عبد الرحيم المنار اسليمي*
تتضمن هذه الحلقات عرضا وقراءة لحوارات غير منشورة أجريت مع ضابط سابق للمخابرات العسكرية الجزائرية شهد وشارك في أحداث دموية داخل الجزائر وخارجها، ويقوم هذا الضابط السابق بعرض وقائع في مسار زمني يمتد من 1988 إلى حدود سنة 2011.
القراءة تتم لمسار يعرض فيه ضابط المخابرات الجزائري صورا سوداء عن الاختطافات والاغتيالات وصناعة الإرهاب والعمليات الخطيرة التي قام بها جهاز المخابرات العسكرية الجزائرية في الداخل والخارج في فترة العشرية السوداء وبعدها.
ويعرض أسماء مكونات النظام العسكري المخابراتي الجزائري من جنرالات وضباط ونفوذ عائلاتهم وأبنائهم انطلاقا من الجنرال توفيق “رب الدزاير” والعماري ونزار وطرطاق وأخرون.
كما تعرض اليوميات كيف دبر هذا النظام اغتيالات شخصيات جزائرية مثل عبد المجيد بنحديد وصالح جبايلي وغيرهم، وكذلك عمليات إبادة ومداهمات ونصب حواجز مزيفة ومقابر جماعية، وكيف استهدفت المخابرات الجزائرية دول الجوار في أحداث أطلس أسني بالمغرب ومهام في الصحراء وموريتانيا وليبيا وكيف تمت تصفية الرهبان الفرنسيين وصولا الى أسطورة قانون الوئام الوطني مع بوتفليقة.
مسار طويل مظلم يقرأه عبد الرحيم المنار اسليمي بعين التحليل الأمني والسياسي، بناء على شهادات وردت على لسان عميل بمخابرات جزائرية مفصلة بالأسماء والتواريخ، ليكشف الطبيعة الخطيرة للنظام العسكري الجزائري الممتد الى اليوم مع شنقريحة وعبد المجيد تبون، وكيف يصعب المرور من دولة عسكرية إلى دولة مدنية نظام بني على العنف الدموي والاغتيالات.
يقول ضابط المخابرات العسكرية الجزائرية السابق “حينما خرجت إلى العلن في نهاية يوليو 2010 اتصل بي الضابط السابق في الجيش الجزائري وعميل المخابرات الجزائرية حاليا أنور مالك المقيم بفرنسا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأرسل لي رسالة كلها سب وشتم وتجريح متهما إياي بالخيانة،ثم عاد لاحقا واعتذر محاولا إقناعي أنه ليس هو من أرسل الرسالة لي ،والمعروف عن مالك أنه الشخص الذي إعتمر بأمر من أسياده ببن عكنون لسنوات قبعة المعارض الشرس للنظام العسكري الجزائري كلاجىء سياسي في فرنسا، قبل أن يدخل من جديد في لعبة مفضوحة تمثلت في هدنة مع النظام الذي عمل في صفوف جهاز مخابراته قبل أن ينقلب عليه فيما بعد، مرتديا عباءة المعارض الذي لا يلوي على شيء لفضح أكاذيب وتجاوزات جنرالات الجزائر قبل أن يحط رحاله بالأقاليم الصحراوية المغربية ،وخاصة مدينة الداخلة،حاملا تكليفا بمهمة صحفية، يبدو أن رفيقه السابق في سلك الاستخبارات مدير جريدة «الشروق» الجزائرية علي فضيل سلمها له ليوظفها للقدوم الى الداخلة عبر إسبانيا، ويوظف كل خبراته التجسسية للقيام باستطلاع صحفي لفائدة الصحيفة الجزائرية الناطقة بلسان حال مديرية الاستعلام والأمن”.
ويقدم ضابط المخابرات الجزائرية السابق العميل أنور مالك، فيقول “ اسمه الحقيقي عبد المالك نوار،وهو من مواليد 17 يوليو1972 بالشريعة في ولاية تبسة،أعزب،ومسرّح من مؤسسة الجيش الوطني الشعبي برتبة ملازم بعد فضيحة قام بها أساءت إلى رتبته العسكرية وإلى المؤسسة التي ينتمي إليها.
وسبق الحكم عليه بالسجن عدة مرات في قضايا نصب واحتيال، وإرتكب عدة مخالفات تتنافى مع الانضباط العسكري. يعرف كل من له صلة به – من سيرته الشخصية ومن سوابقه العدلية – أن له سوابق متتالية، إذ دخل السجن في قضايا نصب واحتيال،لاسيما من 2001 إلى 2006 حيث فر من الجزائر مدعيا أنه ضحية ممارسات سياسية وتعذيب، وركب موجة المعارضة عن قصد لاختراقها، واستفاد من حق اللجوء السياسي بدولة أجنبية بعد سنة 2006، أي بعد صدور ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حيث بدأ أبناء الجزائر يعودون إلى وطنهم وذويهم، بينما فرَّ هو من وطنه وذويه متهما النظام الجزائري ورجال الدولة بالضلوع في تعذيبه في مركز “شاطو نوف” يوم أول يوليو 2005 ،فضائحه كثيرة وسجل سوابقه العدلية شاهد على انحرافاته المتعددة”.
فضائح كثيرة في مسار العميل أنور مالك
يورد ضابط المخابرات الجزائرية السابق أمثلة كثيرة عن فضائح انور مالك ،فيقول “ إنها تتعلق بتزوير جواز سفر باسم أحد أقاربه المتوفى، وسرقة أموال أحد زملائه في الجيش، والتبليغ عن جنايات كاذبة، وانتحال الصفة والتزوير واستعمال المزور، وحيازة محررات تشيد بأعمال إرهابية، والعثور لديه على بيان صادر عن جبهة القسطاس المستقيم للمجلس الثوري للإمارات الفرعية الثالثة بالجزائر، وحيازة المخدرات والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة،والتزوير في محررات رسمية،والإشادة بالإرهاب والتحريض عليه.إن من يطلع على سجله في المحاكم وملفات المتابعات الجزائية والجنح ستستوقفه فظاعة ما قام به هذا الرجل من حماقات، إلى جانب تجرده من كل مصداقية صحفية أو سياسية،ناهيك من قبول أكاذيبه وخيالاته وأوهامه،التي ينسفها ماضيه الحافل بالإنحرافات.وعلى سبيل المثال، لنستعرض آخر قضية له، قبل فراره من الجزائر، في إعترافات وقّع عليها بيده وأقرَّها بلسانه،والتي تحمل رقم133/2005 تحت عنوان: النصب والإحتيال والتزوير وإستعمال المزور والتبليغ بجريمة وهمية وحيازة المخدرات.
فقد جرى القبض على مالك نهاية يونيو 2005 ،باعترافه هو،وبدأ التحقيق معه يوم 2 يوليو 2005،ودونت إعترافاته بتاريخ 3 يوليو 2005 ،وعند تفتيش مسكنه الكائن بحي ميموزة بسطاوالي يوم 30 يونيو 2005 عثر على أدلة إثبات من أبرزها:
– محرر خطي موجه إلى الأخ أبو إسلام يحمل ختما شخصيا لأسامة بن لادن.
.- ختم خاص بالجماعة السلفية للدعوة والقتال
.- منشورات تشيد بالإرهاب وتحرض على الأعمال الإرهابية
– ختم شخصي باسم أسامة بن لادن.
– وثائق ومحررات وبطاقات هوية وصكوك بإسم مواطنين ومواطنات من ضحاياه وعدهم بتسوية أوضاعهم، وإحتال عليهم بإنتحال الصفة.
– محرر خطي مكتوب بتاريخ 20 أغسطس 2002 موجه إلى السفير الأميركي لدى الجزائر يعلمه فيه بوجود مشروع جديد يستهدف واشنطن ونيويورك وبعض السفارات الأميركية، ويؤكد فيه مالك أن لديه معلومات هامة حول الأعمال السالفة الذكر.
إن أنور مالك ضابط منحرف تنطبق عليه جميع المواصفات التي ذكرناها سابقا، لكن هناك اختلاف طفيف يتعلق بأن هذا الضابط المنحرف يتبنى مواقف السلفية البدوية، وألزم نفسه محاربة الشيعة في الجزائر وخاصة في قريته التى ولد بها وتسمى الشريعة (ولاية تبسة).
وأكثر من ذلك أعلن الحرب على بلاده وسياساتها الدولية في كثير من المقالات التي نشرها على شبكة الإنترنت، كما يعرف أيضا بكرهه الأسطوري والأزلي للوزير السابق أبو جرة سلطاني،رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، والغريب في ذلك أن أخ الوزير المسمى مولود كان من أعز وأقرب أصدقاء هذا الضابط المنحرف.
وفي قريته اشتهر مالك بالخديعة والنصب والاحتيال وتزوير السيارات وأخذ الرشاوى من البسطاء. عاش طفولة تميزت بالفقر والحرمان، ولم يجد متنفسا سوى في الاتجاه إلى الدراسة، وعرف عنه أنه كان من المتفوقين منذ صغره،كما عرف عنه أنه كانت لديه عقدة نفسية كبيرة إزاء الأغنياء إذ كان محبا للظهور ودائم الإحساس بالنقص وعدم احترام الآخرين له، إضافة إلى أنه لم يكن راض عن نفسه، وكثير الشكوى من الدنيا والزمن.
هذا باختصار ملخص عن طفولته البائسة، كما رواها أصدقاؤه، ومن عايشوه في تلك الفترة من حياته البائسة. وهكذا كبر الضابط المنحرف عبد المالك النوار وكبرت معه عقدته المركبة خلال دراسته الثانوية حيث أصبح مركزا أكثر على دراسته، وكان من المتفوقين أيضا، ونال شهادة البكالوريا سنة 1990 في اختصاص الإعلام الآلي، بيد أنه لم يدرس بالجامعة نظرا لظروفه القاسية والبائسة فالتحق بالكلية العسكرية في عنابة (اختصاص صواريخ)، ولم يمكث فيها طويلا،اذ التحق بالمدرسة العليا للدفاع الجوي للقطاع العسكري “بني مسوس ” التابعة للناحية العسكرية الأولى ل”البُليْدة”،وهناك وجد المناخ المناسب لممارساته الغير قانونية مثل تزوير السيارات.
وفي هذا الصدد، وقعت حادثة يعرفها مالك جيدا حيث باع لصديق له ،لا داعي لذكر اسمه ، سيارة من نوع” بيجو 505 ،رقم هيكلها غير متطابق مع وثائق السيارة،وعندما اكتشف صديقه الأمر ذهب إليه في الجزائر العاصمة ولامه على تصرفه المنحرف والخديعة التي مارسها عليه رغم أنه صديقه. وكان يود إدخاله السجن فاسترضاه مالك بسيارة أخرى من نوع بيجو 309 حمراء التى اكتشف هذا الأخير أيضا أنها سيارة لها نفس وضعية السيارة الأولى، فاشتكى عليه في مركز الشرطة.
وهناك حادثة أيضا لا يستطيع مالك نسيانها هي سرقة كميات كبيرة من الأغطية والبطانيات التابعة للجيش الوطني وبيعها في السوق السوداء،وسجن على إثر ذلك في السجون العسكرية، بالإضافة إلى أخذ الرشاوى الكثيرة من الفقراء والمساكين حتى يسهل لهم الالتحاق بأسلاك الشرطة والجيش، ذلك أنه كان يزعم أنه يعرف وزراء وضباط سامين بالجيش، زد على ذلك أنه كان يود الزواج من كريمة وزير التربية والتعليم أبو بكر بن بوزيد لكن الوزير رفضه واستحقره لأنه يعلم جيدا كيف استمال ابنته بطرق ملتوية، رغبة منع في استغلال منصب والدها.
ويقول كثير من زملائه إن مالك كان متعجرفا وسيء الأخلاق، وكثير التردد على الملاهي والكباريهات لأنه كان يعتقد أنها الأماكن المناسبة للنصب والاحتيال والخديعة.
وطرد مالك من الجيش سنة 1998 بعد سجنه مدة من الزمن، وبعد خروجه من السجن أصبح منبوذا وسط عامة الناس في قريته نظرا للرشاوى التي ظل يتقاضاها من بسطاء الشباب، ولم يف أي مرة بوعوده. لقد سجن بسجن تبسة مدة سنة بسبب النصب والاحتيال على بني عمومته”.
عداء بين أنور مالك وأبوجرة سلطاني
يصف ضابط المخابرات الجزائرية العداء بين أنور مالك وبوجرة سلطاني (رئيس حركة مجتمع السلم السابق وكاتب دولة مكلف بالصيد البحري سابقا) فيقول “ بدأ العداء عندما أصبح مالك يتقرب من أخ الوزير المسمى مولود، مستغلا علاقته في امتصاص دماء البسطاء في كل شيء،وعندما اكتشف أمره وفضح من قبل الوزير سلطاني عمل مالك بأصله الفاسد واستعمل مع أخ الوزير أيضا الخديعة وقلة الوفاء بالتعاون مع بائعة هوى سبق له أن تعرف عليها في ملهى ليلي.
وذكر مالك في مدونته أن مولود سلطاني ضبط في حاجز أمني رفقة فتاة ليل، وكان بحوزتهما كميات من المخدرات، مشيرا إلى أنه كان معهما شخص ثالث لم يذكر اسمه، ولم يكن هذا الشخص الثالث في الحقيقة سوى مالك نفسه، فقد استغل صداقة وطيبة مولود للنيل من الوزير سلطاني،والانتقام منه بدس كميات من المخدرات، والإدعاء في ما بعد إنها ملك مولود،بيد أن الحقيقة سرعان ما ظهرت ونال هو ما يستحق، قبل أن يفر لاحقا إلى فرنسا طالبا اللجوء السياسي، وأصبح يقدم نفسه على أساس أنه كاتب وصحفي وشاعر، وهو في الحقيقة أبعد ما يكون من ذلك، إذ تبدو كتاباته أقرب إلى التقارير المخابراتية خاصة كتاباته عن الشيعة في قريته فقد ذكرهم بالاسم وكلهم أساتذة محترمون، وفيهم كثيرون درسوه ونوروا له عقله العقيم، لكن ظلمة النفس الخبيثة المليئة بالحقد والكره طغت على أفعاله وأفكاره.
وبلغت الوقاحة بمالك حد رغبته في سرقة أعمال شعرية ونسبها لنفسه. وأود تذكيره هنا بشخص موهوب في كتابة الشعر والقصص يدعى منصور ،الذي كان من معارف مالك. فحينما توفي منصور رحمه الله في حادث مرور استغل مالك الظرف الأليم ، وذهب بكل جرأة وقلة أدب ووقاحة وطلب من أهله أعماله القصصية والشعرية حتى ينشرها باسمه فلم يلق غير الطرد والإهانة منهم”.
المخابرات الجزائرية تكلف أنور مالك بمهمة في الصحراء المغربية
يقول ضابط المخابرات الجزائرية السابق عن أنور مالك “ ترى عدة مصادر عسكرية جزائرية بأنّ بداية نجم أنور مالك،في التوهّج تعود لما بعد تكليفه بمهمة “اختراق صفوف المخابرات المغربية وكشف أسرار شبكاتها مع الجزائريين في الخارج”. إذ بدأها مالك بالتقرب من الأطروحات المغربية تجاه نزاع الصحراء مستندا على ملفات سربتها له المخابرات الجزائرية في إطار الحرب غير المعلنة على الرباط.
و ظل مالك يثير الجدل سواء في مشاركاته عبر الفضائيات أو من خلال مقالاته، وقد أحدث ضجة كبيرة عندما قام بزيارة الصحراء نهاية يوليو 2010 ، ونشر في مطلع أغسطس 2010 تحقيقا صحفيا من خمس حلقات في جريدة” الشروق”.
ومنذ ذلك الحين هاجمه الإعلام المغربي، فاتّهمته صحف كثيرة بالانحياز للأطروحة الجزائرية، والعودة الى مكتبه في المخابرات الجزائرية، وقالت إنه دار دورة كاملة ب360 درجة أي عاد ضابطا في المخابرات مثلما كان قبل أن يدعي أنه فر إلى الخارج ليفضح عسكر الجزائر الحاكمين.
لقد اعترف مالك أنه لم يكن معارضا قط بل كان ولا يزال مخبرا في إطار معارضاتي ،إنها معارضة المخابرات العسكرية الجزائرية، مع استثناء المعارضة الشريفة التي كانت ولا تزال خارج السلطة، ولم تذقها أبدا حتى حينما سلمها إياها عبر صناديق الاقتراع، كما الجزائري ونستثني المعارضة التي لا تزال تصارع من أجل البقاء في صراعها مع التنين العسكري الرهيب حتى وإن شهد لها التاريخ بالشرعية الثورية لأنها رفضت المشاركة في النظام العسكري تحت غطاء الحزب السري الأوحد.
أنور مالك موضة جزائرية لمعارضة صنعتها المخابرات الجزائرية
يقول ضابط المخابرات الجزائرية السابق “يستغرب البعض وجود علاقة بين المخابرات الجزائرية والمعارضة الجزائرية، فأشهر المعارضين الجزائريين المقيمين في الخارج كانوا ضباطا صنعتهم المخابرات العسكرية الجزائرية. إن المقصود هنا ضباط المخابرات الذين أصبحوا بين عشية وضحاها معارضين للعسكر الحاكمين،إنها موضة جزائرية أصبحت بعد العشرية السوداء ظاهرة مثيرة للجدل.ونذكرمن هؤلاء المخابراتيين العسكريين الذين أصبحوا معارضين، أنور مالك ،وهشام عبود،وحبيب سويدية، وحبيب سمراوي وغيرهم.
إن الشك ينتاب المرء حينما يرى معارضا جزائريا، يعيش حياة آمنة في فرنسا، يدعي أنه يفضح حكام الجزائر ويرتزق من الفضائيات العربية وغيرها ويبيع لها بعض المعلومات، مدعيا أنها حقائق تفضح حكام الجزائر من دون أن تلحقه لعنة الاغتيال التي تلحق المعارضين الحقيقيين للنظام الحاكم في الجزائر مهما كان مركزهم حتى ولو كان رئيس دولة ( بوضياف مثلا).
إن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي: لماذا لم يستطع عميل المخابرات الجزائرية أنور مالك الاستمرار في معارضته للنظام العسكري الحاكم في الجزائر؟ و لماذا عاد كاتبا مرموقا في جريدة الجنرال توفيق “الشروق” المخابراتية ؟ ألم يعترف بالفعل وليس بالقول بأنه عاد لأداء مهمته التي خُلِقَ من أجلها وهي إثارة الأحقاد والضغائن بين الشعبين الجزائري والمغربي؟
إن مالك لم يستطع الاستمرار في موقفه المساند للمغرب لأن أسياده في المخابرات أدركوا أن مهمته أصبحت لها نتائج عكسية وهي تقوية الموقف المغربي الذي لا يزال يتعزز يوما بعد يوم في المحافل الدولية وخاصة مجلس الأمن، لذلك جاءته الأوامر ليعود إلى القيادة العامة والانضمام إلى جوقة الكذابين والمزورين والحثالة من كتبة التاريخ المزور الذين جعلوا الشعب الجزائري يغط في سباته العميق.
وهكذا عاد أنور مالك بقوة لجريدة ” الشروق” لأنها تشكل الطليعة الأمامية للبروباغاندا الجزائرية، ذلك أنه لم يعد هناك وقت للمراوغة والتضليل ،فالأحسن أن يكشف مالك عن وجهه الحقيقي،ويدخل مباشرة في أداء الخدمة التي يتقاضى عليها أجره منذ كان مخبرا صغيرا حتى أصبح ضابطا.
نعم عاد مالك إلى العمل المخابراتي حينما تسلل إلى الأراضي الصحراوية، نعم هكذا وبالبند العريض يكتب في صدر مقاله المخابراتي في أول مهمة له بعد عودته لأداء مهمته علانية كمخبر للنظام العسكري / أو لجريدة الجنرال توفيق ،حينما أقام مدة طويلة بمدينة الداخلة في الصحراء المغربية. ولا يمكن وصف الوجود في مكان ما بالتسلل إلا بالنسبة للصوص أو الجواسيس. فأول مقال للكاتب / المخبر أنور مالك في جريدة “الشروق اليومي “عن الصحراء ،وهو مقال يعترف فيه الجنرال توفيق و مخبره مالك أن جريدتهم تسللت للصحراء من خلال رجل المهمات الصعبة أنور مالك ولا يتبجح بالتسلل إلا الجاسوس والمخبر،في حين أنه جاء للمغرب بدعوة رسمية ونزل من طائرة أقلته إلى مدينة الداخلة ،وعبر دهاليز المطار، وشرطة الحدود ورجال الجمارك المغاربة وتحت الأعلام المغربية التي تفقأ عيون دعاة التفرقة والتشتيت.فمن أين جاء التسلل؟.
إن التسلل الذي ادعاه مالك هو تسلل نفساني لأنه لا يزال يعيش الوسواس القهري للسجن الذاتي المظلم من خلال 48 سنة من القمع المخابراتي الذي مارسه عليه التلاميذ المخلصون لمدرسة إريك هونيكر غير المأسوف عليها. فأنور مالك لم يخجل من نفسه، وهو يغدر بمن آووه وأطعموه وسلموه مفاتيح مدينة الداخلة ليعيش بين ظهراني الصحراويين الوحدويين المغاربة”.
* رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.