أخر الاخبار

تذكير الناسي بترجمة العلامة أبي عبد الله سيدي محمود بن مولود الكلاوي الفاسي

 

تذكير الناسي بترجمة العلامة الشهيد أبي عبد الله سيدي محمود بن مولود الكلاوي الفاسي

======================***========================

هو الشيخ الأستاذ المجوِّد العارف بالله تعالى، الخَلوتي: أبو عبد الله سيدي محمود بن مولود الأحمدي الكلاوي. ساق العلامة التندغي"الحِليَّ": الدنبجا بن أحمد محمود بن محمد بن معاوية (1336- 1418هـ) نسب شيخ شيوخه في القرآن الكريم: سيدي محمد بن مولود (ت:1161هـ) - والذي هو أخو سيدي محمود- إلى الإمام محمد قلي بن إبراهيم فقال: [هو] "محمد بن مولود: الكبير بن المختار بن المصطفى [الحاج المصطفى] بن أحمد بن يبوي "معناه يا أبي" بن أحمد بن محم [محمد] بن محمد قلي الشنقيطي الكلاوي: بالقاف نسبة إلى الأقلال، على غير قياس، كما هو الأكثر في النَّسب، والأقلال قبيلة مشهورة بكرية"(1 ).

وقال عنه الزبادي الفاسي (ت:1209هـ)، صاحب كتاب "سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية ": كان - رحمه الله تعالى - عالما بأحكام القراءات، متجردا خاليا، وكان من الصائمين القائمين القانتين، المعتكفين على طاعة الله تعالى، وعبادته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان كثير الصمت، قليل الكلام، ذو همة عالية وهيبة، مطالعا للكتب طيلة وقته، لا تراه باطلاً قط، وكان يخلو في أعلى مسجد القروِيين، بقي يتعبد فيه مدة مديدة، وسنين عديدة(2 ).

أما صاحب " الإعلام بمن دخل مراكش واغمات من الأعلام": العباس بن إبراهيم السِّملالي (ت:1378هـ) - وهو واحد ممن أنصفوا الرجل وانتشلوا سمعته من بين مخالب المخزنيين المتحاملين عليه – فقد اعتذر عما كان كتب عنه قبل الوقوف على حقيقة خبره من كلام الزبادي، فقال:" كنت قبل أن أطلع على هذا [كلام الزبادي] كتبت في شأن المترجَم الرسالة التي ألفتها في (الثورة الشنقيطية بمراكش) الواقعة في رمضان عام:1330هـ. في الفصل الرابع منها، لدى التنبيه الثالث في ذكر بعض ثورات الذين ثاروا في الدولة العلوية بادعاء الخوارق فافتضح كذبهم مــــــــا نصه:.." ( 3) ثم نقل ما جاء في كتاب الاستقصاء للناصري السلاوي عن خبر سيدي محمود الشنقيطي.

وأما الناصري الدرعي السلاوي (ت:1315هـ) في: "الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى" فإنما ينقل خبر سيدي محمود الشنقيطي – حرفيا- عن الزياني صاحب البستان الظريف (1147-1249هـ)، وعن محمد بن أحمد الگنسوسي (ت:1294هـ). حيث قال في معرض مجيء السلطان سيدي محمد بن عبد الله من مراكش إلى المغرب ما نصه:" وفي مقامه بها [مراكش] قبض على الشيخ محمود الشنگيطي المتصوف النابغ بفاس، كان قد قدم من بلاده، ونزل بمستودع القرويين، وأظهر التنسك، فصار يجتمع عليه الأعيان والتجار من أهل فاس، ويعتقدونه".

تذكير الناسي بترجمة العلامة أبي عبد الله سيدي محمود بن مولود الكلاوي الفاسي

ثم قال الناصري: "

قال في البستان: فلم يقتصر على ما هو شأنه من إقبال الخلق عليه، بل صار يتكلم في الدولة، ويكاتب البربر، ويزعم أن سلطان الوقت جائر، ولم يوافق عليه من الأولياء أحد، فنُمي ذلك إلى السلطان، فأمر بالقبض عليه، وبعث به إلى مراكش، فسجن بها، ثم امتحن إلى أن مات، ولم تبكه أرض ولا سماء
".

ثم نقل الناصري عن أحمد الگنسوسي أن سيدي محمود كان: "يقول إن السلطان يموت إلى شهر، ففشا ذلك في العامة، وتسابقوا إلى شراء الفحم والحطب وادخار الأقوات، وحصلت فتنة بفاس، فأنهُي ذلك إلى السلطان، فكتب إلى عامله بفاس بالقبض عليه وتوجيهه إلى مراكش(4 ).

لكن الزبادي الفاسي يطلعنا على جانب آخر أكثر وضوحا لسبب هذا التجني والتحامل من بعض مؤرخي المخزن زمان الدولة العلوية على محمود الشنگيطي، والذي سيكون ضحية له فيما بعد، حتى مات صبرا شهيدا في سجون مراكش،

 قال الزبادي:" كان له أصحاب وأتباع من أعيان الناس يجتمعون عليه، ويتبركون به، ويسيرون بسيره. ويأتي إليه الأشراف والعلماء والطلبة، ولا يتكلم إلا في ما يعنيه، نهارُه خلوة، على الحالة التي وصفنا، وليله بين سواري القرويين، واقفا يتهجد في الظلمة... وفي ليالي الإحياء من رمضان يبيت واقفا مع سارية من الصف الأول وحده، يركع ويسجد إلى وقت الفجر عند الختمة، ويختم مع الناس"(5 ).

وفي كلام الزبادي هذا الذي هو أعرف الناس بمحمود الشنقيطي تكذيب صريح لكلام صاحب البستان المتقدم، والذي نقله عنه كل من أحمد الگنسوسي والناصري السلاوي والسملالي، وهو موجود في البستان الظريف (6) من انشغال الرجل بالتحريض على السلطان، والكلام فيما لا يعنيه. فهل فات على الگنسوسي والناصري السلاوي الوقوف على كلام الزبادي المتقدم؟ أم أنهما تعمدا مخالفته، والتشنيع على محمود الشنقيطي بما جنياه من بستان الزياني؟

أما بخصوص الناصري السلاوي فلا أملك جوابا دقيقا حتى الآن، رغم ظني القوي بأنه لم يفته، ولكنه مثل صاحب البستان معروف بنزعته المخزنية المفرطة، وأما أحمد الگنسوسي فقد وقف قطعا على كلام الزبادي وحاول إنصاف الشنقيطي بما هو أقرب إلى التشويه والحط من قيمته منه إلى الانصاف العادل والبراءة الصادقة.

فهو بعد ما نقل كلام الزياني وبعد ما حدثه به "الثقات الأثبات أن السيد محمود هذا من أصحاب القطب الكامل المكمل سيد أحمد الحبيب اللمطي- رضي الله عنه- وأنه ترقبه حتى حصل له حال في بعض مواجده فسأله بالله تعالى ألا يموت حتى يفتح له، فقال له الشيخ: نعم على بلوى تصيبك" ( 7). عقب على كلام صاحب البستان بتعقيب يورط محمود الشنقيطي أكثر مما يبرئه. فلنذهب خطوة مع الگنسوسي في مقدمة "الجيش العرمرم" ليبوح لنا باعتذاره الباهت عن الرجل الذي هو أحد الشناقطة الذين كانت تربط الگنسوسي بهم علاقة خاصة، فما رعاها حق رعايتها بإنصاف سيدي محمود بن مولود العالم الشنقيطي( 😎.

فحسب رأي الگنسوسي فإن الشهرة الطائرة التي حظي بها الشنقيطي القلاوي إنما كان سببها ما يحدَّث به عن إمرأة ولية، كان يجلس إلى بيتها في "المارستان" ويسمع منها بعض الكشوفات، ويحدث بها أصحابه فتقع في الواقع المشاهد، فيتحدث الناس عنه بذلك، فهذا - حسب الگنسوسي- هو سبب الشهرة التي لبِس محمود الشنقيطي ثوبها حتى قتله، وذلك عند ما حدَّث أحدَ خواصه من التجار بأن السلطان سيموت في مرضه، ولكن حذره من إعلان الخبر، فأفشى صاحبُه التاجر ذلك السر، حتى كأنما أمره بنشره في كل بيت، وحصلت منه فتنة، لحرص الناس على شراء المؤن وادخارها؛ خشية وقوع أزمة بعد موت السلطان(9 ).

والحقيقة أننا إذا تأملنا كلام الزبادي والذي نقله عنه السملالي بأمانة وما وصف به الشيخ سيدي محمود القلاوي الشنقيطي من العلم والورع والزهد وإقبال الناس عليه بمختلف طبقاتهم من: الأشراف والعلماء والطلبة والعامة فإننا نضع أيدينا على السبب الحقيقي لما تعرض له الرجل من الحسد واغراء السلطان به، وهو بكل تأكيد ما كان يلقاه من الاحترام و الحظوة والنفوذ بين أهل فاس، الشيء الذي جلب عليه نقمة أصحاب القلوب المريضة، وأرباب الكذب والخيانة، الذين هم في كل زمان ومكان إلى يومنا هذا، فلفقوا ضده من الكذب ما حمل السلطان على سجنه في فاس سنة:1181هـ (10 )، ولكنه أطلق سراحه، وسرح بمكناسة، وصدق من قال كل ذي نعمة محسود.

غير أن الوشاة لم يقضوا وطرهم، ولم يشفوا غيظ صدورهم، فمازالوا يتابعون الشيخ سيدي محمود ويكيدون له كل الكيد، ويبلغون عنه الأخبار الكاذبة، مما أوغر صدر السلطان عليه مرة أخرى، فأمر بالقبض عليه وارساله لمراكش، ثم سجنه في زنزانة انفرادية، ولم يقبل فيه شفاعة الشافعين حتى توفي صابرا شهيدا سنة:1185هـ. -رحمه الله تعالى برحمته الواسعة- فقد قتل في الغربة مظلوما، فجمع الله له بين الحُسنيين: الشهادة في الغربة نحسبه كذلك، ولا نزكي على الله أحدا.

ولا شك أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: من هم هؤلاء الذين حسدوا الرجل، ولفقوا ضده التهم الكاذبة حتى أودوا بحياته، وشاركوا في دمه؟ قد لا نجد إجابة شافية لهذا السؤال، ولكن أصابع الاتهام لا يمكن أن تبتعد كثيرا عن الجماعات والطوائف الصوفية المتنافسة فيما بينها في ذلك الوقت، والتي لم يكن سيدي محمود يأوي منها إلى ركن شديد.

لقد ألف الزبادي كتابه "سلوك الطريق" إحساسا منه بضرورة تخفيف وطأة الخلاف، ونزع فتيل الشحنة الطائفية والنزعة الإقصائية الطاغية، والتي حاولت حتى إقصاءه هو نفسه، متهمة إياه بأنه لا يتعصب في احدى هذه الطرق التي يلعن بعضُها بعضا، فحاول أن يبين لهم أن ثمة من العوامل المشتركة بينهم ما يجمع الكل، دون أن يكون ثمة شحن طائفي، أو تعصب طُرقي مقيت.

وقد سمى الزبادي منهم إحدى عشرة طائفة طرقية، لكن الشيخ الشنقيطي القلاوي لم يكن في عداد هذه الطوائف الصوفية المذكورة، ولكنه بالتأكيد كان ينتمي لطريقة أخرى هي الطريقة الخلوتية، كما صدر به الزبادي في ترجمته له، واصفا إياه بالخلوتي(11 )، والطريقة الخلوتية: هي فرع من فروع الطريقة الشاذلية، وهي طريقة صوفية قيل بأنها تتميز - من بين الطرق الصوفية الأخرى - بالاهتمام بالعلم الشرعي، وجعله المعيارَ الأول للاستقامة، وليس "الفتح" والمنامات والمكاشفات، بَلهَ الشطحات(12 ).

فهل كانت أجواء الاحتقان الشديد بين الطوائف الصوفية في مراكش سببا من أسباب التأليب على الشنقيطي - الذي شق لنفسه طريقا خاصا من الاعتزال والتعبد حتى كان يصلي التراويح وحده كما هو الأفضل في مذهبه، وهل هي سبب التقول عليه بما برأه منه المنصفون- وإذا كان الأمر كذلك فمن هي الطائفة التي تولت كبر ذلك؟ ليس لدين حتى الآن ما يساعدنا في التوصل إلى إجابة شافية.

وإذا سلمنا مع الگنسوسي بأن تاجرا من أصحاب سيدي محمود الشنقيطي هو من سرب عنه خبر موت السلطان بين أهل مراكش "الشواهة" على حد تعبيره، فما هو الحامل له على ذلك؟ هل هو مجرد حب التكسب المادي فقط؛ والسعي في إقبال الناس على شراء المؤن وتخزينها؟ أم هو سبب آخر له تعلق بخلفية الصراع والشحن الطائفي الذي ذكرناه آنفا؟ أيضا سؤال معلق.

كل ما نعلمه حتى الآن من خلال المراجع التي بين أدينا أن أحمد الزياني صاحب البستان هو من تولى كبر نقل هذه الأخبار المشوِّهة لسيرة محمود الشنقيطي، ومدارها عليه، وأن بعض من نقلها قد اعتذر عنها لما وقف على كلام الزبادي المنصف لسيدي محمود، أو "كشف" له عن الهوية الصوفية للرجل كحال السملالي وأگنسوسي، والبعض لم يعتذر، بل رضي وتابع، وذهب في طريق البستاني، كحال الناصري السلاوي ومن اتبعوه بغير احسان. وإنما حالهم كحال الفروخ يسمع الدجاجة تصيحُ فيصيحَ. وقد كان الأولى بهم تحري القولَ الصيح.

وما دام الخبر عن محمود الشنقيطي مرده إلى الزياني في البستان الظريف فليكن حديثنا معه خاصة؛ للتعرف على مدى مصداقية كلامه هذا. فهناك بعض الأسئلة المهمة في الموضوع لا بد من الإجابة عليها حتى نكشف الخبر من زاويته الصحيحة، ومن أهم هذه الأسئلة:

لماذا لم يذكر أحمد الزياني هذا الخبر في كتابه "الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب"؟

وما هي طبيعة الظروف التي تم فيها تأليف كتاب البستان الظريف؟

وأخيرا من هو أحمد الزياني صاحب البستان؟. وما هي القيمة العلمية لمحتوى كتابه البستان؟.

أسئلة لا بد من طرحها للكشف عن مدى مصداقية الخبر الوارد عن الشيخ سيدي محمود الشنقيطي والذي يعتبر أحمد الزياني هو المرجعية فيه على ما يبدو، فمداره على كتابه البستان الظريف... وكل من نقله فمن عنده، فلم نره خرج عن حمى بستانه.

يعتبر أبو القاسم: أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني من أكبر كتاب المخزن وأعوان السلطان في عهده، حيث كان يعمل بصفته كاتبا في القصر الملكي بفاس، وقد أسندت إليه مهام أمنية وادارية مهمة ومتعددة في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وفي عهد ابنه: السلطان سليمان، الذي حصلت بينه وبين الزياني وحشة ذاق الزياني صابها وعلقمه، قبل أن تعود المياه لمجاريها، مما يجعل مصداقيته تحيط بها الشكوك وتحاصرها التهمة، وخاصة في نقل خبر كهذا الخبر.

ولكننا لن نقف هنا عند هذا الاستنتاج الجُملي مهما كان وضوحه وقوة اعتباره، حتى نخلص إلى الحقيقة التي لا يماري فيها إلا مكابر، ولن يكون استخلاص هذه الحقيقة إلا من خلال استنطاق ما كتبه العلماء والكتاب والمؤرخين من المغاربة، الذين كتبوا عن أحمد الزياني، وعن كتابه "البستان الظريف" فلندعهم يتكلمون عنه بأنفسهم، فهم أدرى به وبكتابه من غيرهم.

أما بخصوص السؤال الأول المتعلق بعدم إيراد الزياني للخبر في كتابه "الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب" الذي توسع فيه، وذكر فيه أحداثا في تواريخ متزامنة مع تاريخ الخبر الذي نقله عن سيدي محمود في البستان، بل ومن جنسها كخبره عن "المرابط العربي أبي الصخور" الذي كان يقول للناس: – حسب قول الزياني- إن السلطان لن يطول وقته، ولم ينطق في "الترجمان المعرب" بحرف عن سيدي محمود، بل لم يذكر فيه شيئا من الحوادث في سنة: (1175هـ أو سنة:1185هـ).لا في مراكش ولا في غيرها، وإنما ذكر أن السلطان دخل مراكش سنة:(1172هـ). وخرج منها سنة:(1173هـ). ثم تجاوز إلى ذكر حوادث سنة:(1176هـ) (13 ). فليس لدينا جواب عنه، وإنما ينضاف إليه تساؤل آخر عن ماذا استجد من المعلومات لدى الزياني عن محمود الشنقيطي ولم تكن عنده إبان تأليف "الترجمان المعرب" الذي ذكر فيه من الحوادث ما بعد سنة القبض على سيدي محمود واستشهاده في سجن مراكش؟

علما أن أحمد الزياني ألف كتاب الترجمان المعرب في ظروف مشابهة لتلك التي ألف فيها كتابه البستان الظريف، وهي المرحلة الأولى من حياته التي يسميها كتاب المغاربة "بمرحلة خدمة الدولة"، والتي لم تنتهي إلا سنة:(1234هـ).

فلا شك أن زمن تأليف الكتابين كان في فترة الخدمة المخزنية، وأن تاريخ سجن سيدي محمود كان مقارنا لأحداث تكلم عنها الزياني في الترجمان، ومع ذلك لم يذكر خبر تحريض سيدي محمود على السلطان، ولا شيئا مما ذكره عنه في البستان، مع أن مناسبة ذكر خبره -إن صح- كان أولى في الترجمان الذي خصص منه جزءا كبيرا للحديث عن الدولة العلوية، وأحداث مراكش في زمن السلطان سيدي محمد بن عبد الله. مما يجعلنا نميل إلى أن بواعث الخبر في البستان ليست معلومات استجدت بقدر ما هي حاجة في نفس الزياني قضاها في البستان بعد انبعاث دوافع جديدة اقتضتها أمور بعيدة كل البعد عن حمى المصداقية.

ولا نعلم سببها الحقيقي إلا أن يكون الرجل نزعه عرق من طبعه الذي جُبل عليه، وهو الوقيعة في العلماء وأهل الفضل والصلاح، من معاصريه ومن غيرهم، وهذا الطبع المركوز في سجيته تحدث عنه مؤرخو المغاربة، وخاصة الفاسيون منهم، الذين خبروا أحمد الزياني. واعتبروه متسلطا، وغارقا في التسبيح بحمد المخزن، وهو طريق اختطه لنفسه، ولم ينج منه أحد، حتى زملاؤه المقربون منه نالهم منه الأذى، كحال زميله في سفارات السلطان: محمد عبد الوهاب بن عثمان المكناسي، الذي نال منه أحمد الزياني.

قال ابن زيدان عبد الرحمن بن محمد السجلماسي (ت: 1365هـ) في كتابه "إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس" في معرض ترجمة المكناسي المذكور(ت:1223هـ ):" نال الزياني من المترجَم على عادته مع معاصريه وغيرهم"(14 ). فإذا لم يسلم منه زملاءه ومعاصروه الذين يتقاسمون معه نفس الاهتمام والتوجه فمن يسلم منه؟.

وهذا المدخل المستفز لشخصية الرجل هو ما يجعلنا نستكنه الخبر أكثر من المؤرخين المغاربة ونسألهم: من هو أحمد الزياني هذا الذي هذه حاله؟ ولأنهم قد يشتمون في هذا السؤال رائحة السؤال الاستنكاري أو المطالب بالبرهان فإنهم يردون بنص آخر من كتاب بهجة النفوس للكتاني الفاسي، ولكن قبل ذلك ينصحوننا بقراءة "مقدمة البستان الظريف" لمعرفة شخصية أحمد الزياني من كلامه هو، لا من كلام غيره. فلا أحد أدرى به من نفسه، فلنتركه يعبر عن طبعه.

يقول أبو القاسم الزياني في مقدمة البستان متحدثا عن سبب تأليفه، موجها الكلام واللوم إلى أهل عصره من العلماء وطلبة العلم:" لكن أهل وقتنا هذا كما قيل:" من أحيى شرار قوم أماتوه، ومن سابق لئاما فاتوه، ومن زرع السباخ أتلف بذره، ومن رفع الأخلاط ضيع قدره" (15 ).

فهل يمكن أن نعتبر أن هذه فلتة لسان من شخص منفعل بقوة الإحساس بعدم رد الجميل للسلطان الذي يرى أن الرعية كانوا مقصرين في حقه؟ كان يمكن الركون إلى هذا الاحتمال لكن المؤرخ الفاسي: جعفر بن إدريس الكتاني (ت:1249هـ) لا يترك لنا مجالا إلى هذا الطريق، فهو يقول في كتابه المشار إليه سابقا" سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس" حاكيا عن الزياني:" كانت فيه حدة، وله لسان لا يُبقي ولا يذر، حتى أداه ذلك إلى الوقوع في الأولياء الكبار نعوذ بالله من ذلك"(16 ).

هذا كلام جعفر الكتاني عن رجل أفضى إلى ما قدم، وكان يجب الصمت عنه، وذكره بمحاسنه، لكن الكتاني – على ما يبدو- رأى من الأمانة أن يبين حاله حتى لا يغتر الناس بقوله في أهل الفضل والصلاح، كما اغتر به الناصري السلاوي ومن على شاكلته، فحدة الزياني ووقوعه في أهل الفضل أمر مسلم به حتى من المعاصرين الذين رأوا أن موقف أهل عصره منه قد يكون سببا في احجام الباحثين المعاصرين عن القيام بما يجب تجاه تحقيق متروكه التاريخي، ويمكن الرجوع إلى هذا المنحى التحليلي في مقدمة الكاتب رشيد الزاوية لتحقيق كتاب البستان الظريف.

وإذا عرفنا من هو الزياني في ميزان معاصريه والذين جاؤوا من بعدهم فلن نضع عصى ترحالنا معه حتى نتعرف على حكم المؤرخين المغاربة على مضمون مادة البستان نفسه الذي شنع فيه الزياني على سيدي محمود الشنقيطي، فلنُرجع الكلام إلى مؤرخي المغاربة، ولكن هذه المرة إلى الگنسوسي ليفصح لنا عن حقيقة الرجل ببلاغته المعهودة، التي لم تخنه إلا عندما جاء ليعتذر عن الشنقيطي فورطه حتى دل عليه المثل الدارج عندنا" جَلاَهِ اطبُّو انكت عينو"

فما ذا قال الگنسوسي في "جيشه العرمرم" وما ذا جلب به على الزياني من خيله ورجله عندما تحدث عن مادة البستان، وعن المستوى العلمي والبحثي لصاحب البستان، وعمن على شاكلته من "البستانيين" الذي راموا كتابة التاريخ المغربي؟ قال:" ومنهم من نهض بذلك على ضعف، وما بالبعير من قماص، وسارع إلى التأليف، ولات حين مناص.. وأما أبو القاسم الزياني في "البستان الظريف في دولة ألاد مولانا علي الشريف" فهو كخرقاء وجدت صوفا، أعانه على ما ذكره تقاييد الشيخ ابن الحاج الكتاني الذي كان بغاية الذكاء موصوفا، وهو منها جمع بلا ترتيب ولا تنقيح، كحاطب ليل، وباغت سيل"(17 ). فالزياني بالنسبة للگنسوسي ليس سوى لص أخرق سطا على مادة "الكتانيين" ولكنه كان أضف مستوى من القدرة على ترتيبها وتنظيمها. ولو أدرك الگنسوسي الناصري السلاوي وطالع له الاستقصاء لم يكن حكمه عليه بأحسن من حال حكمه على البستان لأنهما يخرجان من نفس السرة، وهما في الهوى سواء. وما ببعيرهما من قماص.

والسؤال الذي يترقبه منا القارئ الكريم بعد نهاية هذه الجولة في بستان الزياني مع الأدلاء من العلماء والكتاب المغاربة هو: هل بقي لديك أيها القارئ شك في عدم مصداقية ما قال الزياني في كتابه "البستان الظريف" عن الشيخ الفاضل سيدي محمود الشنقيطي القلاوي؟ لقد سقط القناع، وبان فجر الحق لكل ذي عينين، وسبحان من أقسم بعزته وجلاله - وكل قسمه بر- أن ينصر عبده المظلوم ولو بعد حين، وسبحان من جعل جزاء المرء من جنس عمله.

فقد كانت عقوبة الزياني – ولا شماتة- من جنس عمله. حيث تعرض في حياته لأقسى العقوبات، خلال دولة السلطان مولاي سليمان، فعانى من السجن والتعذيب والاهانة، رغم تقدمه في السن، وشدة ولائه للمخزن، كما أنه قد عانا من الغربة والابعاد عن وطنه خلال أربع سنوات، ولم يهنأ بعيش لكثرة حساده، فتم ابعاده عن الوظائف، وعزل عن الحياة السياسية حتى توفي بمدينة فاس سنة: (1249هـ) ( 18). بعد أن بلغ من الكبر عتيا (99) سنة، وذاق من ألم الغربة والظلم خارج الأوطان ما ذاق سيدي محمود الشنقيطي، "وعند الله تجتمع الخصوم". ولا أدري هل بكت على أحمد الزياني الأرض أو السماء!! ولكن لا أظن ذلك؛ لأنه كان عبئا على أهل زمانه، والناس شهداء الله على خلقه. غفر الله لنا وله، ولجميع المسلمين.

إِذَا مَا الدَّهْرُ جَرَّ عَلَى أُنَاسٍ *** حَوَادِثَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَــــــا.

فَقُلْ لِلشَّامِتِيـنَ بِنَـــا أَفِيقُـــوا *** سَيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا.

ومهما يكن من أمر فإن المحنة التي تعرض لها الشيخ سيدي محمود بن مولود القلاوي - رغم قساوتها وبشاعتها - لم تزلزل من كيانه شعرة، ولا أضعف من أركانه صخرة، فظل كالطود الشامخ، ثابتا ثبات الجبال الراسيات، حتى قضى نحبه شهيدا بإذن الله تعالى. بل إنها لم تثنه حتى عن طموحه، واهتمامه بتاريخه وتاريخ قبيلته، ولم تزده عند العلماء العاملين في عصره إلا رفعة وكرامة. فقد اجتمع به علامة زمانه: سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي في طريقه إلى الحج، وشفع فيه عند السلطان فلم يشفِّعه رغم ما قيل من حظوته عنده.

وكان سيدي عبد الله يزور سيدي محمود في السجن طيلة وجوده في مراكش، ويسأله ويذاكره، ويستفيد منه، وذكر له أنه عفى عن السلطان لانتسابه للجناب النبوي الشريف. ولئن كان الشيخ سيدي عبد الله قد لام سيدي محمود بن مولود على عدم تحفظه، وحذره في غربته، كما يبدوا من مضمون "رسالة مراكش" فإن ذلك لا يغير شيئا من تقديره له، واعجابه به حتى نقل عنه في "صحيحة النقل" بكل ثقة واطمئنان إلى قوله (19 ).

كما ذكر سيدي عبد الله العلوي في "صحيحة النقل" أن سيدي محمود بن مولود أخبره بنسب لقلال وبكريتهم، ثم ذكر له مستنده في ذلك، وهو شيخه البكري المتحقِّق بالشريعة: سيدي أحمد لحبيب بن محمد بن صالح السجلماسي اللمطي، الذي ذكر لتلميذه الشيخ سيدي محمود بن مولود أن قومه أي: الشيخ أحمد لحبيب اللمطي ينتسبون لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ولكنه هو يرى أنهم من إخوة لقلال، فهم من ذرية محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما( 20).

وقد تحدث سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم رحمه الله عن العلامة سيدي محمود بن مولود في رسالة "رسالة مراكش" المنوه بها سابقا، والتي حققها الدكتور: التجاني ولد عبد الحميد ضمن اطروحته التي اعتنى فيها بتراث سيدي عبد الله العلوي، والتي هي بعنوان "سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي بين مقتضيات الأحوال في المجال ودوافع الرغبة في التجديد وسد الفراغ".

وأخيرا هذه محاولة للكشف عن جانب بسيط من حياة سيدي محمود بن مولود القلاوي، يتبين من خلالها أنه "إذا لم تبكه أرض ولا سماء" كما يروق لأبي القاسم الزياني صاحب "البستان الظريف" رحمه الله، فإن قبيلته وعلماء عصره وأهل وطنه يبكونه، ويتأسفون على مصيره، وضياع علمه، ويبحثون عن الجوانب المشرقة في حياته، وعن التراث المفترض أنه خلفه في مهجره في المغرب خلال هذه الغربة الأليمة، وبعد هذه النهاية ( اتراجيدية.(

ولكن الجانب الأهم من حياة الرجل ليس بالضرورة هو ذلك الذي قضاه في الغربة، بل هناك جزء كبير ومهم من حياته المحلية: العلمية والاجتماعية لا نملك عنه حتى الآن شيئا يذكر، وقد ألمح الدكتور التجاني ولد عبد الحميد إلى أنه قد تعرض لجانب من أخباره في ضمن بعض بحوثة المتعلقة بتحقيق تراث الشيخ سيدي عبد الله العلوي، فلعله يكون قد وجد عنه من المعلومات ما لم يتح لنا، وخاصة في " رسالة مراكش"، ونأمل أن يكون التجاني قد وقف على كلام المنصفين للرجل كالزبادي والسملالي والگنسوسي، بعد أن كان يأخذ معلوماته عن الرجل – في ما يبدو لنا- من صاحب البستان مباشرة أو بواسطة الناصري السلاوي(21 ). فكلام الگنسوسي قد رجع عنه، وكلام الناصري السلاوي يرد عليه ما يرد على كلام سلفه أحمد الزياني من الرد بالتلبس بالتهمة(22)..

وختاما فإنني أعلق الأمل الكبير على جهود الباحثين المخلصين من أجل تعميق البحث لاستجلاء خبر الشيخ سيدي محمود بن مولود الشنقيطي، من أجل الإجابة على بعض الأسئلة المهمة التي لا تزال عالقة، كتلك المتعلقة بظروف نشأته التعليمية، وحياته الاجتماعية، ومن هم شيوخه؟ ومتى سافر إلى المغرب، وما هي ظروف سفره، وما هي الخلفية الحقيقة لسجنه وقتله؟ أسئلة من بين أخرى أتقصدها من خلال هذه الأَثارة البحثية، والتي لا تعد بحال من الأحوال ترجمة بالمعنى الحقيقي للعالم الشهيد: سيدي محمود بن مولود القلاوي الشنقيطي الفاسي.

والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

د. الطالب ولد المجتبى ولد عنگر

بتاريخ:26/6/2019م.

ملحق الهوامش:

( 1) الدنبجا (الدنبج) بن أحمد محمود بن محمد بن معاوية: واضح البرهان في تراجم أشياخي في القرآن:16، تحقيق: الطالب زين العابدين ولد المصطفى: بحث لنيل الاجازة "المتريز" من المعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية، السنة الجامعية: 2002-2003م. نواكشوط- موريتانيا.

(2) سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية: لأبي عبد الله محمد بن المنالي الزبادي الفاسي:359، تحقيق: الدكتور: عبد الحي اليملاحي، منشورات جمعية تطاون أسمير:2012م.

(3) العباس بن إبراهيم السملالي: الاعلام بمن دخل مراكش واغمات من الأعلام7/228-229، الطبعة الثانية: 1993م. المطبعة الملكية: المغرب- الرباط.

(4) أحمد بن خالد بن محمد الناصري السلاوي: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى 8/17، تحقيق: جعفر الناصري، ومحمد الناصري، دار الكتاب - الدار البيضاء.

(5) الزبادي: سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية:359. مرجع سابق.

(6) البستان الظريف، في دولة أولاد مولاي الشريف: أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني:393، تحقيق: رشيد الزاوية، مركز الدراسات والبحوث العلوية: 1991م. المغرب.

(7) الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي1/223، محمد بن أحمد الگنسوسي، تحقيق: أحمد بن يوسف الگنسوسي.

(😎 كانت للگنسوسي علاقة خاصة مع الشناقطة، وخاصة التجانيين منهم، ومراسلاته مع سيدي محمد بن محمد بن الصغير ولد انبوجة العلوي(ت:1275هـ) مشهورة معروفة. وللوقوف على طرف من ذلك طالع كتاب: ضالة الأديب لسيدي عبد الله بن سيدي محمد بن محمد الصغير بن انبوجه العلوي التيشيتي:259. تحقيق: الدكتور: أحمد ولد الحسن. منشورات المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة. ايسيكو.

(9) أگنسوس: الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي1/223. مرجع سابق.

(10) يرى عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة أنه سُجن سنة: 1175ه، وبقي مسجونا حتى توفي في السجن بمراكش سنة:1185هـ. فلبث في السجن عشر سنين. طالع: إتحاف المُطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع عشر:16،32.( حوادث:1175و1185ه) تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الاسلامي.

(11) الزبادي: سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية:163،359.

(12) طالع مقدمة تحقيق: فتاوى سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم لمحمد الأمين ولد محمد بيبَّ: 27. الطبعة الأولي:2002م. وطالع: السيوف الحداد في أعماق أهل الزندقة والالحاد" في التفريق بين الصوفية وغيرهم المدعين، ورد شبهة المعترضين" لكمال الدين الصديقي البكري( ت: 1162ه) تحقيق: أحمد فريد المزيدي، دار الآفاق العربية.

(13) طالع جزءا من " الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب" لأبي القاسم أحمد الزياني منشورا بعنوان: "الخبر عن أول دولة من دول الأشراف العلويين من أولاد الشريف بن علي":70-76. إشراف: نور الدين طالب، مطبعة الجمهورية: 1303هـ. فرنسا- باريز.

(14) ابن زيدان عبد الرحمن بن محمد السجلماسي: إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس 4/194. تحقيق: علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى: 2008م. مصر– القاهرة.

(15) البستان الظريف، في دولة أولاد مولاي الشريف: أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني:26، تحقيق: رشيد الزاوية، مركز الدراسات والبحوث العلوية: 1991م. المغرب.

(16) جعفر بن ادريس الكتاني: سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس 1/293-294، تحقيق: محمد حمزة بن علي الكتاني، الموسوعة الكتانية لتاريخ فاس. الترجمة رقم: (257).

(17) الگنسوسي: الجيش العرمرم:12.

(18) البستان الظريف، في دولة أولاد مولاي الشريف: أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني:10.

(19) الطالب أحمد بن اطوير الجنة الحاجي: رحلة المنى والمنة (مخطوط) صفحة:16.

(20) صحيحة النقل في علوية إدوعلي وبكرية محمد قلي: سيدي عبد الله الحاج إبراهيم:123، تحقيق: التجاني ولد عبد الحميد، منشورات وحدة المنارة للدراسات والبحوث والتحقيق. الهامش رقم: (2).

(21) طالع الهامش رقم: (2) من المرجع السابق، وقد كان الدكتور التجاني معتدا بكلام الناصري، ومن نقل عنهم، وكأنه لم يقف كلام الزبادي، واستدراكات السملالي وأگنسوس على صاحب البستان. والله أعلم.

(22) طالع الهامش رقم: (2) من المرجع السابق، وقد كان الدكتور التجاني مغترا بكلام الناصري، ومن نقل عنهم، وكأنه لم يقف كلام الزبادي والسملالي. والله أعلم.

- كتبه: الدكتور: الطالب ولد المجتبى ولد عنگر

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -