الضخامة بحيث يقويان مناعته ودفاعه

باب المحروق

وكان يطلق عليه قديما اسم باب الشريعة، وهو أحد أهم أبواب سور فاس التاريخية، وأحد مداخل فاس البالي من الجهة الشمالية الغربية، وورد عند الباحثين، أن هذا الباب كان يخرج منه مؤسسه الخليفة محمد الناصر الموحدي إلى قصبة الشراردة وظهر الخميس، وأطلق عليه الاسم الغالب حاليا وهو {باب المحروق} بعد ثورة عبيدالله الفاطي العبيدي، الذي سيق إلى فاس وقتل ثم علق رأسه على الباب وأحرق شلوه، وشهد هذا الباب مشاهد مؤلمة وأحداث جسيمة وتصفيات جسدية فظيعة، طالت عددا من رجال الدولة، وعلقت تحت قوسه عدد من جثث ورؤوس كبار العلماء والقضاة والوزراء، ومن أشهرهم الأديب الوزير لسان الدين بن الخطيب
وفي تعريف آخر


باب الشريعة

أحد أبواب مدينة فاس ، يعرف الآن بباب المحروق ، يُخرج منه الى قصبة الشراردة وظهر الخميس ، ويعتبر مبدأ المحور النازل الى المدينة على طريق الطالعة الكبيرة.

بناه الخليفة محمد الناصر الموحدي سنة 600هـ حينما أعاد بناء سور فاس ، وجعله بناء ضخما يليق بالمهمة التي أعد لها، وهي تنفيذ العقوبات وإقامة الحدود، ولذلك سماه باب الشريعة، شأنه في ذلك شأن باب الشريعة بمراكش وباب الشريعة بمدينة تازة.

ويرجع سبب تغيير اسم هذا الباب من باب الشريعة الى باب المحروق الى تاريخ تجديده على يد الخليفة محمد الناصر الموحدي سنة 600هـ، وذلك حينما أتم بناءه ظفر بمحمد بن عبدالله بن العاضد العبيدي الذي كان قد دعا لنفسه بالامارة في جبال ورغة، فنفذ فيه حكم الإعدام وعلق رأسه على هذا الباب وأحرقت جثته بجانبه فسمي الباب منذ ذلك الحين بباب المحروق ، مع العلم أن لا علاقة لهذه التسمية بالحدث الذي وقع فيه للأديب الوزير لسان الدين الخطيب حينما أخرجه أعداؤه من قبره وأحرقوه قرب هذا الباب سنة 776هـ.

وتذكر كتب التاريخ أن أبا بكر بن العربي المعافري قد وفد على المغرب من الأندلس لمبايعة الخليفة عبدالمومن الموحدي مع وفد من مدينة اشبيلية، وأنه أصيب أثناء وفادته بمرض أدى الى وفاته فدفن بمدينة فاس خارج باب المحروق ، وقد توفي قبل تغيير اسم الباب بنحو 60 سنة.


باب جيسة “الكيسة”وأصله باب عجيسة، وعجيسة اسم أحد سلاطين الدولة المغراوية الأمازيغية التي حكمت في فاس بعد الأدراسة، واسمه الكامل عجيسة بن دوناس بن حمامة بن المعز بن عطية المغراوي، وقد نازع أخاه السلطان فتوح بن دوناس على السلطة، الذي تولي الملك بعد وفاة ابيه السلطان دوناس سنة 431هـ، فاستولى فتوح على عدوة القرويين، بينما عجيسة اختص بعدوة الأندلس، فافترق أمر فاس وأعمالها بافتراقهما، وقامت الحرب بينهما، فبنى السلطان فتوح قصبة منيعة بالكدان، وبنى السلطان عجيسة أيضا قصبة مماثلة على رأس عقبة السعتر بعدوة القرويين، واستفحلت العداوة بينهما، فكانا لا يفترقان عن القتال ليلا ونهارا، وخلال هذه الفترة ظهر المرابطون في أطراف البلاد، وعلى حين غفلة اقتحم فتوح ديار عجيسة بعدوة القرويين ليلا فقتله، واستولى على العدوتين معا، فأمر بتغيير اسم الباب الى اسمه عجيسة، ومع تغير الزمن تغير معه الاسم فاختصر الى اسم كيسة


أحد أبواب مدينة فاس ، ويطلق عليه أيضا باب الكيسة أو عجيسة، يقع في الشمال الشرقي للمدينة العتيقة، مقابل جبل زالاغ، أسسه الأمير عجيسة بن دوناس المغراوي إبان استبداده بأمر عدوة القرويين بفاس ، وذلك في عهد أخيه الأمير فتوح بن دوناس ما بين عام 452 و 455هـ، وقد بناه برأس عقبة السعتر فوق باب حصن سعدون الذي أنشأه الامام ادريس الثاني.

وتعرف عقبة السعتر اليوم في فاس باسم عقبة الحفارين التي تربط ما بين باب الجيسة وساحة العشابين التي تتفرع منها الطرق نحو الصاغة والجوطية والعطارين وجامع القرويين ونحو واد زحوت.

وقصة بنائه جاءت في كتاب القرطاس قال : فلما ظفر فتوح بأخيه عجيسة وقتله أمر الناس بتغيير اسم الباب الذي باه أخوه ونسب اليه، فغيروا النطق بحذف حرف العين وعوضوه بحرف الألف واللام، فسموه باب الجيسة (ينطق بحرف الجيم المصري) وهو الاسم المتداول لحد الآن .

أما صاحب القرطاس فيقول أن الخليفة محمد الناصر الموحدي هو الذي أمر بتغيير اسم الباب فغيره الناس الى اسم الجيسة.

أما ابن خلدون فقد رأى أن الاسم هو الذي تغير مع الزمن حيث خفف مع كثرة الاستعمال ، وأصبح ينطق بباب الكيسة.

وقد اعتنى الخليفة محمد الناصر الموحدي بترميم وتجديد باب الجيسة، وبقي على ما بناه عليه الى أن تهدم وتخرب أكثره مع مر السنين، فجُدد بأسره ما عدا القوس البراني في سنة 684هـ بأمر من السلطان يعقوب بن عبدالحق المريني .

ومن مميزات باب الجيسة احتفاظه بطابعه الموحدي المتميز بالمدخل الملتوي أو المدخل ذي الزاوية القائمة الذي لا تغيب فعاليته الدفاعية عن المهتمين بالعمارة العسكرية الوسيطية.

هذا الباب الذي كان اسمه الأول “باب حصن سعدون”، تحول حسب قول ابن خلدون إلى “جيسة” نسبةً إلى الأمير المغراوي عجيسة. ويقول ابن أبي زرع إن الأمير المغراوي فتوح هو من أمر بتغيير اسم الباب بعد أن هاجم عدوة القرويين ليلاً واستولى عليها وقتل أخاه عجيسة، وبذلك أعاد توحيد المدينتين تحت حكمه. وقد اختصر الاسم لاحقًا إلى “كيسة”. وهناك رواية أخرى تقول إن الخليفة الموحدي محمد الناصر هو من أمر بتغيير الاسم أثناء إعادة بناء أسوار وبوابات المدينة.

س هذا الباب الأمير المغراوي عجيسة، الأخ الشقيق الأصغر للأمير فتوح، تاسع أمراء دولة المغراويين. حكم المغراويون، بعد نهاية الدولة الإدريسية، أجزاءً كبيرة من شمال وشرق ووسط المغرب بين عامي 987 و1070م. وكانت دولتهم تحيط بالدولة البرغواطية من ثلاث جهات برية، باستثناء جهة البحر. كان المغراويون حلفاء للأمويين في الأندلس في نزاعهم مع الفاطميين في المغرب.

عجيسة بن دوناس بن حمامة بن المعز بن عطية المغراوي، الذي ولاه أخوه فتوح على عدوة القرويين، نافس أخاه في الحكم على المغرب واستبد بعدوة القرويين، ودارت بينهما حروب، كما ذكرنا سابقًا في معرض الحديث عن باب فتوح.

في إطار التحصينات العسكرية، بنى عجيسة أيضًا حصنًا مشابهًا فوق باب حصن سعدون الذي أنشأه إدريس الثاني، وذلك عند باب عجيسة، مشابهًا لما فعله أخوه فتوح حين بنى حصنه العسكري المنيع عند باب الفتوح في حي الكدان، في رأس عقبة السعتر، والتي تُعرف اليوم بـ عقبة الحلاسيين، وذلك عام 1061م.



لأهمية هذا الباب الاستراتيجية والتجارية والذي ينفتح على المناطق الشمالية الشرقية خارج المدينة وأسواقها، اهتم به الخليفة الموحدي محمد الناصر من ناحية البناء والتجديد. وفي عهد السلطان المريني أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق (1212 ـ 1286م)، أمر بتجديده وترميمه سنة 1265م.

باب “الكيسة” أو “عجيسة” تكوّنت حوله عدة مظاهر علمية وثقافية، حيث يوجد أمامه، على جهة السور الأيسر خارج الباب مباشرة، سقاية معطلة، بالإضافة إلى قبر الوزير والشاعر المغربي الكبير والقاضي مالك بن المرحل (1207 – 1299) السبتي، الذي أثنى عليه لسان الدين بن الخطيب، وكذلك العلامة عبد الله كنون في كتابه النبوغ المغربي. عاش ابن المرحل في أواخر عهد الدولة الموحدية، وله قصة مرتبطة بهذا الباب ذكرها في شعره. إذ قيل له إن النساء مدحن له امرأة من فاس فتزوجها، غير أنه بعد الدخول بها وجدها قبيحة، فهرب منها ليلة العرس وبات عند هذا الباب حتى فُتح في الصباح، فكان أول الخارجين هرباً من زوجته الفاسية. فقال في قصيدة مطلعها:

الله أكبر من منار الجامع
من سبتة تأدين عبداً خاشعاً



إلى أن قال:

إن النساء خدعنني ومكرن بي * وملأن من ذكر النساء مسامعي

حتى وقعتُ وما وقعتُ لجانبي * لكن على رأسي لأمر واقعـــــي

فداخل هذا الباب لا يزال يحتفظ بشكله الدفاعي كحصن صغير. وقد فُتح إلى جانبه باب صغير للعبور، بدلاً من الباب الذي كان يُستخدم مركزًا للشرطة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، لتحصيل الضرائب على المنتوجات الفلاحية والحيوانية التي كان يبيعها الفلاحون داخل المدينة. واستمر استخدام هذا الباب مركزًا للشرطة حتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

كما هو الحال مع الأبواب الرئيسية في فاس، وضمن العمارة المغربية الاستراتيجية للمدن، نجد عند كل باب سقاية ومسجدًا ومدرسة للطلبة. وهنا أيضًا، بالقرب من باب الكيسة، نجد مباشرة سقاية من أجمل سقايات المغرب، والجامع الذي يحمل اسم “مسجد باب الكيسة” الذي أنشأه أبو الحسن المريني، بالإضافة إلى مدرسة أنشأها أبو محمد عبد الحق ابن أبي سعيد الوطاسي في سنة (1437 م)، كما ذكر ذلك الدكتور عبد الهادي التازي في كتابه “القرويين”. غير أن هذه المدرسة ذات الطراز البسيط تنسب إلى السلطان العلوي محمد الثالث ابن عبد الله. ولكن ذكرها ورد قبل قرنين من زمن السلطان محمد بن عبد الله، وقد ذكر بعض المؤرخين أن محمد بن عبد الله قام بإصلاحها وتجديدها ضمن إصلاحات قام بها في العديد من جهات المملكة.



كانت ساحة باب الكيسة الخارجية إحدى ساحات أبواب فاس التي احتضنت، إلى ما بعد مرحلة الاستقلال بقليل، الفرجة الشعبية وحلقات الحكواتيين. ومن أشهر هؤلاء القصاصين با إدريس الفداوي، حيث يقول عنه روجي لطورنو نقلاً عن أحمد الصفريوي: “كان يعقد حلقته كل يوم، بين العصر والمغرب، عند مخرج باب عجيسة على تلال المقبرة الصاعدة نحو قبور بني مرين. وفي ظل الأسوار الصهباء، كان يروي يوما بعد يوم قصة طويلة يعرف كيف يجعلها حية، وأحيانًا مؤثرة.” ويضيف قائلاً: “وكانت ذخيرته تشمل ثلاث قصص كبرى: قصة عنترة التي تدوم عامًا كاملاً، وقصة الإسماعيلية التي تدوم ستة أشهر، وقصة سيف ذي يزن، وهي حكاية عجيبة على شاكلة “ألف ليلة وليلة”، وتدوم أربعة أشهر.” كما جاء في روايته “لعبة النسيان” لمحمد برادة أنه كان يخرج مع خاله إلى هذا الباب لسماع حكاية “ألف ليلة وليلة”.

يُعقد في باب الكيسة، صباح كل جمعة، سوق الحمام والطيور بعد أن كان يُعقد في فندق مفتوح السقف قبالة جامع باب الكيسة.

في محيط الباب والسقاية والجامع تم تصوير بعض مشاهد الأفلام المغربية والأجنبية، وذلك لما يمنحه هذا الفضاء من أجواء كواليس تاريخية. كما أن له إطلالة رائعة على سهول جبل زلاغ الشرقية والغربية والشمالية، حيث هضبة مدافن المرينيين، وغير بعيد منها بوابة قصر الوزير الجامعي، الذي تحول في بداية القرن الماضي إلى فندق سياحي من الدرجة الراقية.


على بعد مسافة ليست بالقليلة في اتجاه شمال المدينة عبر طريق فتحت بين المقابر لتصل منطقة باب فتوح بمنطقة بباب بوجلود يلاقينا أولا.

باب الحمراء

من أبواب مدينة فاس التاريخية، وكان يحمل اسمه القديم {باب الجيزيين}، ويقع هذا الباب عن يمين الخارج من باب الفتوح، وينسب إلى قبيلة كانت تستقر بالقرب من الباب عند تأسيس المدينة، وأغلق سنة 357 هجرية يوم خروج جثة الدارس بن إسماعيل بسبب سقوطها على رؤوس حامليها


باب الجيزيين

أحد أبواب مدينة فاس ، يقع عن يمين الخارج من باب فتوح، ويعرف حاليا باسم (باب الحمراء)، وقد كان في عهد الأدارسة مفتوحا ثم أغلق سنة 357هـ في اليوم الذي سقطت فيه جنازة درّاس بن اسماعيل أثناء حمله لقبره خارج هذا الباب، وظل كذلك الى أن أعيد فتحه في السنوات الأخيرة ليكون مخرجا للسيارات التي تصعد من الطريق المجاورة لسيدي بوغالب.

ولم يؤثر إغلاق باب الجيزيّين على السير العام نظرا لوجود بعض المنافذ الأخرى، ونظرا لكون باب فتوح قد أسس من بعده فكان من أهم الأبواب الميسرة للتعامل والمحافظة على كيان المدينة.

واشتهر باب الجيزيّين بمقبرته القديمة وببعض المقابر القريبة منها، وقد أشار المؤرخون وكتاب التراجم الى عدد من العلماء والصالحين الذين دفنوا هناك، نذكر منهم على سبيل المثال بعض من ترجم لهم الكتاني في كتابه سلوة الأنفاس وهم: محمد الفشتالي – محمد الطالب ابن سودة – محمد بن آجروم النحوي – أبو عبدالله الخراز – عبدالكريم اليازغي – محمد القوري – أبو الفرج الطنجي – ابراهيم بن عبدالرحمن التلمساني – محمد بن الرمامة – يعقوب الحلفاوي – ابراهيم ابن الحاج – علي الأنفاسي – عبدالرحمن الجزولي – أبو جيدة المشاط – محمد ابن عباد – يحيى السراج – عبدالواحد الونشريسي – أحمد الوجاري – أحمد الونشريسي – منديل ابن أجروم – عبدالرحمن الجاديري وغيرهم ممن يفخر بهم المغرب علما وصلاحا.

كما ارتبطت بعض القبائل بهذا الباب لكونها كانت لها بيوت داخله، ومنها بيت القبابين الذين ذكرهم ابن عبدالقادر الفاسي في كتابه (مشاهير أهل فاس) فقال : إنه بيت قبيلة عربية قحطانية مع علم وثروة وأصلهم من قرطبة وأتوا الى فاس في زمن المغراويين وسكنوا عدة الأندلس بفاس ، وقد انقرض عقبهم وبقي ذكر عرصاتهم، ومنها بخندق النمر الروض المعروف بالقبابية وكان في الجيزيين بفاس حيث اليوم مقابر داخل باب فتوح، وكانت بيوتهم تعرف بديار القبابين.

وكما كانت تحدد بعض قبور المدفونين داخل هذا الباب كانت تحدد قبور بعض المدفونين بخارجه كما هو الحال بالنسبة الى قبر الفقيه دراس بن اسماعيل .




باب الشرفاء


لقد بقيت هذه البوابة بالنسبة لساكنة عدوة القرويين منفذها الرئيسي إلى المناطق الشمالية الشرقية من المدينة، إلى أن بني باب بوجلود سنة بعد 1913. فقد إرتبط إسم هذا الباب من حيث قربه الجغرافي و العمراني بإسم القصبة المحادية له والمتعددة الأسماء، قصبة الشرفاء، قصبة النوار، قصبة فيلالة. هذه القصبة التي لا يعرف عن تاريخ نشئتها إلى حد الأن شيئ كثير. فقد أُختلف في تاريخ بنائها كتكنة عسكرية ضمن المجموعة الدفاعية لقصبات ساحة بوجلود. لكن يستنتج من شكل هندستها المعماري و زخارف بوابتها الجميلة التي تشبه إلى حدما شكل البوابة المرينية في السور المحيط بشالة في الرباط، أن بنائها يعود إلى فترة عصر المرينيين.



فعلى الرغم من هيبة وعظمة بوابة القصبة، التي يسندها برجان عاتيان وأسوار شاهقة و يمنحانها منظرا بهيا ، فإنها لا تحضى بإهتمام الباحثين ولا زوار المدينة، نظرا لغموض تاريخها و لوجودها في محيط شعبي غير جذاب. فعن يمينها سوق عشوائي فقير للخضر و الفواكه من بينها بعض دكاكين المواد الغدائية وقديما كان هذا السوق يشتمل على مطاحن الحبوب عصرية، وعن يسارها ممر به مقاهي وضيعة ومجمع لبيع و إصلاح ألألات المنزلية المعطلة ، وأمامها ساحة يقام عليها كل مساء سوق للخوردة والبضاعة البالية و الرخيصة. ويجاورها أيضا سوق كبير نسبيا للملابس المستعملة “جوطية بوجلود”. يسكن هذه القصبة خليط من بقايا عائلات الجنود الفقيرة التي كانت قديما في خدمة السلاطين أو المهاجرين إلى فاس من المناطقة الجنوبية الشرقية للمغرب. فالطريق القصير الذي عن يسارها يقود إلى باب الشرفاء، الذي هو الأخر لم تسعفنا المراجع في معرفة تاريخ بنائه فقد يكون من أعمال الدولة الموحدية أو العلوية، لأنه لا يختلف في شكله عن باب المحروق المجاور له من الناحية الهندسية، كمتنفس إضافي لمنطقة شمال المدينة. وحيث أن هذا الباب لم يعد يستعمل كمنفذ إلى خارج فاس، فقد تم ترميمه من طرف وزارة الثقافة، غير أن محاولة توظيفه ، فضاء ثقافيا للمعارض على غرار باب الرواح في الرباط ، قد باءت بالفشكل لأسباب لا تعرفها إلا وزارة الثقافة نفسها. إلى جوار هذا الباب من الجهة اليمنى في إتجاه غرب المدينة هناك باب من أهم أبواب المدينة.

 من بين هذه الأبواب الشهيرة:


باب السلسلة: يُعد أحد الأبواب الرئيسية لمدينة فاس، ويتميز بتصميمه الفني الرائع الذي يعكس روعة العمارة المغربية.

باب الجديد: كما يوحي اسمه، يُعتبر من الأبواب التي تم تجديدها أو بناؤها في فترة لاحقة، ويُعد مدخلاً مهمًا للمدينة.

باب الشمس: يُطل على الجهة الشرقية للمدينة، ويُعتبر من الأبواب التي تحمل طابعًا تاريخيًا ودينيًا.

باب المكينة: يُعتبر من الأبواب الصغيرة نسبيًا، ولكنه يحمل أهمية تاريخية كجزء من أسوار المدينة القديمة.

باب سيدي العواد: سمي تيمنًا بولي صالح، ويُعتبر من الأبواب التي تحمل طابعًا روحانيًا إلى جانب قيمتها التاريخية.

باب الجياف: يُعتبر من الأبواب التي كانت تُستخدم قديمًا للدخول والخروج من المدينة، ويحمل اسمًا يعكس طبيعة المنطقة المحيطة به.

باب لامر: يُعتبر من الأبواب التي تحمل اسمًا قديمًا، ويُعد جزءًا من التراث المعماري لمدينة فاس.

باب البوجات: يُعتبر من الأبواب التي تحمل طابعًا دفاعيًا، حيث كان يُستخدم قديمًا كجزء من نظام الحماية للمدينة.

باب الريافة: يُعتبر من الأبواب التي تحمل اسمًا يعكس طبيعة المنطقة المحيطة به، ويُعد جزءًا من التراث العمراني لمدينة فاس.

باب المكانة (الساعة): بالملاح بفاس العتيقة ، الملاح فيه ناس ملاح

هذه الأبواب ليست مجرد هياكل حجرية، بل هي جزء من هوية مدينة فاس، تحمل في تفاصيلها عبق التاريخ وروح الحضارة. كل باب منها يروي قصة، وكل قصة تزيد من قيمة هذه المدينة العريقة.


المصدر : المعلمة – ذ/ محمد بن عبدالعزيز الدباغ


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -