أخر الاخبار

انتفاضة 1973 وإعدام بعض المشاركين فيها: الطريق إلى السلاح (3/12)

انتفاضة 1973



 

أخذت عناصر التنظيم السري طريقها صوب المغرب، وتسللت إليه لتتوزع في مواقع العمليات، وتستعد للحظة الصفر، تفاصيل ذلك نقدمها في هذا الجزء الثالث من قصة انتفاضة 1973.

يوسف المساتي ــ أمال مديد

تطرقنا في الجزء الأول من هذا الملف للأجواء السائدة في المغرب قبيل انطلاق العملية، ثم توقفنا في الجزء الثاني عند دخول المجموعات المسلحة إلى التراب المغربي، وتحركها صوب كلميمة، وتوزعها إلى أربع مجموعات.

في هذا الجزء الثالث، نقتفي تفاصيل التحرك داخل المغرب قبيل انطلاق شرارة الانتفاضة.

عمليات داخل المدن … وتباينات بين المجموعات الحضرية والقروية


بالموازاة مع الفترة التحضيرية، وفترة الكمون التي استغرقت 37 يوما للمجموعات الأربع، في كل من فكيك وكلميمة وخنيفرة وتنغير، كانت هناك مجموعة من الخلايا الحضرية، التابعة للتنظيم السري، قد شرعت في تنفيذ عمليات مختلفة في كل من وجدة والرباط، وكانت على الشكل التالي:

كانت عمليات المجموعات الحضرية ضعيفة، ولم تخلف الوقع المطلوب. كما أنها عكست حقيقة وجود تناقضات قوية على المستوى التعبوي، والجاهزية القتالية بين الخلايا الحضرية والقروية، إذ أن بعض الخلايا الحضرية كانت تضع قنابل دون الشحنة الكهربائية اللازمة لتفجيرها، بينما كان مقاتلو المجموعات القروية الأربع، مستعدين للموت في مواجهة القوات الأمنية، أو لتناول حبات السم التي كانت في حوزتهم، على غرار ما فعل عدد من المقاومين منهم محمد الزرقطوني، وحسن الصغير زمن الحماية الفرنسية.

– هجوم مسلح استهدف حارس الأمن “نورالدين خويرة” في وجدة، بتاريخ 2 فبراير 1973 من طرف عضوين من عناصر التنظيم، وقد أسفر الهجوم عن إصابته برصاصتين تسببتا له في جروح بليغة.

– تصفية حارس الأمن “عبد القادر الكبير”، بتاريخ 5 فبراير 1973، بعدما أصيب بثلاث رصاصات، أطلقت عليه عن قرب، أثناء قيامه بمهمته في وجدة، واستولى المهاجمون على مسدسه وبندقيته الرشاشة.

– وضع قنبلة من صنع محلي تحت خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط، بتاريخ 2 مارس 1973، والتي لم تنفجر، لضعف الصاعق الذي لم يصل لـ 12 فولت.

– زرع قنبلة بقطعة أرض قريبة جدا من مدخل المكتبة الأمريكية، بتاريخ 2 مارس 1973، لكنها لم تنفجر، لعدم وصول شحنتها الكهربائية إلى 12 فولت اللازمة للانفجار.


كانت عمليات المجموعات الحضرية ضعيفة، ولم تخلف الوقع المطلوب. كما أنها عكست حقيقة وجود تناقضات قوية على المستوى التعبوي، والجاهزية القتالية بين الخلايا الحضرية والقروية، إذ أن بعض الخلايا الحضرية كانت تضع قنابل دون الشحنة الكهربائية اللازمة لتفجيرها، بينما كان مقاتلو المجموعات القروية الأربع، مستعدين للموت في مواجهة القوات الأمنية، أو لتناول حبات السم التي كانت في حوزتهم، على غرار ما فعل عدد من المقاومين منهم محمد الزرقطوني، وحسن الصغير زمن الحماية الفرنسية.

لم يكن التباين بين المجموعات الحضرية والقروية لوحدها، بل كانت ثمة تباينات داخل هذه الأخيرة على مستوى التجربة القتالية التي كانت متنوعة وجد متباينة، ويمكن تقسيمها لأربع مستويات:


إبراهيم التيزنيتي

– الخبرة القتالية العالية: يمثلها إبراهيم التزنيتي (المعروف بعبد الله النمري) في المقام الأول، باعتبار دوره السابق كعضو في هيئة أركان حرب جيش تحرير الجنوب بين 1956 و1960، وترقيه إلى درجة نقيب (كابيتان) في القوات المسلحة الملكية، قبل أن يقرر الفرار.

– الخبرة القتالية المتوسطة: يمثلها كل من النجار والمالكي وموحا أوموح والقاضي وآيت عمي وفريكس.

هؤلاء قضوا سنة كاملة ضمن منظمة الصاعقة الفلسطينية بين 1969 و1970، ونفذوا عمليات عسكرية عديدة ضد القوات الإسرائيلية، بقيادة أبو موسى قائد عام هذه المنظمة.

– التجربة الميدانية: يمثلها سيدي حمو عبد العليم، ولحسن التاغجيجتي وأحمد بوشعكوك، وبعض قدامى المقاومين وجيش التحرير، من الذين اكتسبوا تجربة ميدانية هامة، سواء في القتال في البوادي أو المدن.

– غياب التجربة: يمثلها كل من محمد بنونة، الادريسي حسن، دحمان عبد المالك… وغيرهم، والذين تلقوا تداريب عسكرية نظرية وعملية ضمن معسكرات مغلقة، ولم يسبق لهم أن خاضوا، وجها لوجه، معارك قتالية من أي نوع.

أما باقي العناصر من السكان المحليين، فلم تكن لهم تجربة تذكر. كما لم يحسن قادتهم استخدام قدراتهم في الاستطلاع وجمع المعلومات وتنظيم شبكة للتواصل… إلخ.

من كلميمة إلى بداية الانتفاضة


بعد لقاء المسلحين بحدو اللوزي في كلميمة، تفرقت المجموعات الأربع على مواقعها، إذ انتقلت مجموعة سي ابراهيم ليلا إلى منطقة “تدغوست”، التي تبعد عن كلميمة ب 20 كلم، على متن شاحنة أحضرها المسؤول عن النقل، حدو اللوزي.

في تلك الفترة، قام حدو أمهرير بزيارة محمود بنونة في المنزل، الذي اتخذه هذا الأخير في الجبل. إلا أن هذه الزيارة أثارت اعتراض عدد من المتواجدين رفقة بنونة، على اعتبار أن الزيارة كانت ممنوعة، وللشبهات التي كانت تحوم حول أمهرير، وهو ما سيتأكد فيما بعد عندما قاد هذا الأخير القوات الأمنية صوب مكان تواجد المجموعة.

أحد أعضاء التنظيم السري في المغرب استقبل المجموعة، حيث مكثوا عنده شهرا وثلاثة أيام. خلف طول المدة قلقا عند أفراد المجموعة الذين أخذوا في التساؤل عن سبب استمرار جلوسهم في البيت، وفي مكان واحد.

جاءت التعليمات بالانتقال من “تدغوست” إلى “أملاكو” ليلا، سيرا على الأقدام، وبحوزتهم الأسلحة والمتفجرات.

كانت أملاكو تبعد عن تدغوست ب30 كيلومترا، وهو ما أصاب محمود بنونة بتعب شديد، جعله غير قادر على مواصلة الطريق، ما دفع المجموعة إلى الانحراف. هكذا، التجأ بنونة وبعض من رفاقه إلى أحد الجبال، حيث اختبؤوا طول النهار إلى المساء، بينما واصل الآخرون طريقهم إلى المنطقة الهدف ليلا.

اقرأ أيضا: المهدي بنبركة… من المعارضة والنضال الأممي إلى “الأسطورة”! 1\2

تجمعت المجموعة من جديد بأملاكو، لينتقلوا إلى جبل يبعد عن المنطقة ب 20 كلم، مكثوا فيه خمسة أيام، تدربوا خلالها على الأسلحة، واكتشفوا المنطقة.

في تلك الفترة، قام حدو أمهرير بزيارة محمود بنونة في المنزل، الذي اتخذه هذا الأخير في الجبل. إلا أن هذه الزيارة أثارت اعتراض عدد من المتواجدين رفقة بنونة، على اعتبار أن الزيارة كانت ممنوعة، وللشبهات التي كانت تحوم حول أمهرير، وهو ما سيتأكد فيما بعد عندما قاد هذا الأخير القوات الأمنية صوب مكان تواجد المجموعة.

موازاة مع استعدادات الدولة المغربية للاحتفال بعيد العرش، قررت المجموعة التحرك، وهو ما أثار خلافات بين أفراد الكوماندو، نظرا لعدم استعداد أغلبية أفرادها، خاصة مجموعة كلميمة.

رغم كل الخلافات فقد شرعت المجموعات في الاستعداد للتحرك موازاة مع عيد العرش، وغادر أغلبها مواقع تواجدها، صوب أماكن الانطلاق، قبل أن تحين ساعة الصفر.

ورغم تقرير موعد التحرك بعد خلافات حادة بين أعضاء المجموعات، إلا أن مجموعة خنيفرة ستستبق الأمر، وتعلن عن انطلاق الانتفاضة.

كيف جاء ذلك؟ وكيف تطورت الأمور؟

هذا ما سنتناوله في الجزء القادم من هذا الملف.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -