أخر الاخبار

انقسام الشارع المغربي بين المرحب والرافض للتطبيع

 الولايات المتحدة و المغرب

انقسام الشارع المغربي بين المرحب والرافض للتطبيع

 المغرب تايمز


على بعد أسابيع قليلة من مغادرته البيت الأبيض، أعلن دونالد ترامب عن اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء، مفصحاً عن فتح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بمدينة الداخلة بالجنوب المغربي؛ ووقّع مرسوماً للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، معلناً بالمقابل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين المغرب وإسرائيل.


وأعلن القصر الملكي المغربي عن جملة من الإجراءات لتسهيل فتح الأجواء المباشرة بين المغرب وإسرائيل لليهود المغاربة والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب، بالإضافة إلى استئناف الاتصالات الرسمية والدبلوماسية، ما يعني رفع المستوى الدبلوماسي إلى مرتبة السفارة تمهيداً لعلاقات رسمية كاملة.


القرار قسم المغاربة بين من احتفى بالنصر الديبلوماسي المغربي وبين من رفض إقدام المغرب على التطبيع مع إسرائيل ولو كان اعتراف أقوى دولة بمغربية الصحراء التي تعني للمغاربة الكثير.


شامة درشول، خبيرة إعلامية متخصصة في العلاقات المغربية الإسرائيلية، قالت إن العلاقة التي تجمع المغرب وإسرائيل، ليست سلاماً بارداً كالذي بين مصر وإسرائيل أو الأردن لأنه لم تجمع البلدين حرب، ولا تطبيع دافئ كالذي جمع إسرائيل بالإمارات.


وتابعت المتحدثة ضمن تصريح صحفي قائلة: “لا يمكن أن نقول إن المغرب اعترف بإسرائيل لأنه كان أول بلد من المنطقة يستقبل زعماء إسرائيليين، ولم يسقط الجنسية عن اليهود المغاربة الذين رحلوا لسبب قهري أو اختياري إلى إسرائيل. كما لم يسلبهم ممتلكاتهم، وتركهم يتنقلون بين المغرب وإسرائيل والعالم، بل وسمح بمن يولد من أم أو أب مغربي وخارج المغرب باسترجاع الجنسية المغربية”.


ما نتحدث عنه اليوم، وفق تعبير درشول، هو “تطبيع إنساني يحمل طابعاً دينياً فرضته التطورات السياسية التي تعرفها المنطقة، وهو ما يعني رد الاعتبار للطائفة اليهودية المغربية المتواجدة بإسرائيل والتي لها وضع خاص مغاير عن الطائفة التي هاجرت إلى فرنسا وأمريكا وكندا. بناء على ذلك، وظف ملك المغرب صفته كرئيس للجنة القدس، وأيضاً كأمير المؤمنين، وهي الصفة التي حَمَت من خلالها الملكية المغربية أهل الذمة من اليهود المغاربة والذين يعود مقامهم بالمغرب إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة”، تقول الخبيرة في العلاقات المغربية الإسرائيلية، متابعة: “وهي نفس الصفة التي وقع بها ملك البلاد اتفاقية التسامح مع قداسة البابا، ومن خلالها أيضاً دعا إلى الحفاظ على الوضع الخاص للقدس كملتقى للديانات الثلاث، وأيضاً الحفاظ على الموروث الإسلامي في القدس والأقصى”.


وقال الناشط الأمازيغي منير كجي، إن اعتراف الإدارة الأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء هي بداية لإقفال ملف هو ميراث للحرب الباردة وقد أنهك المغرب سياسياً ومالياً ودبلوماسياً. هذا الاعتراف بحسب كجي متحدثاً لـ”القدس العربي”، هو انتصار للدبلوماسية المغربية، بالإضافة إلى كونه صفعة للجناح المتشدد داخل الجيش الجزائري وللجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.


من السرية إلى العلنية

وبخصوص تطبيع المغرب مع إسرائيل، اعتبر أن الخطوة بمثابة “خروج من السرية إلى العلنية، وهو كذلك تصحيح للخطأ الدبلوماسي الذي ارتكبه المغرب يوم 23 أكتوبر 2000 عندما أقفل مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط بضغط من الجامعة العربية”. وأبرز المتحدث أن هذا التطبيع “إيجابي للمغرب في مناحي التكنولوجيا والعلم والاقتصاد والتجارة والأمن، وستكون له تبعات في الجانب السياحي، خاتماً بالقول: “لا يمكن نسيان مليون يهودي من أصول مغربية في إسرائيل”.


أما رشيد الفلولي، المنسق الوطني للمبادرة المغربية للدعم والنصرة، فقد عبّر عن إدانته لهذه الخطوة المفاجئة وعن الموقف العام للمغرب كدولة خاصة في السنوات الأخيرة برفض تصفية قضية فلسطين ورفض التطبيع الرسمي ورفض “صفقة القرن”. وقال لـ”القدس العربي” إن فلسطين أمانة والتطبيع خيانة، وتبقى الصحراء المغربية “قضيتنا التي نفديها بدمائنا”، مضيفاً: “لن نعترف بإسرائيل وستظل الشعوب العربية والإسلامية متشبثة بهذه الشعارات مهما كانت الظروف والضغوط والمصالح مع الدول والحكومات”.


الروائي المغربي عبد الكريم الجويطي، قال إن المغرب لم يغير موقفه من الثوابت الفلسطينية، وسبق أن كانلل ضهناك مكتب اتصال وبقي المغاربة، حكاماً ومحكومين، على مواقفهم المبدئية من القضية. بالمقابل، أضاع المغرب أراضي شاسعة في الماضي لأنه تصرف بحسن نية واحتكم للمبادئ والعواطف القومية في وقت كان على من يقررون أن يتصرفوا بواقعية وبراغماتية. وأضاف مبدع رواية “المغاربة”: “لا يمكنني إلا أن أفرح لاعتراف الولايات المتحدة بسيادتنا على صحرائنا، لأن من شأن هذا الاعتراف أن يخلق دينامية دولية تنهي هذه القضية المفتعلة وتنزع من خاصرة المغرب خنجراً يستنزفه اقتصادياً وسياسياً. أفرح لأن هذا الاعتراف سيشجع دولاً عظمى أخرى على الاعتراف بمغربية الصحراء وسينهون أسطوانة سمعناها لعقود من أفواه زعماء البوليساريو: ليست هناك دولة مهمة تعترف بمغربية الصحراء” وفق تعبيره.


وفي نظر الأديب المغربي “السياسة الدولية ليست حديقة تتبادل فيها الدول الورود بل حلبة لتبادل المصالح واللكمات، ومن حق المغاربة أن تكون أعينهم على مصالحهم أولاً. كما أن بعض الفلسطينيين وحين تكون مصالحهم مع الجزائر فإنهم لا يترددون في مجاملة البوليساريو ودعوتهم لمؤتمراتهم وإعلان تضامنهم معهم”.


وقالت النائبة البرلمانية أمينة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، “إن الصحراء المغربية قضية عادلة، لأنها تعني السيادة على الأرض وكرامة شعب، والقضايا العادلة تظل مقترنة بمثيلاتها لأنها تستند إلى قناعات راسخة”. وأضافت: “كل ما أتمناه، أن يظل المغرب كما كان دائماً منحازاً للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني الذي احتلت أرضه وجرد من حقوقه التاريخية بالاحتلال والتشريد والاستيطان”، مؤكدة أنه “على إسرائيل أن تدرك أن السلام الحقيقي يستند إلى إرادة إحقاقه، لأن السلام مبدأ وليس مصلحة”


المغرب تعرض للابتزاز

وكتب عادل بنحمزة، القيادي في حزب الاستقلال المعارض، على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المغرب يتم ابتزازه منذ سنوات في موضوع وحدته الترابية، هذا الابتزاز جمع الأصدقاء والخصوم، لذلك فإن أي بلد في العالم يوجد في وضعية المغرب سيسعى وهو يمضي في حقل ألغام للبحث عن مصلحته الوطنية مع الوفاء بالتزاماته الإنسانية والقومية والتاريخية بخصوص قضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، دون أن يجعل من الموضوع مجرد مقايضة فجة يتم تقديمها في إطار “بوليميك” (جدل) متجاوز لا يقدم ولا يؤخر.


ويرى أن ما يظهر أنه مقابل للاعتراف الأمريكي لا يمثل جديداًت في الحقيقة في تعامل المغرب الرسمي مع إسرائيل، فالزيارات السياحية تتم باستمرار، وهناك مبادلات تجارية غير معلنة خاصة في المجال الفلاحي، كما أن المغرب سبق له أن فتح مكتب اتصال إسرائيلياً في الرباط دون أن يمثل ذلك اختراقاً حقيقياً للموقف الرسمي والشعبي المساند لكفاح الشعب الفلسطيني، مذكراً أن المغرب الرسمي منذ عهد العاهل الراحل الحسن الثاني، كانت له اتصالات مع الإسرائيليين وبتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية، كما أن المغرب هو واحد من البلدان القليلة التي تواجهت عسكرياً مع الكيان الصهيوني خاصة في جبهة الجولان المحتل.


وأصدر المكتب السياسي لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” المشارك في الحكومة، أول أمس الخميس، بلاغاً قال فيه إنه “وهو يستحضر الثقة القصوى التي تعرفها قضيتنا الوطنية الأولى، والتفاعلات المتتالية، دبلوماسياً وميدانياً، ذات الصلة، وما تراكم من نضال وطني دؤوب بلا كلل ولا هوادة، وما قدمته الأجيال المغربية من تضحيات في سبيل استكمال تحرير الأرض والإنسان في أقاليمنا الجنوبية، يثمن عالياً قرار دولة الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي بالاعتراف الواضح والصريح بالسيادة الوطنية على أقاليمنا الصحراوية الغالية وفتح قنصلية في ربوعها، مما يعد تحولاً تاريخياً غير مسبوق من أكبر الدول العظمى، والتي تعتبر “حاملة القلم”، في كل القرارات ذات الصلة بموضوع الصحراء. وأضاف البلاغ: “وإذ يعتبر اعتراف الولايات المتحدة قراراً سيكون له ما بعده، يحيي بإجلال وإكبار المبادرات الملكية والجهود التي ما فتئ جلالته يبذلها لخدمة المصالح الوطنية العليا وعلى رأسها ضمان استكمال تحرير الأرض وتحصين المكتسبات وتمكين الاستقرار والأمان، والتوجه نحو المستقبل.


وسجّل “باعتزاز وإكبار” تشديد العاهل المغربي على وحدة السلام واستكمال الحرية، في القضايا العادلة في العالم العربي والإسلامي، وعلى رأسها قضية فلسطين وعاصمتها القدس، وهو الموقف الذي يكشف يوماً وأبداً الربط الدائم بين القضيتين، في المشاعر والأحاسيس والمواقف الوطنية للمغرب، يقول البلاغ. وذكّر المكتب السياسي للحزب المشار إليه بمواقف المغرب الثابتة بحل الدولتين، بواسطة التفاوض السلمي وإقرار المواثيق الضامنة لحق الشعب الفلسطيني البطل في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، واعتبر أن جدلية الربط بين السلام والأرض في عالم اليوم، تستوجب الانتصار لحق الشعوب في استكمال حريتها وتوطينها، وتكريس سيادتها واستقلال قرارها ووحدتها الوطنية، باعتبارها شروط بناء عالم جديد يسوده السلام والوئام.

ماجدة أيت لكتاوي

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -