شكيب بنموسى
شكيب بنموسى.. اسمُ مسؤول سيتذكَّرَه المغاربة، ومعهم سِجلّ التاريخ، مرتين: الأولى إيجابية والثانية عكْس ذلك.
الأولى حينما أشرَف على اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، قائدًا لجهود غير فاترة أثمرَت، في ظرفية “كورونا” الصعبة، تقريرا مفصلا يشخص أعطاب التنمية بالمملكة، ويرسم معالم “مغرب 2035” في مختلف القطاعات.
أما الثانية فليْست سوى “أزمة” احتقان وتصعيد غير مسبوقَيْن تعيش على إيقاعهما المدارس العمومية بالمغرب منذ إصدار مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية في الجريدة الرسمية، يوم 6 أكتوبر 2023، أي يوماً واحداً فقط بعد الاحتفاء بـ”اليوم العالمي للمُدرِّس”.
وبينما كانت جموع الأساتذة والأستاذات بالمغرب تنتظر نظاماً أساسياً يكافئ مجهوداتها في بناء الأجيال، ويرسِّم “التحفيز المهني”، تمخّضت 24 اجتماعاً للجنة التقنية المشتركة المكلفة بوضع وصياغة النظام الأساسي الجديد، منذ التوقيع على اتفاق 14 يناير الماضي، و6 اجتماعات للجنة العليا، برئاسة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وعضوية النقابات التعليمية الموقعة على الاتفاق، استهدفت الاطلاع على سير أشغال اللجنة التقنية والحسم في بعض القضايا التي تحتاج إلى تحكيم من أجل التوافق حولها، عن “نظام أساسي” حاز على مديح الوزير، فيما خرجت التنسيقيات والنقابات في مظاهرة حاشدة بالرباط، واصفة إياه بـ”نظام المآسي”.
لمْ يَـدُرْ بخَلد الوزير بنموسى، خريج مدرسة “القناطر والطرق” بباريس، أن يتحول المرسوم رقم 2.23.819 بمثابة النظام الأساسي المثير للجدل منذ بداية الموسم الدراسي المتعثر- إلى حدود هذه الأسطر- إلى “نقمة” عليه قد تعصِف به من كرسي الوزارة قبل أن يُكمل فيه نصف الولاية، وحتى قبل رؤية أولى ثمار “خارطة طريقه للإصلاح 2022-2026″، خاصة بعد انفلات “خيوط تدبير الأزمة” من بين يديْه متجاوزةً إياه إلى مؤسسة رئاسة الحكومة.
وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي، الذي أُلحقَت الرياضة في عهده بسلطة تدبيره، وجدَ نفسه “مغلوبًا على أمره”، ليس فقط أمام إضرابات واحتجاجات لم تتوقف من طرف الأساتذة، بل في مواجهة نقابات “اتهمته” بعدم إشراكها في صياغة النسخة الرسمية المنشورة من النظام الأساسي، قبل أن يخرج أولياء وأمهات وآباء التلاميذ في مسيرات تندد بـ”الزمن المدرسي المهدور”.
فضلا عن “شبح الإعفاء”، لعلّ بنموسى عاش “كابوس السنة البيضاء”، التي باتت تطلّ برأسها بعدما لم يعُدْ أبناء المغاربة يدرسُون كل أسبوع سوى يوميْ الاثنين والجمعة.
تفاصيل اجتماع السادس من دجنبر الجاري مع نقابات التعليم ستكون حاسمة بالنسبة لوزير التربية الوطنية وبمثابة “فرصة أخيرة” في تدبيره لأزمة أول قطاع اجتماعي حيويّ بالبلاد، قبل أن تحكُم عليه مخرجات الحوار الحالي، سواء بالنجاح والاستمرار في إصلاح المدرسة العمومية، أو بالفشل.
وكان بنموسى قد حلّ ضيفاً على ركن “طالعون” على هسبريس بعدما كان قد تجرّأ، في خطوة نالت استحسان كثيرين وأغضبَت آخرين، على “تسقيف سن المترشحين لمباريات ولوج مهنة التدريس”، إلا أن “تدبيره المرتبك لأزمة النظام الأساسي” تجعله يهوي- هذه المرة- في دَرَكِ “النازلين”. هكذا هي الحياة.. “يومٌ لكَ ويومٌ عليك، أيها الوزير المحترم”.
* تنبيه !
- سوف يتم نشر تعليقكم بعد مراجعته
- التعاليق التي تحتوي على كلمات نابية وأرقام الهواتف أو نشر روابط أو إشهار لجهة ما لن يتم نشرها.