أخر الاخبار

تازمامارت المغرب..

نحو ثلاثة عقود مرت على إغلاق معتقل "تازمامارت" في المغرب، والذي ظل وجوده مجهولا لمدة تقارب العشرين عاما، إلى جانب الانتهاكات الفظيعة التي شهدها واطلع عليها كثيرون لاحقا من خلال شهادات من بقوا على قيد الحياة من ضحاياه، الذين حرص بعضهم على توثيقها في مذكرات أماطت اللثام عن عذابات المعتقل الأشهر في مغرب الفترة المعروفة بـ"سنوات الرصاص".

ارتبط هذا المعتقل الذي بُني في قرية نائية جنوب شرق المغرب بالمحاولتين الانقلابيتين اللتين شهدهما المملكة في سبعينيات القرن الماضي، إذ وُئد كثير ممن اتهموا بالمشاركة في المحاولتين في ذلك المعتقل سنوات طويلة، دون أن يعرف أحد مصيرهم، قبل أن تتفجر الحقيقة البشعة بشأن ذلك المكان بداية تسعينيات القرن الماضي.

30 شخصا، هو عدد من توفوا نتيجة ظروف الاعتقال، بحسب ما تؤكده "جمعية ضحايا تازمامارت"، التي قدم عدد من أعضائها، سواء من "الناجين" أو عائلات المتوفين، خلال ندوة صحافية، اليوم الثلاثاء، شهادات مؤلمة لمعاناتهم المستمرة إلى اليوم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يكابدونها.


صورة لسجن تازمامارت قرب مدينة الرشيدية جنوب شرق المغرب

​معاناة داخل المعتقل وخارجه

القارئ لسيرة "الزنزانة رقم 10" لأحمد المرزوقي، أو "من الصخيرات إلى تازمامارت.. تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم"، لمحمد الرايس، يمكنه أن يطلع على مشاهد بشعة من عذابات "تازمامارت" كما يرويها اثنان من ضحاياه.

غير أن معاناة المعتقلين بحسب ما تؤكده "جمعية ضحايا تازمامارت" لم تنته مع نهاية الاعتقال، بل إنها ما تزال مستمرة إلى اليوم بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يكابدونها.

"بعد معاناة تازمامارت عشنا معاناة أخرى تتمثل في كيفية مواجهة مجتمع غبنا عنه لمدة تقارب العشرين سنة"، يقول المعتقل السابق محمد غلول، الذي أكد أن المعتقلين وجدوا أنفسهم بعد الإفراج عنهم في مواجهة مشاكل كثيرة، صحية ومادية بالدرجة الأولى.

وبالرغم من أن تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة تضمن في الجزء الخاص بـ"الضحايا المختفون قسريا بمركز تازمامارت"، توصية بـ"عدم إسقاط مبلغ التعويضات المؤقتة التي كانت تسلم لمعتقلي تازمامارت بعد الإفراج عنهم من لدن المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية"، والمحدد في 5000 درهم مغربي (نحو 500 دولار أميركي)، إلا أن "جمعية ضحايا تازمامارت"، تؤكد حرمانهم من هذا المبلغ، الأمر الذي عمق معاناتهم.

عائلات نزلاء تازمامارت بدورها عانت وما تزال جراء اعتقال ذويها، ومن بين هؤلاء عائلة علال مهاج الذي توفي، وفق ما تسجله وثيقة للجمعية، سنة 1977.

"حين اعتقل والدي كنا أطفالا صغارا، لم أكن قد أكملت السنتين"، تقول نهيلة، ابنة علال مهاج.

تسترجع نهيلة ذكريات تلك الفترة لتتابع بتأثر بالغ سرد مشاهد من معاناة والدتها التي عملت على تربية وتعليم أبنائها في غياب الأب الذي اعتقل وتوفي داخل "تازمامارت".

تازمامارت المغرب..


"لقد مرت 28 سنة على مغادرتنا معتقل تازمامارت الرهيب ولازالت معاناتنا متواصلة بسبب رفض الجهات المعنية إيجاد حل عادل وشامل لملفنا" تقول "جمعية ضحايا تازمامارت".

عبد الله أعكاو، أحد المعتقلين السابقين، أكد في تصريح باسم "جمعية ضحايا تازمامارت"، أن "الدولة تعاملت بشكل انتقائي في تسوية ملفات ضحايا الانتهاكات الجسيمة".

ويتابع أعكاو مؤكدا أن مطالب ضحايا "تازمامارت"، "عادلة ومشروعة بموجب العديد من الصكوك الدولية والإقليمية والوطنية ذات الصلة بحقوق الإنسان".

وتتمثل أبرز تلك المطالب، في "التسوية الوظيفية والإدارية والمالية"، سواء بالنسبة لـ"الضحايا الناجين"، أو من توفوا بعد الإفراج عنهم أو داخل المعتقل.

بعد معاناة تازمامارت عشنا معاناة أخرى تتمثل في كيفية مواجهة مجتمع غبنا عنه لمدة تقارب العشرين سنة
كما تطالب "جمعية ضحايا تازمامارت"، بـ"تمتيع كل الضحايا المباشرين وغير المباشرين بالتغطية الصحية الكاملة"، و"رد الاعتبار للضحايا"، وذلك بـ"الكشف عن الحقيقة الكاملة لما حدث لنا من اختطاف واختفاء قسري، وتسوية الوضعية القانونية لكل الضحايا والتأكد من هوية رفات الضحايا باعتماد ADN واحترام رغبات العائلات فيما يخص اختيار مكان الدفن، وتمتيع ذوي الحقوق من الإدماج الاجتماعي".

بالإضافة إلى ذلك، تطالب الجمعية بـ"جبر الضرر الجماعي"، ومما تقترحه في هذا الإطار ترميم المعتقل وتحويله إلى مركز "سوسيو ثقافي" وإعادة بناء الزنازين والحفاظ على قبور الضحايا وتنظيم لقاء سنوي للعائلات في تاريخ قار يطلق عليه اليوم الوطني ضد النسيان.

المصدر: أصوات مغاربية
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -