يتذكر مجموعة من أفراد العائلات المغربية حدث ترحيلهم من الجزائر بطريقة وصفت باللا إنسانية، تاركين وراءهم جل ممتلكاتهم، ومنهم من ترك أحد أقاربه أو بعضهم، ليبدؤوا حياة جديدة في المغرب. إنه حدث بات يعرف بـ"المسيرة الكحلاء".
المسيرة الكحلة..كارثة إنسانية شرَّدت ألاف المغاربة
في هذا الإطار، قال محمد أمطاط، الأستاذ الباحث في تاريخ المغرب الكبير المعاصر، إنه كان لحدث تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع الأقاليم الصحراوية من الاحتلال الإسباني في 6 نونبر 1975 ردود فعل قوية لدى النظام الحاكم بالجزائر، "الرافض لأي وسيلة كيفما كانت تسمح للمغرب باستكمال وحدته الترابية".
وأشار أمطاط، إلى أنه في أعقاب المسيرة الخضراء قرر الرئيس الجزائري آنذاك، هواري بومدين، الشروع في القيام بـ"جريمة إنسانية، ممثلة في طرد 350 ألف مغربي من الجزائر نحو المغرب بدون سابق إنذار، وتجريدهم من ممتلكاتهم وتعريضهم لشتى الانتهاكات اللا إنسانية. وكان من بين السكان المرحلين موظفون وطلاب وعمال وتجار وحرفيون وفلاحون ورجال أعمال".
وأوضح عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية بالرباط أن عملية الطرد والتهجير تمت صبيحة عيد الأضحى في 18 دجنبر 1975، مشيرا إلى أن "السلطات الجزائرية قامت بمداهمات واعتقالات واقتيادات إلى مخافر الشرطة، في حق رجال ونساء وأطفال دون تمييز، بعدما صادرت عقاراتهم ومزارعهم ومتاجرهم وشركاتهم ومعاشاتهم وأرصدتهم في البنوك"، مشيرا إلى أنه خلال نقلها تعرضت العائلات المغربية لشتى أنواع "الشتم والضرب والإهانة والاعتقال التعسفي والتشريد والتخويف والتجويع والترهيب".
وأبرز صاحب كتاب "الجزائريون بالمغرب مابين سنتي 1830-1962، مساهمة في تاريخ المغرب الكبير المعاصر"، أن السلطات الجزائرية حاولت مساومة المغاربة المطرودين من أجل البقاء والإقامة بالجزائر شريطة حملهم الجنسية الجزائرية أو اعترافهم بجبهة البوليساريو، أو المساهمة المادية لفائدتها، إلا أن جل من رفضوا تم طردهم.
وفي الإطار نفسه قال ميلود الشاوش، رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، إن هؤلاء وتزامنا مع الاحتفال بالمسيرة الخضراء يتذكرون الحدث "المأساوي واللا إنساني"، مردفا: "نحتفل بهذا الحدث التاريخي، وأيضا نتذكر حدث التهجير الجامعي القسري للمغاربة من الجزائر في 18 دجنبر 1975".
وروى الشاوش، والذي كان أحد ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، بعضا من تفاصيل طرده لهسبريس قائلا: "إن جل المغاربة كانوا ينتظرون ردة فعل ستطالهم من النظام الجزائري بعد نجاح المسيرة الخضراء"، مضيفا: "كنا صغارا وكان أباؤنا يخبروننا بأنه سيكون هناك رد فعل، وكانوا يهيئون نفسهم لعداء الهواري بومدين".
وأوضح المتحدث أن التهجير "تم في ظروف لا إنسانية، صاحبتها اعتقالات وقتل أطفال، وأيضا اختفاءات قسرية"، قائلا إن "هناك عائلات إلى يومنا هذا لا تعرف مصير أبنائها"، مشيرا إلى أن "هناك تداعيات للحدث طالت المهجرين، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي".
وأضاف الشاوش: "مازالت الأسر المغربية تجتر معاناتها إلى حدود الساعة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، فبعض الأسر تركت منازلها هناك، وهي اليوم لا تتوفر على محلات للسكن".
وزاد قائلا: "على العالم أن يعي أن عداء الجزائر للمغرب ابتدأ مع حدث المسيرة الخضراء، ودشنت هذا العداء بتهجير المغاربة"، مستنكرا طريقة تعامل الحكومة المغربية مع الملف، مطالبا بجبر ضرر الضحايا، ومطالبا حكومة عبد الإله بنكيران بأن تتبنى هذا الملف، وتضمه إلى أجندة أشغالها.
ومن بين الانتقادات التي وجهها الشاوي لطريقة التعامل مع المهجرين من الجزائر "غياب رؤية واضحة لمعالجة الملف"، مشيرا إلى أن الحكومات المغربية لم تتجاوب مع توصيات اللجنة الأممية في ما يخص الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمطرودين من الجزائر، ناهيك عما أسماه "غياب من يتحدث عن الملف في المنتديات الدولية".
اقرا ايضا
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.