أخر الاخبار

هارون بن بطاش


هارون بن بطاش  كان حاكما في مدينة فاس المغربية في خدمة السلطان عبد الحق الثاني، آخر سلاطين المرينيين. كان هارون بن بطاش من أبرز التجار اليهود وعينه السلطان عبد الحق الثاني منصب الصدر الأعظم.

هارون بن بطاش.. حاكم فاس

في عهد آخر سلطان مريني عبد الحق المريني، كان هناك يهوديان، هارون بن بطاش وشاويل، لهما دور كبير في  تسيير شؤون الدولة المرينية.

هارون بن بطاش


فطن السلطان عبد الحق المريني عند اعتلائه للعرش خلفا لسلفه إلى قوة التجار اليهود ورجال دينهم، فاستقوى بهم، وهو الذي جاء في أيام ضعف الدولة المرينية.

وتكشف الكتابات أن السلطان عبد الحق المريني التجأ في القرن 15 لليهود من أجل أن يقوي موقعه، نظرا للوضع غير المستقر للمغرب حينها.

كان هارون بن بطاش، أحد أبرز التجار اليهود في القرن 15 ومن الأسماء التي لها حضور قوي في أوساط الجالية اليهودية، قربه السلطان منه ومنحه تسهيلات وامتيازات في تجارته، كان هارون بن بطاش رجل الظل والمستشار الذي يظهر ويختفي في الأزمات، فعينه في منصب الصدر الأعظم أو ما كان يطلق عليه يومها كبير وزراء السلطان عبد الحق المريني.

بدوره بن بطاش لم يتوان في تقديم  مساعدات مالية استغلها السلطان في تثبيت حكمه ودحر خصومه.

وزيادة في ولائه لسيده،  ساعد السلطان عبد الحق المريني في محاولة تثبيت حكمه واستقراره عبر التخطيط للمذبحة الكبيرة التي تخلص من خلالها السلطان عبد الحق من أقربائه سنة 1458،  إذ أعمت السلطة عبد الحق المريني وجعلته يستعين بمقربيه خاصة الوزير اليهودي من أجل تصفية مزاحميه في الحكم من أقربائه. ونفذت المذبحة، لكن عكس المتوقع استاء الناس من جبروت السلطان ومساعده اليهودي، فقد كان السلطان يفقد سلطته شيئا فشيئا لوزيره اليهودي، الذي بدأ يحكم قبضته على كل الحياة في البلد،  وهو ما أثار سخط الناس.

في وقت كان السلطان بمنطقة الشمال، كان الذي يحكم فاس هو اليهودي هارون بن بطاش، يقول النص «ترك اليهودي يقبض من أهل فاس المغارير، أي الجبايات» أي أنه كان هو من يقبض الضرائب من السكان، فشدد عليهم، أي أنه بالغ في قضية الضرائب، حتى قبض على امرأة شريفة وأوجعها ضربا، فثارت العامة وثار المجتمع.

استاء سكان فاس من بطش بن بطاش ورفيقه «شاويل» فانضم العلماء إلى الغاضبين، وتزعموا الثورة الشعبية، فنهض مجتمع فاس في وجه هؤلاء بزعامة قائد الثورة خطيب القرويين، ويسمى أبو فارس عبد العزيز ابن موسى الورياغلي، الذي  دعا إلى الثورة على اليهود، وإلى خلع السلطان عبد الحق المريني، وتنصيب الشريف ابي عبد الله مكانه.

أدت الثورة إلى مقتل عبد الحق المريني، ونهاية الدولة المرينية، كما اغتالوا هارون بن بطاش رجله القوي، اغتالوه في الليلة ذاتها،  إذ كان يعتقد هؤلاء أن اليهودي بن بطاش هو الحاكم الفعلي للبلد، وهو من كان يملي على السلطان أفعاله.

لم تنته الأمور باغتيال بن بطاش، بل كانت سلطته نقمة على بني جلدته، إذ إمعانا في إظهار الغضب من حكم اليهودي ابن بطاش لشؤون المسلمين، تعرض الكثير من اليهود إلى التصفية الجسدية وصودرت أملاكهم،  كما أجبر العديد من رموزهم على اعتناق الإسلام في جلسات شبيهة بمحاكم التفتيش التي عرفتها إسبانيا الصليبية، ولم يتمكنوا من العودة إلى ممارسة دينهم إلا في عهد محمد الشيخ الوطاسي.







الثورة ضد اليهود

لم يترك ابن بطاش أثرا يذكر في تاريخ يهود فاس في حين أن سبب اضطهادهم بعد الثورة المذكورة ضد المرينيين، يرجع حسب ما ذكره (الربي أبنير حسرفاتي ) مستندا بنفسه الى ما ورد على لسان (الربي سعديا ابن دنان ) الى الاتهام الموجه الى اليهود بقتل أحد المسلمين، كما حكى صاحب رحلة عبد الباسط بن خليل المصري ما سمع خلال إقامته بتلمسان حيث قال : فإن هارون بن بطاش كان صرّافا ورجل أعمال يخدم الوزراء، فجعل منه السلطان عبدالحق المريني شبه وزير لمواجهة ما كان لوزيره الوطاسي من نفوذ، فأصبحت لابن بطاش أهمية كبرى، وعلت كلمته فوظف في شؤون الدولة بعض أقاربه من اليهود، منهم (شاول بن بطاش) الذي أصبح يقوم مقامه كلما رافق السلطان في حركاته بنواحي تازة، فاغتاظ سكان فاس لنفوذ اليهود وانفجر غضبهم يوم تطاولت وقاحة شاول فشتم امرأة شريفة وانهال عليها بالضرب، فغضب أهل المدينة وأخذوا في تقتيل اليهود، ومن بينهم شاول ، حتى تمردوا على السلطان واستولوا على السلطة ونصبوا الشريف محمد بن عمران على رأس الدولة، ثم نصبوا كمينا للسلطان عبدالحق المريني لجلبه الى فاس لكن وزيره هارون نصحه بعدم التوجه الى فاس ، فاتهمه السلطان بأنه هو سبب كل هذه الفتنة، فقتل أحد رجال حاشية السلطان الوزير ابن بطاش، وبمجرد ما وصل السلطان الى فاس ألقي عليه القبض وقتل ذبيحا. انتهى ما ورد عند الرحالة عبدالباسط.

وفي رواية للوزان أن الوزير الوطاسي كان مسيطرا على السلطان ومستبدا عليه وكان يسوس البلاد مغيبا السلطان ، فأوحى اليه هارون بن بطاش بالتخلص منه، وبعده عين الوزير هارون وليا، فبقي في منصبه 7 أعوام الى أن ثار السكان ودبر الأشراف مقتل ابن بطاش وهو في حركة مع السلطان ، وعندما ألقي القبض على السلطان في أرباض فاس ، وضعه القوم على ظهر بغلة عرجاء ثم ذبحوه.

كما أفرزت المحللة  الاسبانية أرينال أن هناك رجل ثالث في هذا الحدث اسمه الحسين، كان يستخلص الجبايات فلم يستثن منها امرأة من بي الشرفاء، فضرب يوما هذه المرأة، وبدأ هارون وشاول يضطهدان الشعب والشرفاء والعلماء. أما في الاستقصا فقد ورد أن الحسين هذا كان أيضا يهوديا صاحب شرطة ومكلفا باستخلاص الجبايات، وكان البرتغاليون في هذه الفترة يحتلون طنجة بينما آل جبل طارق الى الإسبان ، وهو آخر موقع كان بأيدي المرينيين بالأندلس . ويقول صاحب المقال أن هذه المعطيات التاريخية إذا أضيفت الى تحركات الوطاسيين وتقليص رقعة مملكة فاس ، تبين لنا بوضوح مدى الضغط المالي الذي عانى منه المرينيون ، فباتت مضاعفات الأزمة المالية تضغط على أهل فاس بمن فيهم الشرفاء، فترتب عن هذه الحالة غضب السكان قاطبة، في حين أن الضغط المسيحي تزامن مع هذه الأحداث التي شكلت أحد العوامل الهامة لتنظيم المقاومة في ظل الطرقية الدينية القوية، مثل الجزولية وغيرها. وتحدثت الأخبار بعد ذلك عن تقتيل لليهود الذي كاد أن يكون جماعيا، وهي أخبار غير مؤكدة لدى أغلب المؤرخين والباحثين، لأنهم كانوا ضمن الشعب المضطهد وسار عليهم مثل ما سار على المسلمين من شطط رجال المخزن المريني من يهود ومسلمين.

وفاة هارون بن بطاش

تم إعدام هارون بن بطاش بقطع رقبته في ثورة المغرب 1465.




تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -